صوت المواطن

حين تكون التربية.. خذ حقك بيدك

حصة مطر الغامدي

حادثة الطالب معتز، المتوفى بمدرسة ضاحية لبن في الرياض، حادثة مؤلمة هزت المجتمع أوجعت القلوب وأفزعت العقول.

مشهد وأنت تتخيله تحاول أن تمسك دموعك وتحاول أن تلفت تركيزك وانتباهك إلى أمر آخر، تفاعل جميع أفراد المجتمع من خلال مواقع التواصل، وكلاً حسب رأيه وضع أسباب ومسببات للحادثة، المشهد جداً محزن وفي نفس الوقت مخيف، نستفيق فجأة ونقول، لماذا؟ وكيف؟ ومن المسؤول؟

جميع أفراد المجتمع قد يتحملون جزءا من هذه المسؤولية، إنها ثقافة «خذ حقك بيدك»! «لا يضحكون عليك الرجاجيل» كم هي عدد المرات التي قلنا فيها لأطفالنا وأبنائنا مثل هذه العبارات،؟ عامل التلقين لمثل هذه العبارات نهايتها محزنة وقد تكون كارثية.

عندما نحفز أطفالنا على معالجة مشاكلهم من خلال القسوة، نحنُ نربي جيلا أكثر تسلطا وجرأة على حل مشكلاته بقانون مدّ اليد، ناهيك عن الأجهزة والألعاب الإلكترونية والمقاطع التي تشاركنا في تربية أبنائنا على العنف، التسلط وحب الانتقام.

نسعى لكي ننشئ جيلا يتسم باحترام الذات والآخرين والأنظمة، وأيضاً بالمقابل شخصية قوية تحافظ على حقوقها وممتلكاتها، إذن أين المشكلة والخلل حين نستبدل عبارة خذ حقك بيدك بـ (إذا تعرضت من أحد الزملاء بالشتم أو الضرب اذهب للإدارة للسلطة العليا، المعلم، المشرف، المرشد، المدير جميعهم يمثلون منظومة الدفاع عن حق الطالب بالمدرسة). والإيضاح المتكرر بدور إدارة المدرسة في فضّ النزاع وإعطاء كل ذي حق حقه، مع ضرورة التوجه إليها بكل قوة وإصرار، واحترام أنظمتها والالتزام بقوانينها.

إن عملية تأسيس قاعدة سلام داخلي هي بذرة أساسية لمساعدة أبنائنا على إدراك المشكلة التي قد يتعرضون لها، ويحاولون حلها ويتم ذلك بخطوات ومن أهمها، التحدث عن المشاعر السلبية هي الخطوة الأولى في عملية نسعى إليها وهي «إدارة المشاعر»، ليس من العيب أن يبكي الطالب، يشتكي، يحزن، يخاف، ويعبر عن ذلك، أيضاً تدريب أبنائنا على كيفية التعاطي مع النزاعات من خلال حثه المتكرر على التأني، الصبر والتحمل، وتحفيزهم لفضيلة التسامح ومكانتها العظيمة. الجانب الآخر يتعلق بالمعلم والمسؤولين بالمدرسة من خلال توجيه سلوك الأبناء والتفاعل مع الطلاب وعدم التهميش والتسويف لمثل هذه النزاعات اللفظية أو الجسدية وإن كانت تأخذ جهدا ووقتا مضاعفا،إنها جوهر العملية التربوية وقضية المجتمع الأولية قبل التعليم، إن إعطاء المدرسة من إدارة ومعلمين سلطة في التعامل مع هذه المشاكل الطلابية والتنمر بشكل حازم، يساعد في الحد منها ومعالجتها.

مشاعر الحزن خيمت على الجميع بلا شك، وليس من العدل إلقاء اللوم على جهة معينة، نحنُ بإيمان صادق نعلم أنها أقدار الله النافذة، رحم الله الطفل معتز وألهم والديه وذويه الصبر والسلوان.