كتاب ومقالات

ليس لدينا مستشفيات خاصة ولا نثق فيها

بصوت القلم

محمد بن سليمان الأحيدب

لدينا تناقض غريب عجيب يجب أن نقف عنده كثيرا ونتعامل معه بالمنطق لا بالعاطفة والتعاطف.

الواقع يقول إننا حكوميا لا نثق في المستشفيات الخاصة والأهلية، بدليل أن الجهات الحكومية لا تقبل الإجازات المرضية الصادرة من مستشفى خاص أو أهلي!، كما أن التقارير الطبية الصادرة عنها لا تقبل كمبرر غياب لموظف حكومي! ولا كمبرر غياب طالب عن الامتحان!، ليس هذا وحسب، بل إن شركات التأمين الصحي لا تثق في قرار المستشفى الخاص أو الأهلي في إجراء فحص أو تدخل جراحي وتشترط أخذ موافقتها (أي شركة التأمين) قبل إجراء التدخل!.

كل عدم الثقة هذا والشك منطقي جدا كون هذه المستشفيات تخالف كثيرا أخلاقيات المهنة وتتعامل بطريقة تجارية تستهدف الربح بأي طريقة، لكن قمة التناقض تتجسد في أننا لا نثق في إجازات وتقارير تلك المستشفيات وفي الوقت ذاته نتركها تستفرد بالمريض الذي يتعامل معها مباشرة دون حماية!، كيف لا نثق فيها وفي ما يصدر عنها من إجازات وعذر غياب وفي الوقت ذاته نرمي المرضى لقمة سائغة لمستشفيات لا نثق في أوراقها؟!.

قلت لمعالي وزير الصحة، حينما زارنا في ديوانية كتاب الرأي، كيف تعتبر المستشفيات الخاصة شريكا في الرعاية الصحية وهي من أفسد الأطباء الحكوميين وعودهم على ترك مرضاهم في الحكومي والخروج أثناء الدوام لعمل غير مشروع في الخاص، ثم كيف تعتبرونهم شريكا وهذه المستشفيات ضعيفة جدا في الناحية الفنية وغير مؤهلة لعمل تدخلات بسيطة بدائية بدليل أن أحدها عبث في سرة مولود وعندما احتاجت السرة لكيّ أحاله لمستشفى حكومي ومستشفى آخر عجز عن إعادة إصبع طفل مقطوعة، وتمت إعادتها في مجمع الملك سعود (الشميسي) خلال نصف ساعة ودون تخدير؟!.

إن الكذبة التي يرددها بعض الأطباء المخالفين، بالعمل في الخاص، وقولهم إنهم يحيلون بعض المرضى للمستشفى الحكومي، الذي (زوغ) منه الطبيب، رفقا بهم من التكاليف، كذبة حقيقتها أنهم يعلمون أن المستشفى الخاص غير مؤهل ولا مجهز لإجراء تدخلات جراحية معقدة ولا حتى متوسطة! (إذا أردت الرفق بالمريض أقعد في عيادتك الحكومية ولا تزوغ وسيجد مواعيد قريبة ورعاية يستحقها)، أما الخاصة فمجرد فنادق تجري عمليات نفخ وتكبير وتجميل وفحوصات مبالغ في عددها وقيمتها.

إنني أتمنى من معالي وزير الصحة، وقد وعد برقابة إلكترونية مشددة على عمل الأطباء في الخاص وعقوبات على الطرفين، أن يتبنى خطوة تصنيف المستشفيات الخاصة حسب إمكانياتها الفعلية وكوادرها النظامية المتفرغة وليس الكوادر المخالفة التي تنهب وقت المستشفى الحكومي وتعطيه للخاص، وسيجد أن ليس لدينا مستشفيات خاصة مؤهلة بل فنادق توليد وتجميل واستغلال.

* كاتب سعودي

www.alehaidib.com