كتاب ومقالات

بوابة قبرص توصد بوابة الخديعة!

شغب

هيلة المشوح

لا شك أن السائح السعودي قد ذاب عشقاً في «دباديب» تركيا قبل أن يرى واقعها المختلف عن خيالاته حين تم الغزو التركي الناعم للسائح العربي عن طريق المسلسلات الرومانسية التي سلبت العقول قبل أن تكملها بسلب الجيوب، فشاركت بعض القنوات العربية في تمرير هذا الغزو دون وعي لنجد أنفسنا أمام سائح وقع في فخ الخديعة التي بدأت بمسلسل مهند ونور وانتهت بعمليات الخطف والعنف والاعتداءات والسرقات والجرائم المنظمة، لتتبخر تدريجياً حكايا العشق خلف أشجار الزيزفون بين يحيى ولميس وتتهاوى رومانسيات اشتعلت في أزقة إسطنبول التي تبين لاحقاً أنها مأوى العصابات ومعقل الجرائم ليس إلا!

بعد كل ما حدث ويحدث في تركيا من أعمال إجرامية طالت السائح السعودي على وجه الخصوص وبشكل فج وصادم، وبعد أن أصبحت تركيا واجهة خطرة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، جاءت خطوة المملكة لفتح واجهة جديدة للتبادل التجاري والسياحة في جزيرة قبرص الغناءة التي لا تقل عن جمال سفوح تركيا بل تزيد بأمنها وعلاقتها التي ولدت قوية مع المملكة وتوجت بزيارة وزير الخارجية السعودي الدكتور إبراهيم العساف الأسبوع الماضي في خطوة رائدة لفتح آفاق جديدة، ليس لردم الصدع التركي فحسب، بل لفتح أفق جديد وتبادل تجاري وسياحي في نيقوسيا ثالث أكبر جزر المياه الزرقاء في البحر المتوسط، وذات الحضارة الممتدة إلى أكثر من ستة آلاف سنة، حيث تم افتتاح السفارة السعودية هناك، وأبرمت العديد من الاتفاقيات التي ستحقق بمشيئة الله النماء والأمن والسياحة الهادئة.

تحتل المملكة اليوم مكانة إستراتيجية عالمية خولتها لأن تكون مطمحا لكبريات دول العالم في إقامة علاقات مميزة معها سواء دبلوماسية أو اقتصادية أو على مستوى السياحة والتبادل التجاري، وهذا ما يجعل المملكة توسع علاقاتها لتضمن وجهات آمنة للسائح السعودي، فكانت قبرص أحد الاختيارات الموفقة وليست آخرها، مما أثار حنق الجانب التركي الذي ترجمه تصريح مستشار الرئيس التركي ياسين أقطاي معلقاً على تطور العلاقات السعودية القبرصية بقوله إن السعوديين يتقربون إلى الروم الأوروبيين ويعترفون بقبرص ويبتعدون عن المسلمين، وأردف بأن زيارة وزير الخارجية السعودي إلى قبرص تتعارض مع أواصر الصداقة، وهذا تحدٍّ لتركيا لا يليق بالمملكة التي ننتظر منها مواقف أكثر عقلانية؛ لأن تركيا ليست عدواً للسعودية.

وهذا في الواقع تصريح طريف ولا يرتقي لمستوى الاهتمام، ناهيكم عن الرد من الجانب السعودي، فتركيا لم تترك باباً إلا وطرقته كي تدين المملكة العربية السعودية وتنتزع اعترافاً دولياً ضدها حين وظفت حادثة عارضة توظيفاً خبيثاً لا يترجم إلا كراهية تاريخية متأصلة توجها الرئيس التركي بدعم حزب الإخوان الإرهابي والتعاون سوياً ضد استقرار منطقتنا العربية!

أخيراً.. المملكة دولة ذات قوة وحضور عالمي لن تتوقف حمايتها لشعبها عند وجهة باتت مريعة وخطرة، بل سوف تسعى دائماً لتوفير البديل الآمن لشعب جبل طويق.