أخبار

ما تريده طهران من التصعيد

عبدالله الغضوي (إسطنبول) Okaz_Policy@

منذ مايو 2018 حين أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب انسحابه من الاتفاق النووي، اعتمدت طهران إستراتيجية خلق الفوضى وخلط الأوراق في المنطقة، بالتزامن مع اتباع سياسة لينة حيال الشركاء الأصليين الأوروبيين الذين ساعدوا الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في عقد هذا الاتفاق.

اتباع الإيرانيين ليونة مع الموقف الأوروبي، كان هدفه شق حالة التوافق الدولي بين الولايات المتحدة وأوروبا، إذ يقف الطرفان على طرفي نقيض من الاتفاق النووي، وأمام إصرار ترمب فشلت أوروبا من إنقاذ الاتفاق.

وبعد أن تأكدت إيران من أنها لن تعود في حقبة ترمب إلى الاتفاق النووي وتحصل على المليارات المجمدة، اتبعت سياسة إشعال الحرائق واللعب على حافة الهاوية، وارتفع بعد ذلك معدل العمليات الإرهابية في اليمن والسعودية للمرة الأولى مستهدفة قطاعات نفطية حيوية كان آخرها استهداف منشأتين في أرامكو.

حجم الحصار الاقتصادي والسياسي الذي فرضته واشنطن على طهران وضغطت على الدول الأخرى لمنع التعامل مع النفط الإيراني، وضع إيران في حالة حرجة على المستوى الاقتصادي والسياسي. ومن هنا بدأت بتطوير سياسة جر المنطقة إلى الحرب لاختبار المجتمع الدولي المنقسم أصلا حول الحالة الإيرانية، وأسقطت طائرة استطلاع أمريكية وبدأت بمشاكسات بحرية في الخليج العربي، و أوعزت لمليشياتها في اليمن باستهداف اليمنيين، وعندما فقدت الأمل أن تكون جزءا من تحريك السياسة الإقليمية في المنطقة وأن تكون عاملا في خلق الاضطرابات ذهبت إلى خطوة أبعد من ذلك باستهداف أرامكو.. وهي تدرك أنها تلعب بالنار، إلا أن الحل الوحيد أمامها خلق بيئة حرب في المنطقة لا تستطع الولايات المتحدة بالدرجة الأولى أن تقوم بها لأسباب انتخابية وانقسام الكونغرس حول خيار الحرب ضد إيران، واستغلت هذا التناقض بالإضافة إلى الموقف الأوروبي المتردد لتقوم بأعمال إرهابية متقدمة متجاوزة كل الخطوط الحمراء.

إذن الدفع بالمنطقة للحرب هو الهدف الإيراني، لإيجاد قواعد جديدة تخرجها من حالة الحصار المميت للنظام بعد أن أدركت أنها أمام خسارة في كل الأحوال، خصوصا من تجديد ولاية ثانية للرئيس ترمب.

بالنسبة للسعودية هي الآن في حالة دفاع عن النفس، وقد أكدت القيادة السعودية في أكثر من مرة أنها لا تريد الحرب لكن إذا فرضت عليها ستكون مستعدة من مبدأ الدفاع عن أمنها، ومع ذلك تعمل تحت مظلة النظام الدولي لمنع أي تدهور أمني في المنطقة، ولعل فكرة التحالف الدولي ضد إيران هي الفكرة الأنجع لوقف مثل هذه الممارسات، أما المواجهة المفتوحة من دون العمل مع الحلفاء ستؤدي إلى حرب مفتوحة في وضع معقد تعيشه الشرق الأوسط منذ حرب 1973.