آل الصبان.. أسرة حجازية عريقة.. لها في كل محفل شأن
الأحد / 23 / محرم / 1441 هـ الاحد 22 سبتمبر 2019 02:11
قراءة: د. عبدالله المدني * abu_taymour@
من الأسر الحجازية ذات الأدوار المهمة في تاريخ وطنها السعودي، آل الصبان الذين يتكرر ذكرهم في أكثر من مجال في تاريخ المملكة العربية السعودية الحديث، بل وأيضا في تاريخ حقبة ما قبل قيام الدولة السعودية الثالثة بقيادة الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود.
في الصفحة رقم 157 من الجزء الثالث من كتاب (الدرر والياقوت في بيوتات عرب المهجر وحضرموت) لمؤلفه بدر الدين أبي الفضل سالم بن أحمد بن الحسين بن صالح الشهير بـ(ابن جندان العلوي الحسيني) نقرأ أن آل الصبان أسرة حضرمية الجذور تعود إلى قبيلة كندة، وأنها انتقلت من حضرموت إلى الحجاز وسكنت القنفذة ومكة وجدة.
برز من هذه الأسرة شخصيات احتلت مكانا بارزا في دنيا الأدب والشعر والرياضة والتجارة وأعمال البر والإحسان ووظائف الدولة المختلفة، لعل أبرزها الشيخ (محمد سرور الصبان) الذي وصفه أحمد زكي أبو شادي (صاحب مدرسة أبوللو الشعرية) بـ(زعيم الحركة الأدبية في الجزيرة العربية)، وهو أيضا من كتب عنه الزميل منصور العساف في جريدة الرياض السعودية (10/10/2014) قائلا: «محمد بن سرور الصبان، مسيرة حافلة وعطاء جم ورسالة سامية استطاع تحقيقها وأورثها للأجيال من بعده، لا سيما أنه من أسرة عُرفت بجليل الأعمال وصادق الأفعال لم لا؟، وقد برز منها علماء ورواد أفذاذ عبر مراحل وأزمنة متباينة»، مضيفا أن «الرجل كان طموحاً يناشد النجاح أينما كان، تواقاً إلى معالي الأمور، يعشق المهام الجليلة».
والحقيقة التي لا جدال فيها أن محمد سرور الصبان اشتهر بشغفه اللامحدود بالأدب والثقافة والعلوم المختلفة، فقرأ منذ صباه كتب التاريخ والأدب والشعر والتراجم قديمها وحديثها، ونهل من معين العلماء والأدباء الكثير، مما جعله لاحقا واحدا من رواد الحركة الثقافية والأدبية في السعودية. وبالتزامن قرأ في كتب الاقتصاد والمال والتجارة والاجتماع والفلسفة، وأردف قراءاته هذه باكتساب الخبرة الميدانية من خلال الالتحاق بالعمل التجاري مع والده منذ سنوات شبابه المبكرة.
ولد الصبان في مدينة القنفذة على ساحل البحر الأحمر سنة 1898، وانتقل مع أبيه وأمه وشقيقيه عوض وعبدالله إلى جدة في عام 1902، وهناك التحق بالكتاتيب (كتاب صادق تحديدا) التي تلقى فيها دروس اللغة العربية والعلوم الشرعية. ومع اندلاع الحرب العالمية الأولى انتقل مع أسرته إلى مكة حيث التحق بـ(مدرسة الخياط) القديمة. وعن تجربته الدراسية في هذه الفترة من حياته قال بنفسه في كتابه (أدب الحجاز): «تعلمتُ القراءة والكتابة والتجويد والحساب فقط لا غير في جدة ومكة المكرمة في المدارس التي كانت موجودة في ذلك الحين، وتركتها للحياة العملية من غير أن أتمم دروسي»، شارحا أنه «لم يكن للعلم دور يجد فيه الطالب المتعطش طلبه من العلم والأدب اللهم إلا المدارس الابتدائية التي ضُيق عليها الخناق ولا تتعدى حيزاً محدوداً لها، كما لا يوجد إلاّ كتاتيب بسيطة يفك فيها الطالب الحرف ثم يترك حبله على غاربه يشرّق أو يغرّب»، وذلك طبقا لما أورده العساف في مقاله عنه بجريدة الرياض (مصدر سابق).
أدب الحجاز
ويعتبر كتابه (أدب الحجاز) أول مؤلف مطبوع ينشر في ظل الدولة السعودية الثالثة، حيث ظهر في عام 1344 للهجرة الموافق لعام 1925 وتضمن، بحسب مؤلفه، آثارا شعرية ونثرية لمجموعة من 15 أديبا حجازيا شابا آنذاك، كان من بينهم هو الذي قال عن نفسه بتندر: «أما صورتي التي طلب مني أحدهم أن تكون في أول صفحة من هذا الكتاب، ولم أوافق، فهي من قبيل قول القائل: (سماعك بالمعيدي خير من أن تراه). لون أسود فاحم، يُضاف إليه طول القامة كأنك أمام عمليق من العمالقة وبقية الوصف أشفق على القارئ من إيرادها ويكفيه أن الكتاب يقرأ من عنوانه». وفي هذا السياق أيضا كتب صديقه الشيخ محمد بن علي مغربي في الجزء الأول من كتابه (أعلام الحجاز) قائلا: «محمد سرور الصبان بائن الطول، سمهري القوام، داكن البشرة، عظيم الشفتين، أقنى الأنف، حلو النظرة، أنيق يرتدي العباءة العربية والعقال، وهبه الله سماحة في النفس فكان من أكرم من عرفت من الرجال، وكان يسع الناس ببذله وكرمه كما يسعهم بأخلاقه وحلمه». وعن خصاله كتب مغربي، الذي زامله قرابة تسع سنوات في وزارة المالية، قائلا: «كان يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، وكثيراً ما أشفقت عليه مما أرى، فكنت ألفت نظره بلطف إلى ما يفعل، ولكن أنى للسيل العارم أن يرتد، فقد جبله الله على الكرم والسخاء، وقد كان كثير الحياء كاتماً لأسرار الناس وكانت هذه الصفات فيه تمنعه من مصارحتهم بما يكرهون وبالإسراف في مجاملتهم وملاطفتهم..، كما أن كتمانه لأسرار الناس كان يمنعه من تقصي أحوالهم».
العمل الحر
بدأ الصبان حياته العملية بالعمل التجاري الحر مع والده، ثم هجره إلى العمل الحكومي كاتبا لليومية في بلدية مكة زمن الهاشميين، مع احتفاظه في الوقت نفسه بمكتبة لبيع الكتب كان يديرها أخوه عبدالله سرور الصبان. وقد ترقي تدريجيا من وظيفة كاتب إلى أن وصل إلى وظيفة رئيس كتاب في تلك الحقبة من تاريخ الحجاز التي شهدت أيضا انغماسه بالسياسة، حيث تأثر بالأحداث والتطورات الكبيرة ما بين عامي 1914 و1923 كقيام الثورة العربية الكبرى واستقلال الشريف حسين عن الخلافة العثمانية وظهور دعوات الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا الاستقلالية، فانضم إلى مجلس الأعيان الموقعين على طلب تنازل الشريف حسين عن الحكم لابنه، وكان ضمن الشخصيات الـ24 الذين شكلوا (الحزب الوطني الحجازي) بقيادة الشيخ محمد الطويل رئيسا ومحمد طاهر الدباغ سكرتيرا وقاسم زينل أميناً للصندوق (استنادا إلى كتاب (الشيخ محمد سرور صبان.. حياته وآثاره) للمستشار الإعلامي والباحث والمؤرخ المكي هاني ماجد فيروزي، وحديث المؤلف لصحيفة الندورة السعودية (10/4/2008).
ملازمة الطويل
أما في عهد الدولة السعودية فقد استدعاه الملك عبدالعزيز إلى الرياض حيث بقي بعض الوقت ملازما الشيخ محمد الطويل قبل أن يعودا معا إلى الحجاز بمعية الملك الذي عينه بادئ ذي بدء في وظيفة معاون لأمين العاصمة المقدسة سنة 1926، ثم تمت ترقيته في سنة 1933 إلى وظيفة رئيس قلم التحريرات بوزارة المالية زمن وزيرها الأشهر والأبرز الشيخ عبدالله السليمان فإلى منصب مدير عام لإدارة وزارة المالية، فإلى منصب مستشار عام للوزارة. وفي هذه الفترة من حياته حدث أن أسندت للشيخ محمد الطويل، الذي كان يتولى آنذاك إدارة (شركة القناعة للسيارات) بمكة، رئاسة أموال وجمارك المنطقة الشرقية، فخلفه الصبان في إدارة شركة السيارات هذه، التي كانت ذات أهمية للدولة حينذاك، وذلك قبل أن يؤسس الصبان شركته الخاصة للسيارات تحت اسم (شركة الفلاح) ويسند إدارتها إلى أخيه الآخر المرحوم عوض سرور الصبان، وذلك طبقا لرواية الشيخ مغربي (مصدر سابق).
الشغف بالقراءة
لم تمنعه مهامه ومسؤولياته الحكومية الجسيمة من إهمال هواياته في القراءة وشغفه بالمطالعة، وتنظيم القصائد، ورفد المكتبة العربية بالمؤلفات النافعة. وآية ذلك أنه أسس (الشركة العربية للطبع والنشر) التي اشترت من الشيخ (محمد صالح نصيف) جريدة ومطبعة الحجاز، وأنه قام بطباعة ونشر العديد من الكتب المهمة على نفقته الخاصة وتوزيعها مجانا دون مقابل. من هذه الكتب ما ألفه بنفسه مثل كتابه الأول: (أدب الحجاز) 1925، وكتابه الثاني (المعرض) 1926. ومنها ما طبعه لغيره مثل كتب: (خواطر مصرحة) لمحمد حسن عواد، (تفسير معاني كلمات القرآن) لمفتي الديار المصرية الأسبق محمد حسنين مخلوف، (العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين) لمحمد بن أحمد الحسني الفاسي، (شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام) للتقي الفاسي، (الصحاح) للجوهري، (مدارج السالكين) لابن قيم الجوزية، (ديوان فؤاد الخطيب) و(تهذيب الصحاح للزنجاني). هذا علما أن الرجل ترك خلفه بمكة مكتبة خاصة عامرة بأكثر من 5000 من أمهات الكتب المطبوعة والمخطوطة في شتى مجالات المعرفة، وقد قام ابنه الشيخ عبدالرحمن سرور الصبان بالتبرع بها إلى جامعة الملك عبدالعزيز بجدة. وفي مجال اهتماماته الشعرية، نجد أنه كتب القصيدة العمودية ذات الموضوعات الوجدانية والتعليمية بلغة سلسة ومعانٍ واضحة، ونشر نماذج من هذه القصائد في كتابه (أدب الحجاز) الذي أعاد طبعه في القاهرة سنة 1958 تحت عنوان (أدب الحجاز أو صفحة فكرية من أدب الناشئة الحجازية).
رائد في العمل الاجتماعي
كما لم تمنعه الأعباء الوظيفية الملقاة على عاتقه من الاهتمام بالمشاريع والمبادرات الخيرية، فكان أن ظهرت على يديه (جمعية الإسعاف الخيري) سنة 1934 التي عُدتْ بمثابة نواة المؤسسات المدنية ذات الدور الاجتماعي في السعودية، ثم (جمعية قرش فلسطين) في سنة 1935، فلجنة الدفاع عن فلسطين سنة 1937.
من ناحية أخرى، يعتبر الصبّان من رواد العمل الاقتصادي والتنموي في المملكة، فبُعيد تعيينه وزيرا للمالية في مطلع خمسينات القرن العشرين، ساهم في تأسيس عدد من الشركات والمؤسسات الاقتصادية الكبرى ذات الصلة بالوظائف التنموية المؤدية إلى تحديث المجتمع والدولة، وترسيخ مبادئ الليبرالية الاقتصادية، متأثرا في ذلك بما فعله الاقتصادي المصري الكبير طلعت باشا حرب. فعلاوة على تأسيسه شركة الفلاح للسيارات، والشركة العربية للطبع والنشر، ظهرت على يديه شركات أخرى مثل: الشركة العربية للسيارات، الشركة العربية للتوفير والاقتصاد، الشركة العربية للصادرات، شركة ملح وكهرباء جازان، شركة الزهراء للعمارة، وشركة مصحف مكة.
حياة أسرية هادئة
كتبت صحيفة الندوة (مصدر سابق) عن الحياة الأسرية للصبان فقالت على لسان خالد بن علي الحناوي، أحد قدامى موظفي وزارة المالية بمكة: «عاش معالي الشيخ محمد سرور الصبان حياة أسرية هادئة ومثالية وكان حنوناً كريماً أباً وأخاً لكل أفراد أسرته، شديداً في غير عنف، وحنوناً في غير ضعف وتزوج من زوجتين وأنجبت له الأولى حسن وعبدالرحمن وزوجته الأخرى هي خديجة حناوي وأنجبت له جواهر ومصباح وعبدالباري ويكنى (بأبي حسن). فرغم وجود كل عوامل الحياة المرفهة ووجود عدد من الخدم والحشم غير أن أموره الخاصة كانت المسؤولة عنها زوجته خديجة حناوي؛ فكانت هي القائمة على خدمته وراحته فيما يخص مطعمه ومشربه وملابسه وطيبه وبخوره.. كل ذلك كانت زوجته تقوم به إلى أن يغادر منزله إلى عمله».
حقيبة المالية وأمانة «الرابطة» في كل هذه المحطات ولسنوات طويلة أثبت الرجل كفاءة نادرة، وثباتا وإخلاصا، بل كان من ذوي البصيرة والقدرة على إلحاق صفوة المثقفين والإداريين بدواوين الدولة الناشئة، مما جعل الملك عبدالعزيز يعينه وزيرا مفوضا من الدرجة الأولى. وحينما تولى الملك سعود -رحمه الله- الحكم، وطلب الشيخ عبدالله السليمان إعفاءه من حقيبة المالية، لم يجد الملك الجديد أمامه أفضل من الصبان ليخلف السليمان. وهكذا دخل الرجل تاريخ بلاده كثاني وزير للمالية، واستمر كذلك إلى حين تشكيل الملك سعود لحكومته الشبابية سنة 1961 التي أسندت فيها حقيبة المالية للأمير طلال بن عبدالعزيز، وكان الصبان وقتها يتلقى العلاج في أوروبا. وبعد خروجه من وزارة المالية ظل الرجل فترة طويلة في القاهرة التي كان من عشاقها إلى أن بلغ الملك فيصل بن عبدالعزيز -رحمه الله- أن السلطات المصرية الناصرية تمارس ضغوطا على الصبان لينضم إلى المعارضين تحت طائلة تأميم ممتلكاته وإلغاء ما يتمتع به من امتيازات كالحراسة، فدعاه للعودة إلى وطنه، ليكلفه في مايو 1962 بتأسيس رابطة العالم الإسلامي، تطبيقا لقرار مؤتمر العالم الإسلامي الذي عقد في تلك السنة بمكة، فتولى الصبان منصب الأمين العام للرابطة ما بين عامي 1962 و1970. وبذل خلال هذه الفترة الكثير من الجهد والمهارة (دون تقاضي أي راتب)، لتحويل الرابطة إلى كيان كبير رغم قلة مواردها. وبعد عامين من تركه لهذا المنصب أي في عام 1972 توفي بالقاهرة على إثر نوبة قلبية داهمته، وتم نقله جثمانه جوا، وصلي عليه في المسجد الحرام، ودفن بمقبرة المعلاة بمكة.
أعلام آل الصبان وبصماتهم في الرياضة السعودية ومن أعلام آل الصبان أيضا الشيخ عبدالرحمن سرور الصبان الذي يعتبر من رواد الحركة الرياضية في السعودية. وهو من مواليد مكة المكرمة سنة 1922، ومن الذين أنهوا دراستهم الجامعية في الجامعة الأمريكية ببيروت. اهتم الشيخ عبدالرحمن بالحركة الرياضية في بلاده، فكان من أوائل من ساهم في تأسيسها ورعايتها، وقد تجلى ذلك أولا في مشاركته بتأسيس نادي الوحدة بمكة وتولي مهمة الإدارة والإشراف على الشؤون المالية والإدارية والفنية للنادي مع زميله ورفيق دربه المرحوم أحمد قاروت، وتجلى ثانيا في قيامه بتذليل الكثير من الصعوبات التي واجهت النادي في سنوات التأسيس الأولى، ولا سيما الصعوبات المالية. ولم تنقطع علاقته بنادي الوحدة، بعد أن قرر الانتقال للإقامة بجدة وتسليم رئاسة النادي للمرحوم كامل أزهر، إذ ظل يقدم له الدعم والتشجيع، مثلما فعل مع الأندية الصغيرة الناشئة في الحجاز.
ومن مآثر الرجل التي لم تنس، رغم توالي العقود والأزمنة، قيامه بإنشاء أول ستاد رياضي منظم في جدة بسعة 12 ألف متفرج وتكلفة 80 ألف ريال على أرض تبرع بها الأمير عبدالله الفيصل. وقد عُرف بـ(ملعب الصبان) وكانت تقام عليه لفترة طويلة مباريات كرة القدم بين فرق مكة وجدة وغيرهما، كما استضاف نهائيات منافسات كأس الملك وكأس ولي العهد في الستينات، وأول لقاء جمع قطبي جدة (الأهلي والإتحاد) في كاس ولي العهد، عام 1958، قبل أن يبادر الشيخ إبراهيم إسلام بانشاء ملعب إسلام بمكة الذي أصبح ملاذا لأنشطة الأندية الرياضية المكية.
ومن مآثره الرياضية الأخرى أنه رسخ مبدأ التآخي بين الأندية الرياضية ونبذ التعصب الرياضي، بدليل أنه شغل في أوائل الستينات منصب نائب رئيس مجلس إدارة النادي الأهلي بجدة في الوقت الذي كان فيه أحد أعضاء مجلس الشرف الفاعلين لنادي الوحدة بمكة. هذا علما بأن شقيق الشيخ عبدالرحمن واسمه (حسن سرور الصبان) ترأس نادي أهلي جدة في مرحلة من أصعب المراحل في تاريخ هذا النادي العريق، وهي المرحلة التي اعقبت ابتعاد رمزه الكبير ومؤسسه (عمر شمس).
توفي عبدالرحمن سرور الصبان في 25 مارس 1998 عن عمر ناهز 76 عاما. وتقديرا لجهوده في خدمة الشباب وتطوير الرياضة السعودية فقد تم تكريمه في عام 2006 من قبل الرئيس العام السابق لرعاية الشباب الأمير سلطان بن فهد بن عبدالعزيز بمنحه وسام الرئاسة العامة لرعاية الشباب.
ولا يكتمل حديثنا عن آل الصبان دون الحديث عن علم آخر من أعلام الأسرة وهو الأستاذ (عبدالوهاب عوض الصبان) الذي ارتبط اسمه أيضا بالحركة الرياضية السعودية وبنادي الوحدة المكي تحديدا، حتى صار يُشار إليه بـ(العاشق الوحداوي). وهو من مواليد مكة وممن تلقوا تعليمهم الجامعي بالقاهرة في ستينات القرن العشرين، ومن الذين عُرفوا باهتماماتهم الأدبية والثقافية والتربوية.
بعد عودته من مصر، تنقل عبدالوهاب الصبان ما بين التعليم والرياضة فكان (طبقا لما كتبته صحيفة مكة بتاريخ 27/3/2014) «معلما بمدرسة الملك عبدالعزيز الثانوية، ومدرب ومؤسس كرة اليد بنادي الوحدة، ومدرب كرة السلة، ومشرفا تربويا ورئيس قسم التربية الرياضية بتعليم مكة، ونائب رئيس مجلس إدارة نادي الوحدة من 1400 إلى 1405، ومشرفا على كرة القدم، وعضو لجنة تطوير لوائح الرئاسة العامة لرعاية الشباب، ممثلا للمناطق: الغربية والجنوبية والمدينة المنورة، وعضو لجنة تطوير الرياضة والشباب بالمملكة، وعضو تنظيم الدورة الرياضية الإسلامية بمكة المكرمة». إلى ما سبق خدم الأستاذ عبدالوهاب نادي الوحدة على مدى أربعة عقود وترأسه مرتين، ومن الذين كرمهم الاتحاد الآسيوي بمنحهم الجائزة الذهبية تقديراً لدورهم الريادي في تطوير الرياضة في القارة الآسيوية.
* أستاذ العلاقات الدولية - مملكة البحرين
في الصفحة رقم 157 من الجزء الثالث من كتاب (الدرر والياقوت في بيوتات عرب المهجر وحضرموت) لمؤلفه بدر الدين أبي الفضل سالم بن أحمد بن الحسين بن صالح الشهير بـ(ابن جندان العلوي الحسيني) نقرأ أن آل الصبان أسرة حضرمية الجذور تعود إلى قبيلة كندة، وأنها انتقلت من حضرموت إلى الحجاز وسكنت القنفذة ومكة وجدة.
برز من هذه الأسرة شخصيات احتلت مكانا بارزا في دنيا الأدب والشعر والرياضة والتجارة وأعمال البر والإحسان ووظائف الدولة المختلفة، لعل أبرزها الشيخ (محمد سرور الصبان) الذي وصفه أحمد زكي أبو شادي (صاحب مدرسة أبوللو الشعرية) بـ(زعيم الحركة الأدبية في الجزيرة العربية)، وهو أيضا من كتب عنه الزميل منصور العساف في جريدة الرياض السعودية (10/10/2014) قائلا: «محمد بن سرور الصبان، مسيرة حافلة وعطاء جم ورسالة سامية استطاع تحقيقها وأورثها للأجيال من بعده، لا سيما أنه من أسرة عُرفت بجليل الأعمال وصادق الأفعال لم لا؟، وقد برز منها علماء ورواد أفذاذ عبر مراحل وأزمنة متباينة»، مضيفا أن «الرجل كان طموحاً يناشد النجاح أينما كان، تواقاً إلى معالي الأمور، يعشق المهام الجليلة».
والحقيقة التي لا جدال فيها أن محمد سرور الصبان اشتهر بشغفه اللامحدود بالأدب والثقافة والعلوم المختلفة، فقرأ منذ صباه كتب التاريخ والأدب والشعر والتراجم قديمها وحديثها، ونهل من معين العلماء والأدباء الكثير، مما جعله لاحقا واحدا من رواد الحركة الثقافية والأدبية في السعودية. وبالتزامن قرأ في كتب الاقتصاد والمال والتجارة والاجتماع والفلسفة، وأردف قراءاته هذه باكتساب الخبرة الميدانية من خلال الالتحاق بالعمل التجاري مع والده منذ سنوات شبابه المبكرة.
ولد الصبان في مدينة القنفذة على ساحل البحر الأحمر سنة 1898، وانتقل مع أبيه وأمه وشقيقيه عوض وعبدالله إلى جدة في عام 1902، وهناك التحق بالكتاتيب (كتاب صادق تحديدا) التي تلقى فيها دروس اللغة العربية والعلوم الشرعية. ومع اندلاع الحرب العالمية الأولى انتقل مع أسرته إلى مكة حيث التحق بـ(مدرسة الخياط) القديمة. وعن تجربته الدراسية في هذه الفترة من حياته قال بنفسه في كتابه (أدب الحجاز): «تعلمتُ القراءة والكتابة والتجويد والحساب فقط لا غير في جدة ومكة المكرمة في المدارس التي كانت موجودة في ذلك الحين، وتركتها للحياة العملية من غير أن أتمم دروسي»، شارحا أنه «لم يكن للعلم دور يجد فيه الطالب المتعطش طلبه من العلم والأدب اللهم إلا المدارس الابتدائية التي ضُيق عليها الخناق ولا تتعدى حيزاً محدوداً لها، كما لا يوجد إلاّ كتاتيب بسيطة يفك فيها الطالب الحرف ثم يترك حبله على غاربه يشرّق أو يغرّب»، وذلك طبقا لما أورده العساف في مقاله عنه بجريدة الرياض (مصدر سابق).
أدب الحجاز
ويعتبر كتابه (أدب الحجاز) أول مؤلف مطبوع ينشر في ظل الدولة السعودية الثالثة، حيث ظهر في عام 1344 للهجرة الموافق لعام 1925 وتضمن، بحسب مؤلفه، آثارا شعرية ونثرية لمجموعة من 15 أديبا حجازيا شابا آنذاك، كان من بينهم هو الذي قال عن نفسه بتندر: «أما صورتي التي طلب مني أحدهم أن تكون في أول صفحة من هذا الكتاب، ولم أوافق، فهي من قبيل قول القائل: (سماعك بالمعيدي خير من أن تراه). لون أسود فاحم، يُضاف إليه طول القامة كأنك أمام عمليق من العمالقة وبقية الوصف أشفق على القارئ من إيرادها ويكفيه أن الكتاب يقرأ من عنوانه». وفي هذا السياق أيضا كتب صديقه الشيخ محمد بن علي مغربي في الجزء الأول من كتابه (أعلام الحجاز) قائلا: «محمد سرور الصبان بائن الطول، سمهري القوام، داكن البشرة، عظيم الشفتين، أقنى الأنف، حلو النظرة، أنيق يرتدي العباءة العربية والعقال، وهبه الله سماحة في النفس فكان من أكرم من عرفت من الرجال، وكان يسع الناس ببذله وكرمه كما يسعهم بأخلاقه وحلمه». وعن خصاله كتب مغربي، الذي زامله قرابة تسع سنوات في وزارة المالية، قائلا: «كان يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، وكثيراً ما أشفقت عليه مما أرى، فكنت ألفت نظره بلطف إلى ما يفعل، ولكن أنى للسيل العارم أن يرتد، فقد جبله الله على الكرم والسخاء، وقد كان كثير الحياء كاتماً لأسرار الناس وكانت هذه الصفات فيه تمنعه من مصارحتهم بما يكرهون وبالإسراف في مجاملتهم وملاطفتهم..، كما أن كتمانه لأسرار الناس كان يمنعه من تقصي أحوالهم».
العمل الحر
بدأ الصبان حياته العملية بالعمل التجاري الحر مع والده، ثم هجره إلى العمل الحكومي كاتبا لليومية في بلدية مكة زمن الهاشميين، مع احتفاظه في الوقت نفسه بمكتبة لبيع الكتب كان يديرها أخوه عبدالله سرور الصبان. وقد ترقي تدريجيا من وظيفة كاتب إلى أن وصل إلى وظيفة رئيس كتاب في تلك الحقبة من تاريخ الحجاز التي شهدت أيضا انغماسه بالسياسة، حيث تأثر بالأحداث والتطورات الكبيرة ما بين عامي 1914 و1923 كقيام الثورة العربية الكبرى واستقلال الشريف حسين عن الخلافة العثمانية وظهور دعوات الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا الاستقلالية، فانضم إلى مجلس الأعيان الموقعين على طلب تنازل الشريف حسين عن الحكم لابنه، وكان ضمن الشخصيات الـ24 الذين شكلوا (الحزب الوطني الحجازي) بقيادة الشيخ محمد الطويل رئيسا ومحمد طاهر الدباغ سكرتيرا وقاسم زينل أميناً للصندوق (استنادا إلى كتاب (الشيخ محمد سرور صبان.. حياته وآثاره) للمستشار الإعلامي والباحث والمؤرخ المكي هاني ماجد فيروزي، وحديث المؤلف لصحيفة الندورة السعودية (10/4/2008).
ملازمة الطويل
أما في عهد الدولة السعودية فقد استدعاه الملك عبدالعزيز إلى الرياض حيث بقي بعض الوقت ملازما الشيخ محمد الطويل قبل أن يعودا معا إلى الحجاز بمعية الملك الذي عينه بادئ ذي بدء في وظيفة معاون لأمين العاصمة المقدسة سنة 1926، ثم تمت ترقيته في سنة 1933 إلى وظيفة رئيس قلم التحريرات بوزارة المالية زمن وزيرها الأشهر والأبرز الشيخ عبدالله السليمان فإلى منصب مدير عام لإدارة وزارة المالية، فإلى منصب مستشار عام للوزارة. وفي هذه الفترة من حياته حدث أن أسندت للشيخ محمد الطويل، الذي كان يتولى آنذاك إدارة (شركة القناعة للسيارات) بمكة، رئاسة أموال وجمارك المنطقة الشرقية، فخلفه الصبان في إدارة شركة السيارات هذه، التي كانت ذات أهمية للدولة حينذاك، وذلك قبل أن يؤسس الصبان شركته الخاصة للسيارات تحت اسم (شركة الفلاح) ويسند إدارتها إلى أخيه الآخر المرحوم عوض سرور الصبان، وذلك طبقا لرواية الشيخ مغربي (مصدر سابق).
الشغف بالقراءة
لم تمنعه مهامه ومسؤولياته الحكومية الجسيمة من إهمال هواياته في القراءة وشغفه بالمطالعة، وتنظيم القصائد، ورفد المكتبة العربية بالمؤلفات النافعة. وآية ذلك أنه أسس (الشركة العربية للطبع والنشر) التي اشترت من الشيخ (محمد صالح نصيف) جريدة ومطبعة الحجاز، وأنه قام بطباعة ونشر العديد من الكتب المهمة على نفقته الخاصة وتوزيعها مجانا دون مقابل. من هذه الكتب ما ألفه بنفسه مثل كتابه الأول: (أدب الحجاز) 1925، وكتابه الثاني (المعرض) 1926. ومنها ما طبعه لغيره مثل كتب: (خواطر مصرحة) لمحمد حسن عواد، (تفسير معاني كلمات القرآن) لمفتي الديار المصرية الأسبق محمد حسنين مخلوف، (العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين) لمحمد بن أحمد الحسني الفاسي، (شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام) للتقي الفاسي، (الصحاح) للجوهري، (مدارج السالكين) لابن قيم الجوزية، (ديوان فؤاد الخطيب) و(تهذيب الصحاح للزنجاني). هذا علما أن الرجل ترك خلفه بمكة مكتبة خاصة عامرة بأكثر من 5000 من أمهات الكتب المطبوعة والمخطوطة في شتى مجالات المعرفة، وقد قام ابنه الشيخ عبدالرحمن سرور الصبان بالتبرع بها إلى جامعة الملك عبدالعزيز بجدة. وفي مجال اهتماماته الشعرية، نجد أنه كتب القصيدة العمودية ذات الموضوعات الوجدانية والتعليمية بلغة سلسة ومعانٍ واضحة، ونشر نماذج من هذه القصائد في كتابه (أدب الحجاز) الذي أعاد طبعه في القاهرة سنة 1958 تحت عنوان (أدب الحجاز أو صفحة فكرية من أدب الناشئة الحجازية).
رائد في العمل الاجتماعي
كما لم تمنعه الأعباء الوظيفية الملقاة على عاتقه من الاهتمام بالمشاريع والمبادرات الخيرية، فكان أن ظهرت على يديه (جمعية الإسعاف الخيري) سنة 1934 التي عُدتْ بمثابة نواة المؤسسات المدنية ذات الدور الاجتماعي في السعودية، ثم (جمعية قرش فلسطين) في سنة 1935، فلجنة الدفاع عن فلسطين سنة 1937.
من ناحية أخرى، يعتبر الصبّان من رواد العمل الاقتصادي والتنموي في المملكة، فبُعيد تعيينه وزيرا للمالية في مطلع خمسينات القرن العشرين، ساهم في تأسيس عدد من الشركات والمؤسسات الاقتصادية الكبرى ذات الصلة بالوظائف التنموية المؤدية إلى تحديث المجتمع والدولة، وترسيخ مبادئ الليبرالية الاقتصادية، متأثرا في ذلك بما فعله الاقتصادي المصري الكبير طلعت باشا حرب. فعلاوة على تأسيسه شركة الفلاح للسيارات، والشركة العربية للطبع والنشر، ظهرت على يديه شركات أخرى مثل: الشركة العربية للسيارات، الشركة العربية للتوفير والاقتصاد، الشركة العربية للصادرات، شركة ملح وكهرباء جازان، شركة الزهراء للعمارة، وشركة مصحف مكة.
حياة أسرية هادئة
كتبت صحيفة الندوة (مصدر سابق) عن الحياة الأسرية للصبان فقالت على لسان خالد بن علي الحناوي، أحد قدامى موظفي وزارة المالية بمكة: «عاش معالي الشيخ محمد سرور الصبان حياة أسرية هادئة ومثالية وكان حنوناً كريماً أباً وأخاً لكل أفراد أسرته، شديداً في غير عنف، وحنوناً في غير ضعف وتزوج من زوجتين وأنجبت له الأولى حسن وعبدالرحمن وزوجته الأخرى هي خديجة حناوي وأنجبت له جواهر ومصباح وعبدالباري ويكنى (بأبي حسن). فرغم وجود كل عوامل الحياة المرفهة ووجود عدد من الخدم والحشم غير أن أموره الخاصة كانت المسؤولة عنها زوجته خديجة حناوي؛ فكانت هي القائمة على خدمته وراحته فيما يخص مطعمه ومشربه وملابسه وطيبه وبخوره.. كل ذلك كانت زوجته تقوم به إلى أن يغادر منزله إلى عمله».
حقيبة المالية وأمانة «الرابطة» في كل هذه المحطات ولسنوات طويلة أثبت الرجل كفاءة نادرة، وثباتا وإخلاصا، بل كان من ذوي البصيرة والقدرة على إلحاق صفوة المثقفين والإداريين بدواوين الدولة الناشئة، مما جعل الملك عبدالعزيز يعينه وزيرا مفوضا من الدرجة الأولى. وحينما تولى الملك سعود -رحمه الله- الحكم، وطلب الشيخ عبدالله السليمان إعفاءه من حقيبة المالية، لم يجد الملك الجديد أمامه أفضل من الصبان ليخلف السليمان. وهكذا دخل الرجل تاريخ بلاده كثاني وزير للمالية، واستمر كذلك إلى حين تشكيل الملك سعود لحكومته الشبابية سنة 1961 التي أسندت فيها حقيبة المالية للأمير طلال بن عبدالعزيز، وكان الصبان وقتها يتلقى العلاج في أوروبا. وبعد خروجه من وزارة المالية ظل الرجل فترة طويلة في القاهرة التي كان من عشاقها إلى أن بلغ الملك فيصل بن عبدالعزيز -رحمه الله- أن السلطات المصرية الناصرية تمارس ضغوطا على الصبان لينضم إلى المعارضين تحت طائلة تأميم ممتلكاته وإلغاء ما يتمتع به من امتيازات كالحراسة، فدعاه للعودة إلى وطنه، ليكلفه في مايو 1962 بتأسيس رابطة العالم الإسلامي، تطبيقا لقرار مؤتمر العالم الإسلامي الذي عقد في تلك السنة بمكة، فتولى الصبان منصب الأمين العام للرابطة ما بين عامي 1962 و1970. وبذل خلال هذه الفترة الكثير من الجهد والمهارة (دون تقاضي أي راتب)، لتحويل الرابطة إلى كيان كبير رغم قلة مواردها. وبعد عامين من تركه لهذا المنصب أي في عام 1972 توفي بالقاهرة على إثر نوبة قلبية داهمته، وتم نقله جثمانه جوا، وصلي عليه في المسجد الحرام، ودفن بمقبرة المعلاة بمكة.
أعلام آل الصبان وبصماتهم في الرياضة السعودية ومن أعلام آل الصبان أيضا الشيخ عبدالرحمن سرور الصبان الذي يعتبر من رواد الحركة الرياضية في السعودية. وهو من مواليد مكة المكرمة سنة 1922، ومن الذين أنهوا دراستهم الجامعية في الجامعة الأمريكية ببيروت. اهتم الشيخ عبدالرحمن بالحركة الرياضية في بلاده، فكان من أوائل من ساهم في تأسيسها ورعايتها، وقد تجلى ذلك أولا في مشاركته بتأسيس نادي الوحدة بمكة وتولي مهمة الإدارة والإشراف على الشؤون المالية والإدارية والفنية للنادي مع زميله ورفيق دربه المرحوم أحمد قاروت، وتجلى ثانيا في قيامه بتذليل الكثير من الصعوبات التي واجهت النادي في سنوات التأسيس الأولى، ولا سيما الصعوبات المالية. ولم تنقطع علاقته بنادي الوحدة، بعد أن قرر الانتقال للإقامة بجدة وتسليم رئاسة النادي للمرحوم كامل أزهر، إذ ظل يقدم له الدعم والتشجيع، مثلما فعل مع الأندية الصغيرة الناشئة في الحجاز.
ومن مآثر الرجل التي لم تنس، رغم توالي العقود والأزمنة، قيامه بإنشاء أول ستاد رياضي منظم في جدة بسعة 12 ألف متفرج وتكلفة 80 ألف ريال على أرض تبرع بها الأمير عبدالله الفيصل. وقد عُرف بـ(ملعب الصبان) وكانت تقام عليه لفترة طويلة مباريات كرة القدم بين فرق مكة وجدة وغيرهما، كما استضاف نهائيات منافسات كأس الملك وكأس ولي العهد في الستينات، وأول لقاء جمع قطبي جدة (الأهلي والإتحاد) في كاس ولي العهد، عام 1958، قبل أن يبادر الشيخ إبراهيم إسلام بانشاء ملعب إسلام بمكة الذي أصبح ملاذا لأنشطة الأندية الرياضية المكية.
ومن مآثره الرياضية الأخرى أنه رسخ مبدأ التآخي بين الأندية الرياضية ونبذ التعصب الرياضي، بدليل أنه شغل في أوائل الستينات منصب نائب رئيس مجلس إدارة النادي الأهلي بجدة في الوقت الذي كان فيه أحد أعضاء مجلس الشرف الفاعلين لنادي الوحدة بمكة. هذا علما بأن شقيق الشيخ عبدالرحمن واسمه (حسن سرور الصبان) ترأس نادي أهلي جدة في مرحلة من أصعب المراحل في تاريخ هذا النادي العريق، وهي المرحلة التي اعقبت ابتعاد رمزه الكبير ومؤسسه (عمر شمس).
توفي عبدالرحمن سرور الصبان في 25 مارس 1998 عن عمر ناهز 76 عاما. وتقديرا لجهوده في خدمة الشباب وتطوير الرياضة السعودية فقد تم تكريمه في عام 2006 من قبل الرئيس العام السابق لرعاية الشباب الأمير سلطان بن فهد بن عبدالعزيز بمنحه وسام الرئاسة العامة لرعاية الشباب.
ولا يكتمل حديثنا عن آل الصبان دون الحديث عن علم آخر من أعلام الأسرة وهو الأستاذ (عبدالوهاب عوض الصبان) الذي ارتبط اسمه أيضا بالحركة الرياضية السعودية وبنادي الوحدة المكي تحديدا، حتى صار يُشار إليه بـ(العاشق الوحداوي). وهو من مواليد مكة وممن تلقوا تعليمهم الجامعي بالقاهرة في ستينات القرن العشرين، ومن الذين عُرفوا باهتماماتهم الأدبية والثقافية والتربوية.
بعد عودته من مصر، تنقل عبدالوهاب الصبان ما بين التعليم والرياضة فكان (طبقا لما كتبته صحيفة مكة بتاريخ 27/3/2014) «معلما بمدرسة الملك عبدالعزيز الثانوية، ومدرب ومؤسس كرة اليد بنادي الوحدة، ومدرب كرة السلة، ومشرفا تربويا ورئيس قسم التربية الرياضية بتعليم مكة، ونائب رئيس مجلس إدارة نادي الوحدة من 1400 إلى 1405، ومشرفا على كرة القدم، وعضو لجنة تطوير لوائح الرئاسة العامة لرعاية الشباب، ممثلا للمناطق: الغربية والجنوبية والمدينة المنورة، وعضو لجنة تطوير الرياضة والشباب بالمملكة، وعضو تنظيم الدورة الرياضية الإسلامية بمكة المكرمة». إلى ما سبق خدم الأستاذ عبدالوهاب نادي الوحدة على مدى أربعة عقود وترأسه مرتين، ومن الذين كرمهم الاتحاد الآسيوي بمنحهم الجائزة الذهبية تقديراً لدورهم الريادي في تطوير الرياضة في القارة الآسيوية.
* أستاذ العلاقات الدولية - مملكة البحرين