ثلاث واحات و حصاد الممالك والإمبراطوريات على جادة ليما
المملكة العربية السعودية الصديق الأبدي لفرنسا
الأربعاء / 26 / محرم / 1441 هـ الأربعاء 25 سبتمبر 2019 04:20
«باريس» أسماء بوزيان
جاك لانغ أو عراب الثقافة في فرنسا، وزير سابق، احتفظ بباعه الثقافي المميز، واحد من رجال السياسة الفرنسيين، صوته مسموع لدى الطبقة المثقفة والسياسية الرسمية، تشعر وأنت تتحدث معه أنك أمام رجل أفنى حياته من أجل أن يخلق تقاربا ثقافيا وإبداعيا بين الشعوب.
كان يريد أن يمد ذلك الجسر بين الشرق والغرب ونجح لحد ما وحيثما وجد الإبداع اتجه نحوه.
في يناير 2019 عندما بدأت تظاهرت شتاء طنطورة بمحافظة العلا، تسابق الرسميون من أنحاء العالم لحضور المهرجان العالمي بهذه المنطقة، يومها اتجه وفد فرنسي من باريس لحضور الاحتفالات بالمنطقة، ولم يكن من بين الحضور رئيس معهد العالم العربي جاك لانغ. في اليوم التالي كتبت إحدى الصحف الفرنسية أن جاك لانغ كان على رأس وفد لمحافظة العلا، واتهم كاتب المقال لانغ بأنه يسوق للمملكة العربية السعودية، لم يرد حينها لانغ الذي كان في مكتبه بالطابق التاسع لمعهد العالم العربي.
وبعد أسابيع من ذلك حضر لاتغ حقيبته واتجه إلى العلا وأرسل صوره ليقول للعالم أنا هنا بالمملكة العربية السعودية، فاكتبوا إن شئتم.
اليوم عكاظ التقت رئيس معهد العالم العربي جاك لانغ، الذي يرحب دائما بحوارات مع الصحافة السعودية وأطلعنا على جديد معارض المملكة حيث قال أريد أن يعيش الزائر ما عشته أثناء زيارتي لمنطقة العلا: من 18 إلي 27 تشهد جادة معهد العالم العربي معرضا متميزا لمنطقة العلا ينقل الزائر في رحلة إلى أرض بساتين النخيل والكتب السماوية والأضرحة والمقابر الصخرية ومسارات القوافل التي آثرت الهيئة الملكية للعلا نقلها إلى جادة معهد العالم العربي في معرض تاريخي ينتظره المهتمون والمولعون والمختصون والهواة بفارغ الصبر
كيف تصف العلاقة بين المملكة العربية السعودية وفرنسا؟
هناك عمق في العلاقات الفرنسية السعودية، ودائما تتعمق هذه العلاقات مهما تعاقب الرؤساء في الجمهورية الفرنسية.
التاريخ لا يطوي صفحات عقود من العلاقات الديبلوماسية والتعاون الاقتصادي والثقافي بين شعبين وكيانين.
فرنسا حليف دائم للمملكة العربية السعودية والمملكة حليف دائم لفرنسا وما يربطهما من مصالح وتعاون في كل المجالات ينم بشكل مباشر عن عمق تلك العلاقات التي تحدثت عنها.
نحن نقف اليوم مع الصديق الوفي المملكة العربية السعودية، في هذه الأوقات ونحن ضد أي مساس بأمنها واستقرارها.
بعد معرض الحج الذي أقيم في معهد العالم العربي، وشهد إقبالا كبيرا، سينظم معرضا كبيرا آخر في شهر أكتوبر، هل لنا أن نعرف فحوى هذا المعرض ؟
نعم المعرض سيقام في شهر أكتوبر كما ذكرت وهو خاص بمنطقة مجهولة عند الفرنسيين وهي منطقة رائعة تقع في شمال غرب المملكة العربية السعودية هي منطقة «العلا، وهي تحفة طبيعية تمتد على الصحراء العربية» تكشف عن ثمرة أكثر من عشرين عامًا من الأبحاث، لأول مرة يتم الكشف عنها لعامة الناس. والمعرض هو دعوة مفتوحة لرحلة عبر آلاف السنين، من العصور القديمة إلى يومنا هذا، في قلب واحة فخمة سيتم نقلها إلى جادة معهد العالم العربي من أجل عرضها للزوار باستخدام التقنيات الحديثة.
منطقة العلا تحفة طبيعية مفتوحة من بساتين النخيل والأضرحة والمجسمات الصخرية المنحوتة طبيعيا ومسارات القوافل التي دأبت الهيئة الملكية للعلا على تعريف العالم بها فنقلتها جادة معهد العالم العربي في معرض تاريخي ينتظره المهتمون والمولعون والمختصون والهواة بفارغ الصبر.
دائما ما يساهم المعهد في الكشف عن المشاهد الغائبة للغرب ويساهم في إخراج روائع العالم العربي إلى العالم ؟
المعهد وجد من أجل أن يسلط الضوء على الفن والفنانين، على الإبداع
وعلى الروائع المغيبة بسبب أو بدونه، بعد ثلاثين عامًا، شق الفنانون العرب المعاصرون طريقهم إلى مركز بومبيد، أو قصر طوكيو، أو متحف موسيم ومتاحف أخرى. وكان لإيما IMA دور رائد ولا يزال في دعم المشهد الثقافي العربي حيثما كان. معهد العالم العربي هو صرح ثقافي ليس له مثيل في العالم. هو متحف ومكتبة ومركز لتعليم اللغة العربية، لإقامة التظاهرات الثقافية الكبرى واللقاءات الحوارية التي تخص العلاقات بين الشرق والغرب... يستقبل مليون زائر سنويا..
تحولت الثقافة اليوم إلى صناعة منتجة، فهل مصطلح«اقتصاد الثقافة»، تحول إلى مفهوم مربح في العالم؟
في عام 1981، استخدمت هذا الشعار، «الاقتصاد والثقافة، نفس النضال». علاوة على ذلك، يظهر هذا التعبير كما هو، في اعتقادي، في أول خطاب لي أمام الجمعية الوطنية خلال عرض ميزانية الثقافة. كانت هذه اللحظة أكثر بكثير من عرض الميزانية. كان مخطط كفاحنا وعملنا ومشاريعنا.
آمنت دائما بفكرة مفادها أن زمن تهميش الفنان والمخترع والمبدع انتهى، ويجب أن يكون الفنان والمبدع والمخترع في واجهة الاقتصاد. أيضا انتهى الزمن الذي يجب أن يتجاهل فيه الاقتصاد هذا الجانب الذي يشكل المعرفة والإبداع جانبا مهما في الاقتصادات العالمية. ينطبق الاقتصاد والثقافة، على مجال معين، على ما يعرف «بالصناعات الثقافية». إلى جانب الصناعات الثقافية، التي تتعدد مكوناتها، هناك بشكل عام موضوع الثقافة كرافعة اقتصادية. يتعلق ذلك بالمتاحف والمراكز الفنية والمكتبات والجامعات والمختبرات العلمية.
لماذا تسعى دائما لربط هذا الجسر بين الشرق والغرب من خلال الثقافة؟
أولا عن وعي تام بأهمية الثقافة في حياة الشعوب، وأيضا بوعيي بالأهمية الأساسية لسياسة طموحة لصالح الفن والثقافة والتعليم والبحث والابتكار واجتماع الشعوب على فكرة الثقافة من أجل التعايش والسلام. هنا تأتي فكرة الاستثناء الثقافي.
.... ماذا تعني بالاستثناء الثقافي؟
الكثير يعتقد أن هذا التعبير قد صيغ خلال مفاوضات غات في التسعينيات... وهذا غير صحيح، لقد رافعت من عام 1980 إلى عام 1981، من أجل استثناء الثقافة والتعليم. فالإبداع الفكري ليس سلعة
ما. أنا لا أتحدث عن المحتوى أنا أتحدث عن عمل متقن، يشكل تحفة إبداعية مهما تنوع مجالها. يمكن أن يكون المحتوى قابل للتكرار، خاصةً اليوم.
فالإنسان الذي يؤمن أن الفن والإبداع يخلق مجالا استثنائيا لصناعة فضاء رحب يجمع كل الشعوب، هو ذلك الاستثناء الذي يؤرخ أيضا للمكان والزمان الذي وصل فيه الإنسان للعطاء دون أن ينتظر مقابل... وخير مثال أن هناك أحد هواة الفن تبرع بمجموعته التي تتضمن 1500 لوحة، للفن العربي المعاصر هبة لمعهد العالم العربي.
هل وجد المعهد أخيرا النموذج الاقتصادي الذي ينتهجه؟
كان من المفترض أن يكون تمويله مشتركًا مع الدول العربية، لكن بعضها كان بطيئًا في دفع اشتراكها، بل تخلف بعضها الآخر تماما، وفي النهاية تحرر معهد إيما IMA، من العجز الذي عانى منه طويلا بفضل تحرير صندوق الهبات. تضاف الفائدة إلى إيرادات المؤسسة ودعم ثابت يقدر بحوالي 12 مليون يورو. ميزانيته متواضعة، لكن لدى المتحف الذي يضم مجموعة مهمة، حيث يوجد حوالي 1400 قطعة تقدم جولة مضيئة في العالم وفي الثقافة العربية. كما حظي إيما باقتناء الفن المعاصر في وقت لم يكن فيه السوق مهتمًا بذلك.
كيف تفسرون أن اللغة العربية غائبة في المناهج التربوية في فرنسا؟
بين عامي 2000 و 2002، عندما كنت وزيراً للتربية الوطنية، ناضلت من أجل تدريس اللغات الحديثة وخاصة اللغة العربية في الأطوار الأولى. ارتفع عدد المناصب المعتمدة للغة العربية بنسبة 43 ٪ في غضون عامين. ثم تراجعت الحركة.
بعدها فتحت وزيرة التربية السابقة نجاة فالو بلقاسم المجال لتعليم اللغة العربية لكن النظام بدا غير متكافئ وغير مؤكد، مع نقص في الموارد وفي بعض الأحيان في الجودة. ومع ذلك منذ بداية العام الدراسي 2016، وبداية من الصف الخامس، يحصل الطلاب على لغة حية ثانية.،منها اللغة العربية لمن يريد دراستها.