نظام المشتريات الحكومية يزن الذهب بميزان اللحوم
الخميس / 04 / صفر / 1441 هـ الخميس 03 أكتوبر 2019 02:27
عبداللطيف الضويحي
قد يوفر نظام المنافسات والمشتريات الحكومية المساواة بين المتنافسين، لكني لست متأكدا من أن هذا النظام الجديد للمنافسات والمشتريات الحكومية عادل ومجدٍ ومنصف للابتكارات والمشروعات القائمة على إبداعات أصحابها وخلق عقولهم من مبتكرين ومبدعين وعباقرة.
فرغم التعديلات التي أجريت على نظام المنافسات والمشتريات الحكومية حتى وصل لصيغته الأخيرة، ورغم أن هذا النظام قد حقق كثيرا من الأهداف التي كانت تتطلع إليها وزارة المالية على صعيد تعزيز وفاعلية التخطيط المالي وإدارة الموارد المالية بفعالية عالية، مثلما حقق الكثيرعلى صعيد التنظيم والحوكمة في الإجراءات ذات الصلة بالمشتريات الحكومية وفق الممارسات المعمول بها، إلا أن هذا النظام لا يزال عائقاً وعقبةً في طريق المبتكرين والمبدعين والعباقرة بسبب عدم قدرة هذا النظام حتى الآن على احتضان المشروعات الخلاقة والمبتكرة. فالمساواة بين العقول والأموال ليست بيئة صالحة دائما ولا تحفز المبدعين والمبتكرين، بل إنها بيئة وأنظمة عادة ما تكون طاردة لهذه الفئة النادرة والثمينة، يدفع ثمن غيابهم وطردهم المجتمع مرتين مرة بخسارتهم ومرة بخسارة المجتمع وإصابته بالتكلس.
مشكلة نظام المشتريات الحكومية أنه يضع العقول أمام الأموال ومقابلها، ويقيمها بمنظار مالي، فلا يترك مجالا أمام الابتكارات والإبداعات بأن تأخذ طريقها للتنفيذ والنجاح مع أصحابها ومبدعيها ومبتكريها وخلاقيها وعباقرتها، والسبب ببساطة أن هذا النظام لا يحفظ لهؤلاء المبدعين والمبتكرين فرصة كي ينفذوا أفكارهم التي هم أعرف وأقدر وأجدر بتنفيذها، وبدلا من ذلك يفتح المجال أمام كل المتقدمين للتنافس على الفوز بهذه الابتكارات دون أي ميزة لأصحابها.
ببساطة، لا فرق أمام نظام المشتريات بين مشروع قائم على ابتكار ومشروع توريد الأسمنت ولا فرق أمام نظام المشتريات بين مشروع يستند إلى إبداع ومشروع يقوم على تركيب مكيفات. الجميع سواسية كأسنان المشط أمام نظام المشتريات والمنافسة.
لا شيء يحفظ الحقوق المعنوية والأدبية لأصحاب الابتكارات أمام نظام المشتريات، فالأقل سعرا هو من يظفر بالعقد، حتى لو كان الفائز بالعرض من خارج دائرة الموضوع المراد تنفيذه لإحدى المؤسسات الحكومية وهذا أمر خطير بحق المبتكرين وبحق المجتمع والبلد.
بدون شك تشتمل كراسة المناقصة على عناصر للسعر والجودة ومواصفات فنية وهذا جيد وطبيعي، لكن الكراسة هذه لا تحفظ حقوق المبتكرين وليست معنية بالمبتكرين والمبدعين، ولا تعطي المبتكر أي ميزة تفضيلية عن غيره، لأن التكلفة الأقل مع تحقيق الحدود الدنيا من المواصفات الفنية هو المفضل بطبيعة الحال من وجهة نظر الترشيد والحوكمة والنزاهة، على اعتبار تحقق النزاهة أصلا في العملية، والتي تحتاج لبحث وتحر غير عاديين إذا أريد تحققها من خلال نظام المشتريات وعبر إدارات المشتريات الخبيرة بالحيل والتحايل.
صحيح أن نظام المشتريات الحكومية يظلم الابتكار بل ويظلم كل الابتكارات حسب ميزان الأسعار والمواصفات الفنية الحالية المعمول بها في نظام المشتريات. لكننا قد نظلم نظام المشتريات الحكومية ونتحامل عليه ونحمله ما لا طاقة له به في فهم واستيعاب حقوق المبتكرين، فقد يكون الأفضل ربما في إيجاد صيغة تعاقدية مختلفة وخارج عباءة نظام المنافسة والمشتريات الحكومية الحالي تماما تعنى بالحقوق المادية والمعنوية للمبتكرين، فالمساواة التي يستخدمها نظام المشتريات الحكومية تقتل الإبداع والابتكار والخلق وتقتل معهم المبدعين والمبتكرين والعباقرة.
من غير المنطقي ومن غير الإنصاف ومن غير العدالة أن نستخدم ميزان الفواكه أو الحبوب لكي نزن بها الذهب والفضة أو حتى الألماس.
* كاتب سعودي
Dwaihi@agfund.org
فرغم التعديلات التي أجريت على نظام المنافسات والمشتريات الحكومية حتى وصل لصيغته الأخيرة، ورغم أن هذا النظام قد حقق كثيرا من الأهداف التي كانت تتطلع إليها وزارة المالية على صعيد تعزيز وفاعلية التخطيط المالي وإدارة الموارد المالية بفعالية عالية، مثلما حقق الكثيرعلى صعيد التنظيم والحوكمة في الإجراءات ذات الصلة بالمشتريات الحكومية وفق الممارسات المعمول بها، إلا أن هذا النظام لا يزال عائقاً وعقبةً في طريق المبتكرين والمبدعين والعباقرة بسبب عدم قدرة هذا النظام حتى الآن على احتضان المشروعات الخلاقة والمبتكرة. فالمساواة بين العقول والأموال ليست بيئة صالحة دائما ولا تحفز المبدعين والمبتكرين، بل إنها بيئة وأنظمة عادة ما تكون طاردة لهذه الفئة النادرة والثمينة، يدفع ثمن غيابهم وطردهم المجتمع مرتين مرة بخسارتهم ومرة بخسارة المجتمع وإصابته بالتكلس.
مشكلة نظام المشتريات الحكومية أنه يضع العقول أمام الأموال ومقابلها، ويقيمها بمنظار مالي، فلا يترك مجالا أمام الابتكارات والإبداعات بأن تأخذ طريقها للتنفيذ والنجاح مع أصحابها ومبدعيها ومبتكريها وخلاقيها وعباقرتها، والسبب ببساطة أن هذا النظام لا يحفظ لهؤلاء المبدعين والمبتكرين فرصة كي ينفذوا أفكارهم التي هم أعرف وأقدر وأجدر بتنفيذها، وبدلا من ذلك يفتح المجال أمام كل المتقدمين للتنافس على الفوز بهذه الابتكارات دون أي ميزة لأصحابها.
ببساطة، لا فرق أمام نظام المشتريات بين مشروع قائم على ابتكار ومشروع توريد الأسمنت ولا فرق أمام نظام المشتريات بين مشروع يستند إلى إبداع ومشروع يقوم على تركيب مكيفات. الجميع سواسية كأسنان المشط أمام نظام المشتريات والمنافسة.
لا شيء يحفظ الحقوق المعنوية والأدبية لأصحاب الابتكارات أمام نظام المشتريات، فالأقل سعرا هو من يظفر بالعقد، حتى لو كان الفائز بالعرض من خارج دائرة الموضوع المراد تنفيذه لإحدى المؤسسات الحكومية وهذا أمر خطير بحق المبتكرين وبحق المجتمع والبلد.
بدون شك تشتمل كراسة المناقصة على عناصر للسعر والجودة ومواصفات فنية وهذا جيد وطبيعي، لكن الكراسة هذه لا تحفظ حقوق المبتكرين وليست معنية بالمبتكرين والمبدعين، ولا تعطي المبتكر أي ميزة تفضيلية عن غيره، لأن التكلفة الأقل مع تحقيق الحدود الدنيا من المواصفات الفنية هو المفضل بطبيعة الحال من وجهة نظر الترشيد والحوكمة والنزاهة، على اعتبار تحقق النزاهة أصلا في العملية، والتي تحتاج لبحث وتحر غير عاديين إذا أريد تحققها من خلال نظام المشتريات وعبر إدارات المشتريات الخبيرة بالحيل والتحايل.
صحيح أن نظام المشتريات الحكومية يظلم الابتكار بل ويظلم كل الابتكارات حسب ميزان الأسعار والمواصفات الفنية الحالية المعمول بها في نظام المشتريات. لكننا قد نظلم نظام المشتريات الحكومية ونتحامل عليه ونحمله ما لا طاقة له به في فهم واستيعاب حقوق المبتكرين، فقد يكون الأفضل ربما في إيجاد صيغة تعاقدية مختلفة وخارج عباءة نظام المنافسة والمشتريات الحكومية الحالي تماما تعنى بالحقوق المادية والمعنوية للمبتكرين، فالمساواة التي يستخدمها نظام المشتريات الحكومية تقتل الإبداع والابتكار والخلق وتقتل معهم المبدعين والمبتكرين والعباقرة.
من غير المنطقي ومن غير الإنصاف ومن غير العدالة أن نستخدم ميزان الفواكه أو الحبوب لكي نزن بها الذهب والفضة أو حتى الألماس.
* كاتب سعودي
Dwaihi@agfund.org