كتاب ومقالات

جامعات البنات.. التنبيه ما قبل الأخير

أريج الجهني

لا أستطيع أن أصف حجم الفرق بين طاقة الفخر والتفاؤل حينما كتبت عن «الجامعة الإلكترونية السعودية» التي جعلت قاعاتها الافتراضية والميدانية تحفة فنية مزودة بكل ما يخدم الطلبة ويرتقي بهم، وبين طاقة الحزن والألم الذي يلازمني في كل مرة عند الحديث عن جامعات بناتنا حول المملكة وما يعانون منه من تمييز وإقصاء عنصري متطرف وشح في الخدمات.

وأجدد دعوتي لمعالي وزير التعليم الشجاع الدكتور حمد آل الشيخ الذي أثق جدا بعزمه وإرادته في تغيير وجه التعليم السعودي في السنوات القادمة، وأقول نحتاج من معاليكم جولات مفاجئة وغير معلن عنها للجامعات الناشئة والاستماع للطلبة هناك، لدي عدد ضخم من الرسائل على الخاص مبكية ومحزنة.

طالبات لا يجدن أي احترام أو تقدير من الموظفات، تفتيش! تشكيك وتلاعب بالأنظمة، الوزارة تجاوزت عقدة الزي وكفلت من خلال تعاميمها الأخيرة كرامة المواطنات السعوديات، في جامعة الملك سعود مثلا لا أحد يتدخل بالزي، بالمقابل عدة جامعات تصر أن تقمع الطالبات وتغلق عليهن الأبواب.

الأسوأ من هذا كله أن هذه الجامعات تجاهلت وظائفها الثلاث الأساسية «تعليم، أبحاث، خدمة مجتمع» ولم تهتم بالبنية التحتية، هل يعقل أن تمنح الدولة ميزانيات فلكية ونجد الفتيات بمبانٍ مستأجرة مخزية مليئة بالحشرات والأفاعي؟ مبانٍ مرعبة وغير صالحة للاستخدام الآدمي؟ عشت في الرياض وأعلم أن وزارة المالية تدعم متطلبات التعليم بشكل قوي ومهني جدا، الخلل في من يتلقى الأموال في هذه المناطق النائية فيجعل الناس ناقمين على الدولة وهذا هو الشر المستطير، نعم هم يكسرون ثقة الناس ويزعزون أمنهم المجتمعي، هذا إرهاب إداري لا يجب أن يمرر.

نعم هؤلاء المفسدون يجب أن يحاكموا، سئمنا من قذف التهم دون رصد المتهم الحقيقي، وهذه مهمة نزاهة ومكافحة الفساد، كيف يسمح أن تذهب ميزانيات رصدت لمبانٍ جامعية وتتفاجأ برؤية مبانٍ مستأجرة؟ مضى أشهر على حديثي عن العرضيات، وجاء هاشتاق كلية رجال ألمع وكلية خميس مشيط وغيرها، هذه مجرد أمثلة، وتدخل لحسابات الجامعات تجدها مجرد تبجيل وتطبيل للمديرين!

بل إن حساب إحدى الجامعات أود أن أقترح تغييره من جامعة X لجامعة فلان الفلاني «مديرها»؛ لكثرة صوره بل حتى في تهنئة اليوم الوطني كتبوا «فلان الفلاني يهنئ الوطن» ولم يتم كتابة «وكافة منسوبي الجامعة»!، موظفة تطلب التواصل مع رئيسها في جامعة نائية فيرفض اتصالها، بحجة أن صوت المرأة عورة! وأنه لا يتواصل مع النساء «هذه قصة حقيقية للأسف».

التعليم العالي يترنح، الجامعات القوية تقفز قفزات شاسعة وكما ننتقد فنحن نثني على المجتهدين، وهذا دورنا الأكاديمي والصحفي، لكن اختتم هذا المقال بالتذكير أن الصمت عن قضايا الفتيات في الجامعات الناشئة وتسلط الناس عليهن لا يليق على الإطلاق ببنات سلمان! وعار على كل مسؤول ومسؤولة في أي منظمة حكومية أن لا يعون أن هؤلاء الفتيات هم مستقبل هذا الوطن وقوته، وصمت الأجيال السابقة عن هذا الإقصاء لا يعني صمت الجيل الحالي ولا القادم، بل الدولة مكنت المرأة وسخرت لها كل طاقاتها، فلا تقفزوا فوق القانون كي لا تتكسر أرجلكم أو حتى رقابكم. والسلام.

* كاتبة سعودية

areejaljahani@gmail.com