حوارات ثقافية لا معارك !
الأحد / 14 / صفر / 1441 هـ الاحد 13 أكتوبر 2019 23:04
علي فايع
أنجز الدكتور أحمد سعيد قشاش في كتابه «أبحاث في التاريخ الجغرافي للقرآن والتوراة ولهجات أهل السراة»، العديد من الأبحاث اللغوية في اللهجات القديمة والحديثة، حيث يرى أنها لا تقلّ أهمية عن دراسة العربية الفصحى، وكان الهدف الذي انطلق منه الدكتور قشاش في دراسته هذه التعرّف على الظواهر المشتركة بين اللغات القديمة، واللهجات المعاصرة، ودراستها على أسس علمية ثابتة، تخدم اللغة العربية، وتسهم في تطويرها، والنهوض بها، إضافة إلى توضيح علاقة هذه اللغة بغيرها من اللغات العروبية السامية.
كلّ هذه الأهداف التي انطلق منها الدكتور قشاش، والنتائج التي توصّل إليها، اجتهادات بشرية، ولكنها تنطلق من معطيات جغرافية، ولغوية، تقبل الاتفاق كما تقبل الاختلاف، ولكن بأساليب علمية تحترم هذه الجهود أولاً، وتناقشها بوعي ومعرفة ثانياً!
الأوساط الثقافية (لدينا كما أظن) كانت تنتظر نقاشات علمية هادفة، بعيدة كلّ البعد عن الأسباب الذاتية التي ينطلق منها المتفقون والمختلفون، لكنّ ما حدث لهذا الكتاب من ردود أفعال وكتابات (في ما تيسّر لي مطالعته) لم يكن نقاشاً علمياً مفيداً، بقدر ما كان تنمراً بشرياً، تزعّمه كتّاب وأكاديميون وربما متخصصون أيضاً، وكان الهدف من هذه الردود كما بدا لي هو إسقاط هذه الجهود بالانتقاص من هذا العمل، وتحقيره، والطعن في النتائج التي توصلت لها هذه الدراسات والبحوث العلمية!
الغريب في هذه الردود أنها سبقت انتشار الكتاب وتوزيعه، واعتمد أصحابها في إصدار الأحكام على قراءة العنوان الذي بدا لافتاً، لأنه ربط بين التوراة والقرآن ولهجات أهل السراة، مع أنّ مقدمة الكتاب كانت كافية لمن يقرؤها أن تثبت تأكيد الدكتور قشاش على أنّ قبيلة بني إسرائيل هي في الحقيقة إحدى قبائل العرب القديمة، غير أنها تلاشت كغيرها من قبائل العرب البائدة، وأنّ معظم أفرادها قد دخلوا في عدد من القبائل العربية الباقية، وصاروا من مكونات النسيج العربي والإسلامي في جزيرة العرب، وأن ما يسمّى اليوم (دولة إسرائيل) ما هي إلا كيان مصطنع يجمع يهوداً من أجناس وأعراق شتّى لا يمتون لبني إسرائيل القبيلة العربية بصلة، غير أنهم تهودوا وادعوا الانتساب زوراً إلى إسرائيل!
لو قدّر لهؤلاء المتنمرين التروي قليلاً لقراءة الكتاب، ومن ثمّ الكتابة عنه بوعي ومعرفة، لكان ذلك أجدى وأنفع، ولكان الكتاب اليوم ينتقل مع صاحبه من مجلس إلى مجلس، ومن ناد أدبي إلى ناد أدبي آخر، ولكانت فرصة جيدة للغويين وكتاب المقالات والمتخصصين في التاريخ لفتح الأبواب لحوارات علمية هادفة تنطلق من المكان وإليه، لكنّ ما حدث أنّ الدكتور قشاش اختار الغياب القسري لكتابه ولذاته، فلم يعد راغباً في الذكر ولا في الشكر، لإيمانه بألا قيمة لذكر يوجع الكتاب وصاحبه!
كلّ هذه الأهداف التي انطلق منها الدكتور قشاش، والنتائج التي توصّل إليها، اجتهادات بشرية، ولكنها تنطلق من معطيات جغرافية، ولغوية، تقبل الاتفاق كما تقبل الاختلاف، ولكن بأساليب علمية تحترم هذه الجهود أولاً، وتناقشها بوعي ومعرفة ثانياً!
الأوساط الثقافية (لدينا كما أظن) كانت تنتظر نقاشات علمية هادفة، بعيدة كلّ البعد عن الأسباب الذاتية التي ينطلق منها المتفقون والمختلفون، لكنّ ما حدث لهذا الكتاب من ردود أفعال وكتابات (في ما تيسّر لي مطالعته) لم يكن نقاشاً علمياً مفيداً، بقدر ما كان تنمراً بشرياً، تزعّمه كتّاب وأكاديميون وربما متخصصون أيضاً، وكان الهدف من هذه الردود كما بدا لي هو إسقاط هذه الجهود بالانتقاص من هذا العمل، وتحقيره، والطعن في النتائج التي توصلت لها هذه الدراسات والبحوث العلمية!
الغريب في هذه الردود أنها سبقت انتشار الكتاب وتوزيعه، واعتمد أصحابها في إصدار الأحكام على قراءة العنوان الذي بدا لافتاً، لأنه ربط بين التوراة والقرآن ولهجات أهل السراة، مع أنّ مقدمة الكتاب كانت كافية لمن يقرؤها أن تثبت تأكيد الدكتور قشاش على أنّ قبيلة بني إسرائيل هي في الحقيقة إحدى قبائل العرب القديمة، غير أنها تلاشت كغيرها من قبائل العرب البائدة، وأنّ معظم أفرادها قد دخلوا في عدد من القبائل العربية الباقية، وصاروا من مكونات النسيج العربي والإسلامي في جزيرة العرب، وأن ما يسمّى اليوم (دولة إسرائيل) ما هي إلا كيان مصطنع يجمع يهوداً من أجناس وأعراق شتّى لا يمتون لبني إسرائيل القبيلة العربية بصلة، غير أنهم تهودوا وادعوا الانتساب زوراً إلى إسرائيل!
لو قدّر لهؤلاء المتنمرين التروي قليلاً لقراءة الكتاب، ومن ثمّ الكتابة عنه بوعي ومعرفة، لكان ذلك أجدى وأنفع، ولكان الكتاب اليوم ينتقل مع صاحبه من مجلس إلى مجلس، ومن ناد أدبي إلى ناد أدبي آخر، ولكانت فرصة جيدة للغويين وكتاب المقالات والمتخصصين في التاريخ لفتح الأبواب لحوارات علمية هادفة تنطلق من المكان وإليه، لكنّ ما حدث أنّ الدكتور قشاش اختار الغياب القسري لكتابه ولذاته، فلم يعد راغباً في الذكر ولا في الشكر، لإيمانه بألا قيمة لذكر يوجع الكتاب وصاحبه!