كتاب ومقالات

وظيفة الفتاة مقابل أخلاقياتها !

جوار النص

مها الشهري

أتيحت للنساء فرص للعمل في أماكن غير تقليدية برواتب بسيطة، بينما تدفعهن الحاجة لاختيارها والقبول بها لبلوغ قيمة أسمى من طبيعة العمل وأجره المادي، وهي الاعتماد على النفس، وهذا ما يتطلبه الانفتاح على المهن والأعمال في سوق العمل ورفع نسبة فرص المرأة، لكن البعض من المؤثرين وفق رأيه الخاص والمحدود وبسبب رفضه فكرة الاختلاط يبدأ بإثارة مشكلات متكررة حول هذه القضية ويضع لرفضه سلسلة من التبريرات، خلاصتها أن الفتاة تضطر للعمل في مهنة غير مناسبة من وجهة نظره بمقابل تنازلها عن أخلاقها.

هذه المقاومة اللاواعية التي تحاول فرض فكرة الأصلح والأجدر في قضية عمل المرأة، تعمل على طريقة ذات الذهنية التي استمرت لعقود طويلة في إملاء الوصاية على النساء في محاولة لسلبهن حرية الاختيار على طريقة التوجيه والتخويف والإثارة، وبطريقة تحور وجهة نظر المجتمع الذي في وسعه منح التقدير لشخص ما بسبب مهنته من عدمها وفقا لقوانين المجتمع وحدود قدراته، فيما يترتب على ذلك تبعات كثيرة كسمعة العائلة أو الشخص نفسه وإدخال المسألة في وضع معقد لسنا بحاجة إليه.

ليس من المتقبل أو من المعقول أن ننظر لامرأة طموحة تعمل بكفاح حتى ولو كان مقابل أجر بسيط بأنها تنازلت عن كرامتها، فالعمل الذي تعمل به حسب المهن المتاحة أمام طاقتها وإمكانياتها يرفع من قدرها لمجرد أن تضع لاستقلالها المالي قيمة، وحتى لا تكون عبئا على غيرها، غير أن لكل شخص من الناس مستوى عليه أن يعرف حجمه ويسعى في التطوير والارتقاء وزيادة الدخل بشكل متدرج في المستوى اللاحق.

الوظائف الكبيرة ليست «برستيج» تجبر الناس على التخلي عن فرصهم في الحياة من أجل السعي والحصول على المكانة، وإنما هي في كثير من الحالات عبارة عن استحقاق، فليس من المستغرب أن يبدأ موظف بعمل في استقبال أحد الفنادق بمرتب ٣ آلاف ريال ثم ينتهي به المطاف بعد مرور الوقت إلى وظيفة مرموقة في نفس مسار العمل، لأن الحياة لا تعطي أشياء جاهزة دون سعي، فلا بد من وجود المقومات الكافية التي يشعر بها الفرد تجاه نفسه والتي تشكل «القيمة» للحصول على أي تطوير أو استحقاق، المهم أن يبدأ ولو من أضيق زاوية.

* كاتبة سعودية

ALshehri_maha@