كتاب ومقالات

نظام الجامعات الجدید.. المستقبل للكفاءة المالیة والتمیز والتمايز

إبراهيم بن عبدالعزيز المعيقل

تابعنا جمیعاً إقرار مجلس الوزراء الموقر برئاسة خادم الحرمین الشریفین -حفظه الله- لنظام الجامعات الجدید، والذي یتّضح لقارئه مدى ما یفتح على الجامعات وعلى الوطن من آفاق وفرص مستقبلیة واسعة وواعدة.

باسمي ونیابة عن منسوبي الجامعة السعودیة الإلكترونیة، نثمن ونقدر للقیادة ملیكاً وولي عهد هذا الامتداد المستمر للاهتمام في كل ما من شأنه رفعة هذا الوطن وتطویر طاقاته وثروته البشریة الشابة تحقیقاً لأبرز أهداف رؤیة ولي العهد ٢٠٣٠ وهو دعم شباب الوطن وتأهیلهم لیقودوا الوطن إلى ما لا نهایة له من الأمجاد.

وسأتوقف هنا وقفات قصیرة أمام بعض أهم ما تضمنته مواد النظام الجدید وما ستحدثه من نقلة نوعیة في

مستوى أداء الجامعات وجودة مخرجاتها.

إن الجامعات -أیاً كانت الجامعة- یُقاس نجاحها من عدمه على مدى جودة مخرجاتها وأبحاثها وخدماتها للمجتمع، ولكي تحقق الجامعة هذه الجودة فإنها بحاجة أكیدة إلى ثلاثة أعمدة تشكل المعادلة الثلاثیة لنجاح أي جامعة؛ ألا وهي: المرونة، الشفافیة، والرقابة. وهذه الثلاثة هي أبرز ما تدور عليه مواد نظام الجامعات الجدید.

فإذا نظرنا إلى التسلسل الهیكلي التنظیمي الذي تم إقراره في النظام الجدید والذي یبدأ بمجلس شؤون الجامعات مروراً بمجلس الأمناء ثم مجلس الجامعة وهكذا تدرّجاً حتى وصوله إلى مجالس الأقسام، وما ینطوي علیه من صلاحیات واسعة وخاصة بكل مجلس، من شأنه أن یضمن للجامعات تحقیق المبادئ الثلاثة التي سلف ذكرها في الفقرة السابقة. فالشفافیة التي یضفیها ضرورة وضوح القوائم المالیة وكذلك وجود مسؤولیة وإشراف مباشر من مجلس على آخر، كل ذلك من شأنه أن یسهل العمل الرقابي، والصلاحیات الواسعة التي تتمتع بها المجالس وما ینبثق عنها تجعل من العمل المؤسسي فاعلاً ومنتجاً نظیر ما تحمله تلك الصلاحیات من مرونة تجعل شریان الجامعة نابضاً بالحیاة. وبرأیي أن احتواء النظام الجدید لهذه المبادئ الثلاثة یقضي على ما یهدد نجاح المؤسسات وهي البيروقراطية والهدر المالي.

كما أن النظام الجدید -الذي یأتي في إطار رؤیة ٢٠٣٠ الواعدة- لم یغفل ضرورة مواكبة التحولات الكبرى في إدارة الاقتصاد والموارد المالیة؛ فحینما كانت الجامعات تعتمد اعتماداً كلیاً على المیزانیة الحكومیة؛ أصبح لدیها -وفقاً للنظام الجدید- استقلالیة مالیة تتیح لها إنشاء الشركات وإبرام الصفقات وإقامة الأوقاف وتنویع مجالات الاستثمار، فلم تعد تقیّدها بنود الصرف المحددة سلفاً بل ستصبح أكثر قدرة على التنظیم المالي وإیجاد مصادر الدخل التي تتیح لها التمیز والتمایز من خلال التنافس في تطویر بنیتها التحتیة واستقطاب الكوادر البشریة المتمیزة وتجوید مخرجاتها التعلیمیة وتمویل البحوث العلمیة، إضافة إلى برامج خدمة المجتمع وبرامج الدراسات العلیا وغیرها، مما یساهم في كفاءة الإنفاق وما ینتج عنه من مخرجات ذات جودة تواكب إمكانیاتها وحاجة سوق العمل وتسهم في التوظیف الأمثل للطاقات البشریة بتنوعها مما ینشئ مضماراً تتسابق فیه الجامعات للفوز بالكفاءات السعودیة المتمیزة.

یتواءم ما یطرحه النظام الجدید في تحقیق الكفاءة المالیة من خلال الاستثمار الأمثل في المباني مما یتیح المجال أكثر للاستثمار في بناء المحتوى الإلكتروني المتمیز القادر على الوصول إلى كل طالب في كل مكان وزمان بأقل التكالیف وبجودة أعلى. ولا ریب في أن النظام الجدید للجامعات سینقل -بإذن الله- بلادنا إلى الریادة العلمیة نظیر ما توفره مواده من أرض خصبة للابتكار والتألیف والبحث والترجمة والنشر؛ حیث إنه حسب الفقرة السابعة من المادة السابعة للنظام فإن لمجلس شؤون الجامعات «إقرار اللوائح المنظمة للجمعیات العلمیة والكراسي البحثیة ومراكز البحث والابتكار وریادة الأعمال في الجامعات»، كما أن الفقرة التاسعة من المادة الثالثة عشرة تعطي مجلس الأمناء الصلاحیة في «إقرار القواعد المنظمة لدعم البحث العلمي، والابتكار، والتألیف، والترجمة، والنشر». ویتضح مما سبق حجم الاهتمام بالتألیف والابتكار والبحث العلمي، حیث إن مجلس شؤون الجامعات المكون من ممثلي عدة وزارات وكذلك مجلس الأمناء یضطلعان بدور أساسي في دعم الابتكارات والبحوث العلمیة والتألیف مما یعطي هذه المجالات قوة و یمهد لها الطریق لتحقق مخرجات غایة في الجودة تصل بجامعاتنا وبشبابنا إلى مزاحمة العالم وبالتالي إلى ریادته -بإذن الله-.

كانت هذه نظرة مختصرة في النظام الجدید للجامعات، ولو وقفت أمام كل بند من بنوده لاحتجت إلى صفحات كثیرة، ولكن كما قیل «حسبك من القلادة ما أحاط بالعنق».

سائلاً الله أن یبارك في قیادتنا الرشیدة وأن یأخذ بأیدیهم إلى ما یصبون إلیه من رفعة هذا الوطن الغالي.

* مدير الجامعة السعودية الإلكترونية المكلف