إرهابي مُنشَق يكشف أساليب التنظيمات لتجنيد الإرهابيين في مالي
الجمعة / 11 / ربيع الأول / 1441 هـ الجمعة 08 نوفمبر 2019 12:12
«عكاظ» (النشر الإلكتروني)
ينتشر الإرهابيون في مدينة موبتي في دولة مالي بأفريقيا، في كل مكان، وبفضل شبكات المعلومات الضخمة التي يمتلكونها يعرفون كل ما يجري في المدينة التي تلقب بـ«فينيسيا مالي»، لطبيعتها الخلابة، إلا أنها عانت من توقف السياحة بسبب الهجمات الإرهابية.
الإرهابيون «غير المرئيين» المنتشرون في كل جوانب المدينة، المنتسبون إلى تنظيم «جبهة تحرير ماسينا» في مالي، الذي يعد أحد فروع «القاعدة»، يتزايد أعدادهم بين فترة وأخرى، إذ يتم استغلالهم من قبل قادة التنظيم، وذلك وفق ما كشفه تقرير مطول لصحيفة «لوموند» الفرنسية، إذ أفاد إرهابي منشق عن التنظيم، أطلقت عليه الصحيفة اسم «إبراهيم»، بالوسائل التي يتبعها التنظيم لتجنيد الشباب، مشيرا إلى أنه يستغل الظروف المادية السيئة لغالبية السكان، بجانب الفوضى وغياب دور الدولة لتجنيد المزيد من الأتباع.
الصحيفة الفرنسية خرجت بتقريرها مع الإرهابي «المنشق» عن التنظيم الذي يتزعمه «أمادو كوفا»، أنه في أحد الأيام، وبينما كان في حالة من الفقر المدقع ويمارس رعي الأغنام، التقى مبعوثين يرتدون عمامات، ووعدوه بأنه سيحصل على رواتب مجزية، وسيقاتل من أجل تطبيق الشريعة الإسلامية، مشيراً إلى أنه لم يتمكن من الرفض عطفا على أنهم وعدوه بمضاعفة دخلي 20 مرة، ليصل إلى 300 ألف فرنك أفريقي شهرياً، ما يعادل 450 يورو، وهي بمثابة ثروة لرجل لم يعرف سوى الأدغال والرعي.
ووفقا لصحيفة «لوموند»، فإن الإرهابيين انتشروا في منطقة «موبتي» بمالي منذ 2013، في ظل تراجع دور الدولة، موضحة أن تنظيم «جبهة تحرير ماسينا» الإرهابي نفذ العديد من العمليات الإرهابية في وسط مالي، ويتزعمه «أمادو كوفا» الذي ينحدر من أسرة فقيرة في منطقة موبتي، ونجح في تأسيس تنظيم إرهابي على نطاق دولي، معتمداً على إحباط أهالي الريف وانتشار الفوضى وغياب الدولة.
وتشير الصحيفة إلى أن «إبراهيم» هاجم القرى وقتل «الكثير من الناس»، إلا أنه عندما اتخذ قرارا بمغادرة التنظيم الإرهابي، لم يستطع العودة للمنزل، وغير اسمه، وأصبح يعيش في مخبأ يخشى من أن يعرفه أحد من رفاقه السابقين في التنظيم ويقتله، ورغم أنه فر منذ عام 2015، إلا أن عناصر التنظيم مازالوا يلاحقونه حتى الآن.
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن عملية «سرفال» الفرنسية التي أطلقت في يناير 2013، نجحت في طرد الإرهابيين من مدينة كونا، القريبة من موبتي، ولكنها لم تستطع إنقاذ موبتي، مضيفة أنه في ذلك الوقت ذهب إبراهيم للقيام بتدريبات عسكرية في «جاوا»، والتحق بمعسكر تدريب وسط مالي وكان المعسكر يضم نحو 100 رجل من عرقيات مختلفة، وقال إن أمانو كوفا كان بالنسبة للعناصر بمثابة نصف إله، وخطاباته يتداولها الجميع عبر هواتفهم وكانوا يطبقونها بدقة، وحول العمليات الإرهابية التي نفذوها، أشار إبراهيم إلى أنه حينما ترفض أي بلدة الامتثال لأوامر كوفا، كانوا يقومون بإحراقها.
وتطرقت صحيفة «لوموند» الفرنسية إلى التفجير الإرهابي الذي وقع في 29 يونيو 2018، وأسفر عن مقتل 3 من قوات مكافحة الإرهاب لمجموعة السبعة، والتي تضم قوات من موريتانيا ومالي وبوركينا فاسو، والنيجر، وتشاد، موضحة أن القوات المالية منذ ذلك الحين انتقلت جنوبا للعاصمة باماكو، مشيرة إلى أن مدينتي تمبكتو وكيدال في الشمال ووسط البلاد كانتا مركز العنف الذي مزق مالي منذ عام 2012.
ويشير تقرير صحيفة «لوموند» إلى تفسيرات الباحث في معهد الدراسات الأمنية المتخصص في منطقة غرب أفريقيا بوكاري سانجاري، حول انتشار التطرف في موبتي، إذ قال إن التنظيمات الإرهابية تستغل تهميش رعاة الغنم والبسطاء الريفيين وغضبهم ضد النخب السياسية وتستقطبهم للانضمام إليهم، كما أن الحكومة المالية ترفض منح السلاح لأهالي المدينة «خوفا من أن يتحول يوما ما ضد سلطاتهم»، مشيرا إلى أن ذلك الأمر «يدفع العشرات منهم إلى الانضمام للتنظيمات المسلحة التي توفر لهم الحماية»، وأن غياب السيطرة الأمنية والفوضى، فضلاً عن إحباط الأهالي، أدت إلى لجوء أهالي القرى للتطرف، بعدما طالبوا عدة مرات المساعدة في باماكو ضد التنظيمات الإرهابية.