شباب من وراء الباب
هيا كدا
السبت / 12 / ربيع الأول / 1441 هـ السبت 09 نوفمبر 2019 01:04
أسعد عبدالكريم الفريح
طالعة من بيت أبوها.. رايحة لبيت الجيران.. فات ما سلم عليّه يمكن الحلو زعلان. أغنية كلمات ناظم نعيم جبوري غناء الفنان العراقي الفذ ناظم الغزالي صاحب كل المقامات وخاصة العراقية منها و«ساحب» ذائقة كل هواة الفن الأصيل المعتق. أغنية طالعة من بيت أبوها هذه الأغنية البسيطة في كلماتها وفِي لحنها دارت في معظم الدول العربية في وقت لا تويتر ولا واتس لا انستجرام هذه الأدوات التي حرمت على عيوننا المنام، دخلت هذه الأغنية معظم البيوت بفضل طيب الذكر المأسوف على شبابه الراديو.
هذه الأغنية لها من العمر ما يفوق 60 عاماً على الأقل، غناها المطرب العراقي الذي كان في زمان الطرب وكان هو للطرب زماناً، وتغنى بهذه الأغنية العديد من المطربين ولا تزال أغنية للكل كما هي الأغاني الأصيلة تلامس القلب قبل الأذن وزي الفل الذي عند مرور حامله «يبوح» عبقه فتستمع إليه بإحساسك قبل أن تلتقطه أنفاسك، كنت في زمن تلك الأغنية وغيرها من ذلك الفن الذي كان يضرب من أعماق التاريخ إلى آفاقه. كنت صغيراً في حارتنا التي كانت في ذلك الوقت على قد حالتنا عندما كان سكننا في مكة المكرمة الله يعمرها والجميل كان اسمها أي حارتنا يتطابق في ذلك الوقت مع الكثرة الكاثرة من ساكنيها كان اسمها "ريع المسكين" ولا أدري من العبقري الذي أطلق عليها هذا الاسم الذي أول ما تسمعه تحط يدك في جيبك، صحيح كانت أحوال أهل تلك الحارة نص وثمن ولكن بالتأكيد صارت الآن حيّاً حيّاً. ولكن كانت هذه الحارة رغم ما كان معروفاً عن قلة ذات اليد عند سكانها إنما كان يعرف عنهم وبامتياز ملاءة النخوة والتعفف والشهامة وكرم النفس الجم وكرم اليد (على ما قسم) والتطبيق العملي لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى»، وأعتقد أنه في ذلك الزمن كانت كل الأحياء في وطننا تعيش ذلك البهاء الأخلاقي. شاهدنا يا سادة أن تلك الأغنية التي كنت أسمعها من بعض شباب الحارة لما يروق الجو ويخلو من امرأة تسير أو رجل وخاصة كبار السن فلا مزاح مع النسوة والكبار ولا حتى من تحت ستار. كان الشباب يغنون طالعة من بيت أبوها رايحة لبيت الجيران لابسة الأخضر والأحمر والعيون تضرب سلام. طبعاً أكيد بيقول واحد ولا اثنين ولا ثلاثاء ويقول طيب كيف عرفوا في ذلك الوقت أنها لابسة أخضر وأحمر مقلم وهي ملفلفة من رأسها لأخمص قدميها بالأسود والأسود والعيون يمكن ما تبان. أقلهم صدقوني ولو بالصدفة انفتحت العباية أو طاحت من الهوى أو تبللت من الموية سترون أن الشباب قفلوا عيونهم بالضبة والمفتاح إلى أن يختفي دبيب وقع الخطوات، ولكن كانت أهزوجتهم حذاقة منهم وخيالاً وحلاوة لسان، كان الشاب عندما يرسلونه أهله لأجل يحضر حاجة من عند الجيران يوصل إلى الباب ويدق والباب أصلاً مفتوح تقول له الأم تفضل ومن الحياء يرد لا يا خالة بس ناوليني الصينية، تجي تناوله تجده وراء الباب ودائر ظهره كمان، إن لكل أوان شباباً ولكل شباب أحلامه وممارساته، ولكن يا حليل شقاوتهم زمن أول وخلوني ساكت.
هذه الأغنية لها من العمر ما يفوق 60 عاماً على الأقل، غناها المطرب العراقي الذي كان في زمان الطرب وكان هو للطرب زماناً، وتغنى بهذه الأغنية العديد من المطربين ولا تزال أغنية للكل كما هي الأغاني الأصيلة تلامس القلب قبل الأذن وزي الفل الذي عند مرور حامله «يبوح» عبقه فتستمع إليه بإحساسك قبل أن تلتقطه أنفاسك، كنت في زمن تلك الأغنية وغيرها من ذلك الفن الذي كان يضرب من أعماق التاريخ إلى آفاقه. كنت صغيراً في حارتنا التي كانت في ذلك الوقت على قد حالتنا عندما كان سكننا في مكة المكرمة الله يعمرها والجميل كان اسمها أي حارتنا يتطابق في ذلك الوقت مع الكثرة الكاثرة من ساكنيها كان اسمها "ريع المسكين" ولا أدري من العبقري الذي أطلق عليها هذا الاسم الذي أول ما تسمعه تحط يدك في جيبك، صحيح كانت أحوال أهل تلك الحارة نص وثمن ولكن بالتأكيد صارت الآن حيّاً حيّاً. ولكن كانت هذه الحارة رغم ما كان معروفاً عن قلة ذات اليد عند سكانها إنما كان يعرف عنهم وبامتياز ملاءة النخوة والتعفف والشهامة وكرم النفس الجم وكرم اليد (على ما قسم) والتطبيق العملي لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى»، وأعتقد أنه في ذلك الزمن كانت كل الأحياء في وطننا تعيش ذلك البهاء الأخلاقي. شاهدنا يا سادة أن تلك الأغنية التي كنت أسمعها من بعض شباب الحارة لما يروق الجو ويخلو من امرأة تسير أو رجل وخاصة كبار السن فلا مزاح مع النسوة والكبار ولا حتى من تحت ستار. كان الشباب يغنون طالعة من بيت أبوها رايحة لبيت الجيران لابسة الأخضر والأحمر والعيون تضرب سلام. طبعاً أكيد بيقول واحد ولا اثنين ولا ثلاثاء ويقول طيب كيف عرفوا في ذلك الوقت أنها لابسة أخضر وأحمر مقلم وهي ملفلفة من رأسها لأخمص قدميها بالأسود والأسود والعيون يمكن ما تبان. أقلهم صدقوني ولو بالصدفة انفتحت العباية أو طاحت من الهوى أو تبللت من الموية سترون أن الشباب قفلوا عيونهم بالضبة والمفتاح إلى أن يختفي دبيب وقع الخطوات، ولكن كانت أهزوجتهم حذاقة منهم وخيالاً وحلاوة لسان، كان الشاب عندما يرسلونه أهله لأجل يحضر حاجة من عند الجيران يوصل إلى الباب ويدق والباب أصلاً مفتوح تقول له الأم تفضل ومن الحياء يرد لا يا خالة بس ناوليني الصينية، تجي تناوله تجده وراء الباب ودائر ظهره كمان، إن لكل أوان شباباً ولكل شباب أحلامه وممارساته، ولكن يا حليل شقاوتهم زمن أول وخلوني ساكت.