كتاب ومقالات

البرنامج السعودي للزائر الدولي القيادي.. متى؟

محمد آل سلطان

في اعتقادي أنه قد آن الأوان في السعودية لتصميم برنامج الزائر الدولي على غرار برامج التبادل في الولايات المتحدة الأمريكية، وأشهرها برنامج «الزائر الدولي الأمريكي» للقيادات الشابة في العالم والإعلاميين المؤثرين، وقبل أن أتناول ما يمكن عمله في برنامج الزائر الدولي السعودي سأتناول ولو بشكل يسير «برنامج الزائر الدولي الأمريكي» الذي تأسس في القرن الماضي وقت الحرب الباردة وشكل مع بقية برامج التبادل الأخرى رأس الحربة الأمريكية الناعمة التي استطاعت فيها الولايات المتحدة الأمريكية مواجهة الاتحاد السوفيتي آنذاك وتنظيم حديقتها الخلفية في معظم دول أمريكا الجنوبية، وقد زار أمريكا أكثر من 50 ألف مواطن سوفيتي من ألمع الكتاب والإعلاميين والسياسيين والفنانين والموسيقيين.. الخ ضمن برنامج محدد يمتد لشهر تقريباً يطّلع فيه الزائرون وبحرفية عالية على ما يجعل تلك الزيارة نقطة تحول كبرى في حياة كل زائر للدرجة التي جعلت أحد جنرالات الاستخبارات السوفيتية يقول لاحقاً عن تأثير هذه البرامج أنها كانت «بمثابة حصان طروادة بمساهمتها في تآكل النظام السوفيتي»، طبعاً هذا البرنامج مستمر إلى الآن وتزايد الإنفاق عليه والاهتمام به خصوصاً وأن كولن باول في معرض إشادته بالبرنامج أعلن ذات مرة أن 39 رئيساً من رؤساء العالم انخرطوا في برنامج الزائر الدولي الأمريكي قبل أن يصبحوا رؤساء في دولهم، ولقد زاد التركيز على قيادات وشباب المنطقة العربية والشرق الأوسط وأفريقيا منذ بدء الألفية الثانية ومازال البرنامج يعمل وينفق عليه مئات ملايين الدولارات سنوياً.

أعود لفكرة برنامج الزائر الدولي السعودي وأقول إن السعودية بإمكاناتها ومنجزاتها وتأثيرها في العالم والإقليم وكونها قلب العالم العربي والإسلامي ويتوجه إليها أكثر من مليار ونصف المليار مسلم في العالم تستحق أن يكون لها برنامج مصمم بعناية، وتحت إدارة مفكرين ومختصين في عدة شؤون على غرار البرنامج الأمريكي بل وأفضل منه يقوم هذا البرنامج بتعزيز ما تقوم به السعودية خصوصاً مع رؤية المملكة 2030 وبناء صورة مؤسسية للسعودية دولة وشعباً ومكاناً ومكانة كـ (BRAND NATION) تعطي للسعودية حقها وتأثيرها الديني والسياسي والاقتصادي والإنساني كأحد أكبر الدول المانحة في العالم، ويعكس من جهة أخرى صورتها الثقافية وتغلغلها الحضاري في أعماق أعماق التاريخ الإنساني ونهضتها وتنميتها الحضارية والاجتماعية والتعليمية في عدة مجالات وأصعدة تفوقت بلادنا فيها.

صحيح أن السعودية تملك تأثيراً كبيراً حالياً على مستوى العالم أجمع بفضل ما حباها الله من مركزية دينية وقوة اقتصادية وحنكة سياسية وشعب متطلع طموح تفوق في كل مجالات المعرفة وبفضله ما ينقله عنها معظم زوارها سواء جاءوا للعمل والتعليم أو للحج والعمرة أو للسياحة أو تلبية لدعوة لحضور مهرجانات ثقافية أو فنية أو مؤتمرات متخصصة أو من خلال مبتعثيها في أنحاء العالم، وربما أن لديها عملا قائماً حالياً ربما يتجاوز ما أشرت إليه! ولكن الأصح في رأيي أن هذا التأثير مازال أقل من قدراتها الكامنة ونحتاج فعلاً إلى برامج نوعية تستهدف الشباب المؤثر في العالم أجمع لخلق قوة ناعمة رادعة في الرأي العام العالمي في مواجهة الحملات العدائية التي ينخرط فيها الكثير جهلاً منهم بالسعودية الحقيقية التي شكلت منارة إشعاع للسلام والازدهار والرخاء وسط منطقة عصفت بها الحروب والقتل والجوع والمرض.

* كاتب سعودي