كتاب ومقالات

هل يمثلنا «مجرم فلوريدا»؟!

جميل الذيابي

إنه بالفعل لا يمثل السعوديين، فليس السعوديون بهذا الشر الذي يمكن أن يُحسب على شعب بأكمله.

مجرد انتماء مجرم إلى المملكة لا يعني أن السعوديين مجرمون، فقد ظلت المملكة تبذل جهوداً جبارة منذ هجمات ١١ سبتمبر 2001 لمحو الانطباع «غير المنصف» الذي حاول البعض إلصاقه بالسعوديين.

وبعد أن تكللت تلك الجهود بقدر كبير من النجاح، وما واكبها من عزيمة سعودية رسمية وشعبية لمكافحة التطرف، والإرهاب، والتحزب الضيق؛ لن يسمح أحد بالمساس بصورة المجتمع السعودي.

وهي ليست مجرد صورة، أو انطباع. فقد قطعت المملكة وإنسانها شوطاً مُقدّراً في اللحاق بركب الأمم، بعدما بدأ تطبيق رؤية 2030 الطموحة، التي لم تقتصر على إعادة هيكلة الاقتصاد، بل شملت الانفتاح الاجتماعي الذي أضحى مظهراً للسعودية الجديدة، التي عانت على مدى عقود من الفكر المتشدد، والمتطرف، الذي أدى إلى الانغلاق، والانعزال التام عن العالم.

تؤكد أرقام وزارة الخارجية الأمريكية أن المتدرب السعودي محمد الشمراني، الذي أردى 3 أشخاص في قاعدة للبحرية الأمريكية، لا يمثل السعوديين بالفعل، فهو ليس سوى شخص واحد من بين 5500 عسكري سعودي أصدرت لهم وزارة الخارجية الأمريكية تأشيرات دخول مؤقتة خلال 2019. وهو ليس سوى شخص واحد من بين 852 سعودياً موجودين حالياً في الولايات المتحدة للتدرب في برامج تنفذها وزارة الدفاع الأمريكية، في إطار التعاون الأمني بين البلدين المتحالفين منذ أكثر من 8 عقود.

وقد قال المتحدث باسم (البنتاغون) كريس غرايفر إن السعوديين يمثلون نحو 6% فقط من 5181 متدرباً، من 153 دولة، ملتحقين بتلك البرامج. وطبقاً لإحصاءات وزارة الخارجية الأمريكية فإنها أصدرت أكثر من 980 ألف تأشيرة مؤقتة، وتأشيرات لغير غرض الهجرة، لمواطنين سعوديين خلال الفترة من 2009 إلى 2018، من دون وقوع حوادث تذكر.

وباستثناء الشمراني وحده، فإن آلاف الطلاب والمتدربين السعوديين يذهبون إلى أمريكا ويعودون منها من دون حوادث... ما يؤكد فعلياً أن الشمراني لا يمثل السعوديين، ولا مجتمعهم، بل يمثل فكراً تلفظه السعودية وتحاربه رؤيتُها المستقبلية المُحكمة التخطيط. والدليل على ذلك ما نشهده من برامج واحتفالات في موسم الرياض، واستضافة البطولات والسباقات العالمية، ومظاهر الانفتاح المنضبط في أسواقنا ومدن بلادنا.

الشمراني لا يمثلنا، وإنما يمثلنا المبتعثون السعوديون الذين قدموا نماذج مشرفة في العمل الإنساني والطوعي أمثال جاسر آل راكه، وذيب اليامي، جعلت الإعلام الأمريكي يتناقلها ويشيد بها. وكذلك يمثلنا المبتعثون السعوديون بتخصصاتهم الدقيقة، وابتكاراتهم العلمية الفذة. يمثلنا السعوديون الذين ضحوا بحياتهم لإنقاذ أمريكيين من موت محقق. ويمثلنا السعوديون الذين تحدوا التقلبات الجوية ليتطوعوا لمساعدة المسنين والعجزة ومن هددتهم مياه الفيضانات في الولايات المتحدة. هؤلاء حقاً يمثلوننا.