مساعد محافظ التأمينات: المساس بأموال الاستثمارات تعدٍ على حقوق الأجيال
التأمين على البطالة يؤثر سلبا بسوق العمل
الأحد / 21 / ربيع الثاني / 1429 هـ الاحد 27 أبريل 2008 21:01
صالح الزهراني - جدة
كشف مساعد المحافظ للشؤون التأمينية بالمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية فهد بن عبدالرحمن الهويمل بأن الحديث عن استحداث تأمين للبطالة يعني استحداث اشتراكات جديدة تستقطع من اجور المشتركين واصحاب العمل لتمويل تعويضات البطالة، وهذا قد يؤثر سلبا على سوق العمل. وقال ان موضوع زيادة المعاشات بنسبة 15% صعب وذلك لعدم وجود ما يمول تلك الزيادة في المعاشات على عكس الوضع في نظام التقاعد المدني والعسكري حيث ان جميع الاشتراكات الشهرية المدفوعة زادت بنسبة 15% تبعا لزيادة الاجور بتلك النسبة لموظفي الدولة سواء كانوا مدنيين او عسكريين وبالتالي اصبحت مسألة التمويل محلولة. واشار الى ان من ضمن الخطوات التطويرية للمؤسسة التحويل التدريجي لجميع اعمالها الى نظام الحكومة الاليكترونية مشيرا الى ان المؤسسة قد بدأت فعليا باتخاذ بعض الاجراءات نحو تحويل بعض التعاملات الى الطريقة الالية. الى تفاصيل الحوار:
بداية ما هو دور وهدف التأمينات الاجتماعية؟
نظام التأمين الاجتماعي يعد صورة من صور التكافل التي يقدمها اعضاء المجتمع لبعضهم البعض بحيث يضمن لهم هذا النظام امنا ماليا في حال انقطاع مصدر الدخل لاحد الاسباب المنصوص عليها في النظام "عجز - وفاة - تقاعد" ويهدف النظام بشكل اساسي الى توفير دخل يتناسب مع مدة اشتراك المشترك والاجر الذي كان يتقاضاه من عمله، وفي هذا المجال اود التنبيه بأن المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية ليست مؤسسة ربحية كالشركات المساهمة توزع ارباحا لمساهميها، فنظام التأمينات قد حدد الجوانب التي تصرف فيها اموال الصندوق ولايمكن تجاوز تلك الانظمة بأي حال من الاحوال.
أهداف سامية
اذا كان التأمين الاجتماعي من صور التكافل التي يقدمها اعضاء المجتمع لبعضهم البعض، فما هو دور مؤسسات التأمينات الاجتماعية؟
دورها يتمثل في عملية تنظيم هذا التكافل وتنمية موارده المالية وتحديد حالات الاستحقاق بما يقضي به النظام وصرفها لمستحقيها، ومن هنا فان للمؤسسة والنظام اهدافاً سامية لخدمة المجتمع من خلال المنافع العديدة التي يكفلها النظام للمشتركين فيه او لافراد اسرهم من بعدهم ومبدأ التأمين الاجتماعي في كل دول العالم يقوم على هدف اساسي وسام وهو حماية الشخص من الحاجة والفقر عندما يصبح غير قادر على العمل، فالشخص عندما يشترك ويدفع الاشتراكات طوال سنوات الخدمة ثم يصل الى سن التقاعد او يصاب بعجز او يتوفى يصرف له معاش ولافراد اسرته معاش من بعده.
وهل يشمل نظام التأمينات الاجتماعية التأمين الصحي في حالة مرض المشترك؟
كلا، فنظام التأمينات الاجتماعية لايشمل التأمين الصحي على اطلاقه، وانما يشغل تغطية تأمينية كاملة لاي اصابة تحدث للمشترك اثناء العمل او بسبب العمل، والمؤسسة ملزمة نظاما بتقديم العناية الطبية الشاملة دون سقف مالي او حد زمني للمشتركين بفرع الاخطار المهنية المصابين باصابات عمل او امراض مهنية ويتم علاجهم حتى تستقر حالة المشترك المصاب ويصرف له بدل يومي اثناء فترة التنويم في المستشفى، وكذلك اثناء الاجازات المرضية، واذا اصيب المشترك بعجز يتم تعويضه حسب نسبة العجز المقررة له من قبل اللجان الطبية ويشمل ذلك تعويضات مقطوعة اذا كانت نسبة العجز اقل من 50% اما اذا كانت نسبة العجز تزيد عن ذلك الحد فيصرف للمشترك معاش شهري مادام عجزه مستمرا بل ربما يصرف له ما يتجاوز اجره الشهري عندما كان على رأس العمل اذا كانت حالته الصحية تستدعي معونة الغير في الاكل والشرب وقضاء الحاجات.
تأمين الامومة
وهل هذا النظام مماثل لانظمة التأمينات الاخرى في دول العالم؟
من ناحية الهدف نعم وذلك لان جميع انظمة التأمينات الاجتماعية في العالم تسعى الى الهدف نفسه وهو توفير دخل للمشترك بعد انقطاع مصدر دخله، اما من ناحية التطبيقات فتختلف دول العالم في التطبيقات والتغطيات التأمينية والمنافع التي تقدمها للمشتركين وذلك على حسب اختلاف حاجات كل مجتمع، فمثلا نرى بعض تأمينات دول العالم تقدم لمشتركيها تغطية تأمينية عن البطالة وذلك بأن تستقطع من اجور المشتركين اشتراكات مستقلة تغطي البطالة وذلك لانتشار البطالة بتلك الدول ومنذ زمن بعيد، وهنا يجب ايضاح نقطة مهمة جدا تفوت على الكثيرين ممن يطالبون بصرف اعانة للعاطلين عن العمل وهي ان الاعانة التي تقدم في الدول الغربية للعاطلين عن العمل لاتشمل من لم يعملوا سابقا بل تشمل الذين كانوا يعملون ويدفعون اشتراكات للبطالة وعند تعطلهم عن العمل لاي سبب تصرف لهم هذه الاعانة وبشروط ولفترة محدودة حيث يتم توجيه العاطلين عن العمل للجهات الطالبة للعمال او يتم اثناء انقطاعهم عن العمل الحاقهم ببرامج تدريبية او تأهيلية لرفع كفاءاتهم الوظيفية، كما ان تأمين الامومة وغيره من انواع التأمين، جميعها تستوجب اشتراكات مستقلة عن اشتراكات فرع المعاشات ويلزم للاستفادة من هذه الانواع الاشتراك فيها، ولذلك نرى ان الاشتراكات في مجال التأمين الاجتماعي في بعض الدول الاسكندنافية مثلا قد تجاوزت اكثر من 40% من اجر العامل الشهري.
وهل للمؤسسة توجه للتأمين ضد البطالة؟
المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية مسؤولة عن تطبيق نظام التامينات الاجتماعية والذي يحتوي على فرعين فقط هما فرعا المعاشات والاخطار المهنية، واجاز نظام التأمينات الاجتماعية التوسع في فروع التأمين عندما يكون هناك حاجة لها، والحديث عن استحداث تأمين للبطالة يعني استحداث اشتراكات جديدة تستقطع من اجور المشتركين واصحاب العمل لتمويل تعويضات البطالة، وهذا قد يؤثر سلبا على سوق العمل، وعموما فإنني شخصيا اتوقع انه في ظل الجهود الحثيثة للسعودة التي تقوم بها الجهات المعنية تحت اشراف وزارة العمل وكذلك في ظل الطفرة الاقتصادية التي تمر بها المملكة والشركات العديدة التي ما زالت تحت التأسيس فلن يكون هناك بطالة بمشيئة الله تعالى كما احث اولياء الامور على التفكير الجدي في الاستثمار في تعليم ابنائهم ومتابعتهم عن كثب وتأهيلهم وتوجيههم للتخصصات التي تلبي حاجات اسواق العمل لان ذلك يعتبر احد اسباب نجاح هؤلاء الابناء في اعمالهم المستقبلية واحد اساليب رفع كفاءات الطاقات البشرية في المملكة.
وكيف تقابلون الانتقادات الموجهة للمؤسسة؟
الحقيقة انني لا ارى انها انتقادات سلبية بل هي عتب تواجهه المؤسسة من بعض شرائح المجتمع، ولا اخفيك ان معظم ذلك ناتج عن عدم الوضوح في فهم مبدأ التأمين الاجتماعي، ومثال ذلك المطالبات التي تتلقاها المؤسسة من حين لاخر بتزويد مستفيديها بالتأمين الصحي، فالذي يتمعن في نظام التأمينات الاجتماعية يدرك تماما الادراك ان التأمين الصحي ليس من اختصاص واعمال المؤسسة، وان مجرد الطلب من المؤسسة بتزويد المستفيدين بالتأمين الصحي يوازي الطلب من وزارة الصحة القيام ببناء مدارس او من وزارة التربية والتعليم بناء مستشفيات، كما ان التأمين الصحي لم يرد ذكره في النظام وذلك لاسباب عديدة اهمها انعدام مصادر التمويل التي تضمن توفر السيولة النقدية اللازمة لتغطية تكاليف العلاج، مع العلم ان الدولة تمنح مواطنيها الرعاية الصحية المجانية والشاملة حيث شرعت وما زالت تشرع في انشاء المراكز الصحية بجميع مستوياتها في جميع مناطق المملكة كما تقوم جهات العمل بتوفير تأمين صحي اضافي لموظفيها.
وماذا عن الزيادات التي لم تشمل مستفيدي المؤسسة كزيادة الـ 15%؟
ربما تتفق معي بأن كل خدمة او سلعة يقابلها سعر او تكلفة، وفي علم الاقتصاد لا يوجد ما يسمى بالسلعة او الخدمة المجانية المطلقة. ومن هذا المنطلق لو يضع أي شخص نفسه مكان المؤسسة في موضوع زيادة المعاشات بنسبة 15% لادرك انه وضع صعب وذلك لعدم وجود ما يمول تلك الزيادة في المعاشات، على عكس الوضع في نظام التقاعد المدني والعسكري حيث ان جميع الاشتراكات الشهرية المدفوعة زادت بنسبة 15% تبعا لزيادة الاجور بتلك النسبة لموظفي الدولة سواء كانوا مدنيين او عسكريين وبالتالي اصبحت مسألة التمويل محلولة، اما بالنسبة للوضع في المؤسسة فلم يكن كذلك حيث لم تزدد اجور العاملين في القطاع الخاص أي زيادة ملحوظة في ذلك الوقت وبالتالي لم يتوفر مصدر لتمويل الزيادة في معاشات المستفيدين ربما ان هناك بعض الشركات قامت فعليا بزيادة اجور موظفيها، لكن معظم هذه الزيادات تمثلت في بدلات متغيرة ولم تكن ضمن الاجر الذي يخضع للاشتراك وبالتالي لم تنعكس هذه الزيادات على الاشتراكات المدفوعة للمؤسسة.
حقوق الاجيال
ولكن نسمع الكثير عن الاستثمارات الضخمة للمؤسسة ومليارات الريالات التي تستثمر داخليا وخارجيا، وانا حقيقة لا استطيع ان اتفهم تعذر زيادة معاشات المستفيدين في ظل وجود تلك الاموال في صناديق المؤسسة؟
تلك الاموال التي اشرت اليها يا اخ صالح هي حقوق للمشتركين في النظام وحسب الاحصاءات فان معظم سكان المملكة في الوقت الحالي هم من صغار السن "تحت سن 40 سنة" وهؤلاء هم معظم الذين يدفعون اشتراكات شهرية للنظام، ولايتوقع ان تبدأ استفادتهم من النظام الا بعد سنوات طويلة، فمن واجب المؤسسة ومن مهامها ان تحرص كل الحرص على توافر السيولة النقدية اللازمة لصرف المنافع لتلك الشريحة من المشتركين وذلك من خلال استثمار مبالغ الاشتراكات وتنميتها، ويعتبر الجانب الاستثماري عنصرا اساسيا في تمويل الصندوق، فالاشتراكات لوحدها لايمكن ان تفي بالتزامات الصندوق المستقبلية بأي حال من الاحوال، لذا فان أي مساس باموال الاستثمارات او الاشتراكات قد يكون تعديا على حقوق الاجيال القادمة، ولو نظرنا الى الوضع القائم في الدول الغربية مثل امريكا وبعض دول اوروبا لوجدنا ان صناديق التأمينات بهذه الدول مهددة بالافلاس في السنوات القليلة القادمة، وبعضها افلس فعل، والسبب هو ان شريحة المستفيدين من النظام اكبر وبكثير من شريحة المشتركين بالنظام مما يقلل من قدرة النظام على الوفاء بالمنافع التي تعهد بها والمؤسسة تحاول ان تبدأ من حيث انتهى الاخرون وتعمل على الحد من اثار هذه المشكلة ولتوضيح ذلك بشكل ادق دعني اخبرك بحقيقة عن صناديق التأمينات والتقاعد فأولا عمرها يقاس بعشرات السنين وتنحصر مصادر دخلها في الاشتراكات المدفوعة وعوائد استثمار مبالغ تلك الاشتراكات وتمر بخمس مراحل عمرية الفترة الاولى هي مرحلة جمع الاشتراكات وبناء الاحتياطيات وبعد مرور فترة 20-30 سنة تبدأ المرحلة الثانية وتبدأ هذه الصناديق بالصرف على المستفيدين وغالبا ما تكون المصروفات في هذه المرحلة جزءا من دخل هذه الصناديق بحيث تفوق مبالغ دخل الاشتراكات على المبالغ المصروفة لذا فان المرحلة الاولى والثانية مراحل مهمة لتكوين وبناء احتياطات مالية واستثمارية ضخمة، والمرحلة الثالثة تتساوى فيها مصروفات الصندوق مع دخل الاشتراكات، وتبدأ المرحلة الرابعة عندما تبدأ هذه الصناديق بتمويل المصروفات من دخل الاشتراكات والاستثمار معا، وبعد ان تزيد المصروفات على مبالغ دخل الاشتراكات والاستثمارات معا تبدأ المرحلة الخامسة والتي تضطر عندها صناديق التأمينات والتقاعد الى تسييل بعض الاستثمارات لتتمكن من تمويل المصروفات، وهنا لابد من تدخل الدولة لتخصيص اعانات لهذه الصناديق تكون مكملة للاشتراكات حتى يمكن تغطية مصروفات الصندوق، وهذا هو المعمول به حاليا في الدول الغربية، حيث ان تلك الصناديق ليس لديها احتياطات بل استثمارات قصيرة الاجل لاتتعدى السنة الواحدة.
ما هي توقعاتكم لحجم المصروفات والمنافع بعد سنوات طويلة من الان؟
من هنا تبرز اهمية الدراسات الاكتوارية التي تجريها المؤسسة للتأكد من موقفها المالي ومدى قدرتها على الوفاء بمنافع المشتركين والعلم الاكتواري علم معقد ومتقدم جدا بحيث يتطلب هذا العلم الالمام التام بعلوم اخرى مثل العلوم الاقتصادية وعمل توقعات النمو الاقتصادي بما في ذلك توقعات نمو سوق العمل ونمو الاجور والبطالة، كما يتطلب الالمام التام بالعلوم السكانية وعمل توقعات لاعداد الوفيات والمواليد ومعدلات الاعمار ونسب العجز كما ينظر الى الناحية الاجتماعية في المجتمع وتكوينات الاسر ومتوسط اعداد افراد العائلة وغيره من الامور الاخرى، وتجمع جميع هذه الامور وتوضع في قالب واحد يخدم اغراض المؤسسة، واود ان اشير هنا الى ان العلم الاكتواري يختلف تماما عن علم المحاسبة الذي ينطلق منه الاخرون لنقد صناديق التأمينات والتقاعد ويركزون فيه على الموجودات والتدفقات النقدية مع مقارنتها بالمصروفات خلال فترة قصيرة.
زيادة الوعي التأميني
هذا العلم مطلب للعديد من الجهات فلم لم نسمع عنه؟
هذا صحيح فالعلم الاكتواري علم معقد وصعب كما اشرت وفئة قليلة من الناس تعرف ماهية هذا العلم وتدرك ابعاده كما ان قلة الالمام بهذا العلم من قبل بعض الكتاب والمثقفين قد يقودهم لانتقاد المؤسسة في بعض توجهاتها بينما لو تراقب الوضع في الدول المتقدمة فان هذه الدراسات تولي اهتماما كبيرا من جميع قطاعات الدولة، فبريطانيا مثلا انشأت ادارة حكومية مستقلة للقيام بالدراسات الاكتوارية للجهات الحكومية البريطانية، ويوجد بامريكا اهتمام مماثل، ومن المعروف ان المتخصصين في هذا المجال هم من اكثر الموظفين دخلا حيث تصل اجورهم في الساعة الى حوالى 3000 ريال، وهذه فرصة للاباء لتوجيه ابنائهم لدراسة هذا العلم وافادة المجتمع وتحقيق الاستفادة الشخصية.
ما ذكر يقودني الى تساؤل اخر حول مدى اهتمام عموم المواطنين بالتأمين الاجتماعي؟
المؤسسة حقيقة لاحظت قلة الوعي التأميني لدى شريحة ليست قليلة من المواطنين، ولو تقارن الوضع في المملكة مع الوضع في البلدان الاخرى لوجدت اختلافا كبيرا فمثلا في الولايات المتحدة الامريكية دائما ما يكون موضوع التأمين الاجتماعي من احد اهم واسخن المواضيع الداخلية، بل وقد يكون موضوع التأمين الاجتماعي عاملا مرجحا لكفة مرشح رئاسة الدولة على مرشح اخر بينما نجد في المملكة ان بعض المشتركين قد لا يعرف ان له استحقاقات لدى المؤسسة رغم انه يدفع اشتراكات لها، لذلك اتخذت المؤسسة بعض الاجراءات التي تساعد في زيادة الوعي التأميني لدى المواطنين فقد انشأت ادارة مستقلة معنية بالاعلام التأميني وتقوم هذه الادارة بعمل كبير في هذا المجال وتزيد من قنوات التواصل مع المشتركين والمستفيدين، اضافة الى ان المؤسسة تسعى للتعريف بمنافع النظام وحث المستفيدين بالتقدم لطلب هذه المنافع من خلال اعلانات الصحف المحلية والاعلانات التلفزيونية والاذاعية بالاضافة الى موقع المؤسسة على الانترنت "www.gosionline.gov.sa" الذي يزود المشتركين واصحاب المنشآت بالعديد من الخدمات، ويضاف الى ذلك الهاتف المجاني "8001243344" والمجلة الدورية والنشرات الاخرى التي تصدرها المؤسسة.
بداية ما هو دور وهدف التأمينات الاجتماعية؟
نظام التأمين الاجتماعي يعد صورة من صور التكافل التي يقدمها اعضاء المجتمع لبعضهم البعض بحيث يضمن لهم هذا النظام امنا ماليا في حال انقطاع مصدر الدخل لاحد الاسباب المنصوص عليها في النظام "عجز - وفاة - تقاعد" ويهدف النظام بشكل اساسي الى توفير دخل يتناسب مع مدة اشتراك المشترك والاجر الذي كان يتقاضاه من عمله، وفي هذا المجال اود التنبيه بأن المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية ليست مؤسسة ربحية كالشركات المساهمة توزع ارباحا لمساهميها، فنظام التأمينات قد حدد الجوانب التي تصرف فيها اموال الصندوق ولايمكن تجاوز تلك الانظمة بأي حال من الاحوال.
أهداف سامية
اذا كان التأمين الاجتماعي من صور التكافل التي يقدمها اعضاء المجتمع لبعضهم البعض، فما هو دور مؤسسات التأمينات الاجتماعية؟
دورها يتمثل في عملية تنظيم هذا التكافل وتنمية موارده المالية وتحديد حالات الاستحقاق بما يقضي به النظام وصرفها لمستحقيها، ومن هنا فان للمؤسسة والنظام اهدافاً سامية لخدمة المجتمع من خلال المنافع العديدة التي يكفلها النظام للمشتركين فيه او لافراد اسرهم من بعدهم ومبدأ التأمين الاجتماعي في كل دول العالم يقوم على هدف اساسي وسام وهو حماية الشخص من الحاجة والفقر عندما يصبح غير قادر على العمل، فالشخص عندما يشترك ويدفع الاشتراكات طوال سنوات الخدمة ثم يصل الى سن التقاعد او يصاب بعجز او يتوفى يصرف له معاش ولافراد اسرته معاش من بعده.
وهل يشمل نظام التأمينات الاجتماعية التأمين الصحي في حالة مرض المشترك؟
كلا، فنظام التأمينات الاجتماعية لايشمل التأمين الصحي على اطلاقه، وانما يشغل تغطية تأمينية كاملة لاي اصابة تحدث للمشترك اثناء العمل او بسبب العمل، والمؤسسة ملزمة نظاما بتقديم العناية الطبية الشاملة دون سقف مالي او حد زمني للمشتركين بفرع الاخطار المهنية المصابين باصابات عمل او امراض مهنية ويتم علاجهم حتى تستقر حالة المشترك المصاب ويصرف له بدل يومي اثناء فترة التنويم في المستشفى، وكذلك اثناء الاجازات المرضية، واذا اصيب المشترك بعجز يتم تعويضه حسب نسبة العجز المقررة له من قبل اللجان الطبية ويشمل ذلك تعويضات مقطوعة اذا كانت نسبة العجز اقل من 50% اما اذا كانت نسبة العجز تزيد عن ذلك الحد فيصرف للمشترك معاش شهري مادام عجزه مستمرا بل ربما يصرف له ما يتجاوز اجره الشهري عندما كان على رأس العمل اذا كانت حالته الصحية تستدعي معونة الغير في الاكل والشرب وقضاء الحاجات.
تأمين الامومة
وهل هذا النظام مماثل لانظمة التأمينات الاخرى في دول العالم؟
من ناحية الهدف نعم وذلك لان جميع انظمة التأمينات الاجتماعية في العالم تسعى الى الهدف نفسه وهو توفير دخل للمشترك بعد انقطاع مصدر دخله، اما من ناحية التطبيقات فتختلف دول العالم في التطبيقات والتغطيات التأمينية والمنافع التي تقدمها للمشتركين وذلك على حسب اختلاف حاجات كل مجتمع، فمثلا نرى بعض تأمينات دول العالم تقدم لمشتركيها تغطية تأمينية عن البطالة وذلك بأن تستقطع من اجور المشتركين اشتراكات مستقلة تغطي البطالة وذلك لانتشار البطالة بتلك الدول ومنذ زمن بعيد، وهنا يجب ايضاح نقطة مهمة جدا تفوت على الكثيرين ممن يطالبون بصرف اعانة للعاطلين عن العمل وهي ان الاعانة التي تقدم في الدول الغربية للعاطلين عن العمل لاتشمل من لم يعملوا سابقا بل تشمل الذين كانوا يعملون ويدفعون اشتراكات للبطالة وعند تعطلهم عن العمل لاي سبب تصرف لهم هذه الاعانة وبشروط ولفترة محدودة حيث يتم توجيه العاطلين عن العمل للجهات الطالبة للعمال او يتم اثناء انقطاعهم عن العمل الحاقهم ببرامج تدريبية او تأهيلية لرفع كفاءاتهم الوظيفية، كما ان تأمين الامومة وغيره من انواع التأمين، جميعها تستوجب اشتراكات مستقلة عن اشتراكات فرع المعاشات ويلزم للاستفادة من هذه الانواع الاشتراك فيها، ولذلك نرى ان الاشتراكات في مجال التأمين الاجتماعي في بعض الدول الاسكندنافية مثلا قد تجاوزت اكثر من 40% من اجر العامل الشهري.
وهل للمؤسسة توجه للتأمين ضد البطالة؟
المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية مسؤولة عن تطبيق نظام التامينات الاجتماعية والذي يحتوي على فرعين فقط هما فرعا المعاشات والاخطار المهنية، واجاز نظام التأمينات الاجتماعية التوسع في فروع التأمين عندما يكون هناك حاجة لها، والحديث عن استحداث تأمين للبطالة يعني استحداث اشتراكات جديدة تستقطع من اجور المشتركين واصحاب العمل لتمويل تعويضات البطالة، وهذا قد يؤثر سلبا على سوق العمل، وعموما فإنني شخصيا اتوقع انه في ظل الجهود الحثيثة للسعودة التي تقوم بها الجهات المعنية تحت اشراف وزارة العمل وكذلك في ظل الطفرة الاقتصادية التي تمر بها المملكة والشركات العديدة التي ما زالت تحت التأسيس فلن يكون هناك بطالة بمشيئة الله تعالى كما احث اولياء الامور على التفكير الجدي في الاستثمار في تعليم ابنائهم ومتابعتهم عن كثب وتأهيلهم وتوجيههم للتخصصات التي تلبي حاجات اسواق العمل لان ذلك يعتبر احد اسباب نجاح هؤلاء الابناء في اعمالهم المستقبلية واحد اساليب رفع كفاءات الطاقات البشرية في المملكة.
وكيف تقابلون الانتقادات الموجهة للمؤسسة؟
الحقيقة انني لا ارى انها انتقادات سلبية بل هي عتب تواجهه المؤسسة من بعض شرائح المجتمع، ولا اخفيك ان معظم ذلك ناتج عن عدم الوضوح في فهم مبدأ التأمين الاجتماعي، ومثال ذلك المطالبات التي تتلقاها المؤسسة من حين لاخر بتزويد مستفيديها بالتأمين الصحي، فالذي يتمعن في نظام التأمينات الاجتماعية يدرك تماما الادراك ان التأمين الصحي ليس من اختصاص واعمال المؤسسة، وان مجرد الطلب من المؤسسة بتزويد المستفيدين بالتأمين الصحي يوازي الطلب من وزارة الصحة القيام ببناء مدارس او من وزارة التربية والتعليم بناء مستشفيات، كما ان التأمين الصحي لم يرد ذكره في النظام وذلك لاسباب عديدة اهمها انعدام مصادر التمويل التي تضمن توفر السيولة النقدية اللازمة لتغطية تكاليف العلاج، مع العلم ان الدولة تمنح مواطنيها الرعاية الصحية المجانية والشاملة حيث شرعت وما زالت تشرع في انشاء المراكز الصحية بجميع مستوياتها في جميع مناطق المملكة كما تقوم جهات العمل بتوفير تأمين صحي اضافي لموظفيها.
وماذا عن الزيادات التي لم تشمل مستفيدي المؤسسة كزيادة الـ 15%؟
ربما تتفق معي بأن كل خدمة او سلعة يقابلها سعر او تكلفة، وفي علم الاقتصاد لا يوجد ما يسمى بالسلعة او الخدمة المجانية المطلقة. ومن هذا المنطلق لو يضع أي شخص نفسه مكان المؤسسة في موضوع زيادة المعاشات بنسبة 15% لادرك انه وضع صعب وذلك لعدم وجود ما يمول تلك الزيادة في المعاشات، على عكس الوضع في نظام التقاعد المدني والعسكري حيث ان جميع الاشتراكات الشهرية المدفوعة زادت بنسبة 15% تبعا لزيادة الاجور بتلك النسبة لموظفي الدولة سواء كانوا مدنيين او عسكريين وبالتالي اصبحت مسألة التمويل محلولة، اما بالنسبة للوضع في المؤسسة فلم يكن كذلك حيث لم تزدد اجور العاملين في القطاع الخاص أي زيادة ملحوظة في ذلك الوقت وبالتالي لم يتوفر مصدر لتمويل الزيادة في معاشات المستفيدين ربما ان هناك بعض الشركات قامت فعليا بزيادة اجور موظفيها، لكن معظم هذه الزيادات تمثلت في بدلات متغيرة ولم تكن ضمن الاجر الذي يخضع للاشتراك وبالتالي لم تنعكس هذه الزيادات على الاشتراكات المدفوعة للمؤسسة.
حقوق الاجيال
ولكن نسمع الكثير عن الاستثمارات الضخمة للمؤسسة ومليارات الريالات التي تستثمر داخليا وخارجيا، وانا حقيقة لا استطيع ان اتفهم تعذر زيادة معاشات المستفيدين في ظل وجود تلك الاموال في صناديق المؤسسة؟
تلك الاموال التي اشرت اليها يا اخ صالح هي حقوق للمشتركين في النظام وحسب الاحصاءات فان معظم سكان المملكة في الوقت الحالي هم من صغار السن "تحت سن 40 سنة" وهؤلاء هم معظم الذين يدفعون اشتراكات شهرية للنظام، ولايتوقع ان تبدأ استفادتهم من النظام الا بعد سنوات طويلة، فمن واجب المؤسسة ومن مهامها ان تحرص كل الحرص على توافر السيولة النقدية اللازمة لصرف المنافع لتلك الشريحة من المشتركين وذلك من خلال استثمار مبالغ الاشتراكات وتنميتها، ويعتبر الجانب الاستثماري عنصرا اساسيا في تمويل الصندوق، فالاشتراكات لوحدها لايمكن ان تفي بالتزامات الصندوق المستقبلية بأي حال من الاحوال، لذا فان أي مساس باموال الاستثمارات او الاشتراكات قد يكون تعديا على حقوق الاجيال القادمة، ولو نظرنا الى الوضع القائم في الدول الغربية مثل امريكا وبعض دول اوروبا لوجدنا ان صناديق التأمينات بهذه الدول مهددة بالافلاس في السنوات القليلة القادمة، وبعضها افلس فعل، والسبب هو ان شريحة المستفيدين من النظام اكبر وبكثير من شريحة المشتركين بالنظام مما يقلل من قدرة النظام على الوفاء بالمنافع التي تعهد بها والمؤسسة تحاول ان تبدأ من حيث انتهى الاخرون وتعمل على الحد من اثار هذه المشكلة ولتوضيح ذلك بشكل ادق دعني اخبرك بحقيقة عن صناديق التأمينات والتقاعد فأولا عمرها يقاس بعشرات السنين وتنحصر مصادر دخلها في الاشتراكات المدفوعة وعوائد استثمار مبالغ تلك الاشتراكات وتمر بخمس مراحل عمرية الفترة الاولى هي مرحلة جمع الاشتراكات وبناء الاحتياطيات وبعد مرور فترة 20-30 سنة تبدأ المرحلة الثانية وتبدأ هذه الصناديق بالصرف على المستفيدين وغالبا ما تكون المصروفات في هذه المرحلة جزءا من دخل هذه الصناديق بحيث تفوق مبالغ دخل الاشتراكات على المبالغ المصروفة لذا فان المرحلة الاولى والثانية مراحل مهمة لتكوين وبناء احتياطات مالية واستثمارية ضخمة، والمرحلة الثالثة تتساوى فيها مصروفات الصندوق مع دخل الاشتراكات، وتبدأ المرحلة الرابعة عندما تبدأ هذه الصناديق بتمويل المصروفات من دخل الاشتراكات والاستثمار معا، وبعد ان تزيد المصروفات على مبالغ دخل الاشتراكات والاستثمارات معا تبدأ المرحلة الخامسة والتي تضطر عندها صناديق التأمينات والتقاعد الى تسييل بعض الاستثمارات لتتمكن من تمويل المصروفات، وهنا لابد من تدخل الدولة لتخصيص اعانات لهذه الصناديق تكون مكملة للاشتراكات حتى يمكن تغطية مصروفات الصندوق، وهذا هو المعمول به حاليا في الدول الغربية، حيث ان تلك الصناديق ليس لديها احتياطات بل استثمارات قصيرة الاجل لاتتعدى السنة الواحدة.
ما هي توقعاتكم لحجم المصروفات والمنافع بعد سنوات طويلة من الان؟
من هنا تبرز اهمية الدراسات الاكتوارية التي تجريها المؤسسة للتأكد من موقفها المالي ومدى قدرتها على الوفاء بمنافع المشتركين والعلم الاكتواري علم معقد ومتقدم جدا بحيث يتطلب هذا العلم الالمام التام بعلوم اخرى مثل العلوم الاقتصادية وعمل توقعات النمو الاقتصادي بما في ذلك توقعات نمو سوق العمل ونمو الاجور والبطالة، كما يتطلب الالمام التام بالعلوم السكانية وعمل توقعات لاعداد الوفيات والمواليد ومعدلات الاعمار ونسب العجز كما ينظر الى الناحية الاجتماعية في المجتمع وتكوينات الاسر ومتوسط اعداد افراد العائلة وغيره من الامور الاخرى، وتجمع جميع هذه الامور وتوضع في قالب واحد يخدم اغراض المؤسسة، واود ان اشير هنا الى ان العلم الاكتواري يختلف تماما عن علم المحاسبة الذي ينطلق منه الاخرون لنقد صناديق التأمينات والتقاعد ويركزون فيه على الموجودات والتدفقات النقدية مع مقارنتها بالمصروفات خلال فترة قصيرة.
زيادة الوعي التأميني
هذا العلم مطلب للعديد من الجهات فلم لم نسمع عنه؟
هذا صحيح فالعلم الاكتواري علم معقد وصعب كما اشرت وفئة قليلة من الناس تعرف ماهية هذا العلم وتدرك ابعاده كما ان قلة الالمام بهذا العلم من قبل بعض الكتاب والمثقفين قد يقودهم لانتقاد المؤسسة في بعض توجهاتها بينما لو تراقب الوضع في الدول المتقدمة فان هذه الدراسات تولي اهتماما كبيرا من جميع قطاعات الدولة، فبريطانيا مثلا انشأت ادارة حكومية مستقلة للقيام بالدراسات الاكتوارية للجهات الحكومية البريطانية، ويوجد بامريكا اهتمام مماثل، ومن المعروف ان المتخصصين في هذا المجال هم من اكثر الموظفين دخلا حيث تصل اجورهم في الساعة الى حوالى 3000 ريال، وهذه فرصة للاباء لتوجيه ابنائهم لدراسة هذا العلم وافادة المجتمع وتحقيق الاستفادة الشخصية.
ما ذكر يقودني الى تساؤل اخر حول مدى اهتمام عموم المواطنين بالتأمين الاجتماعي؟
المؤسسة حقيقة لاحظت قلة الوعي التأميني لدى شريحة ليست قليلة من المواطنين، ولو تقارن الوضع في المملكة مع الوضع في البلدان الاخرى لوجدت اختلافا كبيرا فمثلا في الولايات المتحدة الامريكية دائما ما يكون موضوع التأمين الاجتماعي من احد اهم واسخن المواضيع الداخلية، بل وقد يكون موضوع التأمين الاجتماعي عاملا مرجحا لكفة مرشح رئاسة الدولة على مرشح اخر بينما نجد في المملكة ان بعض المشتركين قد لا يعرف ان له استحقاقات لدى المؤسسة رغم انه يدفع اشتراكات لها، لذلك اتخذت المؤسسة بعض الاجراءات التي تساعد في زيادة الوعي التأميني لدى المواطنين فقد انشأت ادارة مستقلة معنية بالاعلام التأميني وتقوم هذه الادارة بعمل كبير في هذا المجال وتزيد من قنوات التواصل مع المشتركين والمستفيدين، اضافة الى ان المؤسسة تسعى للتعريف بمنافع النظام وحث المستفيدين بالتقدم لطلب هذه المنافع من خلال اعلانات الصحف المحلية والاعلانات التلفزيونية والاذاعية بالاضافة الى موقع المؤسسة على الانترنت "www.gosionline.gov.sa" الذي يزود المشتركين واصحاب المنشآت بالعديد من الخدمات، ويضاف الى ذلك الهاتف المجاني "8001243344" والمجلة الدورية والنشرات الاخرى التي تصدرها المؤسسة.