محرقة القات
تسع دول عربية وأفريقية تعاني من أدمانه..
الأحد / 28 / ربيع الثاني / 1429 هـ الاحد 04 مايو 2008 20:59
جولة: ابراهيم عقيلي
تتباين الآراء بين متعاطي القات فمنهم من يؤكد بأن مضغه حالة ادمانية لا يمكن ان يتخلى عنها صاحبها بسهولة ومنهم من اشار الى ان القات ليس بادمان ولكن عادة يسهل على المرء تركها وآخرون كانوا بين هذا وذاك ..وقد منحتنا جلسة قات حضرناها لمجموعة من الشباب في احد متاكي جازان فرصة رصد تلك الاراء عن كثب.
في البداية كان الامر مستهجنا خاصة عندما لاحظ البعض كاميرا تصوير وجهاز تسجيل لكن ما ان اقتنعوا بضرورة الحوار حتى اطمأن الجميع واصبح النقاش جادا وجريئا. بدأت جلستهم بتوزيع القات على الحضور وكما يقول صاحب المتكى بأن احدهم ذهب الى قرية "المصفق" لاحضار القات من هناك وهي احدى القرى الحدودية والتي يتوفر فيها اجود انواع القات في المنطقة كما يقولون. في بداية الامر راح صاحب المنزل يوزع القات فيما بينهم كل حسب قدرته على الدفع.. ولكي يكون الحوار اكثر فاعلية طلب مني البعض الانتظار الى بعد مرور ساعة على الاقل حتى يبدأ مفعول القات. وفعلا ادرنا الحوار بعد ساعة مرت وهم يمضغون القات بشكل متواصل الى ان تركز الحوار على القات.. هل هو ادمان ام عادة ألفها البعض.. واسباب انتشارها بين شباب جازان.
عادة ام ادمان
يقول "ع.م" القات ادمان وكلما زادت سنوات التعاطي ازداد مخزنوه تمسكاً به فبعض الناس هنا في جيزان تجاوز الثلاثين عاما في استخدامه واصبح من الصعب عليه تركه فتخيل انك تتعاطى هذه المادة ثلاثين عاما وبشكل يومي حتى ان بعضهم لا يقطعه عن القات الا المرض او السفر او غيره.
هذا الكلام وجد معارضين كثرا من الجالسين وقاطعوا الحديث طالبين الانصات اليهم حيث قال احدهم: انا لست مع ما قاله فالقات لا يسبب الادمان والا لما ترك الكثير من ابناء جازان المنطقة وذهبوا الى المدن الاخرى للدراسة والعمل فكثيرا ممن نعرفهم كانوا معتادين على مضغ القات وبشكل يومي الى ان جاء وقت وتركوه بدون أي مقدمات ورحلوا وراء اكل عيشهم.
"ع.س" والذي طلب المداخلة على الكلام السابق: يرجع القات للمتعاطي اما ان يجعله عادة واما ان يجعله ادمانا. فهناك ممن نعرفهم كما يقول لا يستطيع ان يترك القات ولو لليلة واحدة واذا تركها يصعب عليه النوم وتصيبه حالات من عدم الرغبة في الحديث والضحك كما هو معتاد وبعضهم لايستطيع التبرز. وهناك من الشباب من لا يربط نفسه بالقات ولا يتعاطاه بشكل يومي حتى يسهل عليه تركه في أي وقت يشاء وكثير منا من يتعاطاه فقط في ايام الاجازات حتى لا يؤثر على إنتاجيته في العمل واصبح كثير منا يفعل ذلك بعد أن لمسنا انه يعرضنا للغياب عن العمل وللتأخير وعدم الرغبة في الانتاج كون الواحد منا يظل يمضغ القات الى ساعة متأخرة وينام في وقت متأخر ولا يقدر على الذهاب للعمل.
اما "خ.ط" فيقول: القات لاعلاقة له بالادمان فلا تظهر على المتعاطي علامات الادمان اذا تركه ليوم اويومين اوحتى اسبوع مثل المخدرات فهو متروك للمتعاطي يستطيع ان يتركه في أي وقت.. هذا الرأي وجد من يخالفه فقد علق اكثر من شخص على كلامه فقالوا: ادمان القات لا يظهر أي علامات بشكل مباشر ولكن تظهر باشكال اخرى كدفع مبالغ مالية كبيرة على القات وهو بحاجة لها. او بترك ارتباطات مهمة كان من المفترض القيام بها.
تبذير الاموال
هذا الحديث قادنا الى فتح نقطة هامة وهي الانفاق على القات فجميعهم اتفق ان مشكلة القات الكبرى هي صرف مبالغ كبيرة عليه حتى لو كان المرء بحاجة الى اشياء اخرى فهي من الامور الهامة التي يجب ان يوفرها الشخص لنفسه قبل ان يوفر أي شيء آخر.
فيقول احدهم: هذه النقطة لايمكن تجاهلها فالقات هو محرقة المال ونحن قد لانعاني منها كثيرا كوننا لا نخزن القات سوى يومين في الاسبوع حيث نقوم بدفع مئتي ريال اسبوعيا أي ثمانمائة ريال شهريا ولكن هناك من يتعاطى القات يوميا وبكميات كبيرة حيث يصل مصروفه الشهري على القات اكثر من ستة الاف ريال ويتفق المرء مع بائع القات على توفير كمية يومية له ويدفع له قيمتها في نهاية كل شهر. وكثير من المتعاطين يفشلون في تهيئة حياة معيشية كريمة لابنائهم بسبب ذلك التعاطي المستمر للقات. وبشكل عام فلا يمكن ان تحصي المبالغ المدفوعة يوميا على القات في منطقة جازان فهي بالملايين.
ويقول اخر: اعرف احد الاشخاص يدفع في القات اكثر من دخله الشهري وقد يكون بيته في امس الحاجة الى توفير مستلزمات هامة وهذه المسألة تعود الى وعي المرء نفسه فهو من يحدد اولوياته ويعرف كم يصرف على مزاجه في القات وبعضهم مبذر في القات وفي غيره. وهناك من يقوم بشراء القات له ولابنائه وبشكل يومي ويجلسون سويا في مجلس واحد وهنا تتحول العادة الى موروث اجتماعي.
فيما يقول اخر في احدى القرى القريبة من صبيا ان القات عادة اجتماعية منبوذة لا يفضلها الاهالي ومن يعرفون عنه انه يتعاطى القات يهجرونه وينبذونه ويصبح في ألسنة الجميع وهذه هي عادة اهالي القرية.
ويلخص ع.س الحديث عن ادمان القات بقوله اعتقد أن القات يبدأ كعادة يمارسها الشخص بشكل بسيط ومع الايام اذا تمكنت منه زاد في كمية القات الذي يستخدمه الى ان يتحول الى ادمان لا يمكن تركه بسهولة.. ومن يتركه عادة بعد ادمان هو اما بسبب مرض مفاجئ الم به ونصحه الطبيب بتركه او بسبب تركه للمنطقة والعمل خارجها.
جيل لا يعرف القات
"م.ع" تحدث عن ظاهرة الجيل الجديد وتعامله مع القات فيقول: الجيل الجديد والشباب الصاعد الان لا يفضلون القات ابدا ولا يريدون ان يتعاطوه لانهم يعتبرونه رجعية وضد التطور ولانه يربطهم بالجلوس لساعات طويلة في مكان واحد وهم لا يفضلون ذلك فتستطيع ان تقول بأن 80% من الشباب الصغار لا يستخدمونه ابدا وبعضهم في الاعياد فقط. وفي رأيي ان الجيل الجديد وجد ما يشغله عن القات من انترنت ونشاطات لم تكن موجودة لذلك من الضروري ان تهتم الجهات المسؤولة بهؤلاء الشباب واشغالهم بأنشطة رياضية وغيرها كي لا ينغمسوا في عالم القات. فالمنطقة تعاني من قلة الانشطة وضعف الخدمات الترفيهية. مما جعلنا نبحث عن القات بشكل مستمر لعدم وجود متنفس وبديل غيره فكيف تشغل وقتك في محافظة كمحافظة صامطة مثلا او احد المسارحة اوغيرها من المحافظات الاخرى ناهيك عن القرى الصغيرة التي لا يجد شبابها أي شيء يشغلون به اوقاتهم.
ويضيف آخر: نعم هذا واحد من الاسباب الرئيسية التي جعلت كثيرا من الشباب ينغمس في القات ويمضغه بشكل يومي فنحن هنا بحاجة لمشاريع ترفيهية وانشطة شبابية فلو استهدفت الجهات المسؤولة الشباب بالانشطة لاستطاعت ان تنتشل الكثير من مضار القات.
ويقول "ش.ق": الانتشار الكبير للقات في اوساط الشباب في جازان سببه كما اعتقد هو عدم وجود اماكن للترفيه اضافة لعدم توفر الفرص الوظيفية فغالبية الشباب هنا عاطلون عن العمل. وبالنسبة للترفيه فلا يوجد مكان تتنزه فيه او تقضي فيه اوقاتك مع الشباب او العائلة ولا تتوفر اماكن سوى في مدينة جازان نفسها وهي ايضا تفتقد للكثير من الخدمات اضافة الى انها غير نظيفة. اما عن توفر الوظائف فغالبية شباب جازان لا يجدون عملا مناسبا واذا توفر العمل فهو براتب زهيد لا يكفي فكيف سيقضي العاطلون اوقاتهم في جازان؟.. كما ان سوق العمل في جازان ضعيف للغاية فلا توجد شركات كبيرة للقطاع الخاص. وليس كل شاب قادرا على تحمل تكاليف الغربة والعيش خارج المدينة وبعيدا عن اسرته. ففي رأيي اذا كانت هناك نية لمحاربة القات في جازان فيجب ان توضع خطط طويلة المدى بحيث تستهدف الاجيال القادمة وتوفر لهم ما لم يتوفر لنا من فرص عمل جيدة ومتنزهات. فالعاملون في القطاع الخاص لا يقدرون على اهدار اوقاتهم وتعاطي القات بشكل يومي.
تقليد الاباء
طرح الحاضرون نقطة مهمة على شكل تساؤل.. وهي كيف تعاطينا القات؟ وجاءت الاجابة على لسان "ع.س" الذي قال: كلنا رأينا اباءنا يمضغون القات منذ الصغر فاصبح من الطبيعي ان نتعاطاه وفعلا كبرنا على هذه العادة ومنا من يمضغه امام والديه. ولو استمررنا ستستمر هذه العادة مع اجيالنا وابنائنا في المستقبل.. حتى ابني الصغير يقول لي دائما. اذا كبرت سأكل القات. وهذا مما يؤلمني كثيرا فلا اتمنى لابني ان يستخدمه في المستقبل واذا كان لا بد من ذلك سيكون عندي وليس بعيدا عني.
ويقول"م.ع" هذه النقطة تشغلني كثيرا ودائما ما اسأل نفسي. هل سيأكل ابني القات اذا كبر؟.. وفي مثل هذه الظروف انا اعرف انه سيأكله فهو يراني ويرى اعمامه وغالبية من حوله يمضغون القات وبشكل يومي اضافة الى انه سيعاني مما يعانية الكثير من الشباب وهو الفراغ وعدم انشغاله بشيء لذلك يجب ان يُخطط للاجيال القادمة . كيف يمكن حمايتهم من تعاطي القات.
انماط المتعاطين
القات عادة ام ادمان.. ذلك الامر كان نقطة اختلاف بين كثير من المتعاطين فمنهم من يؤكد ومنهم من ينفي. لكن جميع البحوث العلمية تؤكد ادمانه اذا مورس بشكل يومي. واصبح عادة لا بد منها. ومن تلك البحوث ما قدمه ابراهيم بن علي مشرف تربوي بادارة تعليم صبيا لجمعية التوعية بأضرار القات. يؤكد فيه ان هناك ثلاثة انماط لمتعاطي القات الاول نمط عرضي (غير مدمن) وهؤلاء لا يستعملون القات يوميا ولكن في المناسبات كالاعراس والحفلات والاعياد او لزيادة التنبيه عند الامتحانات او السفر الطويل ومثل اولئك يمكنهم ايقاف تعاطيه دون ان تحدث لهم أي مضاعفات او خطر. ونمط مدمن وهؤلاء غالبا من غير المتعلمين ومن اصحاب البطالة حيث يقترن استهلاك القات بالخمول والبطالة وحينئذ يكون تعاطي القات هو الوسيلة الوحيدة في كل الاوقات.
ويشير ايضا الى ان الادمان هنا نوعان ادمان نفسي حيث تحدث لدى متعاطي القات رغبة نفسية قوية للاستمرار في تعاطيه وقد تصل هذه الرغبة الى درجة القهرالنفسي بحيث تفرض على المتعاطي البحث عن القات قبل البحث عن الطعام او أي متطلب اخر للحياة.وهذا الادمان ليس شرطا ان يصحبه ادمان جسدي حيث ان الشخص لو ترك القات ليلة او ليلتين او اسبوعا لا تظهر عليه اثار بدنية حادة كالصداع او الخمول او الارق وسبب عدم تأثر بعض الناس بتركه كما يقول الاطباء هو احد امرين: الاول ان الكمية التي تعاطاها يوميا قليلة بحيث لا تسبب نقصا في بعض مركبات المخ حيث ان مادة القات تحتوي على مركبات تقوم بتحرر بعض المواد الكيماوية العصبية من العصب مما يؤدي الى تقليل تركيزها بالخلية العصبية واذا كانت هذه العملية بشكل اخف فإن الجسم يستطيع ان يعوض هذا النقص بسهولة. الامر الثاني هو تعود الخلايا العصبية على كمية معينة من القات يوميا ولفترة طويلة مما يجعلها لا تتأثر بسبب الادمان.. اما النوع الثاني من الادمان هو الادمان الجسدي وهذا الادمان اشد خطورة من سابقه وذلك لان الامتناع عن تناول القات يؤدي الى ظهور اعراض جسدية خطيرة مثل بداية اعراض الاكتئاب النفسي والفتور والخمول والميل الى النوم وشلل التفكير والقلق والثوران لاتفه الاسباب.
في البداية كان الامر مستهجنا خاصة عندما لاحظ البعض كاميرا تصوير وجهاز تسجيل لكن ما ان اقتنعوا بضرورة الحوار حتى اطمأن الجميع واصبح النقاش جادا وجريئا. بدأت جلستهم بتوزيع القات على الحضور وكما يقول صاحب المتكى بأن احدهم ذهب الى قرية "المصفق" لاحضار القات من هناك وهي احدى القرى الحدودية والتي يتوفر فيها اجود انواع القات في المنطقة كما يقولون. في بداية الامر راح صاحب المنزل يوزع القات فيما بينهم كل حسب قدرته على الدفع.. ولكي يكون الحوار اكثر فاعلية طلب مني البعض الانتظار الى بعد مرور ساعة على الاقل حتى يبدأ مفعول القات. وفعلا ادرنا الحوار بعد ساعة مرت وهم يمضغون القات بشكل متواصل الى ان تركز الحوار على القات.. هل هو ادمان ام عادة ألفها البعض.. واسباب انتشارها بين شباب جازان.
عادة ام ادمان
يقول "ع.م" القات ادمان وكلما زادت سنوات التعاطي ازداد مخزنوه تمسكاً به فبعض الناس هنا في جيزان تجاوز الثلاثين عاما في استخدامه واصبح من الصعب عليه تركه فتخيل انك تتعاطى هذه المادة ثلاثين عاما وبشكل يومي حتى ان بعضهم لا يقطعه عن القات الا المرض او السفر او غيره.
هذا الكلام وجد معارضين كثرا من الجالسين وقاطعوا الحديث طالبين الانصات اليهم حيث قال احدهم: انا لست مع ما قاله فالقات لا يسبب الادمان والا لما ترك الكثير من ابناء جازان المنطقة وذهبوا الى المدن الاخرى للدراسة والعمل فكثيرا ممن نعرفهم كانوا معتادين على مضغ القات وبشكل يومي الى ان جاء وقت وتركوه بدون أي مقدمات ورحلوا وراء اكل عيشهم.
"ع.س" والذي طلب المداخلة على الكلام السابق: يرجع القات للمتعاطي اما ان يجعله عادة واما ان يجعله ادمانا. فهناك ممن نعرفهم كما يقول لا يستطيع ان يترك القات ولو لليلة واحدة واذا تركها يصعب عليه النوم وتصيبه حالات من عدم الرغبة في الحديث والضحك كما هو معتاد وبعضهم لايستطيع التبرز. وهناك من الشباب من لا يربط نفسه بالقات ولا يتعاطاه بشكل يومي حتى يسهل عليه تركه في أي وقت يشاء وكثير منا من يتعاطاه فقط في ايام الاجازات حتى لا يؤثر على إنتاجيته في العمل واصبح كثير منا يفعل ذلك بعد أن لمسنا انه يعرضنا للغياب عن العمل وللتأخير وعدم الرغبة في الانتاج كون الواحد منا يظل يمضغ القات الى ساعة متأخرة وينام في وقت متأخر ولا يقدر على الذهاب للعمل.
اما "خ.ط" فيقول: القات لاعلاقة له بالادمان فلا تظهر على المتعاطي علامات الادمان اذا تركه ليوم اويومين اوحتى اسبوع مثل المخدرات فهو متروك للمتعاطي يستطيع ان يتركه في أي وقت.. هذا الرأي وجد من يخالفه فقد علق اكثر من شخص على كلامه فقالوا: ادمان القات لا يظهر أي علامات بشكل مباشر ولكن تظهر باشكال اخرى كدفع مبالغ مالية كبيرة على القات وهو بحاجة لها. او بترك ارتباطات مهمة كان من المفترض القيام بها.
تبذير الاموال
هذا الحديث قادنا الى فتح نقطة هامة وهي الانفاق على القات فجميعهم اتفق ان مشكلة القات الكبرى هي صرف مبالغ كبيرة عليه حتى لو كان المرء بحاجة الى اشياء اخرى فهي من الامور الهامة التي يجب ان يوفرها الشخص لنفسه قبل ان يوفر أي شيء آخر.
فيقول احدهم: هذه النقطة لايمكن تجاهلها فالقات هو محرقة المال ونحن قد لانعاني منها كثيرا كوننا لا نخزن القات سوى يومين في الاسبوع حيث نقوم بدفع مئتي ريال اسبوعيا أي ثمانمائة ريال شهريا ولكن هناك من يتعاطى القات يوميا وبكميات كبيرة حيث يصل مصروفه الشهري على القات اكثر من ستة الاف ريال ويتفق المرء مع بائع القات على توفير كمية يومية له ويدفع له قيمتها في نهاية كل شهر. وكثير من المتعاطين يفشلون في تهيئة حياة معيشية كريمة لابنائهم بسبب ذلك التعاطي المستمر للقات. وبشكل عام فلا يمكن ان تحصي المبالغ المدفوعة يوميا على القات في منطقة جازان فهي بالملايين.
ويقول اخر: اعرف احد الاشخاص يدفع في القات اكثر من دخله الشهري وقد يكون بيته في امس الحاجة الى توفير مستلزمات هامة وهذه المسألة تعود الى وعي المرء نفسه فهو من يحدد اولوياته ويعرف كم يصرف على مزاجه في القات وبعضهم مبذر في القات وفي غيره. وهناك من يقوم بشراء القات له ولابنائه وبشكل يومي ويجلسون سويا في مجلس واحد وهنا تتحول العادة الى موروث اجتماعي.
فيما يقول اخر في احدى القرى القريبة من صبيا ان القات عادة اجتماعية منبوذة لا يفضلها الاهالي ومن يعرفون عنه انه يتعاطى القات يهجرونه وينبذونه ويصبح في ألسنة الجميع وهذه هي عادة اهالي القرية.
ويلخص ع.س الحديث عن ادمان القات بقوله اعتقد أن القات يبدأ كعادة يمارسها الشخص بشكل بسيط ومع الايام اذا تمكنت منه زاد في كمية القات الذي يستخدمه الى ان يتحول الى ادمان لا يمكن تركه بسهولة.. ومن يتركه عادة بعد ادمان هو اما بسبب مرض مفاجئ الم به ونصحه الطبيب بتركه او بسبب تركه للمنطقة والعمل خارجها.
جيل لا يعرف القات
"م.ع" تحدث عن ظاهرة الجيل الجديد وتعامله مع القات فيقول: الجيل الجديد والشباب الصاعد الان لا يفضلون القات ابدا ولا يريدون ان يتعاطوه لانهم يعتبرونه رجعية وضد التطور ولانه يربطهم بالجلوس لساعات طويلة في مكان واحد وهم لا يفضلون ذلك فتستطيع ان تقول بأن 80% من الشباب الصغار لا يستخدمونه ابدا وبعضهم في الاعياد فقط. وفي رأيي ان الجيل الجديد وجد ما يشغله عن القات من انترنت ونشاطات لم تكن موجودة لذلك من الضروري ان تهتم الجهات المسؤولة بهؤلاء الشباب واشغالهم بأنشطة رياضية وغيرها كي لا ينغمسوا في عالم القات. فالمنطقة تعاني من قلة الانشطة وضعف الخدمات الترفيهية. مما جعلنا نبحث عن القات بشكل مستمر لعدم وجود متنفس وبديل غيره فكيف تشغل وقتك في محافظة كمحافظة صامطة مثلا او احد المسارحة اوغيرها من المحافظات الاخرى ناهيك عن القرى الصغيرة التي لا يجد شبابها أي شيء يشغلون به اوقاتهم.
ويضيف آخر: نعم هذا واحد من الاسباب الرئيسية التي جعلت كثيرا من الشباب ينغمس في القات ويمضغه بشكل يومي فنحن هنا بحاجة لمشاريع ترفيهية وانشطة شبابية فلو استهدفت الجهات المسؤولة الشباب بالانشطة لاستطاعت ان تنتشل الكثير من مضار القات.
ويقول "ش.ق": الانتشار الكبير للقات في اوساط الشباب في جازان سببه كما اعتقد هو عدم وجود اماكن للترفيه اضافة لعدم توفر الفرص الوظيفية فغالبية الشباب هنا عاطلون عن العمل. وبالنسبة للترفيه فلا يوجد مكان تتنزه فيه او تقضي فيه اوقاتك مع الشباب او العائلة ولا تتوفر اماكن سوى في مدينة جازان نفسها وهي ايضا تفتقد للكثير من الخدمات اضافة الى انها غير نظيفة. اما عن توفر الوظائف فغالبية شباب جازان لا يجدون عملا مناسبا واذا توفر العمل فهو براتب زهيد لا يكفي فكيف سيقضي العاطلون اوقاتهم في جازان؟.. كما ان سوق العمل في جازان ضعيف للغاية فلا توجد شركات كبيرة للقطاع الخاص. وليس كل شاب قادرا على تحمل تكاليف الغربة والعيش خارج المدينة وبعيدا عن اسرته. ففي رأيي اذا كانت هناك نية لمحاربة القات في جازان فيجب ان توضع خطط طويلة المدى بحيث تستهدف الاجيال القادمة وتوفر لهم ما لم يتوفر لنا من فرص عمل جيدة ومتنزهات. فالعاملون في القطاع الخاص لا يقدرون على اهدار اوقاتهم وتعاطي القات بشكل يومي.
تقليد الاباء
طرح الحاضرون نقطة مهمة على شكل تساؤل.. وهي كيف تعاطينا القات؟ وجاءت الاجابة على لسان "ع.س" الذي قال: كلنا رأينا اباءنا يمضغون القات منذ الصغر فاصبح من الطبيعي ان نتعاطاه وفعلا كبرنا على هذه العادة ومنا من يمضغه امام والديه. ولو استمررنا ستستمر هذه العادة مع اجيالنا وابنائنا في المستقبل.. حتى ابني الصغير يقول لي دائما. اذا كبرت سأكل القات. وهذا مما يؤلمني كثيرا فلا اتمنى لابني ان يستخدمه في المستقبل واذا كان لا بد من ذلك سيكون عندي وليس بعيدا عني.
ويقول"م.ع" هذه النقطة تشغلني كثيرا ودائما ما اسأل نفسي. هل سيأكل ابني القات اذا كبر؟.. وفي مثل هذه الظروف انا اعرف انه سيأكله فهو يراني ويرى اعمامه وغالبية من حوله يمضغون القات وبشكل يومي اضافة الى انه سيعاني مما يعانية الكثير من الشباب وهو الفراغ وعدم انشغاله بشيء لذلك يجب ان يُخطط للاجيال القادمة . كيف يمكن حمايتهم من تعاطي القات.
انماط المتعاطين
القات عادة ام ادمان.. ذلك الامر كان نقطة اختلاف بين كثير من المتعاطين فمنهم من يؤكد ومنهم من ينفي. لكن جميع البحوث العلمية تؤكد ادمانه اذا مورس بشكل يومي. واصبح عادة لا بد منها. ومن تلك البحوث ما قدمه ابراهيم بن علي مشرف تربوي بادارة تعليم صبيا لجمعية التوعية بأضرار القات. يؤكد فيه ان هناك ثلاثة انماط لمتعاطي القات الاول نمط عرضي (غير مدمن) وهؤلاء لا يستعملون القات يوميا ولكن في المناسبات كالاعراس والحفلات والاعياد او لزيادة التنبيه عند الامتحانات او السفر الطويل ومثل اولئك يمكنهم ايقاف تعاطيه دون ان تحدث لهم أي مضاعفات او خطر. ونمط مدمن وهؤلاء غالبا من غير المتعلمين ومن اصحاب البطالة حيث يقترن استهلاك القات بالخمول والبطالة وحينئذ يكون تعاطي القات هو الوسيلة الوحيدة في كل الاوقات.
ويشير ايضا الى ان الادمان هنا نوعان ادمان نفسي حيث تحدث لدى متعاطي القات رغبة نفسية قوية للاستمرار في تعاطيه وقد تصل هذه الرغبة الى درجة القهرالنفسي بحيث تفرض على المتعاطي البحث عن القات قبل البحث عن الطعام او أي متطلب اخر للحياة.وهذا الادمان ليس شرطا ان يصحبه ادمان جسدي حيث ان الشخص لو ترك القات ليلة او ليلتين او اسبوعا لا تظهر عليه اثار بدنية حادة كالصداع او الخمول او الارق وسبب عدم تأثر بعض الناس بتركه كما يقول الاطباء هو احد امرين: الاول ان الكمية التي تعاطاها يوميا قليلة بحيث لا تسبب نقصا في بعض مركبات المخ حيث ان مادة القات تحتوي على مركبات تقوم بتحرر بعض المواد الكيماوية العصبية من العصب مما يؤدي الى تقليل تركيزها بالخلية العصبية واذا كانت هذه العملية بشكل اخف فإن الجسم يستطيع ان يعوض هذا النقص بسهولة. الامر الثاني هو تعود الخلايا العصبية على كمية معينة من القات يوميا ولفترة طويلة مما يجعلها لا تتأثر بسبب الادمان.. اما النوع الثاني من الادمان هو الادمان الجسدي وهذا الادمان اشد خطورة من سابقه وذلك لان الامتناع عن تناول القات يؤدي الى ظهور اعراض جسدية خطيرة مثل بداية اعراض الاكتئاب النفسي والفتور والخمول والميل الى النوم وشلل التفكير والقلق والثوران لاتفه الاسباب.