الجوع العالمي
الاثنين / 29 / ربيع الثاني / 1429 هـ الاثنين 05 مايو 2008 21:59
عبدالله يحيى بخاري
أمر مخيف ما نسمعه ونقرأه اليوم عن أزمة الغذاء.. هناك أزمة غذاء عالمية بدأت بالفعل تضرب جذورها في الأرض منذ بضع سنوات، ومنذ أن وصل تعداد سكان الكرة الأرضية إلى ستة بلايين ساكن (أي ستة آلاف مليون ساكن). ويزداد هذا العدد في كل عام بأكثر من مائة وستين مليون شخص. منذ ذلك الوقت بدأ الخوف والحذر (والهم) يزحف إلى قلوب حكومات العالم، ويقلق المفكرين والمتخصصين في مجال علوم السكان (الديموغرافيا) والزراعة ومصادر الغذاء.
أزمة نقص الغذاء في العالم تعلن عن نفسها بقوة وبأن عصر الغذاء الرخيص قد ولّى بدون عودة. وهذه أزمة مخيفة سوف تطال الفقير والغني، والضعيف والقوي، والجاهل والمتعلم على السواء. ومما يزيد الطين بلة، أن نقص موارد الغذاء و(المياه) يصاحبه في نفس الوقت ارتفاع كبير في عدد سكان الكرة الأرضية.
وهناك مؤشرات قوية على أنه بعد خمسين عاماً تقريباً سوف تنقرض الثروة السمكية من المحيطات والبحار بسبب الارتفاع المخيف في أنشطة صيد الأسماك إلى جانب ارتفاع نسبة تلوث البحار والمحيطات وارتفاع درجة حرارة الأرض.
ومن المظاهر المخيفة التي تضاعف وتعجل من الأزمة العالمية للغذاء هي أنه في بعض الدول تتحول مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية إلى أرض حضرية صالحة للتنمية العمرانية، أي أن تتناقص مساحة الأراضي الزراعية التي هي مصدر للغذاء بينما تزداد مساحة الأراضي التي هي مصدر للبشر والنمو السكاني، أي ببساطة تقل مصادر الغذاء وتزداد أعداد البشر.
وفي دول أخرى تتم إزالة الغابات الخضراء لأسباب تجارية وصناعية، وتحويلها إلى أرض بيضاء صالحة للتجارة وللنمو العمراني. وهذه الغابات، إلى جانب أنها عناصر طبيعية خلّابة ومصدر هام للأكسجين وضرورية لتنقية الهواء والأجواء الملوثة، فهي أيضاً المقر الذي تتكاثر فيه أعداد الأنعام والحيوانات الصالحة لغذاء الإنسان، وللأشجار والنباتات المثمرة التي تدخل في نظام غذاء البشر.
وفي نوع آخر من الدول؛ هناك إسراف لا حدود له في استهلاك المواد الغذائية من اللحوم والخضار والفواكه وكل ما هو صالح للأكل أو للشرب. ففي الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً يستهلك المواطن الأمريكي أكثر من سبعين في المائة من الغذاء الزائد عن حاجته اليومية. لذلك هناك نسبة كبيرة من سكان الولايات المتحدة الأمريكية يميلون إلى السمنة، ربما أكثر من أي شعب آخر على وجه الأرض. أما في دول الخليج - ونحن منها - فهناك إسراف واضح ومبالغة مخيفة في كميات الطعام المقدمة في العزائم والحفلات والمناسبات الاجتماعية، التي يلقى معظمها في صناديق الفضلات والزبالة.
أزمة الغذاء والمياه التي بدأ العالم يواجهها هي أزمة حقيقية. والذي يعتقد أن من يتحدث عنها إنما ينظر إلى العالم نظرة تشاؤمية من خلال نظارة سوداء، فسوف يجد نفسه أمام مفاجأة قاسية في وقت غير بعيد بمقياس أعمار الشعوب.
وإذا أضفنا إلى كل ما سبق تناقص مصادر الطاقة أو توقفها في أقل من نصف قرن من الزمان في المستقبل القريب، ستظهر لنا حقيقة المشكلة في حجمها المخيف. هناك مجاعة عالمية تنتظرنا في القريب العاجل.
الخلاصة أن الحياة البشرية في خطر، بل ومهددة بالانقراض أو التراجع على هذا الكوكب محدود الموارد. جزء من الحل يكمن في أنفسنا. علينا التوقف عن التبذير والإسراف، وعدم اعتبار الموارد وكأنها بلا حدود ولا نهاية، أو أنها معطيات مسلّم بها وسوف تستمر تحت تصرف البشرية هكذا إلى الأبد.
ونحن هنا ما زلنا نشكو من الزيادة في الأسعار، ونقص الدقيق في الأسواق!
سؤال: ياترى ماذا حدث في سلة الخبز العربي التي كنا نخطط لإقامتها قبل بضعة عقود في السودان الشقيق؟ وماذا حدث لفكرة التكامل الغذائي لعالمنا العربي من المحيط إلى الخليج؟
للتواصل ارسل sms الى الرقم 88548 تبدأ بالرمز 129 مسافة ثم الرسالة
أزمة نقص الغذاء في العالم تعلن عن نفسها بقوة وبأن عصر الغذاء الرخيص قد ولّى بدون عودة. وهذه أزمة مخيفة سوف تطال الفقير والغني، والضعيف والقوي، والجاهل والمتعلم على السواء. ومما يزيد الطين بلة، أن نقص موارد الغذاء و(المياه) يصاحبه في نفس الوقت ارتفاع كبير في عدد سكان الكرة الأرضية.
وهناك مؤشرات قوية على أنه بعد خمسين عاماً تقريباً سوف تنقرض الثروة السمكية من المحيطات والبحار بسبب الارتفاع المخيف في أنشطة صيد الأسماك إلى جانب ارتفاع نسبة تلوث البحار والمحيطات وارتفاع درجة حرارة الأرض.
ومن المظاهر المخيفة التي تضاعف وتعجل من الأزمة العالمية للغذاء هي أنه في بعض الدول تتحول مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية إلى أرض حضرية صالحة للتنمية العمرانية، أي أن تتناقص مساحة الأراضي الزراعية التي هي مصدر للغذاء بينما تزداد مساحة الأراضي التي هي مصدر للبشر والنمو السكاني، أي ببساطة تقل مصادر الغذاء وتزداد أعداد البشر.
وفي دول أخرى تتم إزالة الغابات الخضراء لأسباب تجارية وصناعية، وتحويلها إلى أرض بيضاء صالحة للتجارة وللنمو العمراني. وهذه الغابات، إلى جانب أنها عناصر طبيعية خلّابة ومصدر هام للأكسجين وضرورية لتنقية الهواء والأجواء الملوثة، فهي أيضاً المقر الذي تتكاثر فيه أعداد الأنعام والحيوانات الصالحة لغذاء الإنسان، وللأشجار والنباتات المثمرة التي تدخل في نظام غذاء البشر.
وفي نوع آخر من الدول؛ هناك إسراف لا حدود له في استهلاك المواد الغذائية من اللحوم والخضار والفواكه وكل ما هو صالح للأكل أو للشرب. ففي الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً يستهلك المواطن الأمريكي أكثر من سبعين في المائة من الغذاء الزائد عن حاجته اليومية. لذلك هناك نسبة كبيرة من سكان الولايات المتحدة الأمريكية يميلون إلى السمنة، ربما أكثر من أي شعب آخر على وجه الأرض. أما في دول الخليج - ونحن منها - فهناك إسراف واضح ومبالغة مخيفة في كميات الطعام المقدمة في العزائم والحفلات والمناسبات الاجتماعية، التي يلقى معظمها في صناديق الفضلات والزبالة.
أزمة الغذاء والمياه التي بدأ العالم يواجهها هي أزمة حقيقية. والذي يعتقد أن من يتحدث عنها إنما ينظر إلى العالم نظرة تشاؤمية من خلال نظارة سوداء، فسوف يجد نفسه أمام مفاجأة قاسية في وقت غير بعيد بمقياس أعمار الشعوب.
وإذا أضفنا إلى كل ما سبق تناقص مصادر الطاقة أو توقفها في أقل من نصف قرن من الزمان في المستقبل القريب، ستظهر لنا حقيقة المشكلة في حجمها المخيف. هناك مجاعة عالمية تنتظرنا في القريب العاجل.
الخلاصة أن الحياة البشرية في خطر، بل ومهددة بالانقراض أو التراجع على هذا الكوكب محدود الموارد. جزء من الحل يكمن في أنفسنا. علينا التوقف عن التبذير والإسراف، وعدم اعتبار الموارد وكأنها بلا حدود ولا نهاية، أو أنها معطيات مسلّم بها وسوف تستمر تحت تصرف البشرية هكذا إلى الأبد.
ونحن هنا ما زلنا نشكو من الزيادة في الأسعار، ونقص الدقيق في الأسواق!
سؤال: ياترى ماذا حدث في سلة الخبز العربي التي كنا نخطط لإقامتها قبل بضعة عقود في السودان الشقيق؟ وماذا حدث لفكرة التكامل الغذائي لعالمنا العربي من المحيط إلى الخليج؟
للتواصل ارسل sms الى الرقم 88548 تبدأ بالرمز 129 مسافة ثم الرسالة