«برايمر».. هل يقدم إلى محكمة العدل الدولية ؟!

تركي العسيري

عجيب أمر هذا الـ(برايمر)!
ففي الوقت الذي يتنصل الرئيس الأمريكي (بوش) ومساعدوه في البيت الأبيض.. من مسؤوليتهم عن الأخطاء القاتلة التي أوقعها الحاكم الأمريكي سيئ الصيت (برايمر) على الشعب العراقي الشقيق، والنتائج المدمرة التي أحدثتها قراراته.. نراه يخرج علينا عبر إحدى الفضائيات ليعلن رضاه التام عن ما قام به من قرارات، وصواب ما اتخذه من إجراءات عند توليه حكم العراق بعد سقوط النظام السابق، ولست أدري أي صواب يعنيه أهو في حل الجيش والأمن وتسريح موظفي الدولة، وإقرار نظام «المحاصصة» الطائفي، وإدخال العراق في نفق التشرذم والضياع.. أم ماذا؟
للحاكم الأمريكي المشؤوم أن يقول ما يشاء، ومن حقه أن يدافع عن قراراته، ولكن أي منصف شريف -أيا كانت جنسيته- يعرف أن هذا الرجل قد دمر العراق، وأجهز على وطن متماسك، وسلمه إلى حفنة من «الطائفيين» من ذوي الأحقاد والتوجهات المذهبية المعروفة.. والذين حولوه بدورهم إلى ساحة للصراعات، والثأر.. بل وإلى غنيمة (حرب) لدول يعنيها تمزيق العراق وطمس هويته الوطنية، وانتمائه العربي.
ما يجري في العراق، وبعد مضي أكثر من خمس سنوات على الاحتلال مؤلم، ويدمي قلب كل عربي.. إن العراق هو أرض العرب الخالدة، و أرض القادسية، والرشيد، والمأمون، والمعتصم وابن حنبل والخليل بن أحمد والمتنبي.. ومن تلك الأرض تعلمنا كيف «نموسق» اللغة والشعر والأدب والفن.
أقول لكم: لو كان الأمر بيدي لطالبت بتقديم (برايمر) وزمرته الى محكمة العدل الدولية بتهمة تفتيت وطن، وتشريد شعب كريم، وتحويله إلى لاجئين يهيمون على وجوههم في البلدان التي هربوا إليها، وإلى متسولين لتأشيرات العبور إلى منافي العالم.. الجرائم الكبرى لا تسقط بالتقادم كما تعلمنا في دروس القانون الأولية.. لذا فإن من حقنا كعرب.. بل من حق العراقيين أن يطالبوا بمحاكمة هذا الرجل الذي جاء إلى العراق بدعوى إرساء دعائم «ديموقراطية» حقيقية تكون مثالاً يحتذى لشعوب المنطقة.. وبعد نظام «ديكتاتوري» دموي، قتل عشرات الألوف من شعبه، لكن الواقع اليوم يقول إن العراق قد فقد منذ بداية الحرب أكثر من مليون قتيل، وأن «الديموقراطية» التي بشر بها قد حولت العراق إلى «فوضى» يسود فيها منطق الغاب الذي تمارسه ميليشيات كانت مستعدة ليوم الثأر.. والانتقام، وقد رأينا مشاهد تقشعر لها الأبدان، جثث في حاويات النفايات بعضها مقطوعة الرؤوس، مفقوءة الأعين، مقطعة الأوصال.. ما هذا؟
هذا حتماً ليس عراق الرشيد والمأمون بل عراق هولاكو والزنج والصفويين!
أحياناً يخيّل إليّ أن في داخل كل عراقي “جيناً وراثياً” ينحو منحى التدمير والانتقام والدم، وإلا بربكم ما هو التفسير المنطقي لما يحدث؟ لابد أن أيادي خبيثة تشعل فتيل ذلك، وتوقظ الفتنة النائمة..
لذا فإنني كمواطن عربي صغير أناشد العرب أن يتحملوا مسؤولياتهم وألا يتركوا العراق العربي في محنته الحالية ليستفرد به من لا يريد له خيراً.. لماذا لا نقولها بالفم الملآن.. إن دولا تقوم بأدوار مشبوهة ولا تساعد هذا البلد على الاستقرار، والتهمة ليست من عندي.. بل من عند أغلب النخب السياسية العراقية وشيوخ العشائر الشيعية والسنية، والذين طالما احتجوا على التدخل السافر في شؤونهم الداخلية.
على العرب أن يتدخلوا في الشأن العراقي قبل أن «نبكي» على أطلال هذا الوطن الجريح، كي لا يسجل التاريخ أنه في زمننا ضاع العراق. فلم نعد نقدر على البكاء.. لم يعد لدينا ما نذرفه من دموع ونخطه من مراثي..
ولم تعد في نسائنا امرأة «كأم محمد الصغير» لتصرخ:
أبك كما تبكي النساء على ملك لم تحافظ عليه كالرجال.. إلى الله المشتكى!!
تلفاكس 076221413

للتواصل ارسل sms الى الرقم 88548 تبدأ بالرمز 108 مسافة ثم الرسالة