هل دخلنا مرحلة سلام جديدة في المنطقة ؟
الجمعة / 25 / جمادى الأولى / 1429 هـ الجمعة 30 مايو 2008 19:22
صالح عبدالرحمن المانع
هناك شعور عميق في المشرق العربي بأن مرحلة جديدة بدأت تلوح في الأفق. فالاتفاق بين الأطراف اللبنانية في الدوحة يعد تطوراً هاماً في مسيرة سلام هشة توجت بانتخاب رئيس جديد للبنان، ولكن المسيرة بالفعل ستكون طويلة لإيجاد أسس سلام وتعايش حقيقي بين اللبنانيين. ولكن علينا أن نحتفل بهذه المناسبة، التي عاد فيها السلام إلى بلد جميل يستحق السلام والمحبة، بدلاً من الشحناء والتباغض. وقد بدأ تنفيذ أول بنود الاتفاق بانتخاب رئيس جديد للبنان، وسيكلف الرئيس الجديد إحدى الشخصيات السياسية البارزة لتشكيل وزارة جديدة مكونة من ثلاثين عضواً، ستة عشر منهم يمثلون الأغلبية، وأحد عشر يمثلون المعارضة، وثلاثة يعينهم رئيس الجمهورية. كما اعتمد الاتفاق على مواصلة الحوار برئاسة رئيس الجمهورية الجديد، من أجل التوصل إلى قانون انتخاب جديد في لبنان يعتمد على النظام الانتخابي المقر عام 1960م، وعلى الورقة التي سبق أن تقدم بها في هذا الخصوص الوزير السابق فؤاد بطرس.
دارت في ذهني هذه التطورات الحميدة في المنطقة، وأنا أشاهد جلسة مجلس النواب اللبناني الذي انتخب فيها الرئيس الجديد، وتقاطر إليها عدد من الشخصيات السياسية البارزة، وعلى رأسهم رئيس الوزراء التركي طيب رجب أردوغان، ووزراء الخارجية العرب، وبعض وزراء خارجية الدول الأوروبية، وكذلك وزير خارجية إيران.
وقد فتح هذا التلاقي بين الوزراء نوافذ جديدة من أجل مناخ جديد في المنطقة يعتمد على محور السلام والاستقرار المنشود من قبل معظم دول المنطقة، والتي كانت تتخوف من اندلاع حرب أهلية جديدة في لبنان. تزامنت الاحتفالات اللبنانية كذلك باعلانات سياسية في كل من دمشق وأنقرة، بأن المفاوضات السرية بين إسرائيل وسوريا قد قطعت شوطاً مهما، وأن الطرفين بدآ في الحديث عن انسحاب كامل من الجولان، وأن إسرائيل قد وضعت شروطاً جديدة على سوريا تخص موضوع تحالفها مع كل من حزب الله، ومع الجمهورية الإسلامية في إيران.
ويبدو أن مناخ الحديث عن الوساطات العربية وأجواء السلام قد انسحب كذلك على وساطات جديدة قد تبذل لمواصلة الحوار بين كل من حماس وفتح بشأن صلح يعتمد على اتفاقيات مكة ومفاوضات صنعاء واللتين كان يمكن أن توجدا حلاً سياسياً يرضي طموحات الحركتين، وفي الوقت نفسه يعيد رص صفوف الفلسطينيين في وقت حرج يستعدون فيه لمفاوضات جادة مع الجانب الإسرائيلي المحتل لبلادهم.
يمكن الحديث اليوم عن خطابين أو مناخين يتنافسان فيما بينهما، أحدهما يمكن أن نسميه خطاب الحرب، والذي ينظر بتشاؤم إلى الوضع القائم ويرى سحباً قاتمة تخيم على أجواء المنطقة، وآخرون يتحدثون عن خطاب ومناخ جديد للسلام تحاول فيه الأطراف المختلفة أن تهرب من فخ المصيدة إلى طرق أخرى أكثر إنارة وإشراقاً. ومن المحتمل أن تكون عائدات السلام أكثر إيجابية لكل الأطراف المعنية، من عائدات الحرب والتي تنذر بالشؤم حتى لأكثر الأطراف ثقة بقدراتها العسكرية والسياسية.
ولكن الشيء المفقود حقيقة هو الثقة، فالعرب لا يثقون بنوايا الرئيس الأمريكي، حتى في أواخر أيامه في الرئاسة. فرؤية الرئيس الأيديولوجية لقضايا المنطقة ونظرية لنفسه كرجل صاحب رسالة يخوض حرباً عالمية ضد أعداء الديموقراطية، تعطي شكوكاً كثيرة بأن نوايا الحرب لدى الرئيس الأمريكي لم تنته. وأنه قد يقدم على مغامرة جديدة ضد إيران في آخر يوم من أيام رئاسته. كما أن عدم الثقة في الجانب الإسرائيلي الذي يتحدث عن السلام ويقوم بقتل الفلسطينيين واختطافهم كل يوم، تشير إلى أن الهدف الرئيسي للحكومة الإسرائيلية هو فصل دمشق عن حلفائها في كل من طهران والضاحية الجنوبية من بيروت، مما يسهل على القيادة الإسرائيلية الانقضاض على أعدائها منفصلين، دون أن يكونوا متحدين أو متصلين. لذلك فإن الحسابات الاستراتيجية لكل طرف تدخل في أفلاك مختلفة حين يكون خطاب المفاوضات والسلام هو الخطاب السائد. أما حين يكون الخطاب المغاير هو خطاب الساعة، فإن الصفوف تكون مرصوصة أكثر، وتكون التحالفات أقوى بكثير عن ذي قبل.
ولزرع الثقة بين الأطراف المختلفة، فإن هناك حاجة لمشاركة أطراف محايدة في رعاية عملية المفاوضات في المنطقة. وربما كانت الأمم المتحدة، بالرغم من ضعفها وعدم حيادها، هي أكثر الجهات التي يمكن أن تحظى بثقة الأطراف المختلفة، خاصة في حال دعم مجلس الأمن لمثل هذا التوجه.
وينبغي أن تلعب الدول العربية والجامعة العربية دوراً أكبر في حض مجلس الأمن لاتخاذ خطوات عملية نحو ذلك، وربما كان من أوائلها أن يصدر مجلس الأمن إعلاناً يدعم فيه الاتفاق الوطني اللبناني، ويدعم كذلك عملية المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وبينهم وبين السوريين. على أن يتلو هذا الإعلان خطوات عملية من قبل الترويكا الأوروبية واللجنة الرباعية، بحضور ومشاركة الأعضاء الفاعلين في الجامعة العربية، بمن فيهم أمينها العام.
ولا شك أن دعم ومشاركة مجلس الأمن في عمليات السلام والمفاوضات الثنائية المختلفة في المنطقة أمر في غاية الأهمية. فالمجلس ينتفض ويتدخل بشكل مباشر حال اندلاع الأزمات والحروب في المنطقة، ومن باب أولى أن يتخذ المجلس خطوات عملية ملموسة لتشجيع السلام، وإبعاد شبح الحرب، وإنهاء جميع أنواع الاحتلال في منطقة تطمح إلى السلام والاستقرار أكثر من أي منطقة أخرى من العالم.
للتواصل ارسل sms إلى الرقم 88548 تبدأ بالرمز 119 مسافة ثم الرسالة
دارت في ذهني هذه التطورات الحميدة في المنطقة، وأنا أشاهد جلسة مجلس النواب اللبناني الذي انتخب فيها الرئيس الجديد، وتقاطر إليها عدد من الشخصيات السياسية البارزة، وعلى رأسهم رئيس الوزراء التركي طيب رجب أردوغان، ووزراء الخارجية العرب، وبعض وزراء خارجية الدول الأوروبية، وكذلك وزير خارجية إيران.
وقد فتح هذا التلاقي بين الوزراء نوافذ جديدة من أجل مناخ جديد في المنطقة يعتمد على محور السلام والاستقرار المنشود من قبل معظم دول المنطقة، والتي كانت تتخوف من اندلاع حرب أهلية جديدة في لبنان. تزامنت الاحتفالات اللبنانية كذلك باعلانات سياسية في كل من دمشق وأنقرة، بأن المفاوضات السرية بين إسرائيل وسوريا قد قطعت شوطاً مهما، وأن الطرفين بدآ في الحديث عن انسحاب كامل من الجولان، وأن إسرائيل قد وضعت شروطاً جديدة على سوريا تخص موضوع تحالفها مع كل من حزب الله، ومع الجمهورية الإسلامية في إيران.
ويبدو أن مناخ الحديث عن الوساطات العربية وأجواء السلام قد انسحب كذلك على وساطات جديدة قد تبذل لمواصلة الحوار بين كل من حماس وفتح بشأن صلح يعتمد على اتفاقيات مكة ومفاوضات صنعاء واللتين كان يمكن أن توجدا حلاً سياسياً يرضي طموحات الحركتين، وفي الوقت نفسه يعيد رص صفوف الفلسطينيين في وقت حرج يستعدون فيه لمفاوضات جادة مع الجانب الإسرائيلي المحتل لبلادهم.
يمكن الحديث اليوم عن خطابين أو مناخين يتنافسان فيما بينهما، أحدهما يمكن أن نسميه خطاب الحرب، والذي ينظر بتشاؤم إلى الوضع القائم ويرى سحباً قاتمة تخيم على أجواء المنطقة، وآخرون يتحدثون عن خطاب ومناخ جديد للسلام تحاول فيه الأطراف المختلفة أن تهرب من فخ المصيدة إلى طرق أخرى أكثر إنارة وإشراقاً. ومن المحتمل أن تكون عائدات السلام أكثر إيجابية لكل الأطراف المعنية، من عائدات الحرب والتي تنذر بالشؤم حتى لأكثر الأطراف ثقة بقدراتها العسكرية والسياسية.
ولكن الشيء المفقود حقيقة هو الثقة، فالعرب لا يثقون بنوايا الرئيس الأمريكي، حتى في أواخر أيامه في الرئاسة. فرؤية الرئيس الأيديولوجية لقضايا المنطقة ونظرية لنفسه كرجل صاحب رسالة يخوض حرباً عالمية ضد أعداء الديموقراطية، تعطي شكوكاً كثيرة بأن نوايا الحرب لدى الرئيس الأمريكي لم تنته. وأنه قد يقدم على مغامرة جديدة ضد إيران في آخر يوم من أيام رئاسته. كما أن عدم الثقة في الجانب الإسرائيلي الذي يتحدث عن السلام ويقوم بقتل الفلسطينيين واختطافهم كل يوم، تشير إلى أن الهدف الرئيسي للحكومة الإسرائيلية هو فصل دمشق عن حلفائها في كل من طهران والضاحية الجنوبية من بيروت، مما يسهل على القيادة الإسرائيلية الانقضاض على أعدائها منفصلين، دون أن يكونوا متحدين أو متصلين. لذلك فإن الحسابات الاستراتيجية لكل طرف تدخل في أفلاك مختلفة حين يكون خطاب المفاوضات والسلام هو الخطاب السائد. أما حين يكون الخطاب المغاير هو خطاب الساعة، فإن الصفوف تكون مرصوصة أكثر، وتكون التحالفات أقوى بكثير عن ذي قبل.
ولزرع الثقة بين الأطراف المختلفة، فإن هناك حاجة لمشاركة أطراف محايدة في رعاية عملية المفاوضات في المنطقة. وربما كانت الأمم المتحدة، بالرغم من ضعفها وعدم حيادها، هي أكثر الجهات التي يمكن أن تحظى بثقة الأطراف المختلفة، خاصة في حال دعم مجلس الأمن لمثل هذا التوجه.
وينبغي أن تلعب الدول العربية والجامعة العربية دوراً أكبر في حض مجلس الأمن لاتخاذ خطوات عملية نحو ذلك، وربما كان من أوائلها أن يصدر مجلس الأمن إعلاناً يدعم فيه الاتفاق الوطني اللبناني، ويدعم كذلك عملية المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وبينهم وبين السوريين. على أن يتلو هذا الإعلان خطوات عملية من قبل الترويكا الأوروبية واللجنة الرباعية، بحضور ومشاركة الأعضاء الفاعلين في الجامعة العربية، بمن فيهم أمينها العام.
ولا شك أن دعم ومشاركة مجلس الأمن في عمليات السلام والمفاوضات الثنائية المختلفة في المنطقة أمر في غاية الأهمية. فالمجلس ينتفض ويتدخل بشكل مباشر حال اندلاع الأزمات والحروب في المنطقة، ومن باب أولى أن يتخذ المجلس خطوات عملية ملموسة لتشجيع السلام، وإبعاد شبح الحرب، وإنهاء جميع أنواع الاحتلال في منطقة تطمح إلى السلام والاستقرار أكثر من أي منطقة أخرى من العالم.
للتواصل ارسل sms إلى الرقم 88548 تبدأ بالرمز 119 مسافة ثم الرسالة