زيارة ولي العهد.. تفعيل لحوار بنّاء ومتكافئ مع أوروبا
ندوة «عكاظ» في بيروت تناقش الأبعاد والنتائج
الخميس / 01 / جمادى الآخرة / 1429 هـ الخميس 05 يونيو 2008 21:00
أدار الندوة: هشام عليوان ، فادي الغوش ـ بيروت
مر الحوار العربي الأوروبي بفترات صعود وهبوط منذ سبعينات القرن الماضي، فبدأ مع أزمة النفط، وتجدد بعد مؤتمر مدريد إثر حرب الخليج، فكان مؤتمر برشلونة 1995، الذي أصبح بحكم الميت، إلى أن عادت الروح إليه بمبادرات من ضفتي المتوسط وأبعد منهما في العمق الاستراتيجي لأوروبا والعالم العربي على حد سواء. وفي ظل مبادرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي للاتحاد من أجل المتوسط، وسعي اسبانيا إلى شق طريقها الخاص في الحوار بين ضفتين وقارتين وعالمين، يقوم سمو ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز بزيارة أسبانيا، لما فيه تفعيل للحوار البنّاء والمتكافئ. "عكاظ" في بيروت قرأت أبعاد الزيارة، ومسيرة الحوار العربي الأوروبي بمشاركة خبيرين في الشأن الأوروبي وفي ما يلي التفاصيل:
ما هي أبرز محطات الحوار العربي الأوروبي بانتظار تفعيل مبادرة ساركوزي للاتحاد من أجل المتوسط؟
د. مهدي شحادة: بعد أزمة 1973 طالب العرب بقطع النفط عن اوروبا، فارتأى الاوروبيون أنه من المستحسن إقامة حوار أوروبي عربي لجهة تحييد النفط عن أي خلفيات اقتصادية وسياسية لها علاقة بالصراع العربي الإسرائيلي، وان يكون خارج دائرة الصراع الذي كان موجودًا في وقتها، وأوجدت نوعًا من الاصطفافات الدولية، لكن العرب رفضوا هذا الحوار الذي استمر لفترات ينقطع فيها حينًا ويستمر حينًا آخر حتى عام 1990 حين بدأ الأوروبيون بشكل أو بآخر يعلنون وفاة هذا الحوار لأسباب عدة.
عصام سعد: أعتقد أن فلسفة الحوار ليست جديدة ولا تنتمي لسنة 1973 نتيجة أزمة النفط، بل هي تعود إلى عهد سابق أي الاستعمار وما بعده أي بعد الحرب العالمية الثانية ومرحلة الاستقلالات التي حصلت في المنطقة العربية لأنها اوجدت نوعًا من العلاقات الحوارية ما بين المستعمِر والمستعمَر وبحكم الجغرافيا والتاريخ خصوصًا في حوض البحر الأبيض المتوسط هناك علاقة دائمة ومتوترة بالوقت نفسه ما بين أوروبا والمنطقة العربية. وليس فقط المقرِّر الدول الاوروبية التي صاغت علاقات ثنائية وتبعتها علاقات أوسع عبر الاتحاد الاوروبي الذي لا يزال متعثرًا باتجاه الوحدة الاوروبية. ومع ان اوروبا لا تستطيع أن تأخذ المنطقة العربية كوحدة متكاملة وتتعامل معها لأن الوحدة الاوروبية غير مكتملة بعد، وهناك سباق ما بين فرنسا وألمانيا واسبانيا وأي دولة أوروبية اخرى.
التكتل العربي
محاولات التكتل العربي تعثرت فلماذا يعود الأوروبيون إلى مسألة الحوار العربي الاوروبي؟
مهدي شحادة: الدول الاوروبية كمجموعة كانت تعي تمامًا انه من الصعب جدًا إقامة حوار كامل ما بين كتلتين عربية وأوروبية لكن في الوقت نفسه كانت تعرف ان اقامة تكتلين لا تلغي الحوار الثنائي لذلك كنا نراها عبر ما يسمى حوار (5+5) أي الدول المتوسطية الاوروبية مقابل دول المغرب العربي، وكنا نرى حوارات (5+2) او حوارًا أوروبيًا مصريًا وقد اثمرت كل هذه الحوارات عن توقيع اتفاقيات ثنائية أو اتفاقيات شراكة (مصرية - أوروبية/ تونسية - أوروبية/ مغربية - أوروبية)، لكن نلاحظ انه لا يوجد اتفاقية شراكة عربية أوروبية، لأن العرب كانوا مصرين أن يتعاملوا ككتلة مع الاوروبيين، فلدى المفوضية الاوروبية ميزانية خمسة مليار يورو قادرة على التصرف فيها وتقديم مساعدات كمفوضية إضافة إلى ان قرار المفوضية الاوروبية قرار ملزم للدول الأعضاء لأنها هي حكومة الاتحاد الاوروبي التي تمثل 27 مفوضًا حاليًا. المسألة الاخرى والمهمة جدًا تتمثل بإقامة مؤتمر عربي اوروبي يعني إقامة حوار مع تكتل خليجي يتألف من ست دول وإقامة حوار مع اتحاد المغرب العربي الذي يتألف من خمس دول. وإزاء هذا الواقع رأى الاوروبيون ضرورة إقامة خطوة متقدمة جدًا عن الحوار العربي الاوروبي والذي أطلقوا على أساسه اتفاقية برشلونة التي تنص على إطلاق حوار بين المجموعة الاوروبية ككتلة متكاملة إضافة إلى الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط والتي جزء منها دول عربية وتركيا واسرائيل ونتيجة عوامل سياسية ادخلوا موريتانيا والأردن عضوًا مراقبًا وعملوا في هذه الاتفاقية إلى تقسيم العرب كجزر اقتصادية. بمعنى ان التعاطي مع دول الخليج العربي منفصل كليًا مع العلاقات العربية الاوروبية وتعاطيهم مع الشراكة المتوسطية عبر برشلونة مختلف تمامًا عن تعاطيهم مع اليمن والسودان لأنهما غير موجودين لا في الشراكة الاوروبية او دول الخليج العربي. وقد استبعدت ليبيا خارج إطار الحوار نتيجة المشكلة التي كانت تعانيها مع الغرب واذا كان الحوار على مستوى اقتصادي ففي اتفاقية برشلونة اتخذ ابعادًا اخرى وتطرق إلى السياسة والامن ومكافحة الارهاب وحتى في الثقافة.
متغيرات برشلونة
بعد كل المتغيرات الهائلة التي حدثت منذ مؤتمر برشلونة هل تغير نوع الحوار وطبيعته؟
سعد: الحوار له طابع بنيوي وهو دائم على الرغم من انتكاسته وانه لا بد منه لاستمرار التلاقي وعملية الترابط عملية مبدئية. لقد كان ثمة مشروعان منذ عهد ميتران وليس شيراك، هما المتوسطية والشرق أوسطية. لكن ما زالت المنطقة العربية تتعامل مع الحوار المذكور كأفراد وليس كاتحاد، وان الحوار ما بين النخب السياسية شيء وبين المجتمع المدني شيء آخر وانا مع اقامة العلاقات الاقتصادية والتنموية وليس السياسية بين الدول لصالح فئة او دولة ضد فئة اوروبية اخرى.
ماذا تريد أوروبا من الحوار؟
د. شحادة: يمكن ان تتكلم عن هذه المسألة بنقطتين: الاولى ما اطلقه ساركوزي أثناء حملته الانتخابية عام 2007 من دعوة إلى اتحاد متوسطي، وساركوزي اعتبر نفسه أنه يعمل نوعًا من الانقلاب على كل ما سبقه. وحاول ان يوجد نوعًا من الركيزة الخاصة به فيبني على أساسها موقع فرنسا ومستقبل علاقاتها مع دول العالم وتحديدًا مع دول الشرق الاوسط فأطلق ما يسمى الاتحاد المتوسطي الذي يشكل العلاقة السياسية المتوسطية الواقعة على شرق المتوسط. الخلاف الكبير الذي حصل هو في الاتحاد الاوروبي وتحديدًا مع ألمانيا والسؤال الذي طرح على ساركوزي اذا أقمت اتحادًا متوسطيًا فيعني ذلك انك استبعدت ما لا يقل عن 20 دولة اوروبية في الاتحاد الاوروبي وأقمت اتحادًا ما بين 7 دول أوروبية مع مجموعة من الدول المتوسطية غير الاوروبية. وقد اتهم بإحداث نوع من النفوذ الفرنسي على المتوسط بتأييد من إسبانيا وايطاليا إلى حد ما. وجرى الخلاف على قاعدة انه لا يجوز تجزئة الاتحاد الاوروبي وهناك الشراكة الاوروبية المتوسطية التي كانت قائمة على مؤتمر برشلونة فلتكن استنادًا على هذه الاتفاقية. وقد اصطدم مشروع ساركوزي بمشكلة كبيرة وهي عدم موافقة الدول الاوروبية الأساسية وتحديدًا ألمانيا وقد تم استبدال الاسم من الاتحاد المتوسطي إلى الاتحاد من أجل المتوسط بمعنى انه أخذ كل الدول الاوروبية وعاد مجددًا إلى وضعية اتفاقية برشلونة وان الدراسات التي اعدت في اطار المفوضية الاوروبية رأت عدم جدوى هذه المسألة.
اما السؤال عن ماذا تريد أوروبا من الحوار مع العرب؟
فقد وضع احد مراكز الدراسات خمس نقاط للاتحاد الاوروبي وما يريدونه من الشرق الاوسط.
النقطة الاولى هي العلاقة بحركة "حماس" بمعنى ان هذه المسألة هي التي تشغل العالم وهي اداة لتحريك أو زيادة التوتر في المنطقة. هل تقام علاقة مع حركة حماس أم لا؟
ثانيًا أن التوجه داخل الاتحاد الاوروبي لا يوجد صراع عربي إسرائيلي هناك شيء اسمه صراع اسرائيلي فلسطيني والمشكلة بين اسرائيل ومصر واسرائيل والاردن انتهت ومع سوريا اخذت مسارًا آخر. إذًا المشكلة هي بين إسرائيل والفلسطينيين لذلك يجب ان نتعامل معها من هذه الناحية. على هذه القاعدة فتح الحوار والنقاش مع حماس وجاء الضغط الأمريكي للفرنسيين بشكل خاص ان لا يفتحوا الحوار مع حماس على قاعدة أن توجه جورج بوش هو القضاء على حماس وان التوجه الاوروبي الحالي لا يعرف كيف يتصرف مع هذا الوضع القائم. لا يستطيع الاوروبيون ان يحاوروا حماس او ان يقاطعوها.
ثالثًا الملف النووي الايراني وقد وصل الاوروبيون إلى نوع من القناعة أن الامريكان ليسوا بوارد أن يضربوا إيران او يوعزوا لإسرائيل بقصفها وبالتالي لا يوجد سبيل من الحوار لكن على أي قاعدة؟ القاعدة ان تخفف قدر الإمكان من الخطر النووي الإيراني.
رابعًا المسألة الأخرى هي المفاوضات السورية الإسرائيلية وهذا ما يزعج الاوروبيين الآن إلى حد كبير إذ هل يعقل لتركيا التي استبعدت من الاتحاد الاوروبي وكانت فرنسا أصرت على استبعادها لأسباب عدة، ان تتمكن بهذه الظروف من ان تقرب وجهات النظر السورية الإسرائيلية إلى حد ما أعلن انهم توصلوا إلى صياغة بعض بنود الاتفاق. والسؤال المطروح أوروبيًا هو كيف استطاعت تركيا ان تلعب هذا الدور، واذا كانت تركيا تلعب مثل هذا الدور في المنطقة فلماذا يتم استبعاد تركيا عن الاتحاد الاوروبي؟.
خامسًا: الملف اللبناني وان أوروبا لم يكن عندها دور كبير فيه، وقد حاول الفرنسيون أن يلعبوا دورًا عبر كوشنير لكن بالوقت نفسه اخفق هذا الدور. وعندما توصل كوشنير إلى ما يشبه الاتفاق عبر مؤتمر سان كلو، تدخل الامريكيون عبر الكواليس وافشلوا كل ما انجز لأن الظروف غير مهيأة لإنضاج أي حل.
المشاركان في الندوة:
•الدكتور مهدي شحادة رئيس مركز الدراسات العربي الأوروبي.
•عصام سعد الخبير في الشؤون العربية والأوروبية.
ما هي أبرز محطات الحوار العربي الأوروبي بانتظار تفعيل مبادرة ساركوزي للاتحاد من أجل المتوسط؟
د. مهدي شحادة: بعد أزمة 1973 طالب العرب بقطع النفط عن اوروبا، فارتأى الاوروبيون أنه من المستحسن إقامة حوار أوروبي عربي لجهة تحييد النفط عن أي خلفيات اقتصادية وسياسية لها علاقة بالصراع العربي الإسرائيلي، وان يكون خارج دائرة الصراع الذي كان موجودًا في وقتها، وأوجدت نوعًا من الاصطفافات الدولية، لكن العرب رفضوا هذا الحوار الذي استمر لفترات ينقطع فيها حينًا ويستمر حينًا آخر حتى عام 1990 حين بدأ الأوروبيون بشكل أو بآخر يعلنون وفاة هذا الحوار لأسباب عدة.
عصام سعد: أعتقد أن فلسفة الحوار ليست جديدة ولا تنتمي لسنة 1973 نتيجة أزمة النفط، بل هي تعود إلى عهد سابق أي الاستعمار وما بعده أي بعد الحرب العالمية الثانية ومرحلة الاستقلالات التي حصلت في المنطقة العربية لأنها اوجدت نوعًا من العلاقات الحوارية ما بين المستعمِر والمستعمَر وبحكم الجغرافيا والتاريخ خصوصًا في حوض البحر الأبيض المتوسط هناك علاقة دائمة ومتوترة بالوقت نفسه ما بين أوروبا والمنطقة العربية. وليس فقط المقرِّر الدول الاوروبية التي صاغت علاقات ثنائية وتبعتها علاقات أوسع عبر الاتحاد الاوروبي الذي لا يزال متعثرًا باتجاه الوحدة الاوروبية. ومع ان اوروبا لا تستطيع أن تأخذ المنطقة العربية كوحدة متكاملة وتتعامل معها لأن الوحدة الاوروبية غير مكتملة بعد، وهناك سباق ما بين فرنسا وألمانيا واسبانيا وأي دولة أوروبية اخرى.
التكتل العربي
محاولات التكتل العربي تعثرت فلماذا يعود الأوروبيون إلى مسألة الحوار العربي الاوروبي؟
مهدي شحادة: الدول الاوروبية كمجموعة كانت تعي تمامًا انه من الصعب جدًا إقامة حوار كامل ما بين كتلتين عربية وأوروبية لكن في الوقت نفسه كانت تعرف ان اقامة تكتلين لا تلغي الحوار الثنائي لذلك كنا نراها عبر ما يسمى حوار (5+5) أي الدول المتوسطية الاوروبية مقابل دول المغرب العربي، وكنا نرى حوارات (5+2) او حوارًا أوروبيًا مصريًا وقد اثمرت كل هذه الحوارات عن توقيع اتفاقيات ثنائية أو اتفاقيات شراكة (مصرية - أوروبية/ تونسية - أوروبية/ مغربية - أوروبية)، لكن نلاحظ انه لا يوجد اتفاقية شراكة عربية أوروبية، لأن العرب كانوا مصرين أن يتعاملوا ككتلة مع الاوروبيين، فلدى المفوضية الاوروبية ميزانية خمسة مليار يورو قادرة على التصرف فيها وتقديم مساعدات كمفوضية إضافة إلى ان قرار المفوضية الاوروبية قرار ملزم للدول الأعضاء لأنها هي حكومة الاتحاد الاوروبي التي تمثل 27 مفوضًا حاليًا. المسألة الاخرى والمهمة جدًا تتمثل بإقامة مؤتمر عربي اوروبي يعني إقامة حوار مع تكتل خليجي يتألف من ست دول وإقامة حوار مع اتحاد المغرب العربي الذي يتألف من خمس دول. وإزاء هذا الواقع رأى الاوروبيون ضرورة إقامة خطوة متقدمة جدًا عن الحوار العربي الاوروبي والذي أطلقوا على أساسه اتفاقية برشلونة التي تنص على إطلاق حوار بين المجموعة الاوروبية ككتلة متكاملة إضافة إلى الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط والتي جزء منها دول عربية وتركيا واسرائيل ونتيجة عوامل سياسية ادخلوا موريتانيا والأردن عضوًا مراقبًا وعملوا في هذه الاتفاقية إلى تقسيم العرب كجزر اقتصادية. بمعنى ان التعاطي مع دول الخليج العربي منفصل كليًا مع العلاقات العربية الاوروبية وتعاطيهم مع الشراكة المتوسطية عبر برشلونة مختلف تمامًا عن تعاطيهم مع اليمن والسودان لأنهما غير موجودين لا في الشراكة الاوروبية او دول الخليج العربي. وقد استبعدت ليبيا خارج إطار الحوار نتيجة المشكلة التي كانت تعانيها مع الغرب واذا كان الحوار على مستوى اقتصادي ففي اتفاقية برشلونة اتخذ ابعادًا اخرى وتطرق إلى السياسة والامن ومكافحة الارهاب وحتى في الثقافة.
متغيرات برشلونة
بعد كل المتغيرات الهائلة التي حدثت منذ مؤتمر برشلونة هل تغير نوع الحوار وطبيعته؟
سعد: الحوار له طابع بنيوي وهو دائم على الرغم من انتكاسته وانه لا بد منه لاستمرار التلاقي وعملية الترابط عملية مبدئية. لقد كان ثمة مشروعان منذ عهد ميتران وليس شيراك، هما المتوسطية والشرق أوسطية. لكن ما زالت المنطقة العربية تتعامل مع الحوار المذكور كأفراد وليس كاتحاد، وان الحوار ما بين النخب السياسية شيء وبين المجتمع المدني شيء آخر وانا مع اقامة العلاقات الاقتصادية والتنموية وليس السياسية بين الدول لصالح فئة او دولة ضد فئة اوروبية اخرى.
ماذا تريد أوروبا من الحوار؟
د. شحادة: يمكن ان تتكلم عن هذه المسألة بنقطتين: الاولى ما اطلقه ساركوزي أثناء حملته الانتخابية عام 2007 من دعوة إلى اتحاد متوسطي، وساركوزي اعتبر نفسه أنه يعمل نوعًا من الانقلاب على كل ما سبقه. وحاول ان يوجد نوعًا من الركيزة الخاصة به فيبني على أساسها موقع فرنسا ومستقبل علاقاتها مع دول العالم وتحديدًا مع دول الشرق الاوسط فأطلق ما يسمى الاتحاد المتوسطي الذي يشكل العلاقة السياسية المتوسطية الواقعة على شرق المتوسط. الخلاف الكبير الذي حصل هو في الاتحاد الاوروبي وتحديدًا مع ألمانيا والسؤال الذي طرح على ساركوزي اذا أقمت اتحادًا متوسطيًا فيعني ذلك انك استبعدت ما لا يقل عن 20 دولة اوروبية في الاتحاد الاوروبي وأقمت اتحادًا ما بين 7 دول أوروبية مع مجموعة من الدول المتوسطية غير الاوروبية. وقد اتهم بإحداث نوع من النفوذ الفرنسي على المتوسط بتأييد من إسبانيا وايطاليا إلى حد ما. وجرى الخلاف على قاعدة انه لا يجوز تجزئة الاتحاد الاوروبي وهناك الشراكة الاوروبية المتوسطية التي كانت قائمة على مؤتمر برشلونة فلتكن استنادًا على هذه الاتفاقية. وقد اصطدم مشروع ساركوزي بمشكلة كبيرة وهي عدم موافقة الدول الاوروبية الأساسية وتحديدًا ألمانيا وقد تم استبدال الاسم من الاتحاد المتوسطي إلى الاتحاد من أجل المتوسط بمعنى انه أخذ كل الدول الاوروبية وعاد مجددًا إلى وضعية اتفاقية برشلونة وان الدراسات التي اعدت في اطار المفوضية الاوروبية رأت عدم جدوى هذه المسألة.
اما السؤال عن ماذا تريد أوروبا من الحوار مع العرب؟
فقد وضع احد مراكز الدراسات خمس نقاط للاتحاد الاوروبي وما يريدونه من الشرق الاوسط.
النقطة الاولى هي العلاقة بحركة "حماس" بمعنى ان هذه المسألة هي التي تشغل العالم وهي اداة لتحريك أو زيادة التوتر في المنطقة. هل تقام علاقة مع حركة حماس أم لا؟
ثانيًا أن التوجه داخل الاتحاد الاوروبي لا يوجد صراع عربي إسرائيلي هناك شيء اسمه صراع اسرائيلي فلسطيني والمشكلة بين اسرائيل ومصر واسرائيل والاردن انتهت ومع سوريا اخذت مسارًا آخر. إذًا المشكلة هي بين إسرائيل والفلسطينيين لذلك يجب ان نتعامل معها من هذه الناحية. على هذه القاعدة فتح الحوار والنقاش مع حماس وجاء الضغط الأمريكي للفرنسيين بشكل خاص ان لا يفتحوا الحوار مع حماس على قاعدة أن توجه جورج بوش هو القضاء على حماس وان التوجه الاوروبي الحالي لا يعرف كيف يتصرف مع هذا الوضع القائم. لا يستطيع الاوروبيون ان يحاوروا حماس او ان يقاطعوها.
ثالثًا الملف النووي الايراني وقد وصل الاوروبيون إلى نوع من القناعة أن الامريكان ليسوا بوارد أن يضربوا إيران او يوعزوا لإسرائيل بقصفها وبالتالي لا يوجد سبيل من الحوار لكن على أي قاعدة؟ القاعدة ان تخفف قدر الإمكان من الخطر النووي الإيراني.
رابعًا المسألة الأخرى هي المفاوضات السورية الإسرائيلية وهذا ما يزعج الاوروبيين الآن إلى حد كبير إذ هل يعقل لتركيا التي استبعدت من الاتحاد الاوروبي وكانت فرنسا أصرت على استبعادها لأسباب عدة، ان تتمكن بهذه الظروف من ان تقرب وجهات النظر السورية الإسرائيلية إلى حد ما أعلن انهم توصلوا إلى صياغة بعض بنود الاتفاق. والسؤال المطروح أوروبيًا هو كيف استطاعت تركيا ان تلعب هذا الدور، واذا كانت تركيا تلعب مثل هذا الدور في المنطقة فلماذا يتم استبعاد تركيا عن الاتحاد الاوروبي؟.
خامسًا: الملف اللبناني وان أوروبا لم يكن عندها دور كبير فيه، وقد حاول الفرنسيون أن يلعبوا دورًا عبر كوشنير لكن بالوقت نفسه اخفق هذا الدور. وعندما توصل كوشنير إلى ما يشبه الاتفاق عبر مؤتمر سان كلو، تدخل الامريكيون عبر الكواليس وافشلوا كل ما انجز لأن الظروف غير مهيأة لإنضاج أي حل.
المشاركان في الندوة:
•الدكتور مهدي شحادة رئيس مركز الدراسات العربي الأوروبي.
•عصام سعد الخبير في الشؤون العربية والأوروبية.