عندما يتحدث «الكرسي»!
الأحد / 18 / جمادى الآخرة / 1429 هـ الاحد 22 يونيو 2008 20:32
تركي العسيري
.. والكرسي الذي أعنيه ليس بالتأكيد كرسي طلب العلم الذي لم أصدق أن أفارقه أو يفارقني منذ أمد طويل.. بل هو «كرسي» المنصب الوظيفي وبقدر ما يكون عاليا.. بقدر ما يكون اكثر دفئا وبلاغة وتحفيزا على الكلام.
حدثني صاحبي الذي شغل اكثر من مركز مرموق قال: حين عينت لأول مرة مديرا لإحدى الادارات الحكومية كان لزاما عليّ ان ألقي كلمة في الاجتماع الاول مع موظفي ادارتي لأبيّن لهم ملامح الخطة القادمة التي سأتبعها، كنت متوجسا قلقا خائفا متلعثما لأنني ببساطة لم أتعود على إلقاء الكلمات فلا أذكر انني خلال دراستي قد اشتركت في أي حفل خطابي، ولذا فقد احترت وشعرت بالرهبة «ولكن فرج الله قريب».. فما ان بدأت أتحدث بصوت مبحوح وفرائص مرتجفة وحلق ناشف وكلمات أدفعها دفعاً حتى رأيت نظرات الاعجاب والاستحسان والابتسامات ترتسم على محيّا الحضور مما شجعني على الاسترسال والاطناب حتى نهاية الدوام الرسمي، وحين عدت الى المنزل كنت اتساءل عن سر اعجاب هؤلاء الموظفين بكلمتي رغم انني لم أقل إلا عبارات عادية ومن قاموس فقير لأبجديات العمل الاداري والمعرفي.. وبعد تفكير اهتديت الى السر. والسر يكمن في الكرسي. الكرسي «الدوّار» لا غير.. فهو المتحدث الذي لا يمل سماعه، وهو البلسم الشافي لكل الامراض الوظيفية التي يدلف من بوابتها المتملّقون والوصوليون والباحثون عن حوافز، فللمنصب في عالمنا الثالث سحر أخاذ.. أين منه سحر الحسان.. «السقيمات الجفون»:
يا سقيم الجفون من غير سقم
بين عينيك مصرع العشاق
إن يوم الفراق أصعب يوم
ليتني مت قبل يوم الفراق
ما علينا وشعراء الغزل الذين ضيعونا في مراهقتنا ومطلع شبابنا!!
أذكر ايضا مديرا آخر.. اشتهر باجتماعاته المتكررة التي يلقي من خلالها خطبه العصماء.. دون ان يتيح لأحد بالحديث او التعقيب او ابداء الرأي كما يفترض.. فما أن غادر المنصب ولم يعد يجد من يسمعه اتجه الى الندوات والامسيات بغية اتحاف الحضور بكلماته التي لم يعد يسمعها او يعجب بها أحد، لا لشيء الا لأن الناس كانوا يستمعون في المرات السابقة لصوت «الكرسي الدوار» أما الآن فهم غير مستعدين لإضاعة وقتهم في سماع كلام لا يملك صاحبه أي سلطة!
نحن في عالمنا الثالث الذي أسموه تأدباً العالم النامي- في حين ان بعض دوله تنمو الى الخلف -مأخوذون بسلطة «الكرسي» الذي لا يدوم بدلاً من أن نكون مأخوذين بسلطة الوطن والمواطن وبمخافة الله.
ثمة في رأيي ازمة سلوكية او فلنقل خلل وظيفي ما يساهم في اعاقة مفهوم التنمية الوطنية من خلال الانصياع للضعف الانساني بكل اشكاله.
فيا صديقي المدير.. اذا رأيت «اسنان موظفيك» بارزة عند اجتماعك بهم.. فلا تظنن أنهم يبتسمون لك بل يبتسمون للكرسي الذي تجلس عليه.. فلا تنخدع وثق ان الطريق الى تفعيل سلطة الكرسي تمر من خلال جهدك واخلاصك ومخافة ربك.. الكرسي لا يدوم!!
تليفاكس 076221413
للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم 88548 تبدأ بالرمز 108 مسافة ثم الرسالة
حدثني صاحبي الذي شغل اكثر من مركز مرموق قال: حين عينت لأول مرة مديرا لإحدى الادارات الحكومية كان لزاما عليّ ان ألقي كلمة في الاجتماع الاول مع موظفي ادارتي لأبيّن لهم ملامح الخطة القادمة التي سأتبعها، كنت متوجسا قلقا خائفا متلعثما لأنني ببساطة لم أتعود على إلقاء الكلمات فلا أذكر انني خلال دراستي قد اشتركت في أي حفل خطابي، ولذا فقد احترت وشعرت بالرهبة «ولكن فرج الله قريب».. فما ان بدأت أتحدث بصوت مبحوح وفرائص مرتجفة وحلق ناشف وكلمات أدفعها دفعاً حتى رأيت نظرات الاعجاب والاستحسان والابتسامات ترتسم على محيّا الحضور مما شجعني على الاسترسال والاطناب حتى نهاية الدوام الرسمي، وحين عدت الى المنزل كنت اتساءل عن سر اعجاب هؤلاء الموظفين بكلمتي رغم انني لم أقل إلا عبارات عادية ومن قاموس فقير لأبجديات العمل الاداري والمعرفي.. وبعد تفكير اهتديت الى السر. والسر يكمن في الكرسي. الكرسي «الدوّار» لا غير.. فهو المتحدث الذي لا يمل سماعه، وهو البلسم الشافي لكل الامراض الوظيفية التي يدلف من بوابتها المتملّقون والوصوليون والباحثون عن حوافز، فللمنصب في عالمنا الثالث سحر أخاذ.. أين منه سحر الحسان.. «السقيمات الجفون»:
يا سقيم الجفون من غير سقم
بين عينيك مصرع العشاق
إن يوم الفراق أصعب يوم
ليتني مت قبل يوم الفراق
ما علينا وشعراء الغزل الذين ضيعونا في مراهقتنا ومطلع شبابنا!!
أذكر ايضا مديرا آخر.. اشتهر باجتماعاته المتكررة التي يلقي من خلالها خطبه العصماء.. دون ان يتيح لأحد بالحديث او التعقيب او ابداء الرأي كما يفترض.. فما أن غادر المنصب ولم يعد يجد من يسمعه اتجه الى الندوات والامسيات بغية اتحاف الحضور بكلماته التي لم يعد يسمعها او يعجب بها أحد، لا لشيء الا لأن الناس كانوا يستمعون في المرات السابقة لصوت «الكرسي الدوار» أما الآن فهم غير مستعدين لإضاعة وقتهم في سماع كلام لا يملك صاحبه أي سلطة!
نحن في عالمنا الثالث الذي أسموه تأدباً العالم النامي- في حين ان بعض دوله تنمو الى الخلف -مأخوذون بسلطة «الكرسي» الذي لا يدوم بدلاً من أن نكون مأخوذين بسلطة الوطن والمواطن وبمخافة الله.
ثمة في رأيي ازمة سلوكية او فلنقل خلل وظيفي ما يساهم في اعاقة مفهوم التنمية الوطنية من خلال الانصياع للضعف الانساني بكل اشكاله.
فيا صديقي المدير.. اذا رأيت «اسنان موظفيك» بارزة عند اجتماعك بهم.. فلا تظنن أنهم يبتسمون لك بل يبتسمون للكرسي الذي تجلس عليه.. فلا تنخدع وثق ان الطريق الى تفعيل سلطة الكرسي تمر من خلال جهدك واخلاصك ومخافة ربك.. الكرسي لا يدوم!!
تليفاكس 076221413
للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم 88548 تبدأ بالرمز 108 مسافة ثم الرسالة