ترحيل المشكلة من وزارة التعليم العالي إلى وزارة العمل

فاطمة بنت محمد العبودي

من أكبر وأهم القضايا في بلادنا قضية البطالة وقضية نقص قنوات استيعاب خريجي الثانوية العامة، وعلى الرغم من افتتاح عدد من الجامعات الجديدة مؤخراً إلا أن النمو السكاني المطرد في السعودية يجعل من الصعب سد الحاجة المتزايدة إلى التعليم العالي.
وللمساهمة في حل المشكلة صدرت في العام الماضي توجيهات سامية بافتتاح عدد من الكليات في جامعة الرياض للبنات في تخصصات جديدة يحتاجها سوق العمل ومن بينها كلية العلوم لتأهيل الخريجات بمعارف ومهارات تمكنهن من العمل في وظائف مطلوبة في سوق العمل، فكليات البنات المتاحة معظمها تربوية (كليات البنات بمنطقة الرياض 23 كلية 21 كلية منها تربوية) وقد ظلت، على مدى 35 عاماً، تمد مدارس التعليم العام بالمعلمات حتى اكتفت مدارس الرياض بجميع التخصصات وفاض العدد وبقيت المئات من الخريجات بدون عمل ، يمثلن رقماً إضافياً إلى سجل العاطلين في وزارة العمل، فكان من الطبيعي، مع إنشاء كلية العلوم ألا يستمر الهدر وأن تستثمر الإمكانيات البشرية والمادية في الأقسام العلمية لكلية التربية قي جامعة الرياض للبنات في تدريس طالبات كلية العلوم.
وهذا ما يقوله المنطق، لكن المشكلة تكمن في أن من أهداف إنشاء الكليات الجديدة إتاحة الفرصة لأعداد أكبر من خريجات الثانوية العامة للالتحاق بالجامعة، وإعادة هيكلة كلية التربية/ الأقسام العلمية لتصبح كلية علوم لن يحقق الهدف، ولذا يرى البعض استمرار كلية التربية في قبول الطالبات وإنشاء كلية للعلوم تقبل أعداداً أخرى، وهذا الرأي ليس حلاً للمشكلة إنما هو ترحيل للمشكلة إلى وزارة العمل بعد أن تصرف الدولة الملايين لتخريج الأعداد المقبولة.
وقد مرت كليات البنات بتجربة سابقة قبل سنوات حين تم قبول أعداد كبيرة من خريجات الثانوية العامة تفوق طاقة الكليات الاستيعابية من باب إتاحة الفرصة لعدد أكبر من خريجات الثانوية للالتحاق بالتعليم العالي، فكانت النتيجة ضعفاً في المخرجات، انعكس هذا الضعف على التعليم العام، ذلك أن برامج إعداد المعلم تتطلب عالمياً معايير معينة للقبول وإعداداً جيداً في التعليم أو التدريب خاصة التخصصات العلمية التي تتطلب دراسات تطبيقية وما تستلزمه من معامل وتجهيزات وهذا ما يصعب تحقيقه مع كثرة الأعداد.
من المعروف عالمياً أن الجامعات ليست ملزمة باستيعاب جميع خريجي المدارس الثانوية بل لابد من وجود قنوات أخرى لاستيعاب من يرغبون في التعليم العالي من الخريجين ولم يتمكنوا من اجتياز امتحانات القبول للالتحاق بالجامعات،كالمعاهد العليا والكليات المتوسطة والتقنية وكليات المجتمع، ونقص تلك القنوات مشكلة موجودة لسنوات وتحتاج إلى حل جذري.
في اليابان على سبيل المثال، وفق إحصائيات 2006م، يكمل 75.9 % من خريجي المدارس الثانوية تعليمهم العالي، حيث يوجد فيها1200 مؤسسة تعليم عال (منها 709جامعات والبقية كليات متوسطة ومعاهد عليا، وفق إحصائيات 2004 م).
إن الاستمرار في قبول الطالبات في كلية التربية/ الأقسام العلمية بمثابة تناول المسكن لمريض يحتاج إلى علاج، فيوهم المسكن المريض أن المرض قد زال أو في طريقه للزوال وهو في الواقع يتفاقم.
fma34@yahoo.com


للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم 88548 تبدأ بالرمز 135 مسافة ثم الرسالة