شهامة راكان ..تبكي الجلاد
نقيب الصحفيين الأردنيين يكشف قصة ارتباطه بفارس العجمان
الاثنين / 04 / رجب / 1429 هـ الاثنين 07 يوليو 2008 21:21
رصدها : عبدالله عبيان
تعتبر اسرة آل حثلين احدى الأسر الشهيرة في الجزيرة العربية وتعود تلك الشهرة لارتباط اسم تلك الأسرة باسم الفارس الشهير راكان بن حثلين الذي رددت الركبان قصائده وقصصه البطولية وتناقلها ابناء البادية العربية ووثقها المؤرخون, كما ان تلك الاسرة العريقة كانت منبعا لفرسان آخرين لا يقلون عن راكان في الشجاعة والشعر . انحصرت سلالة راكان بن حثلين, كما اوضح لنا الشيخ راكان بن سلطان, في ابنه الوحيد فلاح الذي انجب خالد المتوفى عند سن الرابعة عشرة وسلطان الذي انجب فلاح وسلمان وفيصل ومحمد وراكان اللذين توفيا في سن مبكر كما انجب فلاح كلا من راكان وسلطان وفهد وانجب سلمان ثمانية ابناء هم سلطان وخالد وفلاح وفيصل ومحمد وراكان ونايف وسعود, اما فيصل فلم ينجب سوى ابن واحد اسمه فلاح وقد توفي في سن مبكرة وتستوطن اسرة ال حثلين الكويت والمملكة.
اقتحم طفولتي
وعن اسرة آل حثلين وفارسهم الشهير راكان كان لنقيب الصحفيين الاردنيين السابق راكان المجالي وقفة اخرى حيث روى لنا تفاصيلها وكشف لنا سر تسميته براكان تيمنا براكان بن حثلين الذي كان والده من اشد المعجبين بشخصيته وفروسيته وشعره, يقول المجالي: اقتحم راكان بن حثلين حياتي منذ الطفولة حيث كانت أبياته الشعرية التي يتحدث فيها عن نفسه الترنيمة التي كانت تهدهدني امي لانام عليها، أما المرحوم والدي فلا أظن انه مر عليه يوم في حضوري او غيابي لم يكن يردد فيه اشعار راكان بن حثلين الذي ارتبطت باسمه قبل الولادة وسترافقني صورته حتى نهاية العمر.
سلاح البادية
والحكاية ان والدي كان من اوائل الذين دخلوا سلاح البادية في الاردن ورغم انه لم يستمر طويلا الا ان قصص البطولة في البادية العربية كانت زوادة الجندي في الصحراء وقد فتن والدي رحمه الله بشخصية الشيخ راكان وسمى نفسه (ابو راكان) قبل سنوات من زواجه وقد اكتشفت عبر مراحل العمر الاولى ان الجيل الذي سبق جيل والدي يحفظ قصص راكان المتداولة على ألسنة الناس، ومع مرورالزمن ايضا ادركت ان هذه القصص مألوفة في الخليج وبلاد الشام والعراق.
القهوة.. سر التسمية
واضاف المجالي: قد تكون هنالك مبالغات في قصة راكان بن حثلين ولكن بالمقابل هنالك حقائق وأولها تسميته (ابن حثلين) اشارة الى الكرم حيث كان بيته يعرف لأن حوله تلا من حثل القهوة وآخر من حثل الشاي والأمر الآخر انه كان زعيم عشيرة العجمان المنتشرة في كافة انحاء الجزيرة العربية وشواطئ الخليج والحدث الاستثنائي في حياته انه عمل على شراء السلاح وتجميعه وحاول ايصاله الى قبيلته والقبائل الاخرى للقيام بثورة ضد العثمانيين وطردهم من بلاد العرب، ولكن الامبراطورية كانت ولا زالت انذاك عند منتصف القرن التاسع عشر قوية واحبطت خطته واعتقلته وسجنته في اسطنبول، والآن وقائع حرب البلقان تتلى على السجناء فكان يتهيج ويقوم بحركات كأنه في ساحة القتال فوصلت اخبار حماسه الى الخليفة الذي امر ان يعطى فرسا وسلاحا وان يذهب للقتال وقد ابلى بلاء حسنا في القتال بما يفوق الوصف حسب الروايات التركية، وبعد انتهاء تلك الحرب قرر الخليفة الافراج عنه، وأرسله الى والي دمشق وامره ان يعطيه كل ما يطلب فاكتفى بـ (ذلول) اي ناقة تحمله وزواده، ومن الامور الثابتة انه عندما سجن خضع للتعذيب على يد جلاد مشهور بالقسوة ولكن الدمعة نفرت من عين الجلاد بعد ما كلت يده وراكان لا يتوجع ولا يتألم.
الفروسية والشعر
وقد عبر هذا الفارس عن كل احداث ووقائع حياته بقصائد هي من اجمل ما كتب في الشعر النبطي حيث من المعروف ان التميز بالفروسية يرافقه تميز بالشعر، ومن ذلك قصائد في زوجته عن العشق وعن الفراق حيث تزوجت ولم تنتظر عودته بعد ان شاع خبر وفاته فكتب عنها قصيدة رائعة خاصة انه لم يتردد ان يدفع لها مهرا ثمينا من قطعان الابل وشلايا من الغنم وحتى اغلى ما يملك فرسه (الكحيلة) ولهذه الفرس قصة اخرى حيث اصر على ان تكفن فرسه وتدفن بعد موتها.
بين المجالي وجابر الصباح
والصحيح انني غير ملم بتفاصيل حياة هذا البطل وقد مرت وقائع ومصادفات لها علاقة باسمي وباسم البطل الذي كان مثلا اعلى للبطولة في نظر المرحوم والدي. ويتابع المجالي من القصص التي اذكرها انني في اوائل السبعينات زرت الكويت والتقيت الشيخ جابر العلي رحمه الله احد اعمدة آل الصباح وبادرني عند السلام عليه: (عاش من سماك هذا الاسم) فقلت له والدي، واوضحت له السر وهو ان والدي كان مسحورا بالفارس راكان بن حثلين فبهت للمفاجأة وقال بتأثر ان راكان بن حثلين هو من اخوالي وكان ذلك بداية مودة واستذكار لتاريخ غني بالرجال الكبار.
لقاء اسرته في الكويت
ويواصل القصة الثانية كانت في الكويت ايضا ففي عام 1987 كنت احضر مؤتمرا لاتحاد الصحفيين العرب في الكويت بصفتي نقيبا للصحفيين الاردنيين ونائبا لاتحاد الصحفيين العرب آنذاك واذكر اني كنت ادخل جريدة (الوطن الكويتية) في المساء فلقيت الصديق الدكتور احمد الربعي يخرج مسرعا وسلمنا ودعاني برفقته لحضور مناسبة في البادية فاعتذرت بشدة بحجة الارتباط ودوافع الكسل الا ان الدكتور الربعي دون ان يقصد اكمل قائلا انه ذاهب عند عشيرة العجمان لمناسبة تخص احد احفاد راكان بن حثلين فقلت له بل نذهب حالا وحتى الزميل رئيس تحرير الوطن سيعذرني اذ اخل بموعدي معه، وذهبنا الى هناك والتقينا بأقارب راكان وذويه وفوجئت بانهم يمتلكون صورة فوتوغرافية جميلة وبعض آثار ذلك الفارس الذي هو رمز العشيرة التاريخي.
وخارج الحديث العاطفي فانني استطيع القول ان هذا البطل الاسطوري والفارس الشجاع والشاعر الملهم والذي يمثل المجد المؤثل والقيم العظيمة من كرم وفروسية وحلم وشعر ليس زعيما فقط بما وهبه الله من (كريزما) ومقومات شخصية للقيادة، ذلك ان امثال هذا البطل هم اكبر من حالة فردية استثنائية لان كل واحد منهم يعبر عن مزايا عشيرة وخصائص مجتمع.
التاريخ في مهب الريح
واستطرد المجالي قائلا : اود ان اعبر عن حزني حيال جهل جيلنا والاجيال القادمة بالتاريخ القريب لنا في نطاق المجتمعات المحلية او في الاطار المشرقي او في النطاق العربي الواسع, وكما هو معروف فان الجيل الذي سبقنا كان يمتلك إطلالة على الأحداث والوقائع خلال قرن أو نصف قرن. أما الأجيال التي سبقت فقد كانت تتناقل الذاكرة الشعبية كل الوقائع ويعيش الناس كل تفاصيل الاحداث ويستحضرون كل الرموز وكل الحروب وكل العشق وكل شيم البطولة وهنالك زمن منسي وفقدان للوعي ازاء المراحل القريبة لواقع الحياة وتطورها في وطننا العربي بل هنالك اهمال متعمد.
واضاف: هنالك قضية ظلت تؤرقني منذ ربع قرن وتحديدا عندما زرت عددا من الجامعات الكبيرة ومراكز البحث في الولايات المتحدة الامريكية واكتشفت ان لديهم اهتماما كبيرا بنشاط فكري وتراثي اسمه (سجل التاريخ الشفوي) ولاحظت ان هنالك بعض القصص العادية في مجتمعات محلية يجري توثيقها بينما تهمل في بلادنا ملاحم اسطورية، لكن في كل الاحوال لا بديل على المستوى العربي عن التعرف ابتداء على وقائع تطور الحياة خلال القرن الماضي والاحاطة بالتاريخ الاجتماعي من كافة جوانبه وفي كافة القطاعات.
اقتحم طفولتي
وعن اسرة آل حثلين وفارسهم الشهير راكان كان لنقيب الصحفيين الاردنيين السابق راكان المجالي وقفة اخرى حيث روى لنا تفاصيلها وكشف لنا سر تسميته براكان تيمنا براكان بن حثلين الذي كان والده من اشد المعجبين بشخصيته وفروسيته وشعره, يقول المجالي: اقتحم راكان بن حثلين حياتي منذ الطفولة حيث كانت أبياته الشعرية التي يتحدث فيها عن نفسه الترنيمة التي كانت تهدهدني امي لانام عليها، أما المرحوم والدي فلا أظن انه مر عليه يوم في حضوري او غيابي لم يكن يردد فيه اشعار راكان بن حثلين الذي ارتبطت باسمه قبل الولادة وسترافقني صورته حتى نهاية العمر.
سلاح البادية
والحكاية ان والدي كان من اوائل الذين دخلوا سلاح البادية في الاردن ورغم انه لم يستمر طويلا الا ان قصص البطولة في البادية العربية كانت زوادة الجندي في الصحراء وقد فتن والدي رحمه الله بشخصية الشيخ راكان وسمى نفسه (ابو راكان) قبل سنوات من زواجه وقد اكتشفت عبر مراحل العمر الاولى ان الجيل الذي سبق جيل والدي يحفظ قصص راكان المتداولة على ألسنة الناس، ومع مرورالزمن ايضا ادركت ان هذه القصص مألوفة في الخليج وبلاد الشام والعراق.
القهوة.. سر التسمية
واضاف المجالي: قد تكون هنالك مبالغات في قصة راكان بن حثلين ولكن بالمقابل هنالك حقائق وأولها تسميته (ابن حثلين) اشارة الى الكرم حيث كان بيته يعرف لأن حوله تلا من حثل القهوة وآخر من حثل الشاي والأمر الآخر انه كان زعيم عشيرة العجمان المنتشرة في كافة انحاء الجزيرة العربية وشواطئ الخليج والحدث الاستثنائي في حياته انه عمل على شراء السلاح وتجميعه وحاول ايصاله الى قبيلته والقبائل الاخرى للقيام بثورة ضد العثمانيين وطردهم من بلاد العرب، ولكن الامبراطورية كانت ولا زالت انذاك عند منتصف القرن التاسع عشر قوية واحبطت خطته واعتقلته وسجنته في اسطنبول، والآن وقائع حرب البلقان تتلى على السجناء فكان يتهيج ويقوم بحركات كأنه في ساحة القتال فوصلت اخبار حماسه الى الخليفة الذي امر ان يعطى فرسا وسلاحا وان يذهب للقتال وقد ابلى بلاء حسنا في القتال بما يفوق الوصف حسب الروايات التركية، وبعد انتهاء تلك الحرب قرر الخليفة الافراج عنه، وأرسله الى والي دمشق وامره ان يعطيه كل ما يطلب فاكتفى بـ (ذلول) اي ناقة تحمله وزواده، ومن الامور الثابتة انه عندما سجن خضع للتعذيب على يد جلاد مشهور بالقسوة ولكن الدمعة نفرت من عين الجلاد بعد ما كلت يده وراكان لا يتوجع ولا يتألم.
الفروسية والشعر
وقد عبر هذا الفارس عن كل احداث ووقائع حياته بقصائد هي من اجمل ما كتب في الشعر النبطي حيث من المعروف ان التميز بالفروسية يرافقه تميز بالشعر، ومن ذلك قصائد في زوجته عن العشق وعن الفراق حيث تزوجت ولم تنتظر عودته بعد ان شاع خبر وفاته فكتب عنها قصيدة رائعة خاصة انه لم يتردد ان يدفع لها مهرا ثمينا من قطعان الابل وشلايا من الغنم وحتى اغلى ما يملك فرسه (الكحيلة) ولهذه الفرس قصة اخرى حيث اصر على ان تكفن فرسه وتدفن بعد موتها.
بين المجالي وجابر الصباح
والصحيح انني غير ملم بتفاصيل حياة هذا البطل وقد مرت وقائع ومصادفات لها علاقة باسمي وباسم البطل الذي كان مثلا اعلى للبطولة في نظر المرحوم والدي. ويتابع المجالي من القصص التي اذكرها انني في اوائل السبعينات زرت الكويت والتقيت الشيخ جابر العلي رحمه الله احد اعمدة آل الصباح وبادرني عند السلام عليه: (عاش من سماك هذا الاسم) فقلت له والدي، واوضحت له السر وهو ان والدي كان مسحورا بالفارس راكان بن حثلين فبهت للمفاجأة وقال بتأثر ان راكان بن حثلين هو من اخوالي وكان ذلك بداية مودة واستذكار لتاريخ غني بالرجال الكبار.
لقاء اسرته في الكويت
ويواصل القصة الثانية كانت في الكويت ايضا ففي عام 1987 كنت احضر مؤتمرا لاتحاد الصحفيين العرب في الكويت بصفتي نقيبا للصحفيين الاردنيين ونائبا لاتحاد الصحفيين العرب آنذاك واذكر اني كنت ادخل جريدة (الوطن الكويتية) في المساء فلقيت الصديق الدكتور احمد الربعي يخرج مسرعا وسلمنا ودعاني برفقته لحضور مناسبة في البادية فاعتذرت بشدة بحجة الارتباط ودوافع الكسل الا ان الدكتور الربعي دون ان يقصد اكمل قائلا انه ذاهب عند عشيرة العجمان لمناسبة تخص احد احفاد راكان بن حثلين فقلت له بل نذهب حالا وحتى الزميل رئيس تحرير الوطن سيعذرني اذ اخل بموعدي معه، وذهبنا الى هناك والتقينا بأقارب راكان وذويه وفوجئت بانهم يمتلكون صورة فوتوغرافية جميلة وبعض آثار ذلك الفارس الذي هو رمز العشيرة التاريخي.
وخارج الحديث العاطفي فانني استطيع القول ان هذا البطل الاسطوري والفارس الشجاع والشاعر الملهم والذي يمثل المجد المؤثل والقيم العظيمة من كرم وفروسية وحلم وشعر ليس زعيما فقط بما وهبه الله من (كريزما) ومقومات شخصية للقيادة، ذلك ان امثال هذا البطل هم اكبر من حالة فردية استثنائية لان كل واحد منهم يعبر عن مزايا عشيرة وخصائص مجتمع.
التاريخ في مهب الريح
واستطرد المجالي قائلا : اود ان اعبر عن حزني حيال جهل جيلنا والاجيال القادمة بالتاريخ القريب لنا في نطاق المجتمعات المحلية او في الاطار المشرقي او في النطاق العربي الواسع, وكما هو معروف فان الجيل الذي سبقنا كان يمتلك إطلالة على الأحداث والوقائع خلال قرن أو نصف قرن. أما الأجيال التي سبقت فقد كانت تتناقل الذاكرة الشعبية كل الوقائع ويعيش الناس كل تفاصيل الاحداث ويستحضرون كل الرموز وكل الحروب وكل العشق وكل شيم البطولة وهنالك زمن منسي وفقدان للوعي ازاء المراحل القريبة لواقع الحياة وتطورها في وطننا العربي بل هنالك اهمال متعمد.
واضاف: هنالك قضية ظلت تؤرقني منذ ربع قرن وتحديدا عندما زرت عددا من الجامعات الكبيرة ومراكز البحث في الولايات المتحدة الامريكية واكتشفت ان لديهم اهتماما كبيرا بنشاط فكري وتراثي اسمه (سجل التاريخ الشفوي) ولاحظت ان هنالك بعض القصص العادية في مجتمعات محلية يجري توثيقها بينما تهمل في بلادنا ملاحم اسطورية، لكن في كل الاحوال لا بديل على المستوى العربي عن التعرف ابتداء على وقائع تطور الحياة خلال القرن الماضي والاحاطة بالتاريخ الاجتماعي من كافة جوانبه وفي كافة القطاعات.