رياضة

عندما يحرق المتعصبون أنفسهم

البرامج الرياضية تخلت عن مبادئها بحثاً عن الإثارة

عبدالله الغزال (الأحساء)aja5005@

فوضى عارمة اجتاحت الساحة الرياضية أبطالها متجاوزون إعلامياً، ما قادهم إلى العنصرية لتخرج الألفاظ عن النص، ويجد من يناصرها هنا وهناك.. ليأتي منطق القانون مخرساً كل الأفواه المتشدقة التي استغلت البرامج الرياضية وساحة صراع المواقع الاجتماعية لبث الأفكار الشاذة عن أهداف الرياضة السامية، معززين ثقافة الكراهية والعنصرية بأسلوب مستفز بعيداً عن العقلانية والرصانة. تلك الموجة قوبلت بمواقف صارمة بإبعاد كل من يحيد عن الصواب وأهداف الإعلام بعد أن تخلت البرامج الرياضية عن مبادئها في طريقها للبحث عن الإثارة وجذب المتلقي حتى إن كان بأسلوب سوقي بعيداً عن المهنية والحيادية، لتضع حدوداً لكل إعلامي بأن التجاوزات غير المقبولة تحت المجهر. إعلاميون استضافتهم «عكاظ»، تحدثوا عن الإسقاطات الإعلامية وتوجه بعض القنوات الرياضية إلى الإثارة عبر تصريحات استفزازية بعيدة عن اللحمة الرياضية، واصفين الساحة الرياضية بحلبة الصراع التي وجدت من المتلقي المغذي والمشجع لها.. آراء ضيوفنا الكرام نستعرضها في ثنايا السطور التالية:

جس نبض.. ثقافة جمهرة وتعصب أعمى

في البداية قال الإعلامي الرياضي عبدالله الضويحي: «الحقيقة أن هذا الخروج عن النص أو التجاوز لم يكن وليد اليوم أو السنوات الأخيرة، والمتابع للوضع يدرك أنه بدأ منذ حوالى 20 سنة على صورة (جس نبض) للمؤسسة الرياضية للنيل من هيبتها، وكان المسؤول يتسم بسعة الصدر لأمور لم يدركها هؤلاء ما أدى إلى أن يصل الوضع لما هو عليه الآن».

وأضاف: «صفة (إعلامي) مغرية والشهرة تستهوي الكثير والإعلام أقرب الطرق إليها خاصة مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وتطور التقنية ووجد هؤلاء من يشجعهم على ذلك خاصة في تويتر، اما من يطلق عليهم في العرف الإعلامي «ثقافة الجمهرة» أو «ثقافة القطيع» أو أطراف خارجية بمعرفات محلية لأهداف معروفة لم يدركها هؤلاء، فظنوا أنهم يحسنون صنعاً حتى إن أدركوا بقناعاتهم الشخصية عدم مصداقيتهم وصحة توجههم».

وتابع: «من حق كل إنسان أن يعبر عن رأيه حتى إن لم يتفق مع الآخر، بشرط أن يكون هذا الرأي مبنياً على قناعات ونظريات يمكن النقاش حولها وليس اتهامات وتشكيكاً في حقائق ثابتة أو النيل من شخصيات اعتبارية أو كيانات لمجرد الاختلاف معها، ولتمرير قناعاته وفرضها على الآخر بمنطق يفتقر حتى لأدبيات الحوار».

واستطرد: «لا أتحدث هنا عن التعصب وأبعاده فهذا مفهوم للعموم ومن حق كل إنسان ألا يتمنى فوز فريق ما خارجياً، لكن ليس من حقه أن يعلن ذلك على الملأ ويربي النشء عليه، الإعلام والإثارة الإعلامية والحرية مفاهيم واسعة، من لا يملك الثقافة العامة والقدرة على العوم فيها يغرق في بحورها، وهناك خيط رفيع بين الحرية وبين الإثارة الإعلامية، والإعلام كما هو معروف سلاح ذو حدين والحديث في هذا الجانب يطول، المشكلة هنا في القائمين على البرامج أو القنوات الرياضية الذين يستضيفون بعضاً من هؤلاء، لأنهم مقتنعون بما يقولون.. وهذه مصيبة.

ضبط النفس.. لجان قضائية لصد المتجاوزين

أوضح المختص في القانون الرياضي الدولي المحامي يعقوب المطير، أن الاتحاد السعودي للإعلام الرياضي هو الجهة المختصة بالبت في التجاوزات الإعلامية عبر وسائل الإعلام المختصة تحت إطار الإعلام الرياضي سواءً على مستوى القنوات التلفزيونية أو الإذاعية أو الصحف الورقية أو الإلكترونية أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وقال: «ما أنشئ هذا الاتحاد إلا لغرض تنظيم الإعلام الرياضي والمساهمة في الارتقاء به، وبالتالي يتعامل الاتحاد السعودي للإعلام الرياضي مع المتجاوزين باستدعائهم والتحقيق معهم ومن ثم إصدار العقوبة المناسبة حسب اللائحة، إما بتعليق العضوية عند ارتكابه حالات كثيرة، ومن ضمنها في حال اتهامه بارتكاب مخالفات تتعلق بالشرف والأمانة أو بآداب المهنة، أو بعقوبة إسقاط العضوية عند ارتكابه مخالفات عديدة من ضمنها مخالفة النظام العام للمملكة أو الحث على التفرقة أو التعصب أو العنف أو العنصرية أو السماح بممارستها، أو الإساءة الجسيمة للرياضة السعودية أو عناصرها أو رموزها أو جهاتها العاملة، كما أنه بإمكان الاتحاد إحالة التجاوزات إلى اللجان القضائية المختصة لدى وزارة الإعلام لإصدار أحكام قضائية متشددة، لذلك على الإعلامي الرياضي ضبط النفس وعدم تجاوز القيم والمبادئ والروح الرياضية حتى يتجنب المساءلة القانونية».

تجاوزات تخضع لأنظمة وقوانين

وتحدث الإعلامي منصور الجبرتي عن التجاوزات الإعلامية قائلاً: «الساحة الإعلامية محكومة بأنظمة وقوانين من قبل وزارة الإعلام ولديها أنظمة وقوانين سواء في المطبوعات والنشر وكذلك في الاتحاد السعودي للإعلام الرياضي، وأي تجاوزات تكون خاضعة للأنظمة والقوانين، وإذا تمت تبرئتها فهي بريئة وإن تصورها الآخرون خاطئة، وإذا تم تجريمها فهي قضية قانونية قابلة للأخذ والرد ولكنها ملزمة وضابطة لجميع الأطراف». وأضاف: «لا يوجد إعلامي يطالب بسقف محدود بل يريد سقفاً مفتوحاً وأن تتم حماية الإعلاميين، يجب أن يكون الإعلامي منضبطاً وتنطبق عليه كافة المعايير، ويملك أهدافاً سامية حتى يصنف إعلامياً، يمكن أن تجد في الساحة الإعلامية الرياضية التجاذب الجماهيري والتعصب لفرق، وتجد بعض الجماهير تجتزئ جزءاً معيناً من حديث إعلامي من أجل تصفية الحسابات، فالبعض يصنفه تجاوزاً والآخر يصفه بالكلام العادي».

انحدار إلى الفوضى.. المتلقي مناصر للهزل

بينما تحدث الإعلامي عبدالرحمن الزهراني، بأن «التنافس الرياضي والتجاذب الإعلامي الذي نعيشه اليوم حادا عن جادة المفردة المعتدلة وذهبا إلى منحدر الفوضوية غير المسؤولة المنضبطة، وجاء المخرجون والمنتجون بمكيال، وعذر هذا ما يطلبه السوق وترجحه كفة القبول التي تتواكب مع السرعة التواصلية ومكاسب الإعلان المربحة والمكسبة وزمن الانضباطية القلمية الهادئة لم يعد يؤكل عيشاً وأصبحت لغة أرقام «تويتر» وإخوته ما يحدد معروض السوق وإن كان رديئاً، والمؤسف أن المتلقي دخل الحلبة وأصبح للهزل والنط والتراشق الإعلامي مسانداً ونصيراً».

وأضاف: «من المؤسف أن من متطلبات لسان الإعلام الرياضي الخوض بلا مهنية رادعة وحضور الحدة الجارحة ودخولها البيوت بلا استئذان وتقسيم ذهنية وعقلانية الأسرة بحسب ميولها، وأفرزت تلك التجاوزات جيل أطفال وشباب يمتهنون لغة الشتم واللعن ويتلقون تعبئة إقصائية لا تقبل بالهزيمة ولا تتأدب مع الكبير وتجرها الميول العوجاء إلى الدهاليز السوداوية وبمقياس النصرة ظالماً ومظلوماً، وتجد ما هو أقسى حين جر المأزومون الصغار الكبار من الإعلاميين وأقنعوهم بأن حبل إنقاذ تاريخهم القديم يحتاج إلى إكسير تقليد وإن كانت البضاعة صراخاً وخروجاً وردحاً وأصبحت مفردة». وأردف: «لسانك حصانك من بقايا زمن وجيل الطيبين، وهؤلاء الطيبون بقوا في بيوتهم ولا قبول لهم على مرابع الشاشة والصحيفة والإذاعة والمؤسف أن بعض خروجاتنا الجانحة قد استُغِلت ممن يتأبطون بنا شراً، وصاغوا منها أفلاماً ومسرحيات واستغلوها لضرب لحمتنا الرياضية بعد أن هزمناهم في المواقف الوطنية.