بـ 50 مليونا.. «مشروع محمد بن سلمان» يعيد الصلاة لـ 30 مسجدا تاريخيا
بعد انقطاع المصلين 40 عاماً عن بعضها
الاثنين / 11 / جمادى الأولى / 1441 هـ الاثنين 06 يناير 2020 01:47
«عكاظ» (الرياض) okaz_online@
عدد من المساجد التي تم تأهيلها في 10 مناطق
أعاد مشروع «محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية»، الصلاة في 30 مسجدا تاريخيا في 10 مناطق مختلفة، بعدما انقطعت في بعضها لمدة تصل إلى 40 عاماً.
وأنجز المشروع تأهيلا كاملا لمساجد المرحلة الأولى من المشروع بتكلفة 50 مليون ريال خلال 423 يوماً، بتوجيه ومتابعة من ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ضمن التوجيه الكريم بتطوير وتأهيل 130 مسجداً تاريخياً على مراحل عدة. ومع بداية جمادى الأولى من العام الحالي بدأ عدد من مساجد المرحلة الأولى في معاودة استقبال المصلين بعد انقطاع المصلين عن بعضها قبل فترة الترميم لمدة تزيد على 40 عاما، لتنطلق مرحلة جديدة لهذه المساجد لتصبح رمزاً دينياً تاريخياً من شأنه المحافظة على الإرث الديني والعمارة الإسلامية وإعادة إحياء القرى التراثية وأواسط المدن التاريخية.
وجاء توجيه ولي العهد الكريم بتنفيذ تلك المشاريع من قبل شركات سعودية متخصصة في المباني التراثية وذات خبرة في مجالها، مع أهمية إشراك المهندسين السعوديين للتأكد من المحافظة على الهوية العمرانية الأصيلة لكل مسجد منذ تأسيسه، والذي تم عبر برنامج إعمار المساجد التاريخية في وزارة الثقافة بالشراكة مع وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد والهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني والجمعية السعودية للمحافظة على التراث.
وخلال فترة العمل حرص المشروع على مراعاة أدق التفاصيل، لتعود المساجد على ما كانت عليه من تصميم بمواد تراثية محلية، وإضافة عناصر جديدة ضرورية مثل تخصيص مصليات للنساء، وتوفير خدمات لذوي الإعاقة وتطوير المرافق الخدمية مثل التكييف والإنارة والصوتيات وتنفيذها بأسلوب يتوافق مع هوية المسجد التاريخية.
وتتفاوت أعمار المساجد التاريخية ضمن المرحلة الأولى بين 1432 عاماً و60 عاماً، متوزعة في مناطق مختلفة، إذ يعود تأسيس أحدها إلى عهد الصحابي الجليل جرير بن عبدالله البجلي -رضي الله عنه-، وهو مسجد جرير البجلي في الطائف، فيما يعرف بعضها على أنها كانت منارة علمية مثل مسجد الشيخ أبوبكر، الذي يعود تأسيسه إلى أكثر من 300 سنة في محافظة الأحساء.
ويأتي دعم ولي العهد للمساجد التاريخية، الذي يعد الأكبر في تاريخ دعم المساجد التاريخية من حيث عدد المساجد والتكلفة الإجمالية، لما لها من مكانة عظيمة في الدين الإسلامي، إضافة إلى كونها أحد أهم معالم التراث العمراني الحضاري، ولأصالة طابعها المعماري وأهميتها في إبراز سمات العمارة المحلية للمساجد وتنوعها من حيث التصميم ومواد البناء بما يتوافق مع الطبيعة الجغرافية والمناخية ومواد البناء في مختلف المناطق.
المحافظة
على الطراز المعماري..
أبرز التحديات
بدأت أعمال الترميم بإجراء الدراسات وتوثيق الأبعاد التاريخية والمعمارية لكل مسجد، واستعراض جميع التحديات التي تحيط بالمساجد من حيث التسهيلات والخدمات التي يجب توافرها ومدى خدمة كل مسجد للمحيط الذي يقع فيه، فضلاً عن المحافظة على الطراز المعماري الذي يميز كل منطقة سعودية، والتي تعتمد في بعضها على البناء بالأحجار، وأخرى بالطين واستخدام الأخشاب المحلية التي تتميز بها كل منطقة. وبالتوازي مع ذلك، حافظت عملية التطوير والتأهيل على الطابع المعماري للمساجد من حيث الزخارف الجصية، والأسقف التراثية وساحات المساجد التي كانت ملتقى أهل القرى في مناسباتهم واستقبال ضيوفهم، وللتشاور في تحقيق التكافل الاجتماعي وحل المنازعات، فيما حرصت على إعادة إحياء أقسام لطالما تميزت بها المساجد القديمة مثل «الخلوة»، وهو مصطلح يعني مصلى ينفذ تحت أرضية المسجد أو في مؤخرته على ارتفاع معين لاستخدامه في الأجواء الباردة خلال تأدية الصلاة، وكما تمت المحافظة على مواقع استقبال الضيوف عابري السبيل الملحقة بالمسجد، والمواضئ والآبار التراثية الخاصة بالمسجد.
المساجد المعاد
تأهيلها وترميمها
ضمت المساجد التي تم ترميمها وتأهيلها في المرحلة الأولى في الرياض، مسجد الداخلة (سدير)، مسجد الزرقاء (ثرمداء)، جامع التويم (التويم)، مسجد قصر الشريعة (الهياثم)، جامع المنسف (الزلفي)، مسجد سديرة (شقراء). وفي منطقة مكة المكرمة مسجد الصادرة (الطائف)، مسجد البجلي بن مالك (الطائف). وفي المنطقة الشرقية مسجد الحبيش (الهفوف)، مسجد أبوبكر (الهفوف). وفي منطقة عسير مسجد قرية السرو (السرو)، مسجد النصب (أبها)، مسجد صدر أيد (النماص)، مسجد آل عكاسة (النماص)، مسجد المضفاة (بللسمر). وفي منطقة القصيم مسجد العجلان (بريدة)، مسجد محمد المقبل (بريدة)، مسجد البرقاء (الأسياح)، الجامع القديم (عقلة الصقور). وفي منطقة الباحة مسجد الأطاولة التراثي (الأطاولة)، مسجد الظفير التراثي (الباحة)، مسجد قرية الملد التراثية (الملد). وفي منطقة جازان مسجد التابوت (جزيرة فرسان). وفي منطقة حائل مسجد المغيضة، مسجد قفار، مسجد الجلعود (سميراء). وفي منطقة الجوف مسجد الرحيبين (سكاكا)، مسجد الحديثة (الحديثة)، مسجد العيساوية (العيساوية)، وفي منطقة نجران مسجد أبوبكر (ثار).
التأهيل.. استعادة
للأصالة العمرانية
يعزز مشروع «محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية» الاهتمام بتطوير القرى والبلدات التراثية وأوساط المدن التاريخية في المملكة، وإعادة تأهيل تلك المساجد للعبادة والصلاة بعد أن طالها الهجر في السنوات الماضية، وذلك بعد أن مرت السعودية خلال العقود الأربعة الماضية بتنمية عمرانية سريعة، كان من آثارها الاتجاه نحو بناء مساجد حديثة، وإهمال معظم المساجد التاريخية، بل وهدمها في بعض الأحيان، وبناء مساجد جديدة مكانها، أو ترك المساجد التاريخية والانتقال إلى مساجد حديثة أخرى، ما أدى إلى زوال الكثير منها، حيث الكثير من هذه المساجد يقع في قرى تراثية معظمها مهجورة، إضافة إلى التأكيد على استعادة أصالتها المعمارية وفقا لمعطيات مواقعها الجغرافية. وسيعزز المشروع من المحافظة على المساجد التاريخية وإبراز الخصائص العمرانية في تصميمها والاستفادة منها في تطوير تصميم المساجد الحديثة، خصوصا أن معظم عناصر تصميم المساجد التاريخية يتواكب مع الاتجاه نحو الاستدامة والعمارة الخضراء، كما أن المحافظة وتطوير المساجد التاريخية يساهم بشكل رئيسي في إبراز البعد الحضاري للمملكة الذي تركز عليه رؤية 2030.