زوايا متخصصة

الكتابة العربية بين الراديكالية والتجديد

إعداد: فهد البندر fahadalbandar@

مرّت الكتابة العربية منذ نهضتها الأولى حسب أرجح الروايات بثلاثة تغييرات، بعد أن كانت كلمات متناثرة متشابهة الحروف (الراء والزاء، والدال والذال، والسين والشين، والطاء والظاء، والصاد والضاد، والعين والغين) لا يستطيع قارئها أن يفصل بين حروفها إلا باستيعاب معنى سياقها، وهذا ما أكّده عددٌ من الباحثين والمستشرقين في بحوثهم عن نشأة الكتابة العربية وكونها نبطية في الأصل (النبط عرب هاجروا إلى شمال الجزيرة العربية أسسوا مملكة هناك، زالت في أواخر القرن الميلادي الثاني، وكتبوا العربية بخط اقتبسوه من اللغة الآرامية). وقد حدث التغيير الأول في السنة 67 للهجرة، عندما خشي العرب إفساد اللغة بعد اختلاط الأعاجم بهم، عند دخولهم الإسلام، فأمر أمير العراق آنذاك زياد بن أبيه أبا الأسود الدؤليّ بضبط اللغة نحواً وكتابة بتشكيل أواخر الكلمات، وقيل إنه استعان بعلامات وجدها في اللغة السريانية كانوا يستدلّون بها على المرفوع والمنصوب والمكسور، ويميّزون بها الاسم والفعل والحرف، فوضع التشكيل والنقط على الحروف.

والتغيير الثاني في زمن الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان، حيث قام يحيى بن يعمر ونصر بن عاصم بوضع النقط على كل الحروف التي تحتاج، أكثر مما وضع الدؤلي.

أما التغيير الثالث فقام به الخليل بن أحمد الفراهيدي في عصر بني العباس حين استبدل علامات الدؤلي بالفتحة (شرطة علوية) والكسرة (شرطة سفلية) والضمة (رأس واو) والسكون (دائرة صغيرة)، وهي ما نستخدمها الآن، ووضع الهمزة (رأس حرف العين). هذه المقدمة تقودنا للتساؤل عن مدى أهمية التغيير في الكتابة العربية في عصرنا الحاضر، وحاجتها لتغييرات عدة، تواكب العصر الحديث الذي تكاد تختفي فيه الكتابة بالقلم، وتحلّ محلّها الكتابة بأزرار الأجهزة الحديثة. وتبدو الحاجة ملحّةً في زيادة حرف جديد لاستيعاب المفردات التي أدخلها العرب على لغتهم اليوم، أو أجبروا على نطقها، كأسماء بعض الدول الأجنبية، كانجلترا فيكتبونها انكلترا وانجلترا وانغلترا وانقلترا، وقوقل يكتبونها غوغل وجوجل.

وأن تعاد بعض الحروف المحذوفة من عدد من الكلمات كان القدماء حذفوها لأسبابٍ أقنعتهم، الألف في هذا وهذه وذلك ولكن والرحمن، (هاذا وهاذه وذالك والرحمان) وغيرها، إذ تشكل هذه التعقيدات على النشء خلال تعليمهم، إذ يطلب الناطق كتابة كلمةٍ ينطقها بألف وعندما يكتبها السامع حسب نطق الناطق، يفاجأ بتخطئته.

والتأكيد على أن الخط القرآني لا يعتبر كتابةً بل هو رسم خاص بالمصحف الشريف، لا يصلح اقتباس الكتابة منه ولا الاعتداد به كمنهجٍ للكتابة.