تحقيقات

عكاظ تنتصر لـ«البديلات» وتسأل: ما مصير المتبقيات؟

ملاحقة ملف السنوات الـ 7 تثمر عن تعيين 3300 وتفتح ملف الحريق الغامض

عدد من الخريجات البديلات المتضررات خلال حديثهن لـ عكاظ.

عبدالعزيز الربيعي (مكة المكرمة) florist600@، ذكرى السلمي (جدة) Zekraalsolami@

قبل نحو 7 سنوات برز على سطح المحيط التعليمي ملف «المعلمات البديلات». أكثر من 3 آلاف خريجة وجدن أنفسهن على الرصيف في انتظار الملف المتجمد. وأخذت «عكاظ» زمام المبادرة في تسليط المصابيح على الملف المتعثر، وإذابة الجليد بين طرفي المعادلة (وزارتا التعليم والخدمة المدنية من جانب والبديلات من جانب آخر)، لتثمر عن معادلة طيبة انتهت بحلحلة الملف بصورة مرضية أنهت معاناة المئات، وتبقت عشرات يترقبن طي الصفحة إلى الأبد.

وترى المتحدثة باسم معلمات الدفعة الثالثة من البديلات آمال الأحمدي أن «عكاظ» لعبت دورا محوريا في إذابة الجليد، وتابعت بمثابرة هذا الملف المتعثر حتى توجت بحصول البديلات على حقهن في التثبيت، «عكاظ» حملت على عاتقها متابعة القضية وتطوراتها، وملاحقة مستجداتها ما كان له الدور الكبير في وصول صوتنا وطي صفحة معاناة المئات».

.. ومع ذلك، فإن وجود «متبقيات» لا يزيد عددهن على 300 معلمة بديلة يبقي الملف مفتوحا إلى حين، بعدما تعثرت عملية تثبيتهن بسبب نقص الأوراق أو عدم حصولهن على مؤهل جامعي.. ليطل السؤال مجددا: وماذا عن الباقيات؟

انتقائية وتعجيز.. من أحرق الأرشيف ؟

ملف أكثر من 3600 بديلة في مختلف المناطق شارف على طي صفحاته بتعيين دفعتين، وترى متبقيات لم يحالفهن الحظ أن «حججا واهية» تمنع إدارات تعليمية من رفع ملفاتهن، ويتهمن ما أسمينه «الانتقائية» والشروط التعجيزية في ما يحدث على خلاف التعليمات والقرارات الرسمية التي عملت على إنصافهن ورد حقوقهن.

وتتساءل معلمات بديلات عن الأسباب الحقيقية في حرمانهن من التعيين واختفاء المسيرات والعقود في بعض المناطق مثل عسير والقصيم ومكة المكرمة والقنفذة والرياض.

وتتحدث أخريات من الطائف ومكة المكرمة عن تعذر التعليم بحجة «حريق الأرشيف» في اختفاء ملفات ١٢٠ بديلة في عفيف. وطالبن بفتح تحقيق في اختفاء الملفات في وقت تقاذفت فيه الوزارة وإدارات تعليمية المسؤولية.. ففي الطائف مثلا حمّلت 80 بديلة إدارة التعليم مسؤولية تأخير رفع الملفات والمسيرات، وفي مكة المكرمة تصر معلمات بديلات على معرفة مصير «الملفات المحروقة».

بديلة: أضاعوه ويطالبونني به !

روت المعلمة «أ. س» ما واجهته من صعاب في ملف البديلات، وتقول لـ«عكاظ» إن سنوات عمرها راحت بين الرياض مقر سكنها وتعليم القنفذة، بعدما احترق ملفها في الأرشيف، وحجة الحريق أن الأوراق تتلف كل خمس سنوات، «تكبدت مشاق وعناء رحلة الرياض - القنفذة أكثر من 6 مرات، وتقدمت بمعروض لمدير التعليم بالقنفذة أطلب فيه معرفة مصير ملفي استنادا إلى ما أحمله من أوراق ومستندات مصدقة (العقد، والتوجيه، والمباشرة)، وعززت معروضي بشهادة الخبرة ومشاهد من المدرسة ومكتب الإشراف، ومع ذلك ضاع مسيري ولا أعرف مصيره». وتضيف أن إدارة التعليم ردت بالقول: «نعم.. كانت معلمة متعاقدة لدينا وتتقاضى راتبا مقداره 2500 ريال، ولكن لم نجد لها مسيرا». هذه العثرات حرمت المعلمة من التعيين، والغريب أن التعيين رهين بإحضار المسير المحروق.

ويقول ممثل أهالي بديلات عفيف خالد العسكر أنه تقدم بأكثر من تظلم في هذا الشأن بسبب ما أسماه «المعالجة غير المنصفة» واختفاء أصول البيانات الخاصة.

المتحدث باسم «ما دون الجامعي»:

حاسبوا مطلقي الحجج الواهية

«ليان» تروي تجربتها كبديلة دون الجامعية، وتقول إنها توقعت أن يشملها قرار التعيين لتلحق بزميلاتها وراحت أمنيتها رجع الصدى، «تعاقدت مع مدرسة في تبوك لمدة عامين واستوفيت كافة الشروط وانتظرت الإنصاف، لكن تعنت بعض منسوبي وزارة التعليم حرمني وزميلاتي ولا أعرف من الذي يتلاعب بملفاتنا».

أما أم تركي التي ضاقت ذرعا بالمراجعات المتكررة للحصول على فرصة عمل فتقول إنها راجعت الوزارة وإداراتها التعليمية غير أن هذه الجهات تتعذر بعدم تلقيها تعليمات.. وذات الحالة لأم «أمل» من الطائف التي تحمّل إدارة التعليم بالمحافظة إضاعة ملفها وتفجر مفاجأة بالتأكيد أن أولياء أمور طالبات دخلوا إلى الأرشيف وعثروا على ملفات بناتهم!

وتضيف أخرى رمزت اسمها بـ «أمل» أنها من أولى دفعات بديلات الرياض لكنها استبعدت بسبب المسير المفقود برغم وجود العقد وبقية المستندات، «بعد معاناة في البحث والمراجعات تم العثور على مسيري في أرشيف الوزارة وجاءت التوجيهات الأخيرة وكان اسمي من بين المقبولات وتم استبعادي عند المطابقة».

وعلى السياق ذاته، يؤكد المتحدث باسم البديلات دون الجامعي فهد الحربي، أن المعاناة استمرت لسبع سنوات، وطلبنا الإنصاف، خصوصا أن البديلات خدمن في حقل التعليم لسد العجز وصدر قرار بالتعيين وتم إعلان الأسماء ومطابقة الأوراق وتحديد الرغبات وأثمر ذلك عن تعيين مجموعة ولَم يتم تعيين الدفعة الأخيرة بحجج واهية وأعذار غير مقبولة ومنها أن التي حصلت على المؤهل الجامعي بعد العقد تعتبر ما دون الجامعي !

ويطالب الحربي بتعيين البديلات أسوة بالدفعة الأولى التي قسمتها وزارة التعليم بعد أن أضاعت الملفات وإبعاد كل موظف وضع شروطا تعجيزية ومنع البديلات من حقهن في التعيين.

صراع المشهد وكشف الحضور والخبرة

بديلات من الرياض، من الدفعة الأولى استبعدن بسبب عدم العثور على مسيراتهن برغم إبرازهن لشهادات الخبرة وبيانات كشوفات الدوام، تقول إحداهن: بعد البحث والتنقيب عثروا على المسير في أرشيف الوزارة، وفي تعليم الرياض أفادوها أن المسير غير موجود في الحاسب.

صدر القرار وظهر اسمي بين المقبولات وعند المطابقة تم استبعادي، فاضطررت مع أخريات لمراجعة الوزارة فكتبوا لنا خطاب «يكتفى بالمشهد في حالة عدم وجود العقد» ورفضت إدارة تعليم الرياض الحل، علما أن بعض الإدارات اكتفت بالمشهد.

وطبقا لبديلات فإن التعليم ترفض كتابة مشاهد للزميلات، كما ترفض أيضا شهادات الخبرة والأداء الوظيفي وكشف البيان ومشهد محو الأمية.

وكشف محضر اجتماع حول حريق مستودع الأرشيف بالطائف وحصر أضراره، أن التلفيات طالت ملفات ومسيرات وسجلات نساء، واتضح أن التالف يخص الإدارة المالية والإدارية وشؤون الموظفين، إذ تم إتلاف 90% من محتويات المستودع والاحتفاظ بـ10% من بعض الأوراق.