من أحق بتاريخ بني أمية ؟
السبت / 16 / جمادى الأولى / 1441 هـ السبت 11 يناير 2020 01:14
عبدالله الرشيد
علموا أبناءكم الفضائل، واتركوا اللطم على الحسين.. هكذا تحدث المؤرخ اللبناني أنيس بن زكريا النصولي في كتابه المثير «الدولة الأموية في الشام»، وبسبب ذلك طُرد من العراق عام ١٩٢٧ حيث كان يعمل، وخرجت مظاهرات بسببه، وأثار كتابه موجة غضب عارمة، انتهت بفصله من التدريس ببغداد، ثم مغادرته لها، وتدخل في ذلك الملك فيصل الأول شخصيا لحل أزمة الكتاب.
يعتبر أنيس النصولي من المؤرخين العرب المرموقين، من أبناء بيروت، ولد سنة ١٩٠٢، وتخرج في الجامعة الأمريكية، وله عناية جليلة بتاريخ بني أمية، وألف حول تاريخ الأمويين غير هذا الكتاب عدة كتب أخرى، ككتاب «الدولة الأموية في قرطبة»، وآخر عن سيرة معاوية بني أبي سفيان، وله أيضاً كتاب عن أسباب النهضة العربية في القرن التاسع عشر.
ذهب النصولي معاراً من سوريا إلى بغداد، وعمل ضمن وزارة المعارف العراقية، في سلك التعليم، وهناك قرر إصدار كتابه «الدولة الأموية في الشام» وسط بيئة يغلب عليها الطابع الشيعي، لكنه لم يأبه لذلك فكتب في صفحة إهداء الكتاب: «مَن أحق بتاريخ أميَّة، مِن أبناء أميَّة! ومَن أحق بتاريخ معاوية والوليد مِن أبناء معاوية والوليد! فاقبلوا يا أبناء سورية الباسلة المتحدة المستقلة، هذه الثَّمرة الصَّغيرة».
هذا الإهداء كان الشرارة التي أشعلت الغضب الشيعي البغدادي من النصولي، إضافة إلى الكثير مما ورد في ثنايا الكتاب، حيث انتصر النصولي بقوة لموقف معاوية في أحداث الفتنة، موضحاً مآثر بني أمية وفضائل دولتهم، وخيرهم العميم على الحضارة الإسلامية، فنجاحات وفتوحات الدولة الأموية بلغت أوج وأكبر توسع إسلامي لم يبلغه أي حكم بعد الأمويين، كما أن حكم بني أمية تميز بأصالته العربية، وإعلائه لشأن العرب ورايتهم.
وحين تعرض النصولي في كتابه لمحنة الحسين رضي الله عنه، وكتب عن وقائعها وآلامها. انتقد مبالغة الطائفة الشيعية في البكاء واللطم عليه، وكأن التاريخ قد توقف عند هذه اللحظة، فالمستقبل أرحب وأوسع، يقول: «تَعْقِد الشيعة في العاشر من محرم الاجتماعات المؤثرة، فتراهم يَضْرِبون صدورهم بأيديهم، ويشجُّون رؤوسهم بالحديد فيهلك بعضهم. ولعل العلم يصدُّهم في المستقبل عن مثل هذه العادة فيحوِّلون مجرى أحزانهم إلى فِعْل الخير والإحسان وبثِّ الفضيلة بين أبنائهم وبناتهم».
هذه الأفكار وغيرها أثارت غضب فئة من النافذين الشيعة في العراق، وأصبح الكتاب علامة على صراع طائفي، فأصدر وزير المعارف العراقي حينها السيد عبد المهدي المنتفكي قراراً بفصل النصولي. فاعترض زملاؤه من المدرسين السوريين، فشملهم قرار الفصل. بعد ذلك قام طلبة الثانوية المركزية ودار المعلمين بمظاهرات أمام وزارة المعارف ضد قرار الفصل، وكانوا مِن الشِّيعة والسُّنَّة معاً، ففُصل الطلبة المتظاهرون أيضاً.
رغم أن هذه الأحداث جرت قبل نشوء الإسلام السياسي، وقبل أن توجد «عصائب الحق»، و«كتائب حزب الله»، و«فيلق القدس»، وغيرها من الميليشيات الشيعية المتطرفة، إلا أن القصة تكشف عن عمق المكون الطائفي في تركيبة المجتمع العراقي، وهذا ما استنكره المفكر العربي ساطع الحصري، وكان مدير التعليم العام حينها، وقال منتقداً هذه الضجة: «ليس في هذا الأمر ما يستحق، وليس في الأمر من طائفية». أم أنهم يريدون أن يستمروا في شج رؤوسهم باسم الحسين!
يعتبر أنيس النصولي من المؤرخين العرب المرموقين، من أبناء بيروت، ولد سنة ١٩٠٢، وتخرج في الجامعة الأمريكية، وله عناية جليلة بتاريخ بني أمية، وألف حول تاريخ الأمويين غير هذا الكتاب عدة كتب أخرى، ككتاب «الدولة الأموية في قرطبة»، وآخر عن سيرة معاوية بني أبي سفيان، وله أيضاً كتاب عن أسباب النهضة العربية في القرن التاسع عشر.
ذهب النصولي معاراً من سوريا إلى بغداد، وعمل ضمن وزارة المعارف العراقية، في سلك التعليم، وهناك قرر إصدار كتابه «الدولة الأموية في الشام» وسط بيئة يغلب عليها الطابع الشيعي، لكنه لم يأبه لذلك فكتب في صفحة إهداء الكتاب: «مَن أحق بتاريخ أميَّة، مِن أبناء أميَّة! ومَن أحق بتاريخ معاوية والوليد مِن أبناء معاوية والوليد! فاقبلوا يا أبناء سورية الباسلة المتحدة المستقلة، هذه الثَّمرة الصَّغيرة».
هذا الإهداء كان الشرارة التي أشعلت الغضب الشيعي البغدادي من النصولي، إضافة إلى الكثير مما ورد في ثنايا الكتاب، حيث انتصر النصولي بقوة لموقف معاوية في أحداث الفتنة، موضحاً مآثر بني أمية وفضائل دولتهم، وخيرهم العميم على الحضارة الإسلامية، فنجاحات وفتوحات الدولة الأموية بلغت أوج وأكبر توسع إسلامي لم يبلغه أي حكم بعد الأمويين، كما أن حكم بني أمية تميز بأصالته العربية، وإعلائه لشأن العرب ورايتهم.
وحين تعرض النصولي في كتابه لمحنة الحسين رضي الله عنه، وكتب عن وقائعها وآلامها. انتقد مبالغة الطائفة الشيعية في البكاء واللطم عليه، وكأن التاريخ قد توقف عند هذه اللحظة، فالمستقبل أرحب وأوسع، يقول: «تَعْقِد الشيعة في العاشر من محرم الاجتماعات المؤثرة، فتراهم يَضْرِبون صدورهم بأيديهم، ويشجُّون رؤوسهم بالحديد فيهلك بعضهم. ولعل العلم يصدُّهم في المستقبل عن مثل هذه العادة فيحوِّلون مجرى أحزانهم إلى فِعْل الخير والإحسان وبثِّ الفضيلة بين أبنائهم وبناتهم».
هذه الأفكار وغيرها أثارت غضب فئة من النافذين الشيعة في العراق، وأصبح الكتاب علامة على صراع طائفي، فأصدر وزير المعارف العراقي حينها السيد عبد المهدي المنتفكي قراراً بفصل النصولي. فاعترض زملاؤه من المدرسين السوريين، فشملهم قرار الفصل. بعد ذلك قام طلبة الثانوية المركزية ودار المعلمين بمظاهرات أمام وزارة المعارف ضد قرار الفصل، وكانوا مِن الشِّيعة والسُّنَّة معاً، ففُصل الطلبة المتظاهرون أيضاً.
رغم أن هذه الأحداث جرت قبل نشوء الإسلام السياسي، وقبل أن توجد «عصائب الحق»، و«كتائب حزب الله»، و«فيلق القدس»، وغيرها من الميليشيات الشيعية المتطرفة، إلا أن القصة تكشف عن عمق المكون الطائفي في تركيبة المجتمع العراقي، وهذا ما استنكره المفكر العربي ساطع الحصري، وكان مدير التعليم العام حينها، وقال منتقداً هذه الضجة: «ليس في هذا الأمر ما يستحق، وليس في الأمر من طائفية». أم أنهم يريدون أن يستمروا في شج رؤوسهم باسم الحسين!