أخبار

عندما سقطت طهران في كارثة الطائرة

حطام الطائرة الأوكرانية

زياد عيتاني (بيروت) ziadgazi@

سقوط الطائرة الأوكرانية ليس مجرد كارثة إنسانية تعني أهالي الضحايا من مختلف الجنسيات التي كانت على متن الرحلة المشؤومة رغم هول المأساة. إلا أن سقوطها يأخذ حجم الكارثة السياسية بكل ما تعنيها الكلمة بالنسبة للجمهورية الإيرانية وتحديداً بالنسبة للحرس الثوري وللجناح الذي يمثله داخل منظومة الحكم هناك.

ما حصل من إسقاط لطائرة مدنية مقلعة من مطار إيراني في رحلة نظامية من قبل صاروخ أطلقه الحرس الثوري لا يمكن تصنيفه على أنه خطأ بشري عابر يحصل مع كل الجيوش في كثير من الحروب، فالمهمة العسكرية التي كان ينفذها الحرس الثوري ضد القواعد الأمريكية في العراق جاءت بتوقيت إيراني وبمخطط إيراني وبأيد إيرانية أي بعيداً عن الضغوطات من حيث الزمان والمكان والأشخاص المنفذين وهو ما يوفر لهذه العملية كل شروط النجاح كي تكون عملية نظيفة.

المسار الذي سلكته الطائرة الأوكرانية عند إقلاعها من مطار طهران، من المفترض أنه مسار نظامي معتمد من قبل المسؤولين عن سلامة الطيران في إيران، وبالتالي فالحرس الثوري الذي من المفترض أنه قادرعلى قتال كل العالم من أقل واجباته معرفة هذه المسارات ووضع الخطط الدفاعية والهجومية بعد أخذ هذه المسارات بالحسبان كما يحصل في كل جيوش العالم الصغير منها أو الكبير.

العملية العسكرية التي نفذها الحرس الثوري وكانت نتيجتها إسقاط طائرة مدنية عن طريق الخطأ، تطرح التساؤل الكبير، ماذا لو كانت إيران عبر حرسها الثوري ترد على هجوم مفاجئ على أراضيها؟

فوفقاً لحادثة الطائرة الأوكرانية بإمكاننا أن نتوقع أن الحرس الثوري وفقاً لهذه المهارات المفاجئة قد يقصف مقر المرشد خامنئي أو مساجد المرجعيات في قم..!

إن إسقاط الطائرة الأوكرانية ثم طريقة التعاطي مع الحادثة ومحاولات إخفاء الحقيقة يشكل سقوطاً مدوياً للدولة الإيرانية وأكثر من ذلك هو سقوط مروع للحرس الثوري الذي أثبت أنه لا يجيد سوى الاغتيال وقمع الشعوب المنتفضة من «جسر الرينغ» في بيروت إلى «جسر الحرية» في العراق وما بينهما 1500 قتيل في مظاهرات إيران..!

لقد ظهر بما لا يدعو للشك أو الطعن أن طهران وحرسها الثوري أصغر من أن تواجه دولاً بمنطق الدول والجيوش والحروب التقليدية، بل هي قادرة على إنتاج المليشيات وتسليحها لضرب المجتمعات وتكوينها، قادرة على ارتكاب المجازر في القرى السورية والشمال العراقي وصنعاء.

لقد سقطت إيران والحرس الثوري مع الطائرة الأوكرانية وأشلاء هذه المنظومة الفاسدة كانت بين أشلاء الطلاب النخبة من الجامعات الإيرانية الذين كانوا متوجهين إلى كندا لمتابعة تخصصهم الأكاديمي. فقدر الإيرانيين أن يقتل الحمقى النخبة من أبنائهم.

إسقاط الطائرة الأوكرانية وتداعياتها الخارجية ليست بالقليلة مطلقاً، لكن تداعياتها الداخلية ستكون أكبر..فلا تبعدوا نظركم عن روحاني وظريف.