أخبار

الأكراد لن يموتوا أو يذعنوا لأردوغان

توقع انتهاء التوسع العثماني في ليبيا.. صالح مسلم لـ عكاظ:

صالح مسلم

نصير المغامسي (هاتفياً - بروكسل)

• إلى أين يتجه أكراد سورية بعد اضطرارهم للاتفاق بدخول قوات النظام السوري إلى مناطقهم، في موازاة اتفاق واشنطن وأنقرة على سحب قوات سورية الديمقراطية إلى العمق السوري.

•• نحن كقوات سورية الديموقراطية منذ تشكيل إدارتها أكدنا أننا جزء من الوطن سورية، لذا طرقنا باب النظام السوري كثيراً خاصة قبل وبعد هزيمة تنظيم داعش الإرهابي، وحين بدأت عملية عفرين (الحملة العسكرية التركية) قلنا للنظام السوري إنكم تتحدثون عن السيادة السورية التي ينتهكها الجيش التركي، فلماذا لا نتفق تجاه هذه القضية، فالسيادة السورية مهمتنا جميعاً، لكنهم لم يتجاوبوا، برغم أن المخطط التركي كبير، بحسب ما صرح به الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ويمتد إلى مناطق الرقة والدير وجميع المناطق التي حررناها من تنظيم داعش، وهو أمر أعلنه أردوغان على مسامع العالم في الأمم المتحدة، وقام بتنفيده بعد التنسيق مع الجانب الأمريكي. لذا سعينا ومع الجانب الروسي لإيضاح أمر أن السيادة السورية يجب أن تحترم، لذا وافق الروس على أن ينتشر الجيش السوري على الحدود التركية باستثناء المناطق التي لم ينص عليها الاتفاق الأمريكي – التركي بشأنها، وبناء عليه انسحبت قوات سورية الديموقراطية من هذه المناطق، لكن المؤسسات التابعة للإدارة الذاتية لاتزال باقية إلى جوار قوات الحماية الذاتية والشرطة التي تتحرك في المناطق المتفق عليها بين منطقتي رأس العين وتل أبيض. وقد رأى الجميع المعارك التي شنها الجانب التركي، لذا كان هدفنا من الاتفاق حماية شعبنا، لاسيما أن أردوغان لا يسمع لا للإدارة الأمريكية ولا للروس، فوافقنا على وقف إطلاق النار في هذه المناطق لكي لا يتعرض شعبنا للإبادة، وانسحبت قواتنا إلى مسافة 30 كيلو متراً في منطقتي رأس العين وتل أبيض، التي سنسعى لاستعادتها إذا ما تغيرت الأوضاع السياسية. فهناك اشتباكاك تحدث بين الجانب التركي وقوات سورية الديموقراطية في مناطق تل تمر وعين عيسى، الأمر الذي يستدعي التطبيق الفعلي لوقف إطلاق النار وأن يشمل الطائرات التركية بما فيها طائرات الدرون.

• ولماذا تخلت أمريكا عن حليفها الكردي وتركته وجهاً لوجه أمام النظام التركي؟

•• حين بدأت العلاقة مع قوات التحالف الدولي وعلى رأسها أمريكا في أواخر 2014 بهدف محاربة تنظيم داعش الإرهابي، لم تتضمن الوعد بحمايتنا، ونحن أيضاً لم نطلب منهم ذلك.

فالاتفاق انحصر على محاربة داعش، وهو ما لم يتم تحقيقه بشكل كامل، كما لم يتم الحفاظ على استقرار سورية، أو محاصرة النفوذ الإيراني وهي أهداف وضعها التحالف ضمن اتفاقهم معنا وهو ما لم يتم، وتبين بعد ذلك أن صاحب القرار في هذا الأمر هو الرئيس الأمريكي دونالد ترمب وليس دول التحالف أو حتى وزارة الدفاع الأمريكية، فالعلاقة الشخصية بين الرئيس الأمريكي ونظيره التركي قد يكون دافعها المصلحة الشخصية أو الابتزاز، وهي من غيّر من أهداف الاتفاق، وأدى إلى انقسام في رأي المسؤولين الأمريكيين حيال ذلك، فقرار الانسحاب الأمريكي كان مفاجئاً، وقد ترك الباب واسعاً لتركيا.

• ولماذا لم يتحسب الأكراد لمثل هذه الخطوة الأمريكية؟

•• بالنسبة للأكراد فقد كنا نحسب حساب الانسحاب ولم نكن نعتمد على الأمريكان في حمايتنا، بل على شعبنا، لكن حجم العدوان التركي كان أكبر من إمكاناتنا، فتركيا دولة عضو في حلف شمال الأطلسي وتمتلك جميع التقنيات والأسلحة التي يمتلكها الحلف، كما أن الجانب التركي اعتمد على إمكاناته الجوية وأصبح يتصيّد ومن دون أخلاق أو معايير شعبنا بالقصف.

قد يكون خطأنا أننا لم نكن نتوقع صمت العالم تجاه الوحشية التركية ضد شعبنا الذي استخدمت ضده الأسلحة المحرمة دولياً من قبل تركيا، وفي النهاية نحن لسنا ضعفاء، فبإمكاناتنا المحدودة بإمكاننا الدفاع عن أنفسنا، لكن هذا يتعذر تحقيقه في ظل استخدام الأسلحة الممنوعة والطيران الموجه والتقنية الفائقة التي يستخدمها العدوان التركي.

نحن لا نعتمد على أمريكا أو روسيا في حمايتنا؛ وهما القوتان العظميان التي توافقت مع القوتين الإقليميتن تركيا وإيران على حساب الشعوب الضعيفة التي تأذت من اتفاقها. وقد كنا مخيرين -كما خيرنا أردوغان- بين «الموت أو الإذعان» أو بالاستسلام كما طلب منا الروس عند بدء الحملة التركية في الشمال السوري.. لكننا لم نقبل بالذل وإنما اخترنا الموت بشرف وكرامة من خلال المقاومة وهو الخيار الوحيد الذي بقي أمامنا.

• قلتم في تصريح سابق: «قدرنا أن نتلقى الطعنات في الظهر من قبل الجميع: الحلفاء وغيرهم، ولكننا لم ولن نعول على أحد في الدفاع عنا.. سندافع عن أنفسنا حتى الرمق الأخير...».. فما خطوتكم القادمة في الحزب الاتحادي الديمقراطي؟•• أنا تركت منصب رئيس الاتحاد الديموقراطي مند سنتين، لكنني مازلت في الحزب تحت مسمى الرئيس المشترك للعلاقات العامة.

وكما ذكرت لك في السؤال الثالث.. نحن لا نقبل بالذل والعودة للاستبداد والديكتاتورية وهذه طبيعة الشعوب، ومازالت المقاومة مستمرة سواء في مناطق عفرين أو في تل أبيض.. فقواتنا متحفزة لمواجهة أي اعتداء. ومازلنا في انتظار تغير الأوضاع السياسية التي بدأت ملامحها بتعاطف الملايين من شعوب العالم معنا، فالانشقاق الأخير الذي حدث في مؤتمر حزب الناتو الأخير بلندن تم الاعتراض على السياسة التركية، فالمقاومة والدفاع عن القيم الإنسانية بالتأكيد ستؤثر وستأتي بنتائج، وستؤدي على الأقل إلى حظر الطيران التركي الدي يعتدي على شعبنا، كما أن الدعم التركي للإرهاب العالمي الذي جسدته الخطوة التركية في ليبيا حاصر النظام التركي الذي أصبح بلا أصدقاء، وهذا منشأه البطولات التي سجلها شعبنا المقاوم للوحشية التركية، التي نجم عنها التدهور الاقتصادي في تركيا جراء العدوان على الشعب الكردي في أكثر من منطقة، كما أن استشهاد إخوتنا العرب خلال العدوان التركي في المناطق الكردية دليل على نهجنا نحو العيش المشترك بين الشعوب، وهو انتصار لنا ولإخوتنا وقوتنا، لأننا ندافع عن القيم الإنسانية، ولابد أن تذعن القوى المهيمنة في العالم إلى صوت شعوبها الحرة.. وهو أمر سيكون لصالحنا.

• حادثة هجوم مواطنين أكراد على قوات روسية في مدينة عين العرب «كوباني» جاء كرسالة تحذير كردية بأن على روسيا احترام موقفهم في موازاة دعم موسكو للنظام السوري.. أليس كذلك؟

•• نحن لا نحبذ نشاط الدوريات التركية والروسية في مناطق التماس حتى إن كانت دوريات رمزية، لكن الروس لم يتدخلوا وإنما جاؤوا ضمن اتفاق، وهجوم الأكراد انحصر على السيارات التركية، وقد يكون البعض لم يفرق بين السيارات التركية والروسية، بدليل أن الدوريات الروسية لاتزال في مناطق تل تمر وتل عيسى، لكن الوضع يختلف بالنسبة للسيارات التركية. وشعور المحتجين نحترمه ونقدره، فهم لا يمكنهم السكوت على من قتل أبناءهم، لذا وقعت الهجمات على السيارات التركية في مناطق كوباني وديريك ما أدى إلى استشهاد أحد الشباب بعد أن صدمته سيارة تركية.

• كيف تقرأون التفاهم الروسي – التركي بشأن ما يجري في سورية وليبيا؟

•• لا يمكن أن يتم تحالف إستراتيجي عميق بين روسيا وتركيا وذلك لأسباب تاريخية وسياسية، لكن نستطيع أن نصف الاتفاق بالتكتيكي مثل ما جرى في مدينة «إستانا» بشأن سورية، حيث تم حصر الفصائل المسلحة في مدينة إدلب، لكن الأمور ستتغير الأن.

ثانيا.. تركيا عضو في الحلف الأطلسي وروسيا استطاعت الإمساك بالأتراك من خلال زرع التناقض بين أنقرة والحلف، كما أن الروس يقومون الآن بسحب النظام التركي إلى مستنقعات معينة كما هو في إدلب وليبيا والتي ستكون ضربة قوية لنظام التوسع العثماني الذي بدأ بالانهيار من الداخل، حيث انعكست السياسات الخارجية التركية على الوضع الداخلي. فضلاً عن أن هناك حلفا دوليا بدأ يتشكل ضد تركيا ويجمع دولاً كقبرص واليونان ومصر وإيطاليا وفرنسا، وبالتأكيد ستقوم هده الدول بإلجام الدور التركي، وقد تنظم إليهم روسيا التي لن تنصاع لأطماع السلطنة العثمانية.

•ما تعليقكم على تصريح رئيس إقليم كردستان العراق نجيرفان بارزاني، بأن مشكلة تركيا هي مع منظمة «بي كا كا» الإرهابية وليس الأكراد السوريين؟

•• أعتقد أن السيد بارزاني يدرك العداء التركي للأكراد، لكنه لم يستطع قول الحقيقة لأمور تخصه، فهو لا يريد تعكير علاقاته بتركيا، لذا يأتي كلامه التكتيكي في هذا السياق، فهو يدرك تماماً الخطر التركي على بلاده لاسيما في مناطق كركوك.

• هناك من يرى أن أكراد سورية يتجهون إلى تكرار نفس الخطأ الذي وقع فيه أشقاؤهم من الأكراد العراقيين، من حيث طموح الاستقلال عن الوطن الأم، كما حدث في إقليم كردستان العراق.•• أعتقد أن ذلك ليس دقيقياً، فإستراتيجيتنا مختلفة وكذلك مطالبنا، فنحن منذ أن قمنا بإنشاء الإدارة الديموقراطية كان هدفنا إيضاح أن الدولة القومية هي سبب للكوارث في المنطقة منذ قرن مضى، وليس أمامنا سوى الإيمان بالأمة الديموقراطية التي تشمل الجميع وتكفل حقوقهم وكرامتهم من حرية وديموقراطية، فنحن نسعى إلى العيش المشترك وليس لتأسيس الدولة القومية، فقد عشنا مع إخواننا العرب مند آلاف السنين، وكذلك الحال مع الإخوة السريان والآشوريين بكافة دياناتهم، فإذا شعر جميعنا بالديموقراطية فما الداعي للانفصال.

فالحرب العالمية الثانية كانت بسبب دعاة الدولة القومية التي أزهقت 60 مليون إنسان، اضطرت بعدها أوروبا إلى الاتحاد وإزالة الحدود، لذلك نحن نعترف بالعيش المشترك والاعتراف بالآخر في أجواء ديموقراطية، وهذه هي إستراتيجيتنا المختلفة عن الآخرين. التي تقوم على التقارب بين الشعوب والدليل على ذلك رعايتنا للحوار السوري – السوري. كما أن إخوتنا العرب من قوات سورية الديموقراطية الذين استشهدوا في المناطق الكردية «تل أبيض ورأس العين» هم أكثر من الأكراد، كما أن العشائر العربية في مناطق دير الزور والرقة بعثوا بأبنائهم للوقوف معنا في مواجهة العدوان التركي، وهو دليل على أن تجربتنا ناجحة.

• ما زال الكثير يتساءل عن سر التحول في علاقتكم بالنظام التركي الذي كان يعتبركم صديقاً والآن يضعكم في قائمة الإرهاب ويرصد 4 ملايين ليرة تركية مكافأة لمن يأتي بكم.

•• لقد كان المبلغ المرصود أربعة ملايين ليرة وأصبح الآن عشرة ملايين؛ أي ما يعادل مليوني دولار. ثانياً: الاتراك ليس لديهم صداقة وإنما فوبيا (خوف) تجاه أي شيء كردي منذ أن تأسست تركيا في عام 1923، فهم يرون أن إعطاء الحقوق للأكراد يعد انتقاصاً لحقوقهم، لذلك يحاولون القضاء على كل ما هو كردي سواء في سورية أو في إيران أو في العراق، إما بصهر وتذويب الهوية أو بالتهجير والقتل. وهم في بداية الأمر يحاولون شراء عمالتك لهم وإذا لم يتم ذلك استخدموا معك لغة التهديد، وهو ما جرى معي.

فقد حاولوا وضعي في خانة المعارضة السورية التي تحتضنهم، وقد وافقت على ذلك شريطة الاعتراف بالقضية الكردية في سورية، وهو ما رفضته تركيا، بعدها تغيرت معاملة النظام التركي لدرجة المجاهرة بعدائي.

• هل استفاد أم خسر النظام السوري من تفاقم أوضاع المنطقة بعد مصرع قاسم سليماني في العراق، وكيف ذلك.•• أعتقد أن العكس هو الصحيح، فسليماني كان يمثل إيران في اتفاق «الإستانا» الذي رعته روسيا وإيران يخدم النظام السوري من خلال حصاره للمسلحين في محافظة إدلب، وقد كان سليماني نصيراً مباشراً للنظام السوري سواء في التخطيط للحرب الدائرة، أو من خلال وقوفه خلف الميليشيات الداعمة للنظام كحزب الله ووحدات (الفاطميون) و(الزينبيون) التي تدعمها إيران.. لذا أعتقد أن النظام السوري خسر كثيراً بمقتل سليماني.

أكد القيادي الكردي والرئيس السابق لحزب الاتحاد الديموقراطي السوري صالح مسلم، على سعي القوات الكردية استعادة المناطق التي انسحبت منها جراء الغزو التركي للأراضي السورية، بمجرد تغير الأوضاع السياسية التي أجبرت الأكراد على الانسحاب مسافة 30 كليومتراً إلى الداخل السوري. مشيراً إلى أن القوات الكردية التي ساندت التحالف الدولي في محاربة تنظيم داعش الإرهابي لم تقم بحماية الأكراد، وأن الإنسحاب الأمريكي المفاجئ من سورية جاء بقرار شخصي من الرئيس الأمريكي دونالد ترمب وبالتنسيق مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وقال مسلم في حوار مع «عكاظ» إن التحالف التركي – الروسي تكتيكي ولا يمكن أن يكون تحالفاً راسخاً لأسباب تاريخية وسياسية، وإن التدخل التركي في ليبيا سيكون ضربة قاسمة لنظام التوسع العثماني الذي بدأ بالانهيار من الداخل.