عندما يصبح التافه حكماً !
الأربعاء / 20 / جمادى الأولى / 1441 هـ الأربعاء 15 يناير 2020 01:37
فؤاد مصطفى عزب
أكتب كل أربعاء، للمستيقظ والنائم، أرمي بسنارتي في موج الأوراق، لا أعرف أين سمكتي؟ ولكن أعرف أنني أمام البحر، والبحر الذي أعنيه، هذا العالم العربي المكتظ بالأزهار، والعصافير، والحباري الطائشة تشاكس مجرى الريح، غير أنه أحياناً ولفرط مرارتي، لا أجد في هذا البحر إلاّ السمك الفاسد العفن، ما أقسى من يراقب حاضره في ضوء غده! وكم أكرهني عندما أصطدم في نفسي بهذا الكائن، وهذا الكائن لا يكره في حياته شيئاً، أكثر من قتل الأحلام، واستصغارها والاستهزاء بها واستصغار مقدمها، يكفي أن أصطدم بهذا النوع من البشر، ولا أنساه، كنتُ مزدحماً مع نفسي، أشاهد برنامجاً أمريكياً، يعرض اختراعاً، هو عبارة عن نظام فصل النفايات، عن طريق الصورة والوزن والصوت، يطرحه كحقيقة ملموسة، وواقع مطبق في المنازل والأحياء الأمريكية، فتحت فمي، حتى بدت لوزتاي كحذاء متقطع، شعرت بشيء ما يتحرك في جمجمتي، يطاردني، يتسلل إليّ، يتدلى كنجمة في فتحة باب الذاكرة، هذه هي نفس الفكرة، التي تقدمت بها الطفلة السورية بذاتها منذ خمسة أعوام، إلى برنامج المواهب والمبتكرين، على قناة عربية، مرت الطفلة عبر ذلك البرنامج وكذا ابتكارها، حيث انتهى إلى ضحك واستهزاء واستذكاء لجنة التحكيم، أطلقوا على اختراعها والذي كان يطابق بالكامل ما هو مطبق الآن في أمريكا، مسدس كاتم الصوت، كانت المسكينة تتحدث إلى عقول مقفولة، وهذا آخر ما يصطدم به حلمك، وهذه المحطة بإيجاز، لم تكتفِ بسرقة فكرة البرنامج الأمريكي كاملة، بل أتوا بحكام جهلة، وأعطوهم وكالة مختومة، كي يسلخوا أجساد المواهب ويسحقوها كالصراصير، ويجعلوا من مبتكراتهم نعوشاً، وهذا ما حدث مع الطفلة السورية، حكموا على اختراعها بأعتى قمع عرفه العالم المعاصر كله، وأد كامل الفكرة، كتيبة انكشارية، حقهم الطبي الوحيد هو أن يزج بهم في المصحات النفسية، بغية تلقي العلاج اللازم، إن كان في الميسور أن يفلح العلاج في تخليص هؤلاء المزورين من أمراضهم المستعصية، بإيجاز، البرنامج زائف، ومسروق، لا وظيفة له سوى حصد التصفيق المبرمج سلفاً، لحكام مصابين بالعنانة، والعجز الكامل عن الإنجاب، أعراس لعجزة، يفترض أن تكون مقاعدهم في دور المسنين، وليس في اختيار مواهب شابة ومبتكرين، فأنا أؤمن بمبدأ «ابن خلدون» القائم بأن الهرم إذا نزل بالكائن الحي فإنه لا يرتفع، فالشيخوخة داء لا براء منه، ولو استعنت بأمهر الأطباء، وأبرعهم على الإطلاق، والحقيقة أنه إذا كانت الأمراض كما تعلمنا تنجم أغلبها عن الجراثيم، فهؤلاء المحكمون أمراض معدية، مثل الجدري والسيلان، يجب عزلهم بوصية العهد المختلف الذي ينتمون إليه، فهم ينتمون إلى عهد كان فيه المصاب بمرض معد يعزل بالكامل في حجر صحي، ويمنع من ارتياد الأماكن العامة، والظهور على شاشات التلفزيون هو ظهور عام، وفي مطلق قناعتي، أن أبسط عقوبة يجب أن تلحق بهم، هي معاملتهم معاملة المرأة في العصور الوسطى عندما يجتاحها الطمث، فتعزل سبعة أيام كل شهر، مدة العزل في هؤلاء، يجب أن تستمر طول أيام السنة، وحتى تكتمل طهارتهم العقلية.
* كاتب سعودي
fouad5azab@gmail.com
* كاتب سعودي
fouad5azab@gmail.com