معنى أن يبيع الإنسان روحه للشيطان
الجمعة / 22 / جمادى الأولى / 1441 هـ الجمعة 17 يناير 2020 01:41
بشرى فيصل السباعي
في اللغة العربية كما في جميع لغات العالم هناك مقولة «باع روحه للشيطان» يوصم بها البعض، فماذا تعني؟ بالتأكيد لا تعني أن الشيطان ظهر للشخص متجسدا ووقع معه عقدا ببيع روحه مقابل تحقيق مراده وذبح له ديكا أسود مع كفريات السحر وعلق تمائمه، فمن يبيع روحه للشيطان قد يكون شديد التدين ويحسب نفسه أنه يمثل لواء الرحمن ولا يعي أنه باع روحه للشيطان وبات وسيلة للشيطان، فبيع الإنسان روحه للشيطان يعني؛ أنه في سبيل تحقيق أطماعه وجشعه ونزواته وشهواته وأهواء «غرور الأنا» كان مستعدا لخرق كل المثاليات العليا وتقديم التنازلات اللاأخلاقية بأنواعها لأجل تحقيق تلك الأطماع والنزوات والأهواء، ولا يبالي بأثرها السلبي على نوعية شخصيته وعاقبتها الأخروية والضرر الذي يلحق بالآخرين جراءها بحيث تكون مكاسبه على حساب الإضرار بالآخرين، أما كيف يمكن تمييز من باع روحه للشيطان من غيره وبخاصة أن السائد أن مثل هذه النوعية تدلس على الناس؟ فكما رد المسيح على أصحابه عندما سألوه كيف يمكنهم تمييز المدلسين في حقيقتهم الدينية والأخلاقية فرد عليهم بالقول: «من ثمارهم تعرفونهم» أي من نوعية أثرهم الخاص والعام في الواقع يمكنكم تمييز حقيقة ما يضمرونه وما يحركهم، وللأسف هناك ثقافات تقولب أهلها وتدفعهم لبيع أرواحهم للشيطان وهي الثقافات التي معيار حكمها على الإنسان ليس بدرجة ونوعية وعيه/تقواه وأخلاقه ونزاهته ومعاملته وإنجازاته وأثره الإيجابي، إنما معيار حكمها على الإنسان هو بما يمكن شراؤه من الشيطان أي؛ خرق كل المثاليات العليا لأجل دوافع الهيمنة والعصبيات والحسب والنسب والجاه والمكانة والمنصب والسطوة والثروة والشهرة والمظاهر والسمعة والاستعراض المبتذل بالبذخ/الهياط التي سيعظمه بها الناس وإن كانوا يعرفون أنها من طريق حرام وهدفها حرام -عنجهية وتملق وعنصرية ورياء وفساد مالي ومظالم وعنف-وهناك بالمقابل ثقافات تقولب وتدفع أهلها إلى اجتناب كل ما يتطلب منهم بيع أرواحهم للشيطان، وهي؛ الثقافات التي تتمحور حول احترام الإنسان وفقا لدرجة ونوعية وعيه وأخلاقه ونزاهته ومعاملته ومواقفه وإنجازاته وأثره الإيجابي وهذه المفارقة التي كانت وراء أوجع نقد قاله فقيه مسلم في أمته عندما سئل عن الفارق بين الناس في الشرق والغرب فرد بالقول؛ إنه وجد في الغرب إسلاما بلا مسلمين، أما بالشرق فهناك مسلمون بلا إسلام حقيقي. أي ثقافة الغرب تدفع الناس للمثاليات العليا المفترضة بالإسلام، بينما ثقافة الشرق تبعد المسلمين عن المثاليات العليا الحقيقية للإسلام،..قارن بين؛ الواقع السياسي والحقوقي، والفساد المالي بالشرق والغرب.