ثقافة الحياد
السبت / 23 / جمادى الأولى / 1441 هـ السبت 18 يناير 2020 02:05
محمد مفتي
الحياد كمصطلح يكثر تداوله في سياقات عديدة، حتى على المستوى الدولي، وهو يتضمن في كثير من الأحيان تدخل دولة أو مؤسسة دولية لفض النزاع بين دولتين حتى لا يتطور الأمر إلى نزاع مسلح قد يأتي على الأخضر واليابس، ويرى الكثيرون أن مصطلح الحياد يفرض على الوسطاء الوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطراف، وهذا صحيح غير أن ذلك يجب أن يكون لأجل محدد، وهو ما يعني أنه يتعين على الوسطاء الوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطراف إلى أن يلموا بكافة جوانب القضية ويتعمقوا في تفاصيلها بشكل يمكنهم من إبداء رأي محايد لا يتأثر بالأهواء الشخصية، ولكن في نهاية المطاف يجب الانحياز لجانب الحق على حساب الباطل، والوقوف قلباً وقالباً مع الضحية ضد الجاني.
لقد لاحظت من تتبعي لكثير من الأخبار وعبر قنوات التواصل الاجتماعي توصيف البعض لدولة سويسرا بأنها دولة حيادية، بل ويتمنى كثيرون أن تحذو دول العالم حذوها في سياسة الحياد، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: إن تعرضت هذه الدولة لهجوم مسلح أو حشدت إحدى دول الجوار قواتها العسكرية على حدودها هل ستقف حينئذٍ على الحياد؟ باستقراء التاريخ نجد أن سويسرا رغم إعلانها حيادها عام 1815، إلا أنها عندما وجدت نفسها هدفاً لغزو ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية، أظهرت قوتها وحشدت 850 ألف جندي لصد أي هجوم محتمل ضدها، وهو ما يعني أنها أظهرت قوتها وبأسها واستبسلت عندما شعرت أنها باتت هدفاً مكشوفاً لأعدائها، ولم تتخذ نهج الحياد السلبي الذي لم يكن ليتركها إلا فريسة للنازيين.
كما أن الحياد في بعض الأحيان قد يستبطن مكراً للإضرار بأحد أطراف القضية، فعلى سبيل المثال عندما اندلعت حرب 48 بين العرب وإسرائيل اقتحمت الجيوش العربية فلسطين على عدة محاور، وكان النصر في البداية حليفاً للجيوش العربية، وقد تدخلت بعض الدول الغربية «تحت ستار الحياد» لطلب هدنة بين الأطراف المتنازعة لإعطاء فرصة لوسطاء السلام، غير أن مدة هذه الهدنة كانت كافية لإمداد إسرائيل بجسر جوي من العتاد العسكري، كانت كافية لقلب موازين القوة العسكرية لصالحها، وفرض نفسها كقوة عسكرية داخل الأراضي التي احتلتها.
من المؤسف أن تلوك بعض المنابر الإعلامية بعض المصطلحات التي سرعان ما يتلقفها جمهور وسائل التواصل الاجتماعي دون معرفة تاريخية كافية، ودون فهم عميق لمدلولات المصطلحات أو للسياقات التاريخية التي أنتجتها، فسياسة الحياد أو الدعوات لتبني هذا المنهج يجب أن توضع في سياقها الصحيح، وخاصة خلال هذه الفترة العاصفة المليئة بالاضطرابات الإقليمية والدولية، والتي لا يصح إطلاقاً أن يتخذ منها أي طرف موقفاً مائعاً رمادياً يسعى للتصالح مع جميع الأطراف دون تفرقة.
لقد لاحظت من تتبعي لكثير من الأخبار وعبر قنوات التواصل الاجتماعي توصيف البعض لدولة سويسرا بأنها دولة حيادية، بل ويتمنى كثيرون أن تحذو دول العالم حذوها في سياسة الحياد، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: إن تعرضت هذه الدولة لهجوم مسلح أو حشدت إحدى دول الجوار قواتها العسكرية على حدودها هل ستقف حينئذٍ على الحياد؟ باستقراء التاريخ نجد أن سويسرا رغم إعلانها حيادها عام 1815، إلا أنها عندما وجدت نفسها هدفاً لغزو ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية، أظهرت قوتها وحشدت 850 ألف جندي لصد أي هجوم محتمل ضدها، وهو ما يعني أنها أظهرت قوتها وبأسها واستبسلت عندما شعرت أنها باتت هدفاً مكشوفاً لأعدائها، ولم تتخذ نهج الحياد السلبي الذي لم يكن ليتركها إلا فريسة للنازيين.
كما أن الحياد في بعض الأحيان قد يستبطن مكراً للإضرار بأحد أطراف القضية، فعلى سبيل المثال عندما اندلعت حرب 48 بين العرب وإسرائيل اقتحمت الجيوش العربية فلسطين على عدة محاور، وكان النصر في البداية حليفاً للجيوش العربية، وقد تدخلت بعض الدول الغربية «تحت ستار الحياد» لطلب هدنة بين الأطراف المتنازعة لإعطاء فرصة لوسطاء السلام، غير أن مدة هذه الهدنة كانت كافية لإمداد إسرائيل بجسر جوي من العتاد العسكري، كانت كافية لقلب موازين القوة العسكرية لصالحها، وفرض نفسها كقوة عسكرية داخل الأراضي التي احتلتها.
من المؤسف أن تلوك بعض المنابر الإعلامية بعض المصطلحات التي سرعان ما يتلقفها جمهور وسائل التواصل الاجتماعي دون معرفة تاريخية كافية، ودون فهم عميق لمدلولات المصطلحات أو للسياقات التاريخية التي أنتجتها، فسياسة الحياد أو الدعوات لتبني هذا المنهج يجب أن توضع في سياقها الصحيح، وخاصة خلال هذه الفترة العاصفة المليئة بالاضطرابات الإقليمية والدولية، والتي لا يصح إطلاقاً أن يتخذ منها أي طرف موقفاً مائعاً رمادياً يسعى للتصالح مع جميع الأطراف دون تفرقة.