لـــــطش
الخميس / 28 / جمادى الأولى / 1441 هـ الخميس 23 يناير 2020 01:53
طارق فدعق
معناها «أخذ الشيء دون وجه حق» سواء كان ذلك بعلم صاحب الشيء أو دون علمه. ومما لا شك فيه أن هناك ملايين الحالات لهذه السرقات يومياً، وقد اخترت لكم إحدى أغربها.. وكانت من عالم التقنيات والتجسس. ودون أي مبالغة أن جوهر عمل «الدبابيس» في الحرب الباردة كان في سلاح الغواصات. بعض من أهم أنشطة التجسس الدولية كانت ولا تزال تمارس تحت البحار على متن الغواصات. وخلال السنوات الستين الماضية أصبحت تلك المركبات هي الأداة الرئيسة لجمع المعلومات من خلال التصنت والمراقبة وخصوصاً خلال فترة الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي. ووصل عدد الغواصات للطرفين إلى ما يفوق الخمسمائة، بعضها للتجسس، وبعضها لمقاومة التجسس، وبعضها لاصطياد غواصات التجسس، وبعضها لاصطياد من يصطاد غواصات التجسس، وبعضها كانت منصات الصواريخ النووية.. وبعضها كانت مسيرة بمكائن الديزل، والأخرى الأكثر تألقاً كانت مزودة بمفاعلات نووية لتسمح لها بمشيئة الله للغطس لفترات طويلة جدّاً تصل الى الأسابيع. وللعلم فبداية تطبيقات المفاعلات النووية المتقدمة كانت على متن الغواصات. وفي عام 1968 غرقت إحدى الغواصات السوفيتية واسمها «كاي 129» في المياه الدولية في المحيط الهادئ على بعد حوالى ألفي كيلومتر شمال جزر «هاواي». وكان على متنها حوالى 98 بحاراً ومجموعة صواريخ باليستية مزودة برؤوس نووية. تم إطلاق عمليات بحث وإنقاذ واسعة من عشرات القطع البحرية والطائرات السوفيتية دون جدوى. وفي مطلع عام 1969 تبلورت فكرة أغرب عملية لطش في التاريخ. كانت الولايات المتحدة تمتلك أفضل أجهزة السمع البحرية لمتابعة سير حركة جميع المركبات على سطح الماء وتحتها، وبالذات الغواصات السوفيتية. واستطاعت أن تحدد بدقة موقع غرق الغواصة. وقررت أن تسند مهمة انتشال الغواصة بسرية تامة لوكالة الاستخبارات الأمريكية وأن تقوم بجرد وتقييم المعدات الحساسة على متنها وأهمها الصواريخ والرؤوس النووية وأجهزة توجيهها وآلات التشفير. والغريب هنا أن المهمة أوكلت لوكالة الاستخبارات بدلاً من البحرية الأمريكية. والأغرب من ذلك أن لم تكن هناك أية معلومات هندسية لتقنية رفع الغواصة التي يبلغ طولها ما يعادل ملعب كرة قدم تقريباً، ووزنها حوالى ثلاثة ملايين كيلوغرام من عمق حوالى 5000 متر تحت مياه المحيط الهادئ.
الشاهد أن العملية السرية التي أطلق عليها اسم «أزوريان» على وزن «ذربيان» كلفت ما يعادل حوالى ثلاثة آلاف مليون ريال واستمرت لفترة حوالى 1800 يوم ولم تنجح في انتشال كامل الغواصة، وإنما بعض من أجزائها.
أمنيـــــة:
قبل أن نسأل «كيف تم لطش الغواصة السوفيتية؟» دعونا نسأل أنفسنا عن القدس، وكامل أرض فلسطين التي تعرضت ولا تزال تتعرض لقمة البجاحة في اللطش في أقوى أدواره. التاريخ المدون أعلاه في قمة الغرابة، ولكن سلب أراضي فلسطين هو الأغرب. أتمنى أن يتوقف اللطش بجميع أشكاله وألوانه فوراً بمشيئة الله تعالى،
وهو من وراء القصد.
* كاتب سعودي
الشاهد أن العملية السرية التي أطلق عليها اسم «أزوريان» على وزن «ذربيان» كلفت ما يعادل حوالى ثلاثة آلاف مليون ريال واستمرت لفترة حوالى 1800 يوم ولم تنجح في انتشال كامل الغواصة، وإنما بعض من أجزائها.
أمنيـــــة:
قبل أن نسأل «كيف تم لطش الغواصة السوفيتية؟» دعونا نسأل أنفسنا عن القدس، وكامل أرض فلسطين التي تعرضت ولا تزال تتعرض لقمة البجاحة في اللطش في أقوى أدواره. التاريخ المدون أعلاه في قمة الغرابة، ولكن سلب أراضي فلسطين هو الأغرب. أتمنى أن يتوقف اللطش بجميع أشكاله وألوانه فوراً بمشيئة الله تعالى،
وهو من وراء القصد.
* كاتب سعودي