خالد بن سلمان: المملكة تبني.. وإيران تهدم
السبت / 30 / جمادى الأولى / 1441 هـ السبت 25 يناير 2020 05:07
«عكاظ» (الرياض) okaz_online@
أكد نائب وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان بن عبدالعزيز، أن النظام الإيراني يريد تصدير ثورته لدول الجوار، ولديه أفكار توسعية، ولا يريد شراكة بين دول المنطقة، بل جل ما يهدف إليه هو أن تكون تلك الدول ضمن مشروعه التوسعي، واصفا إيران ومليشياتها بأنها «تهديد لأمن المنطقة».
وقال في مقابلة تلفزيونية مع قناة «فايس»، إن المملكة لديها رؤية 2030 التي تقودها إلى الأمام، في حين لدى إيران خطة من 1979 تريد إعادة المنطقة إلى الخلف. وأضاف «أكبر تهديد يواجه المنطقة والعالم اليوم هو إيران ومليشياتها والمنظمات الإرهابية كداعش والقاعدة، وكلاهما وجهان لعملة واحدة وإن اختلفت الأيديولوجيا، إذ كلاهما لا يؤمن بسيادة الدول، ولديهما اعتقاد بإقامة دولة أيديولوجية عابرة للحدود، كما أنهما لا تحترمان القوانين الدولية». وتابع «عندما يتعلق الأمر بنا فنحن العدو المشترك، ويتعاونان ضدنا»، وفي ما يلي نص الحوار:
• سأبدأ مباشرة بسؤالك عن سبب توجه الرئيس ترمب إلى المملكة في أول رحلة خارجية له كرئيس للولايات المتحدة؟
•• في البداية، أؤكد على أن العلاقات السعودية - الأمريكية قوية، وهي كذلك طوال العقود الـ7 الماضية، إذ بدأت مع الرئيس الديمقراطي روزفلت، وعززت في ظل مختلف الرؤساء الأمريكيين حتى الآن. وتعد زيارة ترمب امتدادا للعلاقة التاريخية القوية التي قامت بحماية شعبي البلدين على الصعيد الأمني. أما من الجانب الاقتصادي فإنها خلقت العديد من الوظائف والفرص في كلا البلدين ما حفز اقتصاديهما. وهي زيارة مهمة بالنسبة للعالم الإسلامي، فمن المهم جدا للولايات المتحدة أن تحظى بعلاقة قوية مع المملكة والعالم الإسلامي، كما أعتقد أن الخطاب الذي ألقاه ترمب في تلك الزيارة كان مشجعا جدا للعالم الإسلامي، إذ تحدث عن مكافحة الإرهاب، وقال إن أغلب ضحايا «داعش» والمنظمات الإرهابية هم من المسلمين. كان أمرا مهما جدا أن يسمع العالم الإسلامي ذلك من الرئيس الأمريكي.
• على ذكر الإرهاب بالمنطقة، ما هو أكبر تهديد تواجهه المملكة حاليا؟
•• التهديد الأكبر الذي تواجهه المنطقة والأمن الدولي هو النظام الإيراني ومليشياته من جهة، وداعش والقاعدة والمنظمات الإرهابية من جهة أخرى، إنهما وجهان لعملة واحدة، فهم جميعا يؤمنون بنفس المبدأ، وليس بالضرورة إيمانهم بالأيديولوجية ذاتها. كلاهما لا يؤمن بسيادة الدول، وبإقامة دولة أيديولوجية عابرة للحدود، كما أنهما لا يحترمان القانون الدولي، ورغم أنهما يتنافسان أحيانا ويتقاتلان، إلا أنه عندما يتعلق الأمر بنا فإنهما يتعاونان علينا باعتبارنا عدوهما المشترك.
• لماذا يعدونكم عدوا مشتركا؟
•• بسبب كوننا عامل استقرار وسلام وازدهار في المنطقة. ما نريد أن نقوم به هو أن نعمل من خلال رؤيتنا 2030 على إصلاح اقتصادنا والاستفادة من الإمكانات غير المستغلة، وفتح قطاعات جديدة بالمملكة، وتحقيق الازدهار والتقدم لشعبنا. في سبيل تحقيق ذلك، نحن بحاجة إلى منطقة آمنة ومستقرة ومزدهرة، وإلى زيادة تعاوننا الاقتصادي مع دول الجوار. أما إيران فهي تريد تصدير ثورتها، ولديها أفكار توسعية، ولا ترغب في حدوث أي شراكة بين دول المنطقة بحيث تكون تلك الدول ضمن إطار مشروعها التوسعي. هذا هو الفارق الكبير بيننا، نحن نملك خطة تقدمية للمستقبل تتمثل في «رؤية 2030»، أما إيران فخطتها هي «رؤية 1979» التي تحاول إعادة السعودية والمنطقة إلى الخلف.
• قرأت مقالا كتبته أخيرا تقارن فيه بين إيران وألمانيا النازية، من حيث الأفكار التوسعية، هل يمكنك التفصيل أكثر بشأنه؟
•• ما طرحته في ذلك المقال يتحدث عن وجود أفكار ودول توسعية، لا سيما في أوروبا أثناء ثلاثينات القرن الماضي، إذ شاهدنا ألمانيا النازية تحتل النمسا وأجزاء من تشيكوسلوفاكيا، والنهج الذي تم اتباعه في ذلك الوقت لحل الأزمة المتمثل في استرضاء ألمانيا النازية بدلا من مواجهتها قاد للمزيد من الأعمال التوسعية، ورأينا اتفاق ميونخ الذي عاد به رئيس الوزراء تشامبرلين إلى بريطانيا حاملا ورقة الاتفاقية ووصفها بأنها بداية عصر السلام، لكن الأمور لم تنجح، حيث قادت لغزو فرنسا وتم قصف لندن بعد ذلك. نحن نرى المبدأ التوسعي ذاته بالمنطقة من خلال النظام الإيراني، ونريد إيقافه الآن بدلا من جعله يقودنا لصراعات أكبر. عندما ننظر إلى التوجهات في المنطقة خلال الـ40 سنة الماضية منذ الثورة الإيرانية، شاهدنا كيف بدأت إيران ببناء مليشيات إرهابية طائفية في لبنان وقصفت السفارات والثكنات البحرية، واغتالوا رئيس الوزراء اللبناني، وحاولوا استنساخ هذا النموذج بالأساليب ذاتها في سورية والعراق واليمن، وأفلتوا من العقاب في جميع أفعالهم. والآن نراهم أطلقوا أكثر من 160 صاروخا باليستيا على دولة ضمن دول مجموعة الـ20 وهي السعودية، لذلك إذا لم يتم ردعهم فسنشهد ظهور المزيد من المليشيات الإرهابية بالمنطقة. وعلينا التذكر أن «حزب الله» لا يشكل تهديدا محليا فقط، بل هو تهديد عابر للحدود؛ عبر أنشطة غسيل الأموال وتجارة المخدرات في مختلف دول العالم، لذلك نحن لا نريد «حزب الله» آخر خاصة باليمن، فالحوثيون جماعة أخرى تردد شعار «الموت لأمريكا»، كما أنها تهديد عابر للحدود نحاول وضع حد له، كما أنها تؤثر على أمن البحر الأحمر الذي تمر من خلاله 15% من التجارة العالمية.
• ألا تعتقد أن للحرب في اليمن أضرارا جانبية يطلق عليها الآن «أزمة إنسانية»، في ظل تفشى وباء الكوليرا، حتى أنه تم تسمية هذه الحرب بـ«فيتنام المملكة»، ما الذي يحدث هناك؟ وهل بإمكانكم الانتصار في هذه الحرب؟
•• نحن لم ندعم الحكومة اليمنية لبدء الحرب، بل دعمناها لإنهائها. الطرف الذي بدأ الحرب هو مليشيات الحوثي الإيرانية في 2014 عندما انتقلوا من منطقتهم إلى العاصمة، وقتلوا وذبحوا اليمنيين وهددوا الحكومة الشرعية، وكان الخيار أمامنا إما دعم الشرعية ضد جميع الأطراف الإرهابية مثل الحوثيين وتنظيم القاعدة، أو القبول بمنظمتين إرهابيتين غير حكوميتين تتمثلان في الحوثيين والقاعدة في حال سقطت الحكومة المركزية الشرعية، وبالتالي سيستفيد الإرهابيون من حالة عدم الاستقرار والفراغ، ما سيخلق مزيدا من الأعمال المزعزعة للاستقرار، لذلك كان خيارنا الوحيد هو دعم الحكومة الشرعية لاستعادة سيطرتها على البلاد، وإصلاح الاقتصاد، وخلق الوظائف، وتحقيق الازدهار، وتحسين الحالة الإنسانية التي تدهورت بعد العدوان الحوثي. هذا هو هدفنا، وقد نجحنا في حملة الضغط على الحوثيين لكي يجلسوا على طاولة الحوار في سبيل إيجاد حل سياسي طويل الأمد لهذه المشكلة.
لقد أشرت في سؤالك إلى مثال «فيتنام» التي تبعد عن الولايات المتحدة 7 آلاف ميل، أما اليمن فهي جارتنا، ونشترك معها في حدود يتجاوز طولها الألف ميل، أتساءل ماذا كانت ستفعل الولايات المتحدة لو أنه كان على حدودها الجنوبية مليشيات إيرانية وأطلقوا 160 صاروخا باليستيا باتجاهها بما في ذلك واشنطن.
إن السبيل الوحيد لإنهاء هذا الوضع الإنساني وللأبد هو التوصل إلى حل سياسي دائم قائم على القرار الأممي 2216 الذي يقر - وبشكل واضح - بوجوب استرداد الحكومة اليمنية سيطرتها على البلاد. لقد سبق وأعلنا وقف إطلاق النار في 7 مناسبات، ودعمنا جميع مبادرات الأمم المتحدة، وكان الحوثيون هم الطرف الذي ينتهكه، وكانوا - في الواقع - الطرف الذي يقف عائقا دون الوصول إلى سلام في اليمن. وقد ذكر المبعوث الأممي السابق في خطابه الأخير في الأمم المتحدة أنه دائما ما كانت المملكة تجلس على طاولة المفاوضات، بينما كان الحوثيون يتهربون دائما منها. لذا فهم من يمثلون العقبة والعائق، والكرة في ملعبهم الآن. يتوجب عليهم الاختيار بين أن يكونوا مليشيات إيرانية و«حزب الله» آخر باليمن، أو أن يكونوا حزبا سياسيا. نحن نريدهم أن يكونوا جزءا من اليمن لا جزءا من إيران.
• دعنا نتحدث عن التغلغل الإيراني في لبنان والعراق واليمن. لديكم الآن 3 صراعات بالوكالة، ماذا سيحدث عندما لا يصبح الصراع بالوكالة؟
•• ما نريده نحن في المنطقة يختلف عما تريده إيران، نريد شركاء، واستقرارا، وأمنا، وأن تكون دول المنطقة مستقلة، فالسعودية لا تمتلك أي مليشيات في الشرق الأوسط، بالمقابل لا أحد بمقدوره تعداد المليشيات الإيرانية بالمنطقة، ولا أظن أن شعوب العراق واليمن ولبنان تريد أن تكون جزءا من الثورة الإيرانية، بل يريدون أن تكون دولهم مستقلة وأن يمضوا قدما بإصلاح اقتصاداتهم. لذا لا أظن من المقبول أن تتحكم إيران بشعوب هذه البلدان، ويجب على العراقيين واللبنانيين حكم أنفسهم. وسأعطيك مثالا على دور السعودية بالمنطقة، انظر إلى لبنان على سبيل المثال، لطالما كانت المملكة داعمة لاستقراره السياسي، ودعمته من قبل بما يزيد على 5 مليارات دولار. نحن نرسل السياح ورجال الأعمال للبنان، وإيران ترسل الإرهابيين والعسكريين، نحن نبني الفنادق ونخلق فرص العمل، وإيران تخلق الإرهاب، نريد للبنان أن يكون بلدا أفضل وأقوى وأكثر استقرارا، وإيران تريد له خوض حربها نيابة عنها لتتم مشاريع طهران التوسعية. وإذا كان ما يريده المرشد الأعلى في إيران يتعلق بالدين فحسب، فلماذا نرى دائما أن الولي الفقيه.. المرشد الأعلى يكون من إيران؟ لماذا لا نرى مرشدا أعلى لبنانيا أو عراقيا ويتبعه ملالي إيران في المقابل؟ لن ترى هذا قط، لأن إيران تريد استخدام لبنان والعراق وشعبيهما أدوات لسياساتهم التوسعية.
• دار شيء من اللغط أخيرا أثناء وقبل الانتخابات في لبنان، عندما دعي سعد الحريري إلى السعودية، البعض قال إنه اختطف، كما أنني سألته ونفى ذلك. إذن ما الذي حدث هناك، لماذا دعي للمملكة؟
•• أعتقد أنك سألت سعد الحريري، وأعتقد أن أفضل إجابة يمكن أن تتلقاها منه. دعني أخبرك كيف ننظر إلى لبنان والحريري سعد ووالده حليفان للسعودية، وسيستمر. إننا نرغب في استقرار لبنان، نقدم له المساعدة ليصبح بلدا أكثر ازدهارا، ونريد خلق الوظائف فيه، وأن يمضي قدما. ولكن انظر إلى الطرف الذي يزعزع الاستقرار وهو ليس السعودية، إنه الطرف الذي اغتال رئيس وزراء لبنان، والذي استغل الشعب اللبناني في صراع لا علاقة له بالأمن الوطني، ألا وهما «حزب الله»، وإيران.
• إذا ألقينا نظرة على الوضع، في الشرق الأوسط نرى وقف تصعيد في الصراع الإسرائيلي، بينما هنالك تصعيد إيراني، مع كل الجهات لأطماع توسعية، فهناك صراع باليمن، ولبنان، وسورية. متى سينتهي هذا الأمر؟ وكيف سنصل إلى السلام في الشرق الأوسط؟
•• هذا سؤال مهم جدا وينبغي أن يطرح على النظام الإيراني.
• لقد سألناهم.
•• لأننا الطرف الذي لم يطلق أي رصاصة تجاه إيران، فلم نطلق صواريخ باليستية تجاه إيران، بل إنهم هم الطرف الذي يقوم بهذه الأنشطة التخريبية كافة في الشرق الأوسط. ما أقوله هو أننا بحاجة إلى ممارسة الضغط على النظام الإيراني؛ لكي نوقف هذه الأنشطة التي ستفضي بنا إلى خوض صراعات أكبر. فإن بقينا مكتوفي الأيدي، مثلما كنا في السنوات الماضية، فسيفضي بنا ذلك إلى خوض صراعات أكبر، لأنه لم يتم إطلاق صواريخ باليستية تجاه السعودية قبل 5 سنوات، ولم تكن هنالك مليشيات إيرانية بالعراق قبل 20 سنة. الاتجاه السائد هو تصعيد إيراني مستمر بالمنطقة سيفضي إلى خوض صراعات أكبر. ولكن في الوقت نفسه، فإن النظام الإيراني يواجه مشاكل، إذ إنه قوة تخريبية، ويخلق عدم الاستقرار في المنطقة. كما أنه يواجه مشاكل مع شعبه، حيث يستخدم سياسته الداخلية من أجل خدمة سياسته الخارجية الرامية للتوسع، بدلا من خدمة شعب بلده. انظر إلى العملة الإيرانية في الوقت الحالي، إنها في أسوأ أوضاعها. وانظر إلى الاقتصاد الإيراني وإلى أين يتجه. أعتقد أنه ينبغي على النظام الإيراني أن يتوقف عن الأنشطة التخريبية ويركز على شعب بلده، مثلما نقوم به في السعودية، فنحن في السعودية نقوم بعكس ما يقومون به تماما منذ عام 1979. لقد ضاعفنا الناتج المحلي الإجمالي 10 أضعاف ما كان عليه في عام 1979 وكان في حينها ناتجنا المحلي مساويا تقريبا للناتج المحلي الإيراني، والآن نحن نزيد على إيران بأكثر من الضعف. الأهم أننا نسير إلى الأمام، لدينا رؤية تمضي قدما، بينما لديهم رؤية رجعية. لدينا رؤية 2030، بينما هم لديهم رؤية 1979، وهذه هي المشكلة، إنه صراع في الرؤى بين السعودية وإيران.
• كان هناك قرار مثير للجدل من قبل إدارة ترمب بالانسحاب من صفقة إيران النووية، ما هو موقف السعودية بخصوص الانسحاب من الصفقة؟ وما هي بعض التبعات لو حاولت إيران تسريع برنامجها النووي؟
•• حسنا في بادئ الأمر، نحن نقول بشكل صريح إننا ندعم قرار الرئيس لأنه على حق، إنه محق. ما فعلته الصفقة هو الإيقاف المؤقت لسلاح لا يمتلكه النظام الإيراني، ولكنها زادت بالمقابل من قوة كل سلاح آخر يمتلكه النظام، وزادت قدرتهم على إطلاقهم حروبا غير تقليدية وزيادة ميزانية الحرس الثوري الإيراني وزيادة ميزانية «حزب الله» والحوثيين، إن عدد الصواريخ البالستية التي تم إطلاقها على المملكة بعد الصفقة النووية أكبر من تلك التي قبل الصفقة النووية.
• إذن للإيضاح، من الممكن أنها أبطأت أو أوقفت قدرتهم على امتلاك سلاح نووي، ولكنها زادت من تمويل الجماعات الإرهابية مثل «حزب الله» والحوثيين؟
•• أجل، وما أقوله هو أننا ربما تمكنا بشكل مؤقت من إيقاف أسلحة الدمار الشامل، ولكننا خلقنا دمارا شاملا في الشرق الأوسط. وعندما دعمنا قرار الرئيس أوباما بالتوقيع على الصفقة توقعنا من إيران أن تكون أحد الفاعلين الذين يتحلون بالمسؤولية في المنطقة وتوقف أنشطتها التخريبية. ولكننا رأينا نتيجة عكس ذلك.
• بعد الانسحاب من الصفقة هناك نوع من النزاع بين الولايات المتحدة وأوروبا على هذا الشأن، إيران تزيد من أنشطتها العنيفة، ألا يعني ذلك بأننا نذهب في الاتجاه الخاطئ؟
•• حسنا، في سؤالك أنت تقول إننا نسير في الاتجاه الخاطئ، دعني أقول لك ماذا كان الاتجاه الذي كنا نسير فيه قبل الانسحاب من الصفقة النووية؛ كنا نرى أنشطة مدمرة بشكل أكبر في سورية، وأنشطة مدمرة بشكل أكبر في العراق، وأنشطة مدمرة بشكل أكبر في لبنان، وأنشطة مدمرة بشكل أكبر في اليمن، 160 صاروخا باليستيا تم اطلاقها تجاه السعودية من ضمنها العاصمة، إذن فإن أفعال إيران هي ما كان يؤدي نحو صراع أكبر، إذا قمنا بالضغط على إيران وجعلناهم يدفعون الثمن نظير ما فعلوه فسيؤدي ذلك إلى العكس، فبشكل أساسي سوف يؤدي ذلك إلى إيقاف تصعيد إيران المستمر الذي كان سيؤدي بنا إلى صراع أكبر في المنطقة.
• في أمريكا يبدو أن هناك مأزقا، فكما تعرف هناك العديد من الفاعلين والأسماء والمترادفات، وفي كثير من الأحيان يتم التبسيط إلى أن الشيعة ضد السنة. ما أكبر شيئين يمكنك تبسيطهما قد يؤديان إلى التخفيف من حدة التصعيد والتوترات؟
•• الخلاف بين السعودية وإيران ليس متعلقا بالسنة والشيعة، بل هو عبارة عن تصادم في الرؤى كما قلت. فنحن لدينا رؤية ذات نظرة مستقبلية لتحسين اقتصادنا، وجعل حياة مواطنينا أفضل في المملكة، والدفع بمجتمعنا للأمام، ولنتمكن من تحقيق ذلك الهدف نحن نريد أن يكون لدينا منطقة مستقرة ومسالمة ومزدهرة، ونحن نريد زيادة التعاون التجاري. ولكن إيران تريد أن تفعل العكس، فلديها سياسة توسعية، حيث يريدون بشكل أساسي السيطرة على بلدان في المنطقة، كما أن لديهم نشاطات مدمرة في المنطقة تؤدي إلى العودة بالمنطقة للخلف وليس الدفع بها للأمام، وهذا هو سبب الخلاف.
لقد دعمنا الحكومة العراقية في محاربة داعش، وفي الجهة الأخرى ندعم الحكومة اليمنية في محاربة الحوثيين وتنظيم القاعدة في جزيرة العرب. إيران دوما تكون على الجانب الطائفي، ونحن في السعودية دوما نكون على الجانب الحكومي والمؤسساتي، وهناك اختلاف كبير بين موقفنا والموقف الإيراني.
• سيقول الإيرانيون إن السعودية مولت لنشر الوهابية؛ وبالتالي، هي غذت التطرف من الجانب السني، ما هو ردك على ذلك؟
•• هذا قطعا غير صحيح. من كان عدو أسامة بن لادن الأول؟ من هو عدو داعش الأول؟ ما ينبغي عليك فعله هو الاستماع لهم، استمع لهؤلاء الإرهابيين وما يقولون. إن عدوهم الأول هو السعودية والولايات المتحدة. لم تقم القاعدة بشن أي هجوم على إيران. بينما تعرضت السعودية عبر تاريخها لأكثر من 130 هجوما إرهابيا، بما في ذلك على الحكومة السعودية. لذا، من غير المنطقي أن نقوم بتمويل أي شيء قد يهدد بلادنا بشكل أساسي. إضافة إلى ذلك، لقد قال أسامة بن لادن بوضوح في وثائقه التي عثرت عليها الولايات المتحدة في أبوت أباد إن إيران كانت ممولا لأنشطتهم بالأساس، وأضاف أن إيران تساعدهم لوجستيا، وفي مجمل حديثه عن إيران وصفها بالشريك ضد السعودية وأمريكا. استمع لما يقوله أسامة بن دلان وانظر إلى وثائقه واسمع أيضا لما يقولونه في تسجيلاتهم الصوتية، إنهم يستهدفون السعودية والولايات المتحدة.
• قيل الكثير من الأمور حول القيادة الجديدة في بلدكم. هل يمكنك فضلا أن تخبرنا برأيك كيف ستكون المنطقة في السنوات الـ5 والـ10 القادمة؟
•• ما أراه في السعودية هو أنه تحت قيادة الملك وولي العهد، لدينا خطة طموحة ومشوقة لقيادة اقتصادنا ومجتمعنا وبلدنا نحو الأمام، لتطوير التعليم، والصحة، والاقتصاد، وتوفير بيئة للسياحة، والترفيه، والاستثمار داخل السعودية وخارجها، وناجحون في ذلك منذ إعلان رؤية 2030. وأعتقد أنه على الدول في المنطقة أن تكرر التجربة السعودية، يجب أن نكون دولا تنظر نحو الأمام. نحن فخورون بماضينا المشرق، ولكن يجب النظر للمستقبل على أنه أكثر إشراقا. وتلك هي رؤيتنا. الناس في المنطقة لا يجب أن يتم استغلالهم من قبل داعش أو القاعدة، أو النظام الإيراني لخوض حروبهم الخاصة. عليهم أن يعملوا نحو تطوير بلدانهم.
• اقتبست في مقالتك من علي رضا زاكاني الذي قال: «هناك 3 عواصم عربية أصبحت بالفعل تابعة للثورة الإسلامية (الإيرانية)، وهي بيروت وبغداد ودمشق». إن كان هذا هو ما يحدث، إلى أي أحد سيصلون؟
•• في الواقع لقد ذكروا 4 عواصم، بيروت وبغداد ودمشق، والرابعة هي صنعاء. وأنا لا أعتقد أن اليمنيين يريدون أن يحتل النظام الإيراني بلدهم. فهم يريدون أن يكون بلدهم مستقلا، ويجب أن يكون مستقلا. لديهم بلد رائع وشعب عظيم. ولا أظن أن الشعب اللبناني يريد أن يكون جزءا من إيران. ومثلما قال حسن نصر الله قائد «حزب الله» في أحد مقاطع الفيديو القديمة إنه لا يجب أن تكون لبنان دولة مستقلة، بل يجب أن تكون جزءا من أيديولوجية إيران التوسعية. ولا أعتقد أن شعوب لبنان والعراق وسورية تريد ذلك. ولا أعتقد أن أي أحد في المنطقة يريد أن يكون جزءا من إيران. بل يريدون تحسين بلدانهم والمضي قدما.
• يبدو أن الناس تتحد وتقف في المنطقة ضد إيران. هل تدعم المملكة تغيير الحكم في إيران؟
•• سياستنا في السعودية هي عدم التدخل في الشؤون السياسية الداخلية للبلدان. والأمر يعود للشعب الإيراني كي يتخذوا القرار. والأمر ليس عائدا لنا. بالمناسبة أعتقد أن الشعب الإيراني شعب عظيم وهو شعب يريد بناء بلاده فعلا والمضي قدما بالبلاد، وهم يستحقون الأفضل، وفي إيران هناك متطرفون، وهم أقلية، لكنهم هم من يديرون البلاد.
وقال في مقابلة تلفزيونية مع قناة «فايس»، إن المملكة لديها رؤية 2030 التي تقودها إلى الأمام، في حين لدى إيران خطة من 1979 تريد إعادة المنطقة إلى الخلف. وأضاف «أكبر تهديد يواجه المنطقة والعالم اليوم هو إيران ومليشياتها والمنظمات الإرهابية كداعش والقاعدة، وكلاهما وجهان لعملة واحدة وإن اختلفت الأيديولوجيا، إذ كلاهما لا يؤمن بسيادة الدول، ولديهما اعتقاد بإقامة دولة أيديولوجية عابرة للحدود، كما أنهما لا تحترمان القوانين الدولية». وتابع «عندما يتعلق الأمر بنا فنحن العدو المشترك، ويتعاونان ضدنا»، وفي ما يلي نص الحوار:
• سأبدأ مباشرة بسؤالك عن سبب توجه الرئيس ترمب إلى المملكة في أول رحلة خارجية له كرئيس للولايات المتحدة؟
•• في البداية، أؤكد على أن العلاقات السعودية - الأمريكية قوية، وهي كذلك طوال العقود الـ7 الماضية، إذ بدأت مع الرئيس الديمقراطي روزفلت، وعززت في ظل مختلف الرؤساء الأمريكيين حتى الآن. وتعد زيارة ترمب امتدادا للعلاقة التاريخية القوية التي قامت بحماية شعبي البلدين على الصعيد الأمني. أما من الجانب الاقتصادي فإنها خلقت العديد من الوظائف والفرص في كلا البلدين ما حفز اقتصاديهما. وهي زيارة مهمة بالنسبة للعالم الإسلامي، فمن المهم جدا للولايات المتحدة أن تحظى بعلاقة قوية مع المملكة والعالم الإسلامي، كما أعتقد أن الخطاب الذي ألقاه ترمب في تلك الزيارة كان مشجعا جدا للعالم الإسلامي، إذ تحدث عن مكافحة الإرهاب، وقال إن أغلب ضحايا «داعش» والمنظمات الإرهابية هم من المسلمين. كان أمرا مهما جدا أن يسمع العالم الإسلامي ذلك من الرئيس الأمريكي.
• على ذكر الإرهاب بالمنطقة، ما هو أكبر تهديد تواجهه المملكة حاليا؟
•• التهديد الأكبر الذي تواجهه المنطقة والأمن الدولي هو النظام الإيراني ومليشياته من جهة، وداعش والقاعدة والمنظمات الإرهابية من جهة أخرى، إنهما وجهان لعملة واحدة، فهم جميعا يؤمنون بنفس المبدأ، وليس بالضرورة إيمانهم بالأيديولوجية ذاتها. كلاهما لا يؤمن بسيادة الدول، وبإقامة دولة أيديولوجية عابرة للحدود، كما أنهما لا يحترمان القانون الدولي، ورغم أنهما يتنافسان أحيانا ويتقاتلان، إلا أنه عندما يتعلق الأمر بنا فإنهما يتعاونان علينا باعتبارنا عدوهما المشترك.
• لماذا يعدونكم عدوا مشتركا؟
•• بسبب كوننا عامل استقرار وسلام وازدهار في المنطقة. ما نريد أن نقوم به هو أن نعمل من خلال رؤيتنا 2030 على إصلاح اقتصادنا والاستفادة من الإمكانات غير المستغلة، وفتح قطاعات جديدة بالمملكة، وتحقيق الازدهار والتقدم لشعبنا. في سبيل تحقيق ذلك، نحن بحاجة إلى منطقة آمنة ومستقرة ومزدهرة، وإلى زيادة تعاوننا الاقتصادي مع دول الجوار. أما إيران فهي تريد تصدير ثورتها، ولديها أفكار توسعية، ولا ترغب في حدوث أي شراكة بين دول المنطقة بحيث تكون تلك الدول ضمن إطار مشروعها التوسعي. هذا هو الفارق الكبير بيننا، نحن نملك خطة تقدمية للمستقبل تتمثل في «رؤية 2030»، أما إيران فخطتها هي «رؤية 1979» التي تحاول إعادة السعودية والمنطقة إلى الخلف.
• قرأت مقالا كتبته أخيرا تقارن فيه بين إيران وألمانيا النازية، من حيث الأفكار التوسعية، هل يمكنك التفصيل أكثر بشأنه؟
•• ما طرحته في ذلك المقال يتحدث عن وجود أفكار ودول توسعية، لا سيما في أوروبا أثناء ثلاثينات القرن الماضي، إذ شاهدنا ألمانيا النازية تحتل النمسا وأجزاء من تشيكوسلوفاكيا، والنهج الذي تم اتباعه في ذلك الوقت لحل الأزمة المتمثل في استرضاء ألمانيا النازية بدلا من مواجهتها قاد للمزيد من الأعمال التوسعية، ورأينا اتفاق ميونخ الذي عاد به رئيس الوزراء تشامبرلين إلى بريطانيا حاملا ورقة الاتفاقية ووصفها بأنها بداية عصر السلام، لكن الأمور لم تنجح، حيث قادت لغزو فرنسا وتم قصف لندن بعد ذلك. نحن نرى المبدأ التوسعي ذاته بالمنطقة من خلال النظام الإيراني، ونريد إيقافه الآن بدلا من جعله يقودنا لصراعات أكبر. عندما ننظر إلى التوجهات في المنطقة خلال الـ40 سنة الماضية منذ الثورة الإيرانية، شاهدنا كيف بدأت إيران ببناء مليشيات إرهابية طائفية في لبنان وقصفت السفارات والثكنات البحرية، واغتالوا رئيس الوزراء اللبناني، وحاولوا استنساخ هذا النموذج بالأساليب ذاتها في سورية والعراق واليمن، وأفلتوا من العقاب في جميع أفعالهم. والآن نراهم أطلقوا أكثر من 160 صاروخا باليستيا على دولة ضمن دول مجموعة الـ20 وهي السعودية، لذلك إذا لم يتم ردعهم فسنشهد ظهور المزيد من المليشيات الإرهابية بالمنطقة. وعلينا التذكر أن «حزب الله» لا يشكل تهديدا محليا فقط، بل هو تهديد عابر للحدود؛ عبر أنشطة غسيل الأموال وتجارة المخدرات في مختلف دول العالم، لذلك نحن لا نريد «حزب الله» آخر خاصة باليمن، فالحوثيون جماعة أخرى تردد شعار «الموت لأمريكا»، كما أنها تهديد عابر للحدود نحاول وضع حد له، كما أنها تؤثر على أمن البحر الأحمر الذي تمر من خلاله 15% من التجارة العالمية.
• ألا تعتقد أن للحرب في اليمن أضرارا جانبية يطلق عليها الآن «أزمة إنسانية»، في ظل تفشى وباء الكوليرا، حتى أنه تم تسمية هذه الحرب بـ«فيتنام المملكة»، ما الذي يحدث هناك؟ وهل بإمكانكم الانتصار في هذه الحرب؟
•• نحن لم ندعم الحكومة اليمنية لبدء الحرب، بل دعمناها لإنهائها. الطرف الذي بدأ الحرب هو مليشيات الحوثي الإيرانية في 2014 عندما انتقلوا من منطقتهم إلى العاصمة، وقتلوا وذبحوا اليمنيين وهددوا الحكومة الشرعية، وكان الخيار أمامنا إما دعم الشرعية ضد جميع الأطراف الإرهابية مثل الحوثيين وتنظيم القاعدة، أو القبول بمنظمتين إرهابيتين غير حكوميتين تتمثلان في الحوثيين والقاعدة في حال سقطت الحكومة المركزية الشرعية، وبالتالي سيستفيد الإرهابيون من حالة عدم الاستقرار والفراغ، ما سيخلق مزيدا من الأعمال المزعزعة للاستقرار، لذلك كان خيارنا الوحيد هو دعم الحكومة الشرعية لاستعادة سيطرتها على البلاد، وإصلاح الاقتصاد، وخلق الوظائف، وتحقيق الازدهار، وتحسين الحالة الإنسانية التي تدهورت بعد العدوان الحوثي. هذا هو هدفنا، وقد نجحنا في حملة الضغط على الحوثيين لكي يجلسوا على طاولة الحوار في سبيل إيجاد حل سياسي طويل الأمد لهذه المشكلة.
لقد أشرت في سؤالك إلى مثال «فيتنام» التي تبعد عن الولايات المتحدة 7 آلاف ميل، أما اليمن فهي جارتنا، ونشترك معها في حدود يتجاوز طولها الألف ميل، أتساءل ماذا كانت ستفعل الولايات المتحدة لو أنه كان على حدودها الجنوبية مليشيات إيرانية وأطلقوا 160 صاروخا باليستيا باتجاهها بما في ذلك واشنطن.
إن السبيل الوحيد لإنهاء هذا الوضع الإنساني وللأبد هو التوصل إلى حل سياسي دائم قائم على القرار الأممي 2216 الذي يقر - وبشكل واضح - بوجوب استرداد الحكومة اليمنية سيطرتها على البلاد. لقد سبق وأعلنا وقف إطلاق النار في 7 مناسبات، ودعمنا جميع مبادرات الأمم المتحدة، وكان الحوثيون هم الطرف الذي ينتهكه، وكانوا - في الواقع - الطرف الذي يقف عائقا دون الوصول إلى سلام في اليمن. وقد ذكر المبعوث الأممي السابق في خطابه الأخير في الأمم المتحدة أنه دائما ما كانت المملكة تجلس على طاولة المفاوضات، بينما كان الحوثيون يتهربون دائما منها. لذا فهم من يمثلون العقبة والعائق، والكرة في ملعبهم الآن. يتوجب عليهم الاختيار بين أن يكونوا مليشيات إيرانية و«حزب الله» آخر باليمن، أو أن يكونوا حزبا سياسيا. نحن نريدهم أن يكونوا جزءا من اليمن لا جزءا من إيران.
• دعنا نتحدث عن التغلغل الإيراني في لبنان والعراق واليمن. لديكم الآن 3 صراعات بالوكالة، ماذا سيحدث عندما لا يصبح الصراع بالوكالة؟
•• ما نريده نحن في المنطقة يختلف عما تريده إيران، نريد شركاء، واستقرارا، وأمنا، وأن تكون دول المنطقة مستقلة، فالسعودية لا تمتلك أي مليشيات في الشرق الأوسط، بالمقابل لا أحد بمقدوره تعداد المليشيات الإيرانية بالمنطقة، ولا أظن أن شعوب العراق واليمن ولبنان تريد أن تكون جزءا من الثورة الإيرانية، بل يريدون أن تكون دولهم مستقلة وأن يمضوا قدما بإصلاح اقتصاداتهم. لذا لا أظن من المقبول أن تتحكم إيران بشعوب هذه البلدان، ويجب على العراقيين واللبنانيين حكم أنفسهم. وسأعطيك مثالا على دور السعودية بالمنطقة، انظر إلى لبنان على سبيل المثال، لطالما كانت المملكة داعمة لاستقراره السياسي، ودعمته من قبل بما يزيد على 5 مليارات دولار. نحن نرسل السياح ورجال الأعمال للبنان، وإيران ترسل الإرهابيين والعسكريين، نحن نبني الفنادق ونخلق فرص العمل، وإيران تخلق الإرهاب، نريد للبنان أن يكون بلدا أفضل وأقوى وأكثر استقرارا، وإيران تريد له خوض حربها نيابة عنها لتتم مشاريع طهران التوسعية. وإذا كان ما يريده المرشد الأعلى في إيران يتعلق بالدين فحسب، فلماذا نرى دائما أن الولي الفقيه.. المرشد الأعلى يكون من إيران؟ لماذا لا نرى مرشدا أعلى لبنانيا أو عراقيا ويتبعه ملالي إيران في المقابل؟ لن ترى هذا قط، لأن إيران تريد استخدام لبنان والعراق وشعبيهما أدوات لسياساتهم التوسعية.
• دار شيء من اللغط أخيرا أثناء وقبل الانتخابات في لبنان، عندما دعي سعد الحريري إلى السعودية، البعض قال إنه اختطف، كما أنني سألته ونفى ذلك. إذن ما الذي حدث هناك، لماذا دعي للمملكة؟
•• أعتقد أنك سألت سعد الحريري، وأعتقد أن أفضل إجابة يمكن أن تتلقاها منه. دعني أخبرك كيف ننظر إلى لبنان والحريري سعد ووالده حليفان للسعودية، وسيستمر. إننا نرغب في استقرار لبنان، نقدم له المساعدة ليصبح بلدا أكثر ازدهارا، ونريد خلق الوظائف فيه، وأن يمضي قدما. ولكن انظر إلى الطرف الذي يزعزع الاستقرار وهو ليس السعودية، إنه الطرف الذي اغتال رئيس وزراء لبنان، والذي استغل الشعب اللبناني في صراع لا علاقة له بالأمن الوطني، ألا وهما «حزب الله»، وإيران.
• إذا ألقينا نظرة على الوضع، في الشرق الأوسط نرى وقف تصعيد في الصراع الإسرائيلي، بينما هنالك تصعيد إيراني، مع كل الجهات لأطماع توسعية، فهناك صراع باليمن، ولبنان، وسورية. متى سينتهي هذا الأمر؟ وكيف سنصل إلى السلام في الشرق الأوسط؟
•• هذا سؤال مهم جدا وينبغي أن يطرح على النظام الإيراني.
• لقد سألناهم.
•• لأننا الطرف الذي لم يطلق أي رصاصة تجاه إيران، فلم نطلق صواريخ باليستية تجاه إيران، بل إنهم هم الطرف الذي يقوم بهذه الأنشطة التخريبية كافة في الشرق الأوسط. ما أقوله هو أننا بحاجة إلى ممارسة الضغط على النظام الإيراني؛ لكي نوقف هذه الأنشطة التي ستفضي بنا إلى خوض صراعات أكبر. فإن بقينا مكتوفي الأيدي، مثلما كنا في السنوات الماضية، فسيفضي بنا ذلك إلى خوض صراعات أكبر، لأنه لم يتم إطلاق صواريخ باليستية تجاه السعودية قبل 5 سنوات، ولم تكن هنالك مليشيات إيرانية بالعراق قبل 20 سنة. الاتجاه السائد هو تصعيد إيراني مستمر بالمنطقة سيفضي إلى خوض صراعات أكبر. ولكن في الوقت نفسه، فإن النظام الإيراني يواجه مشاكل، إذ إنه قوة تخريبية، ويخلق عدم الاستقرار في المنطقة. كما أنه يواجه مشاكل مع شعبه، حيث يستخدم سياسته الداخلية من أجل خدمة سياسته الخارجية الرامية للتوسع، بدلا من خدمة شعب بلده. انظر إلى العملة الإيرانية في الوقت الحالي، إنها في أسوأ أوضاعها. وانظر إلى الاقتصاد الإيراني وإلى أين يتجه. أعتقد أنه ينبغي على النظام الإيراني أن يتوقف عن الأنشطة التخريبية ويركز على شعب بلده، مثلما نقوم به في السعودية، فنحن في السعودية نقوم بعكس ما يقومون به تماما منذ عام 1979. لقد ضاعفنا الناتج المحلي الإجمالي 10 أضعاف ما كان عليه في عام 1979 وكان في حينها ناتجنا المحلي مساويا تقريبا للناتج المحلي الإيراني، والآن نحن نزيد على إيران بأكثر من الضعف. الأهم أننا نسير إلى الأمام، لدينا رؤية تمضي قدما، بينما لديهم رؤية رجعية. لدينا رؤية 2030، بينما هم لديهم رؤية 1979، وهذه هي المشكلة، إنه صراع في الرؤى بين السعودية وإيران.
• كان هناك قرار مثير للجدل من قبل إدارة ترمب بالانسحاب من صفقة إيران النووية، ما هو موقف السعودية بخصوص الانسحاب من الصفقة؟ وما هي بعض التبعات لو حاولت إيران تسريع برنامجها النووي؟
•• حسنا في بادئ الأمر، نحن نقول بشكل صريح إننا ندعم قرار الرئيس لأنه على حق، إنه محق. ما فعلته الصفقة هو الإيقاف المؤقت لسلاح لا يمتلكه النظام الإيراني، ولكنها زادت بالمقابل من قوة كل سلاح آخر يمتلكه النظام، وزادت قدرتهم على إطلاقهم حروبا غير تقليدية وزيادة ميزانية الحرس الثوري الإيراني وزيادة ميزانية «حزب الله» والحوثيين، إن عدد الصواريخ البالستية التي تم إطلاقها على المملكة بعد الصفقة النووية أكبر من تلك التي قبل الصفقة النووية.
• إذن للإيضاح، من الممكن أنها أبطأت أو أوقفت قدرتهم على امتلاك سلاح نووي، ولكنها زادت من تمويل الجماعات الإرهابية مثل «حزب الله» والحوثيين؟
•• أجل، وما أقوله هو أننا ربما تمكنا بشكل مؤقت من إيقاف أسلحة الدمار الشامل، ولكننا خلقنا دمارا شاملا في الشرق الأوسط. وعندما دعمنا قرار الرئيس أوباما بالتوقيع على الصفقة توقعنا من إيران أن تكون أحد الفاعلين الذين يتحلون بالمسؤولية في المنطقة وتوقف أنشطتها التخريبية. ولكننا رأينا نتيجة عكس ذلك.
• بعد الانسحاب من الصفقة هناك نوع من النزاع بين الولايات المتحدة وأوروبا على هذا الشأن، إيران تزيد من أنشطتها العنيفة، ألا يعني ذلك بأننا نذهب في الاتجاه الخاطئ؟
•• حسنا، في سؤالك أنت تقول إننا نسير في الاتجاه الخاطئ، دعني أقول لك ماذا كان الاتجاه الذي كنا نسير فيه قبل الانسحاب من الصفقة النووية؛ كنا نرى أنشطة مدمرة بشكل أكبر في سورية، وأنشطة مدمرة بشكل أكبر في العراق، وأنشطة مدمرة بشكل أكبر في لبنان، وأنشطة مدمرة بشكل أكبر في اليمن، 160 صاروخا باليستيا تم اطلاقها تجاه السعودية من ضمنها العاصمة، إذن فإن أفعال إيران هي ما كان يؤدي نحو صراع أكبر، إذا قمنا بالضغط على إيران وجعلناهم يدفعون الثمن نظير ما فعلوه فسيؤدي ذلك إلى العكس، فبشكل أساسي سوف يؤدي ذلك إلى إيقاف تصعيد إيران المستمر الذي كان سيؤدي بنا إلى صراع أكبر في المنطقة.
• في أمريكا يبدو أن هناك مأزقا، فكما تعرف هناك العديد من الفاعلين والأسماء والمترادفات، وفي كثير من الأحيان يتم التبسيط إلى أن الشيعة ضد السنة. ما أكبر شيئين يمكنك تبسيطهما قد يؤديان إلى التخفيف من حدة التصعيد والتوترات؟
•• الخلاف بين السعودية وإيران ليس متعلقا بالسنة والشيعة، بل هو عبارة عن تصادم في الرؤى كما قلت. فنحن لدينا رؤية ذات نظرة مستقبلية لتحسين اقتصادنا، وجعل حياة مواطنينا أفضل في المملكة، والدفع بمجتمعنا للأمام، ولنتمكن من تحقيق ذلك الهدف نحن نريد أن يكون لدينا منطقة مستقرة ومسالمة ومزدهرة، ونحن نريد زيادة التعاون التجاري. ولكن إيران تريد أن تفعل العكس، فلديها سياسة توسعية، حيث يريدون بشكل أساسي السيطرة على بلدان في المنطقة، كما أن لديهم نشاطات مدمرة في المنطقة تؤدي إلى العودة بالمنطقة للخلف وليس الدفع بها للأمام، وهذا هو سبب الخلاف.
لقد دعمنا الحكومة العراقية في محاربة داعش، وفي الجهة الأخرى ندعم الحكومة اليمنية في محاربة الحوثيين وتنظيم القاعدة في جزيرة العرب. إيران دوما تكون على الجانب الطائفي، ونحن في السعودية دوما نكون على الجانب الحكومي والمؤسساتي، وهناك اختلاف كبير بين موقفنا والموقف الإيراني.
• سيقول الإيرانيون إن السعودية مولت لنشر الوهابية؛ وبالتالي، هي غذت التطرف من الجانب السني، ما هو ردك على ذلك؟
•• هذا قطعا غير صحيح. من كان عدو أسامة بن لادن الأول؟ من هو عدو داعش الأول؟ ما ينبغي عليك فعله هو الاستماع لهم، استمع لهؤلاء الإرهابيين وما يقولون. إن عدوهم الأول هو السعودية والولايات المتحدة. لم تقم القاعدة بشن أي هجوم على إيران. بينما تعرضت السعودية عبر تاريخها لأكثر من 130 هجوما إرهابيا، بما في ذلك على الحكومة السعودية. لذا، من غير المنطقي أن نقوم بتمويل أي شيء قد يهدد بلادنا بشكل أساسي. إضافة إلى ذلك، لقد قال أسامة بن لادن بوضوح في وثائقه التي عثرت عليها الولايات المتحدة في أبوت أباد إن إيران كانت ممولا لأنشطتهم بالأساس، وأضاف أن إيران تساعدهم لوجستيا، وفي مجمل حديثه عن إيران وصفها بالشريك ضد السعودية وأمريكا. استمع لما يقوله أسامة بن دلان وانظر إلى وثائقه واسمع أيضا لما يقولونه في تسجيلاتهم الصوتية، إنهم يستهدفون السعودية والولايات المتحدة.
• قيل الكثير من الأمور حول القيادة الجديدة في بلدكم. هل يمكنك فضلا أن تخبرنا برأيك كيف ستكون المنطقة في السنوات الـ5 والـ10 القادمة؟
•• ما أراه في السعودية هو أنه تحت قيادة الملك وولي العهد، لدينا خطة طموحة ومشوقة لقيادة اقتصادنا ومجتمعنا وبلدنا نحو الأمام، لتطوير التعليم، والصحة، والاقتصاد، وتوفير بيئة للسياحة، والترفيه، والاستثمار داخل السعودية وخارجها، وناجحون في ذلك منذ إعلان رؤية 2030. وأعتقد أنه على الدول في المنطقة أن تكرر التجربة السعودية، يجب أن نكون دولا تنظر نحو الأمام. نحن فخورون بماضينا المشرق، ولكن يجب النظر للمستقبل على أنه أكثر إشراقا. وتلك هي رؤيتنا. الناس في المنطقة لا يجب أن يتم استغلالهم من قبل داعش أو القاعدة، أو النظام الإيراني لخوض حروبهم الخاصة. عليهم أن يعملوا نحو تطوير بلدانهم.
• اقتبست في مقالتك من علي رضا زاكاني الذي قال: «هناك 3 عواصم عربية أصبحت بالفعل تابعة للثورة الإسلامية (الإيرانية)، وهي بيروت وبغداد ودمشق». إن كان هذا هو ما يحدث، إلى أي أحد سيصلون؟
•• في الواقع لقد ذكروا 4 عواصم، بيروت وبغداد ودمشق، والرابعة هي صنعاء. وأنا لا أعتقد أن اليمنيين يريدون أن يحتل النظام الإيراني بلدهم. فهم يريدون أن يكون بلدهم مستقلا، ويجب أن يكون مستقلا. لديهم بلد رائع وشعب عظيم. ولا أظن أن الشعب اللبناني يريد أن يكون جزءا من إيران. ومثلما قال حسن نصر الله قائد «حزب الله» في أحد مقاطع الفيديو القديمة إنه لا يجب أن تكون لبنان دولة مستقلة، بل يجب أن تكون جزءا من أيديولوجية إيران التوسعية. ولا أعتقد أن شعوب لبنان والعراق وسورية تريد ذلك. ولا أعتقد أن أي أحد في المنطقة يريد أن يكون جزءا من إيران. بل يريدون تحسين بلدانهم والمضي قدما.
• يبدو أن الناس تتحد وتقف في المنطقة ضد إيران. هل تدعم المملكة تغيير الحكم في إيران؟
•• سياستنا في السعودية هي عدم التدخل في الشؤون السياسية الداخلية للبلدان. والأمر يعود للشعب الإيراني كي يتخذوا القرار. والأمر ليس عائدا لنا. بالمناسبة أعتقد أن الشعب الإيراني شعب عظيم وهو شعب يريد بناء بلاده فعلا والمضي قدما بالبلاد، وهم يستحقون الأفضل، وفي إيران هناك متطرفون، وهم أقلية، لكنهم هم من يديرون البلاد.