كتاب ومقالات

جيف وهستيريا الاختراق

بدر بن سعود

وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان، ووزير الدولة للشؤون الخارجية عادل الجبير، كانا هدفاً لإعلام منتدى دافوس الأخير، وكلاهما سئل عن اختراق جوال مؤسس أمازون وصاحب واشنطن بوست، والثانية متطرفة في طروحاتها عن المملكة والمنطقة العربية منذ زمن، ومعروف عنها أنها تحتفل وتقدر كل مادة صحافية مخالفة حتى وإن كانت لا تستحق، ويظهر أن مقروئيتها انخفضت هذه الأيام، والدليل قيام مالكها جيف بيزوس بحشر المملكة مجدداً في قضيته الشخصية، واستناده في ذلك إلى توقعات وتخمينات أثبت المدعي العام في نيويورك أنها لا تقبل الإثبات، والمسألة كلها طويت في نوفمبر 2019، وانتهت إلى التشكيك في صدق الادعاءات.

لا أحد يختلف بأن أعداء المملكة لا يبتعدون، في معظم الأحيان، عن الإخوان المسلمين والصهاينة والشيعة الموالين لإيران وإيران نفسها، فقد كشف معهد أكسفورد البريطاني لأبحاث الإنترنت في سنة 2019 أن مئات الحسابات التي تم حذفها بمعرفة إدارة تويتر لارتباطها بإيران، كانت تستهدف الداخل السعودي في محتوى تغريداتها، وأنها أديرت من خارج المملكة، ووثقت الإحصاءات أن غالبية التغريدات التي عملت على إثارة الرأي العام السعودي ليست سعودية، وصدرت في غالبيتها من لبنان وتركيا والعراق.

المملكة لم تقدم نفسها بشكل جيد لمن لا يعرفونها، ومن الأمثلة، ما قاله بعض السياح بعد حضورهم لموسم الرياض، أو حتى لبعض الفعاليات في جدة والعلا وغيرها، وكيف أن ما شاهدوه يختلف عن صورة الداخل السعودي في أذهانهم، والناس في المجتمعات الغربية يتشاركون في انطباعاتهم حول السعوديين، ويتصورون بأنهم مترفون جداً وعنصريون ضد المرأة ولا يتسامحون مع بقية الأديان.

هذه الصورة المغلوطة لم تأتِ من فراغ، فقد ساهم الإعلام الغربي في تكريسها، واشتغلت عليها صناعة الأفلام الأمريكية، ومراكز الدراسات وبيوت الخبرة، بجانب الدعاية السلبية واستغلالها لما توفره البيانات الضخمة وتطبيقاتها المتنوعة على الإنترنت، ومن الكتابات غير المعقولة، اتهام المملكة باستثمار مخزونها من النفط في تصدير الإسلام المتطرف، وفي تركيع الروس والإيرانيين، وفي العمل على إفلاس شركات النفط الصخري الأمريكية، وهو كوكتيل غير موفق وشاطح ولكن الذهنية الغربية تقبله.

استهداف دولة بحجم المملكة أمر طبيعي ومتوقع، والسبب امتلاكها لمقومات الدولة القائدة في منطقة الشرق الأوسط، واستقرارها في محيط إقليمي مضطرب، والمفروض في هذه الحالة زيادة الاهتمام بالصورة الذهنية، وبتعزيز سمعة الدولة الإيجابية، وبالتركيز على الخطاب الإعلامي المدروس في عرض إنجازاتها الداخلية والخارجية، فالدول تتنافس فيما بينها كما التجار في تسويق بضائعهم، والدولة صاحبة السمعة القوية تكتسب ميزة تنافسية تفيدها في مواجهة الحملات المغرضة والمتحاملة، ويتم بناء السمعة بتقديم كمية ضخمة ومتكاملة من المعلومات الإيجابية أو المحايدة، وبطريقة تساعد في تمييز الحقائق من الأكاذيب.