بعد هدوء العاصفة.. قليلاً !
الثلاثاء / 03 / جمادى الآخرة / 1441 هـ الثلاثاء 28 يناير 2020 01:53
منى المالكي
لا يخلو مجتمع صحي من وجود حالات متطرفة، هذه حقيقة، ولكن السؤال ما هي نسب وجود مثل هذه الحالات؟ الإجابة وجودها بنسب بسيطة لا تشكل أغلبية، فالقول إننا مجتمع ملائكي تقابلها مباشرة خرافة القول إننا مجتمع شياطين!
الحدة والتطرف في الآراء والأفكار تُظهر خطاباً متشنجاً لا يذهب لحل المشكلات بل إلى تعقيدها أقرب، وهذا الملاحظ في «الخطاب النسوي» الذي عشنا فصوله قبل فترة، عندما علت الأصوات وبات الصراخ سيد الموقف، واستحالت ساحات تويتر إلى حروب مشتعلة كل ما كان يهم كل مجموعة هو تشويه بل وتدمير المخالف لها بغض النظر عن صحة أو خطأ القول حتى أن شرف الخصومة أصبح لا يليق بأي فريق!
بين الأنانية النسوية المفرطة ظهر الجانب الآخر ليضع المرأة درة مصونة وقنبلة قابلة للانفجار يحرم الاقتراب منها، وبين الادعاء أن النسويات سبب هروب الفتيات زوراً وبهتاناً، ظهر خطاب التخوين يشهر سلاحه في وجه كل من تدافع عن حقوق المرأة التي كفلها الدين ونظام الدولة وتوجها المشروع الحلم «تمكين المرأة السعودية».
لا يمكن أن نصدق ألا تكون هناك حالات عنف ضد المرأة في مجتمعنا، لا يمكن الإنكار أن العضل حقيقة بيننا، يجب الاعتراف أننا عشنا واقع تهميش وحالات إقصاء متعمدة، حدث هذا كله في ظل خطاب صحوي استلم رؤيته فكر إخواني خبيث يبحث عن هدم المجتمع ليبقى هو الصوت الآمر والمرجع الوحيد في حياة البشر.
وفي المقابل ونتيجة لهذا التغييب المتعمد للمجتمع والغفوة التي عاشها لثلاثين عاماً أو أكثر، ظهر الخوف من تغيير مكانة المرأة المعتادة في الصف الثاني دائماً، ونعترف أن بعض العقول ما زالت تعيشه، فرفقاً بها لأن الإنسان يخاف التغيير بطبيعته وهو عدو ما يجهل ولا يجب أن نعيد ذات الخطاب الصحوي السابق «إن لم تكن معي فأنت ضدي» هذا الخطاب التكفيري الذي دفعنا فواتيره الباهظة.
ظهرت أصوات لم تستوعب أن المرحلة الانتقالية قد يحدث بها بعض التجاوزات ولكنها ليست المؤشر على سلامة الطريق الذي نمضي فيه كلنا، فكما أن هناك حقوقاً للمرأة يجب أن تمتع بها في ظل نظام كفل لها ذلك وتحت مظلة حقوقية وتشريعية، هناك أيضاً واجبات تلزم المرأة بأدائها والقيام بها، وهذا المفهوم الذي لا بد أن يصل لفتياتنا، فلا يكفي أن ترفع لواء الحقوق وتنسى أو تتناسى ما عليها من واجبات تجاه أسرتها الحصن الأقوى والرقم الأصعب في معادلة الحياة.
دعونا نؤكد على نقطة مهمة من نقاط قوة متعددة في مسيرة المرأة السعودية وهي صورة رسمتها بكل اقتدار تلك المرأة التي تعلّمت وكافحت وأرادت أن تكون بإصرار وعزيمة وأصبحت الآن في موقع المسؤولية واحتلت المناصب المرموقة في الدولة، فلو ارتهنت المرأة للسجالات وركنت إلى الضعف لما كان بيننا الآن سفيرة أو قيادية في التعليم والصحة والاقتصاد والثقافة.
الوسطية وخطاب العقل هما المرجعان لخطاب التحولات العظيمة الآن، ولسنا بحاجة إلى عواصف داخلية، يكفي أن نكون جبهة واحدة في ظل التحديات الكبيرة التي نعيشها الآن.
* كاتبة سعودية
monaalmaliki@
الحدة والتطرف في الآراء والأفكار تُظهر خطاباً متشنجاً لا يذهب لحل المشكلات بل إلى تعقيدها أقرب، وهذا الملاحظ في «الخطاب النسوي» الذي عشنا فصوله قبل فترة، عندما علت الأصوات وبات الصراخ سيد الموقف، واستحالت ساحات تويتر إلى حروب مشتعلة كل ما كان يهم كل مجموعة هو تشويه بل وتدمير المخالف لها بغض النظر عن صحة أو خطأ القول حتى أن شرف الخصومة أصبح لا يليق بأي فريق!
بين الأنانية النسوية المفرطة ظهر الجانب الآخر ليضع المرأة درة مصونة وقنبلة قابلة للانفجار يحرم الاقتراب منها، وبين الادعاء أن النسويات سبب هروب الفتيات زوراً وبهتاناً، ظهر خطاب التخوين يشهر سلاحه في وجه كل من تدافع عن حقوق المرأة التي كفلها الدين ونظام الدولة وتوجها المشروع الحلم «تمكين المرأة السعودية».
لا يمكن أن نصدق ألا تكون هناك حالات عنف ضد المرأة في مجتمعنا، لا يمكن الإنكار أن العضل حقيقة بيننا، يجب الاعتراف أننا عشنا واقع تهميش وحالات إقصاء متعمدة، حدث هذا كله في ظل خطاب صحوي استلم رؤيته فكر إخواني خبيث يبحث عن هدم المجتمع ليبقى هو الصوت الآمر والمرجع الوحيد في حياة البشر.
وفي المقابل ونتيجة لهذا التغييب المتعمد للمجتمع والغفوة التي عاشها لثلاثين عاماً أو أكثر، ظهر الخوف من تغيير مكانة المرأة المعتادة في الصف الثاني دائماً، ونعترف أن بعض العقول ما زالت تعيشه، فرفقاً بها لأن الإنسان يخاف التغيير بطبيعته وهو عدو ما يجهل ولا يجب أن نعيد ذات الخطاب الصحوي السابق «إن لم تكن معي فأنت ضدي» هذا الخطاب التكفيري الذي دفعنا فواتيره الباهظة.
ظهرت أصوات لم تستوعب أن المرحلة الانتقالية قد يحدث بها بعض التجاوزات ولكنها ليست المؤشر على سلامة الطريق الذي نمضي فيه كلنا، فكما أن هناك حقوقاً للمرأة يجب أن تمتع بها في ظل نظام كفل لها ذلك وتحت مظلة حقوقية وتشريعية، هناك أيضاً واجبات تلزم المرأة بأدائها والقيام بها، وهذا المفهوم الذي لا بد أن يصل لفتياتنا، فلا يكفي أن ترفع لواء الحقوق وتنسى أو تتناسى ما عليها من واجبات تجاه أسرتها الحصن الأقوى والرقم الأصعب في معادلة الحياة.
دعونا نؤكد على نقطة مهمة من نقاط قوة متعددة في مسيرة المرأة السعودية وهي صورة رسمتها بكل اقتدار تلك المرأة التي تعلّمت وكافحت وأرادت أن تكون بإصرار وعزيمة وأصبحت الآن في موقع المسؤولية واحتلت المناصب المرموقة في الدولة، فلو ارتهنت المرأة للسجالات وركنت إلى الضعف لما كان بيننا الآن سفيرة أو قيادية في التعليم والصحة والاقتصاد والثقافة.
الوسطية وخطاب العقل هما المرجعان لخطاب التحولات العظيمة الآن، ولسنا بحاجة إلى عواصف داخلية، يكفي أن نكون جبهة واحدة في ظل التحديات الكبيرة التي نعيشها الآن.
* كاتبة سعودية
monaalmaliki@