ثقافة وفن

الحرس الكلاسيكي: ثقافتنا ليست «أزياء وطعاما وموسيقى»

فرقة الرقص النقري ( TAP DOGS ) التي شاركت أخيرا في موسم الرياض.

علي الرباعي (الباحة) Al_ARobai@

عدّ مثقفون إعلاء وزارة الثقافة شأن الثقافة السائلة «الفنون» على الثقافة الصلبة «الندوات، الأمسيات، المحاضرات» انتصارا للأجيال الجديدة التي لم تعد تؤمن بالمنتج الثقافي ولا تتعامل معه باعتباره منجزا. وتحفّظ عدد منهم على تجاهل شريحة عريضة من المثقفين الكلاسيكيين ممن لا تزال تستهويهم الدعوات والفعاليات والمؤتمرات.

ويرى مدير البرنامج الثقافي في جمعية الثقافة والفنون الدكتور فهد العتيبي أن من غايات الجمعية تقديم ثقافة المملكة الصلبة بالشكل اللائق بها، والتناغم مع رؤية المملكة 2030، لافتاً إلى أن من لوازم الفعل الثقافي توفير هوية واضحة للفعل الثقافي بالجمعية وفروعها، والسعي لاكتشاف المواهب والعقول المميزة في الحقل الثقافي وإبرازها، ومد جسور التقارب والتعاون بين أركان الحركة الثقافية، والعمل على تحقيق تنمية ثقافية مستدامة من خلال العديد من البرامج والمبادرات التي تشمل كل أرجاء الوطن، مؤكداً أن البرنامج الثقافي في الجمعية لديه خطة استراتيجية متكاملة لتحقيق أهدافه.

ويذهب الروائي عمرو العامري إلى أن الثقافة لم تكن يوماً ما «طعاما، موسيقى، أزياء»، موضحاً أنه ربما كان هذا منتجاً أو طقوساً ثقافية غير أن الثقافة أعمق وأرحب كونها الوعي بالكون والحياة والقلق والهم الإنساني والمجتمعي والذي لو تعافى منه المثقف لما استحق هذا الوصف، وقال العامري «سأظل منحازاً لتعريف المثقف التقليدي ولو سلمتُ بما يراه البعض واعتبرتُ الرقص وعرض الأزياء فعلاً ثقافياً فمن يا ترى سيصنع الوعي؟. وأضاف لن يستهوي مثقف كلاسيكي جيل البوب، كما أن ثقافة البوب لا تؤمن بالمسرح وهنا لن نلغي المسرح ولكن يمكن أن نخرج به نحو فضاء آخر يتواءم مع سرعة الحياة ورتم العصر، ويرى أننا نعبر مرحلة مفصلية تهدم قناعات سابقة وتبني أخرى ما ينتج مرحلة تخلخل وصراع إرادات وحتما شعور النفي أو الاغتراب للجيل الواقف على القنطرة، وأضاف «قدرنا أن نكون الباب الذي هو جزء من المنزل ولا ندخله وجزءا من الشارع ولا نقيم فيه».

فيما قال الشاعر أحمد السيد عطيف: نحن شرعنا في تحول وطني ورؤية 2030 ما يعني إعادة التفكير في مقاربة معنى الثقافة، مشيراً إلى أن وزارة الثقافة طرحت مبادراتها الطموحة ومفرداتها التي فهمنا منها شموليتها لكل ما نعتبره ثقافة (كل عربات القطار الثقافي) من الفنون إلى الآداب إلى الفلكلور بكل مفرداته. وعدّ ذلك طبيعياً، إلا أن المثقف لا يزال ينتظر أن يشمل ذلك الفعل العقلي (الفكر، المراجعات، النقد على كل الأصعدة) وأضاف «نحن نؤسس لمستقبل الوطن كله بعقله ووجدانه، وتطلّع لإعداد جيد وخطة واضحة الفقرات والغايات تضم الندوات والمؤتمرات الفكرية المتعلقة بموضوع التحول الوطني 2020 إشغال وتشغيل وتحفيز عقول المواطنين بالتفكير والحديث في مستقبلهم ووطنهم بدل أن تبقى العقول المثقفة تتفرج من المدرجات.

ودعا إلى تغيير أدوات إدارة الثقافة ومنافذها. فالأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون وأمثالها كلها أدوات ميتة وكلنا نعرف أنها ميتة ولا تصلح لتكون أدوات في عصر التحول والرؤية الوطنية، فالثقافة ضرورة وليست ترفًا ما يحتّم ممارسة الفعل الثقافي الحقيقي في طرح ونقاش قضايانا بكل وسيلة ممكنة وعبر الإعلام، والصوالين الخاصة، ووسائل التواصل خصوصاً أهل الفكر النقدي، ثقافيا واجتماعيًا وتراثياً، مضيفاً «لعل وزارة الثقافة لديها خططها المزمّنة للقيام بدورها في محركات التحول الوطني والرؤية».

ويرى رئيس أدبي الباحة حسن الزهراني أن صفة الكلاسيكية لا تنطبق على المثقف فالثقافة انفتاح وتجديد وتقبل للتغيير في شتى مجالات الحياة، وعدّ ما جد من فروع الثقافة من موسيقى وطعام وأزياء وما شابه في حاجة إلى وقت في ظل تطور الوعي المجتمعي المتسارع، خصوصا أننا تجاوزنا عقدا كثيرة كانت أصعب منها قيادة المرأة للسيارة وانخراط الشباب في الأعمال المهنية بكل اعتزاز كالمطاعم والفنادق والورش وعمل المرأة في شتى المرافق وغيرها كثير مما كان يخجل منه البعض.

ودعا مدير فرع جمعية الثقافة والفنون في الباحة علي خميس البيضاني إلى عقد ورش عمل لفض الاشتباك بين ما هو فن متصل بثقافة الإنتاج والعمل، وبين ما هو فنون للترفيه فقط وما يسمى الفن للفن وبين ما هو ثقافة، إذ يرى أن تعزيز انتماء الأجيال للوطن يحتاج إلى تعزيز الفعل الثقافي الضارب بأطنابه في عمق الوجدان الوطني، ويتطلع إلى أن تنطلق الأفكار من المؤسسات الميدانية ويتم استطلاع المثقفين في نوعية وكمية الفعل الثقافي، وعدّ إطلاق المسرح الوطني خطوة رائدة تبشّر بأن الوزارة لن ترفع يدها عن الثقافة الصلبة ولن تعلي نمطاً على حساب نمط لا يقل أهمية عن موازيه.