كتاب ومقالات

ها هي صفقة القرن.. أين محور كوالالمبور؟

رامي الخليفة العلي

وعدونا بالمن والسلوى وبأنهم سوف يأتون بالذئب من ذيله، وبأنهم سوف ينشئون منظمة وتجمعاً لن يكون أقوالاً وحسب، وإنما الفعل قبل القول. بعض الغوغاء والسوقة أعجبهم القول وراحوا يحلفون بأسماء زعماء الغفلة وراحوا يؤكدون على انهزام الذات الكامن فيهم وبأن العرب لن ينجحوا في الدفاع عن قضايا العالم الإسلامي وحان الوقت للمراهنة على العجم، أنه محور كوالالمبور الذي دفعنا للتوقع أن إسرائيل لن يصبح عليها صباح، أليس الصبح بقريب، خصوصاً أن روحاني قد تصدر المشهد، أليس قومه من يصيحون ليل نهار (الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل) صحيح أن نظامه أضاع البوصلة وراح يبحث عن القدس في دمشق وحلب وبيروت وبغداد وصنعاء، ولكن أملنا أن مهاتير محمد سوف يجود على روحاني ومرشده بخارطة يستدلون من خلالها على القدس وفلسطين. ولكن هيهات فهؤلاء عصبة لا تريد إلا الدم العربي، يهتفون الموت لأمريكا ويرسلون مليشياتهم لقتل المتظاهرين في ساحة التحرير في وسط العاصمة العراقية، يعد أردوغانهم إسرائيل وأمريكا بالويل والثبور وعظائم الأمور ثم يرسل جنوده ومرتزقته إلى ليبيا. إنه الحول السياسي والأخلاقي، الذي يجعل زعماء هذه العصبة يوجهون فوهات بنادقهم نحو الصدور العربية.

ها هو الرئيس الأمريكي دونالد ترمب يعلن خطته للسلام في الشرق الأوسط منحازاً بشكل كامل لليمين الإسرائيلي، فقامت الدول العربية برفض ذلك المشروع وأعادت التشديد على ثوابت الأمة العربية والإسلامية في دعم فلسطين والقضية الفلسطينية ودعم القيادة الفلسطينية في أي مفاوضات قادمة وكذا في تصورها لكيفية الرد على الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية. موقف العالم العربي وخصوصاً المملكة العربية السعودية التي ما تزال ثابتة على مواقفها من القضية الفلسطينية ومن الأسس التي يقوم عليها أي حل من حيث الإطار العام القائم على حل الدولتين والأرض مقابل السلام والانسحاب الإسرائيلي إلى حدود الرابع من حزيران والقدس الشرقية باعتبارها عاصمة للدولة الفلسطينية وتفكيك المستوطنات الإسرائيلية وحل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين، وأن تكون قرارات الأمم المتحدة 242 و338 أساسا للتسوية السياسية، ودعم الشعب الفلسطيني في خياراته. هذا موقف العرب وموقف المملكة دون مزايدة وأكاذيب وبما يجمع عليه العرب والمسلمون. المملكة لم تزايد على أحد وكان بإمكانها أن تفعل ذلك فهي لا تقيم علاقات مع إسرائيل وهي لا تتعاون عسكرياً أو سياسياً ولم تقم علاقات دبلوماسية مع تل أبيب. ولكنّ الآخرين المنظمين إلى محور كوالالمبور مدعوون لأن يكفوا عن التعاون الاقتصادي والعسكري مع الدولة العبرية إن كانوا من الصادقين ولكن هيهات.

عندما تحدث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمام كتلته النيابية لم يخطر في بالي سوى الممثلة القديرة عبلة كامل في فيلمها (خالتي فرنسا) وهي تتمتع بلسان طويل قابل للإيجار وليس أكثر من ذلك. إنه محور كوالالمبور يا سادة... ليس سوى مجموعة من العوالم (وفقاً للمصطلح المصري).

* باحث سياسي

ramialkhalife@