كتاب ومقالات

مسؤول تركي في القدس!

طارق الحميد

الأسبوع الماضي، وبينما كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يهاجم ويشكك في الموقف السعودي تجاه فلسطين، والقدس، كما هاجم الإمارات، والبحرين، وعمان، كان هناك مسؤول تركي يزور القدس هو وعائلته لقضاء الإجازة!

القصة كالتالي، ونقلا عن وكالة الأناضول التركية، التي نشرت أنه في يوم الجمعة ٣١ يناير، أصدر رئيس بلدية باشاك شهير في إسطنبول ياسين قارت أوغلو، عضو حزب العدالة والتنمية، حزب أردوغان، بيانا يقول فيه إن مسؤولين إسرائيليين أنزلوه وأسرته من الطائرة قبيل عودتهم إلى إسطنبول، إثر قيامهم بزيارة إلى القدس، مضيفا أن الإسرائيليين لم يقدموا توضيحا طوال فترة الاحتجاز التي استغرقت نحو 5 ساعات، كما لم يجيبوا عن أسئلته، ومفيدا أنه تمكن من المغادرة بعد انتهاء إجراءات الاحتجاز. وقال أوغلو إن «أكثر ما أحزنني في عملية الاحتجاز هذه التي أعتقد أنها تعسفية محضة، هو شعور أطفالي بالقلق جراء ذلك». معلنا: «أدين هذا التصرف غير القانوني من قبل السلطات الإسرائيلية تجاهي وأسرتي وبقية مواطنينا، خلال الزيارة التي قمنا بها لغرس الوعي بأهمية القدس في نفوس أطفالي»!

حسنا، قول أوغلو إنه يدين «التصرف غير القانوني من قبل السلطات الإسرائيلية تجاهي وأسرتي وبقية مواطنينا» يعني أن الزيارات التركية للقدس، مسؤولين ومواطنين، لم تتوقف، فكيف يخرج علينا أردوغان متحدثا عن الموقف السعودي، وأن القدس خط أحمر؟ فمن الذي يتلاعب بالقدس هنا، ويكرس التطبيع تجاهها؟ وهل من المعقول، أو المقبول، أن يقول أوغلو إن زيارته وعائلته كانت بهدف «غرس الوعي بأهمية القدس»، ثم يخرج أردوغان ومن معه من الإخوان المسلمين وغيرهم من المنافقين، للمزايدة على الآخرين تارة بحجة التفريط بالقدس، وتارة أخرى بحجة التطبيع؟ ماذا عن غرس الوعي بأهمية القدس في نفوس الفلسطينيين، والعرب والمسلمين؟ لماذا مقبول ذلك للأتراك، ومحظور على غيرهم؟

ماذا لو كان هذا المسؤول التركي الذي سافر للقدس وعائلته هو مسؤول مصري، وقال إنه يريد غرس الوعي بأهمية القدس بنفوس أطفاله؟ ماذا لو كان خليجيا؟ هل كان الإعلام التحريضي سيتجاهل زيارتهم كما تجاهل زيارة المسؤول التركي هذه، وبهذا التوقيت؟ فما رأي أتباع أردوغان من الإخوان، ومن الخليج إلى ليبيا؟ ما رأي حلفائه في ماليزيا، وقطر؟ بل ما رأي حماس، وقياداتها؟

ولذا فإن الرسالة للرئيس أردوغان هنا هي ليست المطالبة بقطع العلاقات مع إسرائيل، وإنما أبسط، وهي هل يمكن أن توقفوا زياراتكم للقدس طالما أنتم تحاضروننا عن كونها خطا أحمر! قليل من الحياء يا سادة.