أوركسترا الماء
السبت / 14 / جمادى الآخرة / 1441 هـ السبت 08 فبراير 2020 04:13
أحمد بوقري
(١)
مساء شتوي، معتم قبل أوانه.
وأصوات عزفٍ متقطّعة قادمة من علو بعيد لا سقف له.
كأن ريحا سماوية تحضّر بروفتها الأولى.. وقد أخذ أعضاء الأوركسترا يفدون خفافاً تحت قباب الغيم.
تقترب رذاذات الماء المتكاثفة حثيثاً كي تصطف على مقاعد الريح.
كأنها تدوزن الآن آلاتها المصنوعة من النار والهواء والماء والتراب.
البرق الخاطف: مايسترو يشق الغيم من الحافة إلى الحافة كنصل من نور.
الرعد العاصف يقرع طبوله كلها دفعة واحدة، فترتجّ أوتار الماء مطلقةً نغماً رقراقاً كالنشيج، كشعاعات بللورية تقطر من صفحة القمر، كحروف من ماء وتراب تساقط على أطراف الحي القديم، يتلقفها ظمأ التراب كشوق امرأة هجرها أنين اللذة والارتواء.
الريح الجائحة
الريح النائحة
الريح البارحة
تصعد إلى أعماق الأرض السابعة
تلثم شفاه الغيم تمتص لسان النار
وتصب رحيق الموسيقى على وجه المدينة المعتّق بالوجع معلنة بدء الحفل السماوي.
(2)
هناك في أطراف الحي القديم يقبع الرجل وحيداً في كوخه الخشبي
يتّقي البرد برداء القصيدة التي لم تكتب بعد.
كأس الثلج والقلم وبعض من فتات الحروف تتراقص على صفحة ورقة مبللة تنتظر جفاف الحبر المطري.
يا هذا الحبر المطري متى تهطل على أطراف القصيدة المتآكلة من القصف الرعدي؟
كأن المايسترو البرقي يسمع ما تقوله الريح ويضرب نصله من جديد على صفحة الورقة فيضاء كوخ الشاعر بحدس القصيدة.
الكوخ يشعّ تحت القصف البرقي المباغت.
الشاعر ينام في غربته
ظمآن والماء حوله
الكأس على طاولته
والورقة لم تنعم بعد بجفاف الحبر
والحبر محبوس في مكعب من الثلج
والريح الجائحة تواصل نواحها في سماء الحي القديم
والرعد يتراقص إيقاعه في شوارع المدينة
والشاعر تعب من التفكير ينهنه قصيدته غير المكتملة
وأوتار الشتاء ترتق ثقوب البيوت من حوله
ينام الشاعر في غربته وحيداً إلّا من الماء يهدهده ويغطيه بحنو كأمه
الثملى بعواصف الموسيقى الكونية
يلتحف الشاعر برداءِ الماء
ويستبقي جنين القصيدة بقربه.
مساء شتوي، معتم قبل أوانه.
وأصوات عزفٍ متقطّعة قادمة من علو بعيد لا سقف له.
كأن ريحا سماوية تحضّر بروفتها الأولى.. وقد أخذ أعضاء الأوركسترا يفدون خفافاً تحت قباب الغيم.
تقترب رذاذات الماء المتكاثفة حثيثاً كي تصطف على مقاعد الريح.
كأنها تدوزن الآن آلاتها المصنوعة من النار والهواء والماء والتراب.
البرق الخاطف: مايسترو يشق الغيم من الحافة إلى الحافة كنصل من نور.
الرعد العاصف يقرع طبوله كلها دفعة واحدة، فترتجّ أوتار الماء مطلقةً نغماً رقراقاً كالنشيج، كشعاعات بللورية تقطر من صفحة القمر، كحروف من ماء وتراب تساقط على أطراف الحي القديم، يتلقفها ظمأ التراب كشوق امرأة هجرها أنين اللذة والارتواء.
الريح الجائحة
الريح النائحة
الريح البارحة
تصعد إلى أعماق الأرض السابعة
تلثم شفاه الغيم تمتص لسان النار
وتصب رحيق الموسيقى على وجه المدينة المعتّق بالوجع معلنة بدء الحفل السماوي.
(2)
هناك في أطراف الحي القديم يقبع الرجل وحيداً في كوخه الخشبي
يتّقي البرد برداء القصيدة التي لم تكتب بعد.
كأس الثلج والقلم وبعض من فتات الحروف تتراقص على صفحة ورقة مبللة تنتظر جفاف الحبر المطري.
يا هذا الحبر المطري متى تهطل على أطراف القصيدة المتآكلة من القصف الرعدي؟
كأن المايسترو البرقي يسمع ما تقوله الريح ويضرب نصله من جديد على صفحة الورقة فيضاء كوخ الشاعر بحدس القصيدة.
الكوخ يشعّ تحت القصف البرقي المباغت.
الشاعر ينام في غربته
ظمآن والماء حوله
الكأس على طاولته
والورقة لم تنعم بعد بجفاف الحبر
والحبر محبوس في مكعب من الثلج
والريح الجائحة تواصل نواحها في سماء الحي القديم
والرعد يتراقص إيقاعه في شوارع المدينة
والشاعر تعب من التفكير ينهنه قصيدته غير المكتملة
وأوتار الشتاء ترتق ثقوب البيوت من حوله
ينام الشاعر في غربته وحيداً إلّا من الماء يهدهده ويغطيه بحنو كأمه
الثملى بعواصف الموسيقى الكونية
يلتحف الشاعر برداءِ الماء
ويستبقي جنين القصيدة بقربه.