فايروس كورونا.. هل يُبعثر أسواق النفط؟
الثلاثاء / 17 / جمادى الآخرة / 1441 هـ الثلاثاء 11 فبراير 2020 01:54
محمد سالم سرور الصبان
كان التفاؤل يُسيطر على حالة الاقتصاد العالمي ومن ثم حالة أسواق النفط العالمية، بأن العام الحالي 2020 ستسوده أسعار نفط تقترب من السبعين دولارا للبرميل. وبني هذا التفاؤل على العديد من الأسباب؛ منها هدوء حالة الحرب التجارية بين قطبي الاقتصاد العالمي الولايات المتحدة والصين بتوقيعهما اتفاق المرحلة الأولى، وأيضا الإجراءات الاحترازية التي اتبعتها كثير من الدول لمواجهة أي ركود يمر به الاقتصاد العالمي.
لكن مفاجأة فايروس كورونا بعثرت أوراق الأسواق وأدت إلى طغيان تخوفات بشأن تأثير هذا الفايروس على حركة الاقتصاد العالمي ومدى تأثر نموه هذا العام لو استمر تفشي هذا الوباء. وبالرغم من أنها ليست المرة الأولى التي يواجه فيها الاقتصاد العالمي مثل هذه الأوبئة، إلا أنه أن يبدأ من الصين، ثاني أكبر اقتصاد عالمي بعد الولايات المتحدة والمحرك الرئيس للمعاملات التجارية والمالية في العالم، قد أدى إلى طغيان حالة الضبابية حول مدى تأثر أسعار مختلف السلع والخدمات، ومنها سلعة هي الأكثر تداولا عالميا وهي النفط.
وفعلا وجدنا أنه ما أن تعمقت حالات الإصابة بكورونا وبدء انتشارها بين الدول حتى تضررت الأسواق العالمية وانخفضت بشكل كبير وكان أكبر انخفاض قد عانت منه أسواق النفط للأسباب التالية:
أولا: أن الصين أصبحت مصدرا لمعظم الزيادة في الطلب العالمي على النفط، بعد أن بلغ كبار المستهلكين مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان ذروة الطلب عليه منذ فترة، بل وبدأ هذا الطلب يتناقص نتيجة لإجراءات عديدة، منها ذريعة مواجهة التغير المناخي. فالصين هي أكبر مستورد للنفط وثاني أكبر مستهلك له في العالم بعد الولايات المتحدة.
وبالتالي فالضرر الكبير الذي لحق بالأسواق الصينية والحالة شبه الراكدة وانعزال كثير من مقاطعاتها عن العالم قد أضر بالطلب المحلي على النفط، وانخفض الطلب الصيني بما لا يقل عن 20% خلال الأسابيع الماضية، واستمرار تفشي الفايروس يعني إضرارا أكبر على مختلف الأسواق العالمية وعلى رأسها النفط.
ثانيا: أنه بنهاية الأسبوع الماضي سجلت أسعار النفط انخفاضا للأسبوع الخامس على التوالي، وانخفض سعر النفط من أكثر من 65$ للبرميل في بداية يناير الماضي إلى أقل من 55$ للبرميل خلال هذه الفترة، وهو انخفاض كبير. وقد يستمر ما لم تكن هنالك خطوات جادة لإيقاف تفشي المرض، و/ أو اتخاذ تحالف أوبك إجراءات تعميق تخفيض إنتاج النفط.
ثالثا: بدأ تحالف أوبك بلس في مناقشة مختلف البدائل، وعقدت اللجان الفنية جلسات متتابعة بين خبراء دول التحالف، لكن وبالرغم من توصيتها بتعميق تخفيض الإنتاج النفطي بما لا يقل عن 600 ألف برميل يوميا، إلا أن التردد الروسي قد أوقف عقد اجتماع سريع الأسبوع القادم لتبني القرار، وأدى باللجنة أن تعدل توصيتها بتمديد الاتفاق الحالي إلى نهاية عام 2020.
رابعا: لو استمر التردد الروسي، الذي دائما ما تناور به طلبا للإعفاء من جهة أو مبررا لعدم الالتزام لو وافقت عليه، لتمرير العبء بأكمله على المملكة، فإن أسعار النفط مرشحة لمزيد من الانخفاض، وقد تلامس مستويات الأربعين دولارا للبرميل مع طول تعنت روسيا من جهة، واستمرار تفشي كورونا من جهة أخرى.
وختاما، فحالة الضبابية التي تعيشها سوق النفط العالمية هذه الأيام بسبب الفايروس وتردد تحالف أوبك بلس في تبني إجراءات مواجهة يبعثان على القلق، ويؤثران سلبا في الأوضاع المالية لدولنا النفطية نتيجة استمرار تقلبات أسعار النفط.
ولكن سيعود تحالف أوبك إلى قرارات أفضل لو استمرت الضغوط على أسواق النفط. ونستذكر جميعا بأن أوبك وتحالفها هما:
«كيس الشاي الذي لا يعمل إلا في الماء الساخن جدا».
* كاتب سعودي
sabbanms@
لكن مفاجأة فايروس كورونا بعثرت أوراق الأسواق وأدت إلى طغيان تخوفات بشأن تأثير هذا الفايروس على حركة الاقتصاد العالمي ومدى تأثر نموه هذا العام لو استمر تفشي هذا الوباء. وبالرغم من أنها ليست المرة الأولى التي يواجه فيها الاقتصاد العالمي مثل هذه الأوبئة، إلا أنه أن يبدأ من الصين، ثاني أكبر اقتصاد عالمي بعد الولايات المتحدة والمحرك الرئيس للمعاملات التجارية والمالية في العالم، قد أدى إلى طغيان حالة الضبابية حول مدى تأثر أسعار مختلف السلع والخدمات، ومنها سلعة هي الأكثر تداولا عالميا وهي النفط.
وفعلا وجدنا أنه ما أن تعمقت حالات الإصابة بكورونا وبدء انتشارها بين الدول حتى تضررت الأسواق العالمية وانخفضت بشكل كبير وكان أكبر انخفاض قد عانت منه أسواق النفط للأسباب التالية:
أولا: أن الصين أصبحت مصدرا لمعظم الزيادة في الطلب العالمي على النفط، بعد أن بلغ كبار المستهلكين مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان ذروة الطلب عليه منذ فترة، بل وبدأ هذا الطلب يتناقص نتيجة لإجراءات عديدة، منها ذريعة مواجهة التغير المناخي. فالصين هي أكبر مستورد للنفط وثاني أكبر مستهلك له في العالم بعد الولايات المتحدة.
وبالتالي فالضرر الكبير الذي لحق بالأسواق الصينية والحالة شبه الراكدة وانعزال كثير من مقاطعاتها عن العالم قد أضر بالطلب المحلي على النفط، وانخفض الطلب الصيني بما لا يقل عن 20% خلال الأسابيع الماضية، واستمرار تفشي الفايروس يعني إضرارا أكبر على مختلف الأسواق العالمية وعلى رأسها النفط.
ثانيا: أنه بنهاية الأسبوع الماضي سجلت أسعار النفط انخفاضا للأسبوع الخامس على التوالي، وانخفض سعر النفط من أكثر من 65$ للبرميل في بداية يناير الماضي إلى أقل من 55$ للبرميل خلال هذه الفترة، وهو انخفاض كبير. وقد يستمر ما لم تكن هنالك خطوات جادة لإيقاف تفشي المرض، و/ أو اتخاذ تحالف أوبك إجراءات تعميق تخفيض إنتاج النفط.
ثالثا: بدأ تحالف أوبك بلس في مناقشة مختلف البدائل، وعقدت اللجان الفنية جلسات متتابعة بين خبراء دول التحالف، لكن وبالرغم من توصيتها بتعميق تخفيض الإنتاج النفطي بما لا يقل عن 600 ألف برميل يوميا، إلا أن التردد الروسي قد أوقف عقد اجتماع سريع الأسبوع القادم لتبني القرار، وأدى باللجنة أن تعدل توصيتها بتمديد الاتفاق الحالي إلى نهاية عام 2020.
رابعا: لو استمر التردد الروسي، الذي دائما ما تناور به طلبا للإعفاء من جهة أو مبررا لعدم الالتزام لو وافقت عليه، لتمرير العبء بأكمله على المملكة، فإن أسعار النفط مرشحة لمزيد من الانخفاض، وقد تلامس مستويات الأربعين دولارا للبرميل مع طول تعنت روسيا من جهة، واستمرار تفشي كورونا من جهة أخرى.
وختاما، فحالة الضبابية التي تعيشها سوق النفط العالمية هذه الأيام بسبب الفايروس وتردد تحالف أوبك بلس في تبني إجراءات مواجهة يبعثان على القلق، ويؤثران سلبا في الأوضاع المالية لدولنا النفطية نتيجة استمرار تقلبات أسعار النفط.
ولكن سيعود تحالف أوبك إلى قرارات أفضل لو استمرت الضغوط على أسواق النفط. ونستذكر جميعا بأن أوبك وتحالفها هما:
«كيس الشاي الذي لا يعمل إلا في الماء الساخن جدا».
* كاتب سعودي
sabbanms@