صرعتُ المرض بقوة الحب واليوغا
الموسيقار غازي علي يتذكر عشيقة «الجيزة» ويغني لها «سلام لله يا هاجرنا»
الجمعة / 20 / جمادى الآخرة / 1441 هـ الجمعة 14 فبراير 2020 02:44
ابراهيم عقيلي (جدة) iageely@
غادرنا منزل الموسيقار غازي علي ونحن نحمل تفاؤلا كبيرا للقادم، ومحبة أكبر للحياة وتفاصيلها، فالزيارة العابرة والتي رافقنا فيها مجموعة من نجوم الوسط الفني والإعلامي، قادتنا لأكثر الفنانين سعادة ورضا، رغم المرض والآلام التي يعانيها.
ولعل ذلك التفاؤل مصدره إيمانه بمحبة الله له ورضاه التام عن كل ما كتبه الله عليه، معززا بالسنين التي قضاها في شبابه وهو يمارس رياضة اليوغا عن دراسة وعلم، ولعل رضاه عن الناس وطيبة قلبه أيضا جزء مهم من سر تلك البهجة المرسومة على ملامحه الرياضية.
له رأي صريح في الفن الحديث، حاول يغلفه بدبلوماسية ذكية، ليرمي إخفاق الأغنية الجديدة على الزمن فقط. كاشفا لنا المرأة التي قادته نحو المجد.
غنى لنا كثيرا، واسترجع قصص العشق التي ساهمت في بزوغ موهبته وتنمية مهاراته الموسيقية، فالحب هو رفيقه الذي سار معه ليصارع الحياة بين غربة وألم، وهو بذرة الكثير من الأغاني التي عمل عليها وغناها كبار الفنانين ومنهم الفنان الراحل طلال مداح.
وإليكم تفاصيل الحوار:
• كيف صحتك الآن؟
•• الحمد لله أنا في خير كبير، وفي صحة طيبة، والمستشفى يباشر معي العلاج الطبيعي في منزلي بزيارتين أسبوعيا وأنا في تحسن مستمر.
وهناك عناية كبيرة أحظى بها من قبل المستشفى فحتى الأدوية تصلني إلى منزلي، ولعل أجمل ما في المرض هو اكتشاف حب الناس لي، فزيارات الناس لي يوميا، والزوار يأتون من جميع أنحاء المملكة، من الرياض والشرقية والطائف والمدينة ومن مناطق متفرقة ومن أناس لا أعرفهم وليس بيني وبينهم سابق معرفة، وأنا قانع وراض بما كتبه الله، والأكيد أن هناك آخرين يعانون أكثر مني، ولكن لطف الله علي أنه قدر لي هذه الأمراض التي لا توازي أمراض الآخرين.
• كنت شغوفا بتعلم وممارسة رياضة اليوغا وتربية الطيور، هل لها نصيب من وقتك الآن؟
•• لولا اليوغا لما كنت بهذه النفسية والتفاؤل، فأنا أشكر الله كل يوم بأن كتب لي هذا المرض لأنه رضا من الله، واليوغا زادت إيماني الكبير بالله والرضا والقناعة بكل ما كتبه الله لي، فأنا إلى هذه اللحظة وأنا في إحساس باليوغا، وهي شيء كبير تدفعك للرضا بما أنت فيه.
فأنا مقعد الآن تماما، ولكني أحمل نفسية كبيرة ومتفائلة.
أما هواية الطيور فلم يعد لها مكان في حياتي لأنها هواية تحتاج إلى رعاية وقوة، وحالي كما ترى، ولكني أتابعهم في التلفزيون من خلال البرامج الوثائقية، ففي صغري كنت شغوفا بتربية الطيور والقطط، وعندي مكتبة صور لهم.
• غنيت لزمزم والحرم، ويقال إن وراءها قصة؟
•• لأغنية شربة من زمزم قصة فعلا، وهي أن لهذه الكلمات أكثر من 200 سنة، وكانوا يغنونها «السقا»، ففي مرة ذهبت أنا ووالدتي إلى الحرم لأداء العمرة، وسمعت في الحرم السقا ينشد مطلعها مستعينا بصوت «طاسات» زمزم، فمن هنا بدأت فكرة تحويل مطلع هذه الأهزوجة إلى أغنية أبوح بها بحي لمكة وللبيت العتيق ورشفة زمزم، فرددت بيني وبين نفسي، «شربة من زمزم وسقاني.. شربة من زمزم ورواني» بعدها اكتملت الأغنية، وخاطبت مكة في نفس القصيدة باللغة العربية الفصيح، وهي اللغة التي تليق بالمكان المقدس.
• يقال إن وراء كل رجل عظيم امرأة، ويبدو أن المرأة التي كانت وراء مجدك هي والدتك رحمها الله؟
•• الوالدة كانت ركيزة من ركائز نجاحي، وهي إنسانة عظيمة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وكانت مثقفة وقارئة بشكل يفوق الوصف رغم أنها لم تتعلم في المدارس فوالدي -رحمة الله عليه- هو من علمها القراءة، تطور معها شغف القراءة لتتحول تلك المرأة الأمية التي لم تتلق تعليمها في المدارس لأكبر قراء الروائي توليستوي والروائي تشارلز ديكن، وعندما أصبحت أقرأ عن اليوغا قرأت هي أيضا عنها، ومارست تمارينها بشكل عملي.
ووالدتي من أصول مصرية وهي دسوقية وتعود من مدينة اسمها «دسوق».
• وراء كل أغنية لك قصة حب، هل هذا صحيح؟
•• ابتسم ضاحكا وقال، نعم وراء كل أغنية خرجت مني قصة حب، وكثير من المواقف التي مرت علي انتهت بمشروع أغنية جميلة رددها الناس بعد ذلك، وأهمها أغنية «سلام لله يا هاجرنا»، وقصتها بدأت عندما سافرت إلى مصر في بداية حياتي وكنت حينها في عمر الثامنة عشر، وسكنت في الجيزة وما زلت أذكر اسم الشارع الذي أسكنه وهو شارع «ابن الازد» وأمامه حديقة حيوانات وبيت أمير الشعراء أحمد شوقي، وكنت أطالع من الشباك يوميا لأرى تلك الفتاة الجميلة التي تقف على حافة «بلكونة» منزلها، ولم يكن بيني وبينها أي حديث سوى إعجاب من بعيد، مرت الأيام وانتقلت من الحي إلى العجوزة بعد ذلك، وبعد أربع سنوات رأيتها من جديد، فقبل ذهابي إلى معهد الكونسرفتوارالموسيقي الذي أدرس فيه في القاهرة، كنت في البلكونة أنظف المكان لألمح نفس الفتاة تنشر الغسيل وفي يدها طفل، وبعد أيام لقيتها في الشارع ومعها طفلها تجره في عربة أطفال، وبطريقتنا الحجازية قلت لها «سلام ياهو»، وتجيشت العاطفة، وصعدت للقطار وفي ذهني كلمات الأغنية، «سلام لله ياهاجرنا.. في بحر الشوق ماله قرار»، وبعد ذلك خرجت كلمات الأغنية ولحنتها.
• وكيف غناها الراحل طلال مداح؟
•• هي أغنيتان أنجزتهما في نفس التوقيت وكنت على وشك أن أغنيهما، وهي «سلام لله» وأغنية «أسمر حليوة»، ولكن عندما التقيته في بيروت، سألني عن أعمالي الجديدة فأسمعته هذين العملين ليخطفهما مني وقال مازحا، «والله ما أحد يغنيهما غيري»، ولأنه غالي علي كثيرا قدمتهما له بحب وكلي فخر أن يغنيهما.
• كيف ترى واقع الفن في الوقت الحاضر؟
•• لا تتوافر حاليا أجواء فن وإبداع، خاصة بعد أن أصبح اللحن ينتج في خمس دقائق، فالواقع الفني فرض ذلك على الملحنين الجدد لأنك إذا لم تنتج بسرعة لن تنافس لأنه زمن السرعة، كما أن السوشال ميديا وانتشار الفن على مستوى العالم ومزج الغربي الشرقي خلط الحابل بالنابل، ولعل الفنان محمد عبده هو الوحيد الذي حافظ على تراث الأغنية العربية الأصيلة لأنه متأثر بالثقافة الفنية اليمنية وهو فن عربي أصيل، لذلك ساعد فنان العرب على التربع على الساحة الفنية الأصيلة، لذلك أقول اسمعوا الأغاني اليمنية ستجدون فيها لحنا جميلا وأصيلا لأنها أرض الأصالة.
• ماذا يحتاج له الفنان أولا، الفن أم الأداء أم الأدب؟
•• أضع الأدب والأخلاق في المرتبة الأولى، فليس هناك فنان حقيقي قليل أدب، وفي المرتبة الثانية هي الثقافة والتي تنقص الكثير من فناني هذا الزمن، ففوزي محسون -رحمة الله عليه- مثلا كان مثقفا حقيقيا ويقرأ كثيرا، ففي منزله مكتبة كبيرة جدا، لذلك انعكست ثقافته على فنه وإحساسه.
• ما أكثر الأغاني التي تعتز بها كثيرا؟
•• أغنية «يا كحل العيون يا تراب بلدي، فداك يهون دمي وولدي، باسمك أغني وأردد غنايا، وكل الخلايق تغني معايا، تعيشي يا بلدي منصورة يا بلدي».
نفذت هذه الأغنية في حرب أكتوبر 73، وهي موجودة في الإذاعة السعودية حاليا.
• ماذا ينقص الأغنية السعودية الجديدة لتأخذ جمال أغنية الزمن الجميل؟
•• المعاناة التي يعانيها الفنان تساهم في نضجه، فسامي إحسان مثلا عانى كثيرا، وكذلك محمد شفيق وتعب على نفسه وتعلم كثيرا، لكنّ ملحن هذا الزمن ينتج لك عملا في 5 دقائق، ليختفي الصدق في معايشة العمل كلمة ولحنا. وأتذكر سامي إحسان عندما عمل على أغنية «انت محبوبي» للفنان محمد عبده، مكث أكثر من 3 أشهر وهو يعيد ويزيد ويسهر ويتعب إلى أن خرج اللحن، وكان -رحمة الله عليه- كل بعد فترة يزورني ليسمعني جزءا من اللحن.
لذلك التقصير أولا من الزمن ومن هذا الوقت والذي لم يُهيأ للفنانين الجدد جو الإبداع، بل طالبهم بالسرعة والإيقاع الممزوج السريع.
• ماهو برنامجك هذه الأيام؟
•• لاشيء، لا أعمل شيئا سوى أن أتابع القنوات الفضائية فجميع العالم بين يدي، وثائقيات ومشاهدات رهيبة.
• وهل تتابع الفن والطرب وخاصة الحديث؟
•• للأسف لا أتابع أي شيء من هذا أبدا، لا أتابع فنا سوى أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب، فأنا كل يوم أستمع لأم كلثوم.
ولعل ذلك التفاؤل مصدره إيمانه بمحبة الله له ورضاه التام عن كل ما كتبه الله عليه، معززا بالسنين التي قضاها في شبابه وهو يمارس رياضة اليوغا عن دراسة وعلم، ولعل رضاه عن الناس وطيبة قلبه أيضا جزء مهم من سر تلك البهجة المرسومة على ملامحه الرياضية.
له رأي صريح في الفن الحديث، حاول يغلفه بدبلوماسية ذكية، ليرمي إخفاق الأغنية الجديدة على الزمن فقط. كاشفا لنا المرأة التي قادته نحو المجد.
غنى لنا كثيرا، واسترجع قصص العشق التي ساهمت في بزوغ موهبته وتنمية مهاراته الموسيقية، فالحب هو رفيقه الذي سار معه ليصارع الحياة بين غربة وألم، وهو بذرة الكثير من الأغاني التي عمل عليها وغناها كبار الفنانين ومنهم الفنان الراحل طلال مداح.
وإليكم تفاصيل الحوار:
• كيف صحتك الآن؟
•• الحمد لله أنا في خير كبير، وفي صحة طيبة، والمستشفى يباشر معي العلاج الطبيعي في منزلي بزيارتين أسبوعيا وأنا في تحسن مستمر.
وهناك عناية كبيرة أحظى بها من قبل المستشفى فحتى الأدوية تصلني إلى منزلي، ولعل أجمل ما في المرض هو اكتشاف حب الناس لي، فزيارات الناس لي يوميا، والزوار يأتون من جميع أنحاء المملكة، من الرياض والشرقية والطائف والمدينة ومن مناطق متفرقة ومن أناس لا أعرفهم وليس بيني وبينهم سابق معرفة، وأنا قانع وراض بما كتبه الله، والأكيد أن هناك آخرين يعانون أكثر مني، ولكن لطف الله علي أنه قدر لي هذه الأمراض التي لا توازي أمراض الآخرين.
• كنت شغوفا بتعلم وممارسة رياضة اليوغا وتربية الطيور، هل لها نصيب من وقتك الآن؟
•• لولا اليوغا لما كنت بهذه النفسية والتفاؤل، فأنا أشكر الله كل يوم بأن كتب لي هذا المرض لأنه رضا من الله، واليوغا زادت إيماني الكبير بالله والرضا والقناعة بكل ما كتبه الله لي، فأنا إلى هذه اللحظة وأنا في إحساس باليوغا، وهي شيء كبير تدفعك للرضا بما أنت فيه.
فأنا مقعد الآن تماما، ولكني أحمل نفسية كبيرة ومتفائلة.
أما هواية الطيور فلم يعد لها مكان في حياتي لأنها هواية تحتاج إلى رعاية وقوة، وحالي كما ترى، ولكني أتابعهم في التلفزيون من خلال البرامج الوثائقية، ففي صغري كنت شغوفا بتربية الطيور والقطط، وعندي مكتبة صور لهم.
• غنيت لزمزم والحرم، ويقال إن وراءها قصة؟
•• لأغنية شربة من زمزم قصة فعلا، وهي أن لهذه الكلمات أكثر من 200 سنة، وكانوا يغنونها «السقا»، ففي مرة ذهبت أنا ووالدتي إلى الحرم لأداء العمرة، وسمعت في الحرم السقا ينشد مطلعها مستعينا بصوت «طاسات» زمزم، فمن هنا بدأت فكرة تحويل مطلع هذه الأهزوجة إلى أغنية أبوح بها بحي لمكة وللبيت العتيق ورشفة زمزم، فرددت بيني وبين نفسي، «شربة من زمزم وسقاني.. شربة من زمزم ورواني» بعدها اكتملت الأغنية، وخاطبت مكة في نفس القصيدة باللغة العربية الفصيح، وهي اللغة التي تليق بالمكان المقدس.
• يقال إن وراء كل رجل عظيم امرأة، ويبدو أن المرأة التي كانت وراء مجدك هي والدتك رحمها الله؟
•• الوالدة كانت ركيزة من ركائز نجاحي، وهي إنسانة عظيمة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وكانت مثقفة وقارئة بشكل يفوق الوصف رغم أنها لم تتعلم في المدارس فوالدي -رحمة الله عليه- هو من علمها القراءة، تطور معها شغف القراءة لتتحول تلك المرأة الأمية التي لم تتلق تعليمها في المدارس لأكبر قراء الروائي توليستوي والروائي تشارلز ديكن، وعندما أصبحت أقرأ عن اليوغا قرأت هي أيضا عنها، ومارست تمارينها بشكل عملي.
ووالدتي من أصول مصرية وهي دسوقية وتعود من مدينة اسمها «دسوق».
• وراء كل أغنية لك قصة حب، هل هذا صحيح؟
•• ابتسم ضاحكا وقال، نعم وراء كل أغنية خرجت مني قصة حب، وكثير من المواقف التي مرت علي انتهت بمشروع أغنية جميلة رددها الناس بعد ذلك، وأهمها أغنية «سلام لله يا هاجرنا»، وقصتها بدأت عندما سافرت إلى مصر في بداية حياتي وكنت حينها في عمر الثامنة عشر، وسكنت في الجيزة وما زلت أذكر اسم الشارع الذي أسكنه وهو شارع «ابن الازد» وأمامه حديقة حيوانات وبيت أمير الشعراء أحمد شوقي، وكنت أطالع من الشباك يوميا لأرى تلك الفتاة الجميلة التي تقف على حافة «بلكونة» منزلها، ولم يكن بيني وبينها أي حديث سوى إعجاب من بعيد، مرت الأيام وانتقلت من الحي إلى العجوزة بعد ذلك، وبعد أربع سنوات رأيتها من جديد، فقبل ذهابي إلى معهد الكونسرفتوارالموسيقي الذي أدرس فيه في القاهرة، كنت في البلكونة أنظف المكان لألمح نفس الفتاة تنشر الغسيل وفي يدها طفل، وبعد أيام لقيتها في الشارع ومعها طفلها تجره في عربة أطفال، وبطريقتنا الحجازية قلت لها «سلام ياهو»، وتجيشت العاطفة، وصعدت للقطار وفي ذهني كلمات الأغنية، «سلام لله ياهاجرنا.. في بحر الشوق ماله قرار»، وبعد ذلك خرجت كلمات الأغنية ولحنتها.
• وكيف غناها الراحل طلال مداح؟
•• هي أغنيتان أنجزتهما في نفس التوقيت وكنت على وشك أن أغنيهما، وهي «سلام لله» وأغنية «أسمر حليوة»، ولكن عندما التقيته في بيروت، سألني عن أعمالي الجديدة فأسمعته هذين العملين ليخطفهما مني وقال مازحا، «والله ما أحد يغنيهما غيري»، ولأنه غالي علي كثيرا قدمتهما له بحب وكلي فخر أن يغنيهما.
• كيف ترى واقع الفن في الوقت الحاضر؟
•• لا تتوافر حاليا أجواء فن وإبداع، خاصة بعد أن أصبح اللحن ينتج في خمس دقائق، فالواقع الفني فرض ذلك على الملحنين الجدد لأنك إذا لم تنتج بسرعة لن تنافس لأنه زمن السرعة، كما أن السوشال ميديا وانتشار الفن على مستوى العالم ومزج الغربي الشرقي خلط الحابل بالنابل، ولعل الفنان محمد عبده هو الوحيد الذي حافظ على تراث الأغنية العربية الأصيلة لأنه متأثر بالثقافة الفنية اليمنية وهو فن عربي أصيل، لذلك ساعد فنان العرب على التربع على الساحة الفنية الأصيلة، لذلك أقول اسمعوا الأغاني اليمنية ستجدون فيها لحنا جميلا وأصيلا لأنها أرض الأصالة.
• ماذا يحتاج له الفنان أولا، الفن أم الأداء أم الأدب؟
•• أضع الأدب والأخلاق في المرتبة الأولى، فليس هناك فنان حقيقي قليل أدب، وفي المرتبة الثانية هي الثقافة والتي تنقص الكثير من فناني هذا الزمن، ففوزي محسون -رحمة الله عليه- مثلا كان مثقفا حقيقيا ويقرأ كثيرا، ففي منزله مكتبة كبيرة جدا، لذلك انعكست ثقافته على فنه وإحساسه.
• ما أكثر الأغاني التي تعتز بها كثيرا؟
•• أغنية «يا كحل العيون يا تراب بلدي، فداك يهون دمي وولدي، باسمك أغني وأردد غنايا، وكل الخلايق تغني معايا، تعيشي يا بلدي منصورة يا بلدي».
نفذت هذه الأغنية في حرب أكتوبر 73، وهي موجودة في الإذاعة السعودية حاليا.
• ماذا ينقص الأغنية السعودية الجديدة لتأخذ جمال أغنية الزمن الجميل؟
•• المعاناة التي يعانيها الفنان تساهم في نضجه، فسامي إحسان مثلا عانى كثيرا، وكذلك محمد شفيق وتعب على نفسه وتعلم كثيرا، لكنّ ملحن هذا الزمن ينتج لك عملا في 5 دقائق، ليختفي الصدق في معايشة العمل كلمة ولحنا. وأتذكر سامي إحسان عندما عمل على أغنية «انت محبوبي» للفنان محمد عبده، مكث أكثر من 3 أشهر وهو يعيد ويزيد ويسهر ويتعب إلى أن خرج اللحن، وكان -رحمة الله عليه- كل بعد فترة يزورني ليسمعني جزءا من اللحن.
لذلك التقصير أولا من الزمن ومن هذا الوقت والذي لم يُهيأ للفنانين الجدد جو الإبداع، بل طالبهم بالسرعة والإيقاع الممزوج السريع.
• ماهو برنامجك هذه الأيام؟
•• لاشيء، لا أعمل شيئا سوى أن أتابع القنوات الفضائية فجميع العالم بين يدي، وثائقيات ومشاهدات رهيبة.
• وهل تتابع الفن والطرب وخاصة الحديث؟
•• للأسف لا أتابع أي شيء من هذا أبدا، لا أتابع فنا سوى أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب، فأنا كل يوم أستمع لأم كلثوم.