كتاب ومقالات

مؤتمر جنيف.. والتحصين ضد الإرهاب

السيد محمد علي الحسيني

يوم 18 من فبراير، يعقد في جنيف مؤتمر الأمم المتحدة الدولي حول «مبادرات تحصين الشباب ضد أفكار التطرف وآليات تفعيلها»، بدعوة ورعاية من رابطة العالم الإسلامي، الذي يكتسب أهمية كبيرة من كل النواحي، نظرا للتحديات الراهنة التي تشكلها ظاهرة التطرف على المجتمعات الأوروبية، مهما كانت مصادرها الدينية والفكرية وكيفية الخروج بآليات جدية لتفعيل هذه المبادرات، خصوصا أن الشباب هم أكثر استهدافا لسرعة تأثر عقولهم الخصبة بتلك الأفكار المتشددة، وهذا ما لمسناه في السنوات الأخيرة التي شهدت وضعا أمنيا مزريا، بسبب انتشار وتفشي الفكر المتطرف بشكل مخيف الذي انتهى بعمليات إرهابية أودت بحياة الأبرياء، حتى باتت هذه الظاهرة تشكل حالة من الفوبيا لدى الجميع، من مسؤولين إلى المجتمع المدني والأفراد، فبدأت الدول والمنظمات والهيئات الدولية تقرع ناقوس الخطر بسبب التهديدات التي تشكلها هذه الظاهرة على أمن واستقرار الدول والمجتمعات.

إن هذا المؤتمر يشير إلى نقطة مهمة للغاية، وهي التركيز على استثمار مواقع التواصل الاجتماعي في عملية مواجهة الفكر المتطرف، لأنه المكان الأسرع حاليا لمواجهة هذه الظاهرة، ولا شك أن الفضاء الافتراضي لعب دورا في انتشار الفكر المتشدد، لذلك علينا أن نحاربه أيضا في هذا العالم الذي بات واقعا مفروضا على الجميع، لذلك نحتاج إلى مختصين في هذا المجال يقومون برصد الصفحات والحسابات التي تدعو إلى العنف والتطرف والتحري عنها للوصول إلى أصحابها وكشف نواياهم الخبيثة، ومن ثم التصدي لهم ومحاكمتهم.

نحتاج أيضا لتخصيص حسابات ومواقع إلكترونية تعمل بشكل يومي ومستمر على التعريف بالإسلام القائم على الوسطية والاعتدال وتبيان مواقفه من قضايا العصر والإجابة عن تساؤلات الشباب وتوضيح كل الأفكار المعقدة، بلغة الحوار والمنطق وبالأساليب العلمية والانفتاح لاستيعاب الأفكار وفهمها والوصول إلى بر الأمان.

جهود جبارة من رابطة العالم الإسلامي لتحقيق الأمن الفكري والديني وحماية الشباب الأوروبي المسلم من الضياع والاستغلال.

إن هذه المبادرة النبيلة من رابطة العالم الإسلامي بتوجيه وحرص من ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان وتحت إشراف معالي الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى تعكس حرص الرابطة الشديد على استتباب الأمن الفكري والديني والوصول إلى الاستقرار المعنوي للشباب المسلم في المجتمعات الأوروبية من خلال احتوائهم وتعريف الإسلام الحقيقي القائم على قيم المحبة والتسامح واحترام ثقافة وعقيدة الآخرين، ومعرفة أهمية الانتماء إلى الوطن والاندماج فيه لأنه يشكل حصانة لهم من أولئك الكشاكيل التي تستغل أي ثغرة لبث سمومهم والسيطرة على عقول الشباب.

*أمين عام المجلس الإسلامي العربي في لبنان