قنطرة النجاة تمتد من «رؤية 2030» إلى «سفينة نوح» في كتاب العرفج
الأحد / 22 / جمادى الآخرة / 1441 هـ الاحد 16 فبراير 2020 02:04
طالب بن محفوظ (جدة)okaz_online@
وحين استلهم العرفج عنوان كتابه من قصيدة دنقل؛ فإنه اقترح على عقله أن يقيم حواراً صحفياً مع الرؤية بعنوان «مقابلة خاصة مع ابنة نوح».. والابنة هنا بمعنى «السفينة»، والسفينة هنا هي «الرؤية»، بوصفها طوق نجاة.. النجاة من تقلبات الأمواج وغدر البحار، إلى أن توصل إلى عنوانه النهائي «مقابلة خاصة مع سفينة نوح» أو «سفينة الرؤية»..
أما لماذا أطلق مسمى «سفينة نوح» على الرؤية؟.. ذلك لأن لها قصة عند العرفج.. فما هي؟.. يلخصها في كلماته «منذ الإعلان عنها؛ ملأت «الرؤية» الدنيا وشغلت الناس، لا سيما وهي تحقق إنجازات متتالية على أرض الواقع، غير أن التساؤلات والاستفسارات ما زالت حاضرة في الأذهان في محاولة حثيثة للفهم واستيعاب «الرؤية» بكل عناصرها ومشتملاتها وأهدافها وغاياتها».
من هنا؛ تحرك «الحس الصحفي» عند عامل المعرفة أحمد العرفج، لمعرفة تفاصيل الرؤية ومحاولة تبسيطها للناس قبل بسطها على الورق، كما يقول، «على أن يكون التبسيط متكئاً على البساطة والشمول والأمثلة في آن واحد، لذلك عكفت على قراءة الرؤية قراءة المتأمل المستقصي الذي يبحث عن الأمور وما وراء الأمور».
هذه المقارنة بين «قصيدة دنقل» و«سِفْر العرفج»، مثل التشابه بين مقارنة العرفج بين حكاية الجارية وصاحب البقالة و«الرؤية» التي جاء بها العرفج في مدخل كتابه «تقول الحكاية أن الخليل بن أحمد الفراهيدي كانت له جارية يرسلها بين فترة وفترة إلى صاحب البقالة، وكانت هذه الجارية غير ملمَّة بالحساب، الأمر الذي جعل صاحب البقالة يستغل هذه الثغرة، ويضحك عليها بين مرة وأخرى، وحين علم شيخنا الفراهيدي بهذا أراد أن يقرِّب ويخترع نوعاً من الحساب تمضي به الجارية إلى البياع فلا يمكنه من ظلهما أو الغش عليها».. ذلك هو الجزء الأول من مقارنة العرفج.. «ما حدث بيني وبين رؤية المملكة 2030 يشبه -إلى حد بعيد- ما حدث للجارية وصاحب البقالة، قصتي انطلقت مع الرؤية، فعندما أطلقت الدولة الرؤية عام 2016 انطلقتُ -وغيري- إلى الشبكة العنكبوتية من أجل قراءة هذه الوثيقة المهمة، وحين بدأتُ القراءة وجدتُ أن نص الوثيقة يمتاز باللغة النخبوية العالية، لذلك سميت بالله وشمرت عن ساعدي، لعلي أترجمها لتكون بلغة مبسطة وسهلة فيها الكثير من الشعر والأنسنة من باب تقريب الرؤية إلى المواطنين البسطاء».
المُؤَلَّف في شرحه «الرؤية» بتلك البساطة؛ يشابه شرح العلامة ابن عقيل «ألفية ابن مالك في النحو»، أو شرح العلامة الصبان في «حاشية الإمام الأشموني، أو شرح العلامة البرقوقي وشرح العلامة العكبري على «ديوان المتنبي».. هكذا يقول العرفج. ذلك الشرح للرؤية لم يكن «أكاديمياً» أو مرجعاً علمياً ولا حتى وثيقة حكومية؛ إنما كما يقول العرفج: «اجتهاد شخصي مني بوصفي عاملاً للمعرفة، يجب أن يقدم جهداً معقولاً، كزكاة للعلم الذي حظيت به وتعلمته، واكتسبته من المناهل التعليمية في بلادي»، مضيفاً «هذا الكتاب ليس تقييماً أو محاكمة لها، فليس أنا من أقوم بهذه الأدوار، بل دوري كله يشابه دور أجدادي الذين يشرحون المتون والأصول التراثية والمستدركات».
وحين قدمت الرؤية نفسها -من غير قصد- إلى المواطن بوصفها فكرة مادية تستهدف الجيب والمال، وهي، كما يقول العرفج، وإن كانت تحمل هذا المضمون فإن فيها مضامين أخرى أكثر قوة وأهمية ووجاهة من المال، فيها تجد مصطلحات مثل: الحكومة الفاعلة، والمواطن المسؤول، والوطن الطموح، والإنفاق الذكي، وكفاءة الإنفاق، وتنمية رأس المال الاجتماعي، والحث على أعمال التطوع، ودفع الوعي بأهمية ممارسة الرياضة المجتمعية، وبث مصطلح جودة الحياة في كل المفاصل والنوحي. الرؤية كما يقول عنها العرفج «بقوتها وضخامتها أصبحت مفترقاً تاريخياً لبلادنا، فصار أغلب كتَّاب الرأي والمؤرخون في الغرب يكتبون عن السعودية الجديدة، وهي سعودية 2030؛ أي أن تاريخ السعودية -بمعنى آخر- أصبح يصنف إلى ما قبل الرؤية وإلى ما بعدها، ومن الغريب أن أصداء الرؤية في الخارج أكثر منها في الداخل، والأسباب كثيرة، وفي نظري أن أهمها ضعف التسويق لها من جهة، وصعوبة مفردات الرؤية ومصطلحاتها التي لا بد أن يفهمها المتعلم، فما بالك بالمواطن البسيط الذي نطلب منه أن يشارك فيها ويتفاعل معها».. «أكثر من ذلك وجدتُ أن الكثير من الناس يتحدث عن الرؤية دون الإلمام بها، أو أخذ العناوين العريضة من وثيقة الرؤية وتسويقها دون شرح هذا العناوين، وقد تجلت هذه الأخطاء حين يخلط البعض بين مصطلح «كفاءة الإنفاق» و«الإنفاق الذكي»، والخلط بين العمل التطوعي وأعمال الخير، أو الخلط بين الزكاة والمسؤولية الاجتماعية، أو التباس مفهوم الرفاة الاجتماعي مع مفاهيم الترفيه والترويح عن النفس.
يُذكِّر كتاب أحمد العرفج «مقابلة مع سفينة نوح.. سيرة ذاتية لرؤية 2030»، بتلك القصيدة العصماء للشاعر أمل دنقل
«مقابلة خاصة مع ابن نوح».. ذلك الكتاب وتلك القصيدة تنحوان صوب التفاؤل واستشراف المستقبل
والتماس زيادة الأمل، وأيضاً تسهيل غير المفهوم الصعب إلى مفهوم سهل. وكما قال دنقل
«هاهمُ الحكماء يفرون نحو السفينة» إلى أن قال «لا للسفينة.. وأحب الوطن»، فإن العرفج قرأ
«رؤية 2030» النخبوية بلغة محبة للوطن.. لغة مبسطة وسهلة فيها الكثير من الشعر
والأنسة وشرحها للناس البسطاء، كونها خارطة طريق ومشروع دولة.
أما لماذا أطلق مسمى «سفينة نوح» على الرؤية؟.. ذلك لأن لها قصة عند العرفج.. فما هي؟.. يلخصها في كلماته «منذ الإعلان عنها؛ ملأت «الرؤية» الدنيا وشغلت الناس، لا سيما وهي تحقق إنجازات متتالية على أرض الواقع، غير أن التساؤلات والاستفسارات ما زالت حاضرة في الأذهان في محاولة حثيثة للفهم واستيعاب «الرؤية» بكل عناصرها ومشتملاتها وأهدافها وغاياتها».
من هنا؛ تحرك «الحس الصحفي» عند عامل المعرفة أحمد العرفج، لمعرفة تفاصيل الرؤية ومحاولة تبسيطها للناس قبل بسطها على الورق، كما يقول، «على أن يكون التبسيط متكئاً على البساطة والشمول والأمثلة في آن واحد، لذلك عكفت على قراءة الرؤية قراءة المتأمل المستقصي الذي يبحث عن الأمور وما وراء الأمور».
هذه المقارنة بين «قصيدة دنقل» و«سِفْر العرفج»، مثل التشابه بين مقارنة العرفج بين حكاية الجارية وصاحب البقالة و«الرؤية» التي جاء بها العرفج في مدخل كتابه «تقول الحكاية أن الخليل بن أحمد الفراهيدي كانت له جارية يرسلها بين فترة وفترة إلى صاحب البقالة، وكانت هذه الجارية غير ملمَّة بالحساب، الأمر الذي جعل صاحب البقالة يستغل هذه الثغرة، ويضحك عليها بين مرة وأخرى، وحين علم شيخنا الفراهيدي بهذا أراد أن يقرِّب ويخترع نوعاً من الحساب تمضي به الجارية إلى البياع فلا يمكنه من ظلهما أو الغش عليها».. ذلك هو الجزء الأول من مقارنة العرفج.. «ما حدث بيني وبين رؤية المملكة 2030 يشبه -إلى حد بعيد- ما حدث للجارية وصاحب البقالة، قصتي انطلقت مع الرؤية، فعندما أطلقت الدولة الرؤية عام 2016 انطلقتُ -وغيري- إلى الشبكة العنكبوتية من أجل قراءة هذه الوثيقة المهمة، وحين بدأتُ القراءة وجدتُ أن نص الوثيقة يمتاز باللغة النخبوية العالية، لذلك سميت بالله وشمرت عن ساعدي، لعلي أترجمها لتكون بلغة مبسطة وسهلة فيها الكثير من الشعر والأنسنة من باب تقريب الرؤية إلى المواطنين البسطاء».
المُؤَلَّف في شرحه «الرؤية» بتلك البساطة؛ يشابه شرح العلامة ابن عقيل «ألفية ابن مالك في النحو»، أو شرح العلامة الصبان في «حاشية الإمام الأشموني، أو شرح العلامة البرقوقي وشرح العلامة العكبري على «ديوان المتنبي».. هكذا يقول العرفج. ذلك الشرح للرؤية لم يكن «أكاديمياً» أو مرجعاً علمياً ولا حتى وثيقة حكومية؛ إنما كما يقول العرفج: «اجتهاد شخصي مني بوصفي عاملاً للمعرفة، يجب أن يقدم جهداً معقولاً، كزكاة للعلم الذي حظيت به وتعلمته، واكتسبته من المناهل التعليمية في بلادي»، مضيفاً «هذا الكتاب ليس تقييماً أو محاكمة لها، فليس أنا من أقوم بهذه الأدوار، بل دوري كله يشابه دور أجدادي الذين يشرحون المتون والأصول التراثية والمستدركات».
وحين قدمت الرؤية نفسها -من غير قصد- إلى المواطن بوصفها فكرة مادية تستهدف الجيب والمال، وهي، كما يقول العرفج، وإن كانت تحمل هذا المضمون فإن فيها مضامين أخرى أكثر قوة وأهمية ووجاهة من المال، فيها تجد مصطلحات مثل: الحكومة الفاعلة، والمواطن المسؤول، والوطن الطموح، والإنفاق الذكي، وكفاءة الإنفاق، وتنمية رأس المال الاجتماعي، والحث على أعمال التطوع، ودفع الوعي بأهمية ممارسة الرياضة المجتمعية، وبث مصطلح جودة الحياة في كل المفاصل والنوحي. الرؤية كما يقول عنها العرفج «بقوتها وضخامتها أصبحت مفترقاً تاريخياً لبلادنا، فصار أغلب كتَّاب الرأي والمؤرخون في الغرب يكتبون عن السعودية الجديدة، وهي سعودية 2030؛ أي أن تاريخ السعودية -بمعنى آخر- أصبح يصنف إلى ما قبل الرؤية وإلى ما بعدها، ومن الغريب أن أصداء الرؤية في الخارج أكثر منها في الداخل، والأسباب كثيرة، وفي نظري أن أهمها ضعف التسويق لها من جهة، وصعوبة مفردات الرؤية ومصطلحاتها التي لا بد أن يفهمها المتعلم، فما بالك بالمواطن البسيط الذي نطلب منه أن يشارك فيها ويتفاعل معها».. «أكثر من ذلك وجدتُ أن الكثير من الناس يتحدث عن الرؤية دون الإلمام بها، أو أخذ العناوين العريضة من وثيقة الرؤية وتسويقها دون شرح هذا العناوين، وقد تجلت هذه الأخطاء حين يخلط البعض بين مصطلح «كفاءة الإنفاق» و«الإنفاق الذكي»، والخلط بين العمل التطوعي وأعمال الخير، أو الخلط بين الزكاة والمسؤولية الاجتماعية، أو التباس مفهوم الرفاة الاجتماعي مع مفاهيم الترفيه والترويح عن النفس.
يُذكِّر كتاب أحمد العرفج «مقابلة مع سفينة نوح.. سيرة ذاتية لرؤية 2030»، بتلك القصيدة العصماء للشاعر أمل دنقل
«مقابلة خاصة مع ابن نوح».. ذلك الكتاب وتلك القصيدة تنحوان صوب التفاؤل واستشراف المستقبل
والتماس زيادة الأمل، وأيضاً تسهيل غير المفهوم الصعب إلى مفهوم سهل. وكما قال دنقل
«هاهمُ الحكماء يفرون نحو السفينة» إلى أن قال «لا للسفينة.. وأحب الوطن»، فإن العرفج قرأ
«رؤية 2030» النخبوية بلغة محبة للوطن.. لغة مبسطة وسهلة فيها الكثير من الشعر
والأنسة وشرحها للناس البسطاء، كونها خارطة طريق ومشروع دولة.