كتاب ومقالات

الاستنزاف المحترم

الزاوية

فواز الشريف

لم تشهد الرياضة السعودية أفقيا أو رأسيا نهضة مثل التي تشهدها الآن بمختلف أنشطتها وممارسيها ومتابعيها والمهتمين بها على الأقل خلال الثلاثين عاما الماضية، وهي فترة عملي كإعلامي رياضي محترف.

في المقابل لم أجد مشروعا إعلاميا رياضيا يوازي هذه النهضة، ويسهم بنشر نجاحاتها واستغلال مواردها المالية بما يحقق التوازن بين نهضتين رياضية وإعلامية تخلق ذات الأهداف المرسومة لرؤية وسمعة ومكانة المملكة على مستوى العالم، وقدرتها في إدارة وتنظيم ونجاح المناسبات والمحافل الرياضية، وكذلك احتلالها مكانة كبيرة بين دوريات العالم ومنافستها على الأفضلية.

ولولا هذه المساحة لما وجدت مكانًا مناسبًا للتعبير عن المشهد الذي أتحسر عليه لعدم قدرتنا على استغلال كل إمكاناتنا الفردية والجماعية لخلق رسالة إعلامية تجعلنا على قائمة الأهمية في نقل الأحداث، وإشعال الحراك الفكري والثقافي والفني والاقتصادي في حياة الرياضة التي نعيشها.

هناك فروقات كبيرة في العمل الإعلامي الرياضي بين الاستثمار والهواية، وبين الاحتراف والاستنزاف، وبين المشاركة والمنافسة، وما يحدث الآن هو هواية واستنزاف ومشاركة بدون أدنى شك، وهي مراحل تموت بموت المورد المالي لها.

رياضتنا قائمة بشكل احترافي مبهج، لكن هذه الصورة مهددة بالغياب ما لم يكن الإعلام المحترف يتشاركها ويعمل عليها من خلال باقات تلفزيونية لنقل الأحداث الرياضية، وخطط برامجية يذهب إليها المتلقي ويقتنع ويفضل الاشتراك بها ويتواصل معها.

فلو دخلت الآن على قائمة القنوات التلفزيونية للبحث عن مبارياتنا أو مناسباتنا لاكتشفت أنك أمام عمل فردي يتسم بالاجتهاد والمحاولة، في حين تتمنى بعض الدول الصغيرة أن تمتلك ما نمتلكه من أحداث ومباريات ومناسبات ليصبح لديها منتج قوي يباع بأغلى الأثمان ويحرص الجميع على متابعته والاهتمام به.

التشفير يعطيك الأفضلية ويضعك أمام مسؤولية لكنه في المقابل عمل محترم من الناحية الاقتصادية ومهم في جوانبه التطويرية، فكيف يمكن لنا تحقيق ذلك طالما أن أكثرهم يضع قدما على قدم وينتظر فرج الله في دعم الدولة.

إن تشكيل مجلس إدارة للتلفزيون الرياضي يعتمد على عمل ممنهج ومدروس ومحسوب النتائج وفق المعطيات والمؤشرات قياسًا بالعمل الاحترافي الذي سيدار، ويعتمد على الأفكار التسويقية الناجحة والسهلة، مقابل الرسالة الإعلامية المستهدفة والاستفادة من إشهار الأحداث المتلاحقة وإضفاء جوانب الجذب أمر في غاية الأهمية.

في المقابل أجد صعوبة في تسهيل عملية ربط هيئة التلفزيون بهيئة الرياضية أو العكس لأن بيروقراطية الفكر القديم لا تزال تتخوف من التحديات والإنجازات، فأكثرهم يقولون «اللهم سلم سلم».

حقيقة أن ما أشاهده الآن وحتى اللحظة هو عبارة عن استنزاف محترم لدعم محترم في ظرف محترم.

FawazAlshreef@