كوابيس أردوغان
الاثنين / 30 / جمادى الآخرة / 1441 هـ الاثنين 24 فبراير 2020 01:48
عبدالرحمن الطريري
يؤكد الملعب السوري مجدداً أنه صعب الابتلاع من لاعب واحد حتى لو كان روسيا، فأوروبا وأمريكا صحت من سباتها لتذكر أن تركيا عضو في الناتو، وتقرر منح أردوغان دعماً سياسياً على الأقل، أول انعاكاساته هو قمة رباعية بين أردوغان وبوتين وميركل وماكرون.
وتركيا التي أغضبت واشنطن بشراء منظومة s400 في العام الماضي، والذي بدا كطلاق بائن مع أمريكا، تعود اليوم لتطلب دعماً عسكرياً من واشنطن، وبطاريات دفاع جوي تريد منها حماية أجواء إدلب وإن ادعت أنها تريدها في الداخل التركي، أو هذا ما يسمح لها قانوناً.
وإن كانت تركيا في واقع الأمر لا تعبأ كثيراً بالقانون الدولي، فهي تزعم شرعية وجودها في ليبيا، عبر اتفاق مع حكومة السراج، وإن كانت هذه الحكومة لم تحظ بتصويت البرلمان قط كما نص اتفاق الصخيرات، وهي موجودة في سوريا وقبرص منذ السبعينات دون أي مسوغ قانوني، إلا لغة الأمر الواقع.
واشنطن تبدو مبتهجة بما آلت له النتيجة بين أردوغان وبوتين، وقالت صراحة أنها لن تقوم بدور الوسيط، ولسان حالها أردوغان شر أينما حل، فهنيئاً لكم حماقته، كما أن الاختلاف المحدود بين تركيا وروسيا في سوريا، هو اختلاف النقيضين في ليبيا، خاصه بعد أن قررت تركيا ربط سوريا بليبيا عبر تصدير الإرهابيين والمرتزقة لطرابلس.
اللافت أن اللاعبين الفاعلين في المشهد السوري يبقون مسافة بينهم وبين هذا الصراع، فإسرائيل تهاجم المقرات الإيرانية بعيداً عن إدلب، وإيران تسعى لإتمام طوق الحماية حول دمشق وتعبيد الجسر نحو العراق، ومحاولة إخفاء الذخيرة عن مرمى القصف الإسرائيلي.
أردوغان عادة لا يذهب بعيداً، خاصة وهو يعرف مرارة انتقام بوتين، لكن إلى أي مدى سيدفعه دعم الأوروبيين للتصدي للمشروع الروسي في إدلب، وكم يستطيع أن يخسر من الجنود بعد مقتل 16 جندياً تركياً هذا الشهر في سوريا.
ويبقى أردوغان مصدراً لمشاكله للخارج، سعياً للحفاظ على مكاسب الداخل، فإخراج السوريين أصبح ورقة انتخابية مهمة، على قدر المساواة مع قتال الأكراد ومنعهم من تشكيل كيان محاذي للحدود التركية.
ولكن تصدير المشاكل بأدوات عسكرية في سوريا وليبيا، يأتي مع انعدام ثقة بين أردوغان والجيش، مهما عزل من ضباط وقيادات، فالصراع أيديولوجي عميق، ولا يغيب عن ذهن أردوغان، فكوابيس الانقلاب تأتي حتى في الليالي التي يتجنب فيها وجبة ثقيلة.
* كاتب سعودي
Twitter: @aAltrairi
Email: me@aaltrairi.com
وتركيا التي أغضبت واشنطن بشراء منظومة s400 في العام الماضي، والذي بدا كطلاق بائن مع أمريكا، تعود اليوم لتطلب دعماً عسكرياً من واشنطن، وبطاريات دفاع جوي تريد منها حماية أجواء إدلب وإن ادعت أنها تريدها في الداخل التركي، أو هذا ما يسمح لها قانوناً.
وإن كانت تركيا في واقع الأمر لا تعبأ كثيراً بالقانون الدولي، فهي تزعم شرعية وجودها في ليبيا، عبر اتفاق مع حكومة السراج، وإن كانت هذه الحكومة لم تحظ بتصويت البرلمان قط كما نص اتفاق الصخيرات، وهي موجودة في سوريا وقبرص منذ السبعينات دون أي مسوغ قانوني، إلا لغة الأمر الواقع.
واشنطن تبدو مبتهجة بما آلت له النتيجة بين أردوغان وبوتين، وقالت صراحة أنها لن تقوم بدور الوسيط، ولسان حالها أردوغان شر أينما حل، فهنيئاً لكم حماقته، كما أن الاختلاف المحدود بين تركيا وروسيا في سوريا، هو اختلاف النقيضين في ليبيا، خاصه بعد أن قررت تركيا ربط سوريا بليبيا عبر تصدير الإرهابيين والمرتزقة لطرابلس.
اللافت أن اللاعبين الفاعلين في المشهد السوري يبقون مسافة بينهم وبين هذا الصراع، فإسرائيل تهاجم المقرات الإيرانية بعيداً عن إدلب، وإيران تسعى لإتمام طوق الحماية حول دمشق وتعبيد الجسر نحو العراق، ومحاولة إخفاء الذخيرة عن مرمى القصف الإسرائيلي.
أردوغان عادة لا يذهب بعيداً، خاصة وهو يعرف مرارة انتقام بوتين، لكن إلى أي مدى سيدفعه دعم الأوروبيين للتصدي للمشروع الروسي في إدلب، وكم يستطيع أن يخسر من الجنود بعد مقتل 16 جندياً تركياً هذا الشهر في سوريا.
ويبقى أردوغان مصدراً لمشاكله للخارج، سعياً للحفاظ على مكاسب الداخل، فإخراج السوريين أصبح ورقة انتخابية مهمة، على قدر المساواة مع قتال الأكراد ومنعهم من تشكيل كيان محاذي للحدود التركية.
ولكن تصدير المشاكل بأدوات عسكرية في سوريا وليبيا، يأتي مع انعدام ثقة بين أردوغان والجيش، مهما عزل من ضباط وقيادات، فالصراع أيديولوجي عميق، ولا يغيب عن ذهن أردوغان، فكوابيس الانقلاب تأتي حتى في الليالي التي يتجنب فيها وجبة ثقيلة.
* كاتب سعودي
Twitter: @aAltrairi
Email: me@aaltrairi.com