كتاب ومقالات

تشويه المشهد

فواز الشريف

لا أعتقد أن رياضتنا ستبقى مرتهنة لبرامج «التوك شو» سعيًا لتشكيل وجهها الجميل، وتقديم مرحلة الرؤية الخلّاقة بهذه الصورة الإعلامية الفوضوية، كما أنني لا أعتقد أن الاتحاد السعودي للإعلام الرياضي الذي يقوم بالعديد من الأعمال اللوجستية لتمكين الإعلام والإعلاميين الرياضيين السعوديين من الالتحاق بالبرامج التطويرية وإقرار وجودهم في الاتحادات واللجان العربية والعالمية، أن يكون مسؤولا بدرجة كبيرة عن صناعة المحتوى.

إذن ستسألني كيف نغير الصورة بصورة أفضل تحيل اعتماد هذه البرامج على سخونة الأحداث لخلق إثارة أكبر من قدرتها الثقافية، حيث تعجز دومًا في احتواء الطرح الذي تقدمه على أنه مادة دسمة، وهو دائما ما ينزلق نحو تشويه المشهد.

كلنا يعرف أن سوق الإعلان قد عاش تحولا كبيرا في ما بين إنفاقه السابق على وسائل الإعلام التقليدية مثل التلفزيون والصحف والراديو إلى مواقع الإنترنت ومن الإنترنت إلى وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت في متناول الجميع، بالإضافة إلى التطور التكنولوجي المتسارع، فحتى لوحات الطرق لم تعد جامدة بل ذكية ومتحركة، ولو قلنا إن برامج «التوك شو» التي تتصدر المشهد وتخلق هذه الإثارة لاجتذاب الجماهير من أجل استقطاب المعلنين وتحقيق أرباح إعلانية لوجدنا لها ألف مخرج، رغم أننا لم نشهد تلك الإعلانات أثناء المباريات وهي الأكثر مشاهدة، ولا أعتقد أن فكرة صناع البرامج قد تهدف لذلك طالما وكما يقال: «العصا من الشجرة والبعير بعير الناس»، وهو ما جعلهم يخلقون الحوارات الساخنة بطريقة «أهي جات كذا» بعيدا عن تطلعاتنا في خلق برامج حوارية متوازنة تمنح الجميع مساحة أرحب للعمل وفق إيقاع النقد بأسلوب التفكير الإبداعي وهو ما تتطلبه المرحلة، فتقديم برامج بداية الألفية في العقد الثاني منها لن يكون بنفس القدرة والجودة التي يمكن معها تحقيق أفضلية سوى للتوازن والعقلانية والمنطق. فجيل التسعينات الميلادية الذي أدهشه الفضاء البعيد لن يكون مثل جيل مطلع الألفية الثالثة ولا عقدها الجديد الذي أتى بالفضاء إلى الأيادي دون دهشة وكأن العالم ولد وفي يده هاتف ذكي منذ الأزل.

إن رئاسة تحرير القنوات والبرامج إن وجدت فهي مطالبة بوضع سياسة عامة تعتمد على أهداف وترتكز على معطيات وتنتهي بنتيجة دون إثارة الجدل ونشر ثقافة التراشق، فنحن لم نعد فارغين؛ لأنَّ ساحتنا الرياضية بدأت ممتلئة بأحداث رياضية وشبابية تستحق منا مواكبتها.