كان السجن أحب إليه، واختار المواجهة وقتما كان الهرب وسيلة الكثيرين المفضلة، معلنا أنه كما قضى 60 عاما في خدمة بلده وحارب من أجله سيموت على أرضه، مرتضيا بحكم قضاء بلاده مهما كانت الظروف والنتائج، ليرحل عن الحكم في مرحلة استثنائية.

رئيس مصر السابق الراحل محمد حسني مبارك، ابن المنوفية، الذي وصل لسدة حكم أرض الكنانة، سبقه تاريخ طويل كرجل عسكري وقائد القوات الجوية في معركة السادس من أكتوبر 1973، وزعيم عربي صاحب مواقف، كان لها تأثير كبير على الأوضاع في بلده ومنطقة الشرق الأوسط.

وكما رحل في ظروف بالغة الدقة، تولى حكم مصر أيضا في ظرف عصيب، عقب اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات، في مشهد مأساوي لا يزال شاخصا في الأذهان قبل نحو 39 عاما.

ورغم التزامه بمعاهدة سلام أبرمها السادات مع إسرائيل، إلا أنه خاض معركة دبلوماسية لاسترجاع «طابا»، حشد خلالها أهم رجالات القانون على مستوى العالم، لتعود سيناء كاملة دون انتقاص حبة رمل واحدة، كما وعد الرئيس.

وجاءت حرب الخليج الأولى لتلقي بسحبها ودخانها الكثيف على سماوات المنطقة في العام 1991، إلا أن مبارك لم يؤثر السلامة ويتجنب العواقب، بل كان له موقفه التاريخي المؤيد للسعودية، والانحياز الكامل للمصالح العربية، موجها 28 رسالة للرئيس العراقي السابق صدام حسين لإثنائه عن مواقفه المتعنتة! لا يزال يتذكر المصريون تعرضه لمحاولة اغتيال في يونيو 1995 بالعاصمة الإثيوبية (أديس أبابا)، كادت تنقله إلى العالم الآخر في ثوانٍ معدودات، وكيف خرج عليهم بعدها بساعات من قلب قصر العروبة، قويا غير عابئٍ بما حدث، محييا الملايين الغفيرة الزاحفة للاطمئنان عليه، في مشهد تبكي له الأحجار.

في عهده كانت البداية الحقيقية لانطلاق العديد من المشاريع التنموية الضخمة من مدن الشباب والإسكان الاجتماعي، بداية من مدن 6 أكتوبر، والـ10 من رمضان، و15 مايو، والسادات، وغيرها الكثير.